الملاحظات
طاسيلي الإسلامي :: خاص بالدين و الشريعة الإسلامية على منهج اهل السنة و الجماعة
انواع عرض الموضوع
أدوات الموضوع
2011-06-04, 20:45
#1
الصورة الرمزية yoya
yoya
:: عضوة شرفية ::
تاريخ التسجيل : Mar 2011
العمر : 25 - 30
الجنس : انثى
المشاركات : 242
تقييم المستوى : 14
yoya غير متواجد حالياً
B10 الفصل الاول السيرة النبوية لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام 1- من بناء الكعبة إلى قصة
السيرة النبوية لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام 1- من بناء الكعبة إلى قصة أصحاب الفيل
السيرة النبوية لأعظم البشر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

اخوتي وأخواتي أعضاء المنتدى، أقدم لكم هذا الجهد المتواضع، السيرة النبوية لسيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم -، فإذا رأى البعض أني قصرت في إبراز كافة الجوانب، فعذري أنه – صلى الله عليه وسلم – أعظم من أن يستطيع بشر أن يصفه، وأجل من أن يستطيع الكلمات أن توفيه حقه.

وما توفيق إلا بالله .. عليه توكلت .. وإليه أنيب.

سوف نبدأ من بناء الكعبة:
اختلف العلماء في الرد على السؤال: من أول من بنى البيت؟
إلا أنه لا خلاف في أن إبراهيم عليه السلام هو الذي أقام القواعد من البيت بمعاونة اسماعيل عليه السلام، فكان إبراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجارة. وكان إبراهيم وولده إسماعيل – أثناء البناء – يدعوان الله: ((ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم)).

فلما انتهيا من بناء البيت، وضعا الحجر الأسود في ركن البيت ليكون علامة يبدأ من عنده الطواف. ثم أوحى الله إلى إبراهيم أن يؤذي في الناس بالحج ((وأذن بالناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق)) ولما أمر إبراهيم بذلك قال: يارب.. وما يبلغ صوتي؟ قال تعالى: ((عليك الآذان وعلينا البلاغ))، فوقف إبراهيم على مكان مرتفع ونادى: يا عباد الله.. إن الله قد بنى بيتا فحجوه، وأجيبوا داعي الله. فسمعه ما بين السماء والأرض وجاء الناس من كل فج عميق يلبون نداء خليل الرحمن ويقولون: لبيك اللهم لبيك.

ثم قال الخليل في ختام دعواته: ((ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم ءاياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم)).

كان الناس آنذاك يؤمنون بدين إبراهيم المتمثل في الحنيفية السمحاء، ويعبدون الله وحده لا شريك له، وكانت قبائل بلاد العرب من أقصاها إلى أقصاها تحترم الكعبة وتقدسها، ويلبون نداء الحج والعمرة، بل أننا نجد أن العرب جميعا يتفقون على شيء يهيء لهم فريضة الحج في أمن ويسر وهو تحريم القتال في الاشهر الحرم.

وفي البداية تفرغ إسماعيل لخدمة البيت وأمور الدين، وتبعه أولاده الإثني عشر بعده، ومعروف أن اسماعيل تزوج من جُرهم، وكان في الأصل عبرياَ، وبهذا الزواج امتزج الدم العبري بالدم العربي، فأصبح أبناؤه يطلق عليهم "العرب المستعربة" وكان من بين أبناءه ولده عدنان، الذي أصبح له ذرية كبيرة أطلق عليهم "العدنانيون" في مواجهة العرب الأصليين وهم "القحطانيين".

وقد عاش بنو اسماعيل في مكة فترة طويلة يتمتعون بالجاه والسلطان، وكان إلى جوارهم أخوالهم "الجراهمة"، ولكن تقلب الزمان قضى على مجد بني اسماعيل، وأورثهم التخلف والضعف، فانتزع أخوالهم السلطة من أيديهم. غير أنهم لم يستمروا أمدا طويلا، ثم طغوا واحتلوا حرمة البيت، وظلموا من دخل مكة من الحجاج وغيرهم، وأكلو المال الذي يقدم هدية للكعبة، وظهر فيهم الفسق والفساد.. حتى كانوا يأتون الفحشاء في جوف الكعبة، وكان ذلك السبب المباشر في ضعفهم وضياعهم، فأجرهم الخزاعيون من مكة.

ويذكر أن مضاض بن عمرو الجرهمي لما يئس من إيقاظ قومه، وأيقن أنهم تاركي السيادة لخزاعة، ألقى ببئر زمزم سيوفا ودروعا من الصلب وغزالتين من الذهب كانتا بالكعب، وأهال التراب عليها، آملا أن يعود لمكة يوما هو وقومه فيستخرج هذه الذخائر، وكان خروجه حوالي سنة 207 ميلادية.

وكان الخزاعيون قد هاجروا من اليمن واستقروا في مكة إلى جوار الجراهمة، فلما رأوا ما حل بهم من الفساد وضعف انتهزوا هذه الفرصة، واستولوا على النفوذ والسلطان، وكان ذلك في القرن الثالث الميلادي، وقد ظلوا سادة مكة زهاء مائتي سنة، ثم أدركهم الضعف، واستطاع زعيم قريش من بني إسماعيل أن يحاربهم وينتصر عليهم ويعيد النفوذ وسلطان أجداده على هذه البلاد.. وهو قصي بن كلاب.. الجد الخامس للنبي صلى الله عليه وسلم.


يتبع
2011-06-04, 20:48
#2
الصورة الرمزية yoya
yoya
:: عضوة شرفية ::
تاريخ التسجيل : Mar 2011
العمر : 25 - 30
الجنس : انثى
المشاركات : 242
تقييم المستوى : 14
yoya غير متواجد حالياً
افتراضي
قصي وقريش:
قصي هو أحد أحفاد إسماعيل عليه السلام، وكانت أمه قد انتقلت به وهو طفل بعد موت أبيه كلاب إلى الشام، لتعيش مع زوجها الجديد ربيعة بن حرام، فشب قصي بالشام.. لا يعرف له أبا غير ربيعة حتى نما، ثم عيره بعض بني ربيعة بأنه ليس منهم، فسأل أمه، فقالت: إنك يا بني أكرم منهم نسباً، وأنت ابن كلاب بن مرة، وأهلك بمكة. وعندما أراد أن يعود من الشام ليلحق بأعمامه وأسرته بمكة قالت له أمه: يا بني لا تعجل بالخروج حتى يدخل عليك الشهر الحرام، فتحرج في حاج العرب، فإني أخشى عليك أن يصيبك بعض الناس. فأقام قصي حتى إذا دخل الشهر الحرام خرج الحاج إلى بيت الله بمكة فخرج معهم.

وأقام قصي بمكة، وعرف عنه من الجد والحز ما جعلة موضع احترام أهلها، وكانت سدانة البيت في خزاعة لرجل يدعى حليل، وكان رجلا ثابت النظر.. حسن التقدير، فما لبث أن خطب قصي ابنته وتزوها واستمر دأب قصي في التجارة، فكثرت أمواله كما كثر أولاده، وعظم شرفه بين قومه، ومات حليل بعد أن أوصى بمفتاح البيت لابنته زوج قصي، إلا أنها اعتذرت وجعلت المفتاح لأحد أعمامها، وكان سكيراً، فباع المفتاح لقصي بزق خمر، ونازعت خزاعة قصي رغبة منها في استرداد مفتاح البيت الحرام، إلا أن قصي استنفر قريشاً، وكانوا قد تجمعوا بمكة، ورأت بعض القبائل أن قصي هو أحكم المقيمين بمكة وأعظمهم قدراً، فانضموا له وأجلوا خزاعة عن مكة واجتمعت مناصب البيت كلها لقصي، وأقر القوم له بالسيادة عليهم.

والمناصب التي اجتمعت لقصي هي:
الحجابة أو السدانة: أي تولي مفاتيح مكة.
السقاية: وهي إسقاء الحجيج الماء العذب الذ كان عزيزا بمكة.
الرفادة: إطعام فقراء الحجاج وضيافتهم
الندوة: رياسة الاجتماع كل أيام العام
اللواء: راية يلوونها على رمح وينصبونها علامة للعسكر إذا توجهوا للحرب
القيادة: إمارة الجيش إذا خرجوا للحرب

ومنذ رجعت السلطة إلى قصي بدأ عهد جديد من الازدهار لبني إسماعيل بعد أن ظلو أمدا بعيدا في ضعف وركود، وكان أول خطوة خطاها قصي أن جمع أفراد قريش المبعثرين في نواح متعددة إلى وادي مكة، فاستحق بذلك لقب "المجمع"، وجعل لكل بطن حيا خاصا على مقربة من مكة، وكان الناس قبل ذلك لا يتجرؤون على البناء بجوار الكعبة مبالغة في تغظيمها، ولكن قصياً كانت حجته في ذلك أن يقوم على مقربة من البيت حماة له يتعهدونه بالصيانة ويدفعون عنه الخطر، وابتنى لنفسه قصرا جعل بابه يؤدي مباشرة إلى الكعبة وكان يسمى (دار الندوة) يتولى هو رئاسته، وقد جعل من اختصاصها البت في كل الشؤون العامة من تجارية وحربية وغيرها، وكان حكيما ومتحدثا مفوهاً.

وقد استطاع قصي بأعماله أن ينمي في نفوس الناس صفة الكرم وحسن الضيافة، فحمل الناس وشجعهم عى دفع ضريبة سنوية تسمى "الرفادة"، كان يقصد بها المعاونة على إطعام الحجاج الفقراء وغيرهم ممن يهبطون مكة في أيام منى في موسىم الحج، فجرى الأمر على ذلك دواما من بعده.

وكان عبد الدار أكبر ابناء قصي، ولكن أخاه عبد مناف كان قد تقدم عليه أمام الناس وقد شرف فيهم. فلما كبر قصي وضعف بدنه، ولم يبق قادرا على تولي أمور مكة، جعل لعبد الدار الحجابة والسقاية واللنواء والرفادة، وتولى عبد الدار المناصب بعد وفاة أبيه، ولكن أبناء عبد مناف نازعوهم السلطة، فأدمع هاشم وعبد شمس والمطلب ونوفل بنو عبد مناف على أن يأخذوا ما بأيدي أبناء عمومتهم، وتفرق رأي قريش، تنصر طائفة هؤلاء وأخرى أولئك، وأوشك القتال أن يوقم بينهم، وانتهى النزاع إلى صلح اتفق فيه على إعطاء بني عبد مناف السقاية والرفادة، وأن تبقى الحجابة واللواء والندوة لنبي عبد الدار ورضي الفريقان بذلك، وظل الأمر عليه إلى أن جاء الإسلام.

وكان هاشم بن عبد مناف كبير قومه، وكان ذا يسار، فولى السقاية والرفادة، فكان يطعم الحاج جميعا.. حتى يتركوا مكة، ولم يقف أمر هاشم عند هذا الحد، بل اتصل بره وكرمه بأهل مك أنفسهم إذا أصابتهم المجاعة، فكان يأتي لهم بالطعام ويثرد لهم الثرريد، وهو الذي سن ونظم رحلتي الشتاء والصيف (رحلة الشتاء إلى اليمن ورحلة الصيف إلى الشام) ((فقال تعالى في سورة قريش: لإيلاف قريش إيلافهم ,, رحلة الشتاء والصيف ,, فليعبدوا رب هذا البيت ,, الذي أطعمهم من جوع وءامنهم من خوف))

وظل هاشم تتقدم به السن وهو في مكانته على رياسة مكة لا يفكر أحد في منافسه، حتى خيل لابن أخيه أمية بن عبد شمس أنه قد بلغ مكانا يسوغ له هذه المنافسة لكنه لم يقدر وغلب على أمره.

ومات هاشم اثناء احدى رحلات الصيف فخلفه أخوه المطلب في مناصبه، وكانت قريش تسميه "الفيض" لسماحته وفضله، وفكر المطلب يوما بابن أخيه هاشم فذهب إلى يثرب وطلب إلى سلمى أت تدفع إليه الفتى وقد بلغ أشده واستوى، فحمله إلى مكة على بعير ولما دخل مكة تصايحت قريش: عبد المطلب، قال: ويحكم، إنما هو ابن أخي هاشم قدمت به من يثرب، على أن هذا اللقب غلب على الفتى بدعي بـ "عبد المطلب"، وأراد المطلب أن يرد حق ابن أخيه في الميراث ولكن نوفل أخا المطلب أبى ووضع يده عليه، فلما اشتند ساعد عبد المطلب استدعى أخواله بيثرب على عمه كي يردوا عليه حقه، وأقبل ثمانون فارسا من بني النجار (من قبيلة الخزرج) بمدينة يثرب، فاضطر نوفل إلى رد ماله إليه.

التعديل الأخير تم بواسطة Tassilialgerie ; 2011-06-06 الساعة 00:23
2011-06-06, 00:24
#3
الصورة الرمزية Tassilialgerie
Tassilialgerie
مؤسس شبكة طاسيلي
تاريخ التسجيل : Feb 2011
العمر : 25 - 30
الجنس : ذكر
المشاركات : 13,303
تقييم المستوى : 10
Tassilialgerie غير متواجد حالياً
افتراضي
عبد المطلب وحفر زمزم:

قام عبد المطلب بشغل مراكز هاشم، له السقاية والرفادة من بعد عمه المطلب، وقد لقي في القيام بهذه المنصبين وبالسقاية بنوع خاص شيئا غير قليل من المشقة، فيومئذ لم يكن له من الأبناء إلا الحارث، وكانت سقاية الحاج يؤتى بها – منذ طمرت زمزم – من آبار عدة مبعثرة حول مكة، فتوضع في أحواض إلى جوار الكعبة. وكانت كثرة الولد – ولا شك – تعينه على تيسير هذا العمل والإشراف عليه، أما وقد ولي عبد المطلب السقاية والرفادة وليس له ولد إلا الحارث فقد عناه الأمر وطال فيه التفكير.



وكانت العرب ما تفتأ تذكر زمزم التي طمرها مضاض بن عمرو الجرهمي منذ قرون خلت، وتتمنى لو أنها لا تزال باقية، وكان عبد المطلب بحكم طبيعة مركزه أكثرهم تفكيرا في هذا الأمر.



تروي كتب السيرة النبوية عن علي بن أبي طالب عن أبيه عبد المطلب أنه قال: إني لنائم في الحجر (بجوار الكعبه) إذ أتاني آت فقال: احفر طيبة، قلت ما وماطيبة؟ ثم ذهب عني. فلما كان الغذ رجعت إلى مضجعي فنمت، فجاء فقال: احفر برَة، قلت وما برَة؟ ثم ذهب عني، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فقال احفر المضنونة، قلت وما المضنونة؟ ثم ذهب عني، فلما كان الغذ رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني وقال: احفر زمزم، قلت: وما زمزم؟ قال: لا تنزف أبدا ولا تذم، وتسقى الحجيج الأعظم وهي بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم.. عند قرية النمل (ومعنى بين الفرث والدم: عند المذبح الذي كانت قريش تذبح ذبائحها فيه، ومعنى قرية النمل: المكان الذي فيه نمل) ووجد الغراب ينقر عندها، وكانت هذه علامات على المكان، والآية تدل على صدق البشير.



وجعل عبد المطلب يحفر وابنه الحارث يساعده والامل في أن تتحقق الحقيقة تملؤهما.. وفي البداية ظهر غزالتا الذهب والأسياف التي وضعها مضاض الجرهمي، وبعدها بقليل ظهر الماء، فكبر عبد المطلب، فعلم الجمع المحيط أنه أدرك ما يريد.



نذر عبد المطلب:

عندما أحس عبد المطلب قلة حوله في قومه لقلة أولاده، فنذر إن ولد له عشرة بنين ثم بلغوا معه أن يمنعوه من مثل ما لقي حين حفر زمزم.. لينحر أحدهم لله عند الكعبة. ولما اكتمل عدد ابناءه عشرة دعاهم إلى الوفاء بنذره فأطاعوه وفي سبيل هذا الوفاء كتب كل واحد من الأبناء اسمه على قدح وأخذها عبد المطلب وذهب بها إلى صاحب القداح عند هبل في جوف الكعبة لشدة الحيرة، فلما ضرب القداح خرج على عبد الله أصغر ابناءه، فأخذ عبد المطلب الفتى وذهب لينحره حيث كانت نتحر العرب عند زمزم بين إساف ونائلة، فثارت قريش وحاولت منعه فتردد لدى الحاحهم فأشاروا عليه بأن يذهب إلى عرافة في يثرب، وعند اجتماعه بها سألته: كم الدية فيكم؟ فأجاب: عشر من الإبل، قالت: فارجع إلى بلادك ثم تقرب وقرب عشر من الإبل ثم اضرب عليه وعلى القدح فإن خرجت على صاحبك فزيد من الإبل.. فبقي حتى خرجت القداح على الإبل، فقال قريش لعبد المطلب، وكان اثناء ذلك كله واقفا يدعو ربه: قد رضي ربك يا عبد المطلب، قال عبد المطلب: لا والله.. حتى أضرب عليها ثلاث مرات. وفي المرات الثلاث خرجت القداح على الإبل. فاطمأن عبد المطلب إلى رضاء ربه ونحرت الإبل ثم تركت لا يصد عنها إنسان ولا سبع.



من هنا كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يتحدث عن نفسه بعد البعثة فيقول: ((أنا ابن الذبيحين)) والذبيح الأول هو إسماعيل جده الأكبر ابن إبراهيم عليهما السلام الذي فداه الحق تبارك وتعالي بكبش عظيم، والذبيح الثاني هو والده عبدالله الذي فداه جده عبد المطلب بمائة من الإبل.



أصحاب الفيل:

نتذكر جميعا أن أبرهة حاكم اليمن من قبل نجاشي الحبشة اقسم أن يهدم الكعبة المشرفة الذي يحج إليه العرب في مكة المكرمة، ونفاذا لقسمه أعد جيشا ضخما لهذا الغرض تقدمه على فيل عظيم ركبه، وكانت العرب قد سمعت بذلك فخافت العاقبة، وهب رجل كان من أشراف أهل اليمن يدعى "ذا نفر" فاستنفر قومه ومن انضم غليهم من العرب لمقابلة أبرهه وصده عما يريد من هدم البيت ولكنه لم يستطع وهزم وأُخذ أسيراً. وكان ما وقف في طريق أبرهة من معترض إلا هزمه حتى إذا ما اقترب من مكة بعث فرسانا له، ساقوا أموال أهل تهامة وغيرهم ومن بينها مائة بعير لعبد المطلب بن هاشم، وسأل أبرهة عمن يكون سيد القوم في مكة، فقالوا أنه عبد المطلب فأرسل إليه يطلبه، فلما جاء إليه قال له أبرهة: إني لما أجيء لحربكم بل جئت لأهدم هذا البيت فإن تعرضتم لي حاربتكم وإلا فلا حاجة لي في دمائكم. فرد عليه عبد المطلب: لا قوة لنا في التعرض لك والذي أطلبه منك أن ترد علي إبلي التي أخذتها. قال أبرهة: كنت هبتك حين رأيتك، ثم زهدت فيك حين كلمتني، أتكلمني في شأن الإبل، وتترك البيت الذي هو دينك ودين آبائك؟! رد عليه عبد المطلب: أما الإبل فهي لي، وأما البيت فله رب يحميه.



وعرض عبد المطلب ثلث أموال تهامة على أن يرجع ولكنه أبى وأصر على هدم الكعبة، فعاد عبد المطلب وطاف بالبيت منشدا والناس يرددون:

يا رب لا أرجو لهم سواكا يا رب فامنع منهم حماكا إن عدو البيت من عاداكا



ونصح عبد المطلب الناس أن يخرجوا إلى شعاب الجبل خيفة أبرهة وجيشه حين يدخلون البلد الحرام لهدم الكعبة. وهنا تحقق رجاء عبد المطلب في ربه، فحالت قدرة الحق تبارك وتعالى بين أبرهة وبين هدم البيت. فعندما رغب في تحريك الجيش اتجاه مكة برك الفيل ولم يتحرك، حتى إذا دنا منه ساسته لينهضوه نهض معهم وإذا وجهوه إلى مكة برك من جديد، وإذا أداروا رأسه نحو الشام أو اليمن نهض ومضى مهرولا، وإذا أداروا رأسه نحو مكة برك ولم يتحرك إصبعاً رغم ما كانوا يوجهون إليه من الضرب والإيذاء. ثم أرسل الله طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل، كما قال تعالى في سورة الفيل.



ذلك أنهم أتتهم الطير من جهة البحر على صورة سحب كثيفة، جماعة بعد جماعة ترميهم بحجارة صلبة شديدة قوية بحجم حبة العدس تحملها الطيور بمناقيرها وأرجلها، تنفذ في الجسم وتدخل باطنه، وقد جعلتهم كعصف مأكول، أي كبقل أكل لبه وبقي قشره، لدرجة أن إحدى الحجارة أصابة أبرهة فصرع وظهر على جسمة بلاء عظيم، وأراد الله سبحانه أن يعذبه، فلم تزهق روحه من أثر الحجر كما حدث لغيره، ولكنه ظل حيا يتعذب ويقاسي الآلام، وأخذت أجزاء جسمه تتساقط قليلا قليلا، لا يسقط جزء منها إلا وتبعها صديد منكر قبيح، حتى وصلوا به إلى اليمن، ويقال أنه لم يمت حتى انفجر صدره عن قلبه.



وقد عظم مكانة البيت الحرام بعد هذه الحادثة، وزاد تباعا مكانة مكة التجارية..



إنشالله قريبا سوف ندخل في الفصل الثاني وهو عن البشائر بنبوة محمد في التوراة والإنجيل.

أتمنى من قلبي أن يتلقى الموضوع إفادة منكم لإننا بحاجة إلى معرفة السيرة النبوية لحبيبنا وسيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.

أشهد أن لا اله الا الله وأشهد ان محمد رسول الله
2011-06-06, 16:50
#4
الصورة الرمزية karima.t
karima.t
:: عضوة شرفية ::
تاريخ التسجيل : Apr 2011
المشاركات : 869
تقييم المستوى : 14
karima.t غير متواجد حالياً
افتراضي
أضخم دورة في السيرة النبوية

--------------------------------------------------------------------------------

موقع العرب


كلمة العرب تنبيء عن الصحارى والقِفَار، والأرض المُجْدِبة التي لا ماء فيها ولا نبات‏.‏ وقد أطلق هذا اللفظ منذ أقدم العصور على جزيرة العرب، كما أطلق على قوم قَطَنُوا تلك الأرض واتخذوها موطنا لهم‏.‏
وجزيرة العرب يحدها غربًا البحر الأحمر وشبه جزيرة سيناء، وشرقًا الخليج العربى وجزء من بلاد العراق الجنوبية، وجنوبًا بحر العرب الذي هو امتداد لبحر الهند، وشمالًا بلاد الشام وجزء من بلاد العراق، على اختلاف في بعض هذه الحدود، وتقدر مساحتها ما بين مليون ميل مربع إلى مليون وثلاثمائة ألف ميل مربع‏.‏
ولجزيرة العرب أهمية بالغة من حيث موقعها الطبيعي والجغرافي؛ فإنها في وضعها الداخلي محاطة بالصحاري والرمال من كل جانب؛ ولأجل هذا الوضع صارت الجزيرة حصنًا منيعًا لم يستطع الأجانب أن يحتلوها ويبسطوا عليها سيطرتهم ونفوذهم‏.‏ ولذلك نرى سكان الجزيرة أحرارًا في جميع الشئون منذ أقدم العصور، مع أنهم كانوا مجاورين لإمبراطوريتين عظيمتين لم يكونوا يستطيعون دفع هجماتهما لولا هذا السد المنيع‏.‏
وأما بالنسبة إلى الخارج فإنها تقع بين القارات المعروفة في العالم القديم، وتلتقى به برًا وبحرًا، فإن ناحيتها الشمالية الغربية باب للدخول في قارة إفريقية، وناحيتها الشمالية الشرقية مفتاح لقارة أوربا، والناحية الشرقية تفتح أبواب العجم؛ ومن ثم آسيا الوسطى وجنوبها والشرق البعيد، وكذلك تلتقي كل قارة بالجزيرة بحرًا، وترسى سفنها وبواخرها على ميناء الجزيرة رأسًا‏.‏
ولأجل هذا الوضع الجغرافي كان شمال الجزيرة وجنوبها موئلًا للأمم، ومركزًا لتبادل التجارة، والثقافة، والديانة، والفنون‏.‏




أقوام العرب


وأما أقوام العرب فقد قسمها المؤرخون إلى ثلاثة أقسام؛ بحسب السلالات التي ينحدرون منها‏:‏
1 ـ العرب البائدة‏:‏ وهم العرب القدامى الذين انقرضوا تمامًا ولم يمكن الحصول على تفاصيل كافية عن تاريخهم، مثل‏:‏ عاد، وثمود، وطَسْم، وجَدِيس، وعِمْلاق، وأُمَيْم، وجُرْهُم، وحَضُور، ووَبـَـار، وعَبِيل، وجاسم، وحَضْرَمَوت، وغيرها‏.‏
2 ـ العرب العاربة‏:‏ وهم العرب المنحدرة من صلب يَشْجُب بن يَعْرُب بن قَحْطان، وتسمى بالعرب القحطانية‏.‏
3 ـ العرب المستعربة‏:‏ وهي العرب المنحدرة من صلب إسماعيل عليه السلام، وتسمى بالعرب العدنانية‏.‏
أما العرب العاربة ـ وهي شعب قحطان ـ فمَهْدُها بلاد اليمن، وقد تشعبت قبائلها وبطونها من ولد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان‏.‏ فاشتهرت منها قبيلتان‏:‏ حِمْيَر بن سبأ، وكَهْلان بن سبأ، وأما بقية بنى سبأ ـ وهـم أحـد عشـر أو أربعة عشـر بطنًا ـ فيقال لهم‏:‏ السبئيون، وليست لهم قبائل دون سبأ‏.


(أفضّل اختصار هذه الأحداث التي سبقت مولد النبي صلى الله عليه وسلم لقلة أهميتها وبالتالي فسنبدأ في الحصة المقبلة مباشرة بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم )‏
__________________
2011-06-07, 08:59
#5
الصورة الرمزية karima.t
karima.t
:: عضوة شرفية ::
تاريخ التسجيل : Apr 2011
المشاركات : 869
تقييم المستوى : 14
karima.t غير متواجد حالياً
افتراضي
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة yoya
قصي وقريش:
قصي هو أحد أحفاد إسماعيل عليه السلام، وكانت أمه قد انتقلت به وهو طفل بعد موت أبيه كلاب إلى الشام، لتعيش مع زوجها الجديد ربيعة بن حرام، فشب قصي بالشام.. لا يعرف له أبا غير ربيعة حتى نما، ثم عيره بعض بني ربيعة بأنه ليس منهم، فسأل أمه، فقالت: إنك يا بني أكرم منهم نسباً، وأنت ابن كلاب بن مرة، وأهلك بمكة. وعندما أراد أن يعود من الشام ليلحق بأعمامه وأسرته بمكة قالت له أمه: يا بني لا تعجل بالخروج حتى يدخل عليك الشهر الحرام، فتحرج في حاج العرب، فإني أخشى عليك أن يصيبك بعض الناس. فأقام قصي حتى إذا دخل الشهر الحرام خرج الحاج إلى بيت الله بمكة فخرج معهم.

وأقام قصي بمكة، وعرف عنه من الجد والحز ما جعلة موضع احترام أهلها، وكانت سدانة البيت في خزاعة لرجل يدعى حليل، وكان رجلا ثابت النظر.. حسن التقدير، فما لبث أن خطب قصي ابنته وتزوها واستمر دأب قصي في التجارة، فكثرت أمواله كما كثر أولاده، وعظم شرفه بين قومه، ومات حليل بعد أن أوصى بمفتاح البيت لابنته زوج قصي، إلا أنها اعتذرت وجعلت المفتاح لأحد أعمامها، وكان سكيراً، فباع المفتاح لقصي بزق خمر، ونازعت خزاعة قصي رغبة منها في استرداد مفتاح البيت الحرام، إلا أن قصي استنفر قريشاً، وكانوا قد تجمعوا بمكة، ورأت بعض القبائل أن قصي هو أحكم المقيمين بمكة وأعظمهم قدراً، فانضموا له وأجلوا خزاعة عن مكة واجتمعت مناصب البيت كلها لقصي، وأقر القوم له بالسيادة عليهم.

والمناصب التي اجتمعت لقصي هي:
الحجابة أو السدانة: أي تولي مفاتيح مكة.
السقاية: وهي إسقاء الحجيج الماء العذب الذ كان عزيزا بمكة.
الرفادة: إطعام فقراء الحجاج وضيافتهم
الندوة: رياسة الاجتماع كل أيام العام
اللواء: راية يلوونها على رمح وينصبونها علامة للعسكر إذا توجهوا للحرب
القيادة: إمارة الجيش إذا خرجوا للحرب

ومنذ رجعت السلطة إلى قصي بدأ عهد جديد من الازدهار لبني إسماعيل بعد أن ظلو أمدا بعيدا في ضعف وركود، وكان أول خطوة خطاها قصي أن جمع أفراد قريش المبعثرين في نواح متعددة إلى وادي مكة، فاستحق بذلك لقب "المجمع"، وجعل لكل بطن حيا خاصا على مقربة من مكة، وكان الناس قبل ذلك لا يتجرؤون على البناء بجوار الكعبة مبالغة في تغظيمها، ولكن قصياً كانت حجته في ذلك أن يقوم على مقربة من البيت حماة له يتعهدونه بالصيانة ويدفعون عنه الخطر، وابتنى لنفسه قصرا جعل بابه يؤدي مباشرة إلى الكعبة وكان يسمى (دار الندوة) يتولى هو رئاسته، وقد جعل من اختصاصها البت في كل الشؤون العامة من تجارية وحربية وغيرها، وكان حكيما ومتحدثا مفوهاً.

وقد استطاع قصي بأعماله أن ينمي في نفوس الناس صفة الكرم وحسن الضيافة، فحمل الناس وشجعهم عى دفع ضريبة سنوية تسمى "الرفادة"، كان يقصد بها المعاونة على إطعام الحجاج الفقراء وغيرهم ممن يهبطون مكة في أيام منى في موسىم الحج، فجرى الأمر على ذلك دواما من بعده.

وكان عبد الدار أكبر ابناء قصي، ولكن أخاه عبد مناف كان قد تقدم عليه أمام الناس وقد شرف فيهم. فلما كبر قصي وضعف بدنه، ولم يبق قادرا على تولي أمور مكة، جعل لعبد الدار الحجابة والسقاية واللنواء والرفادة، وتولى عبد الدار المناصب بعد وفاة أبيه، ولكن أبناء عبد مناف نازعوهم السلطة، فأدمع هاشم وعبد شمس والمطلب ونوفل بنو عبد مناف على أن يأخذوا ما بأيدي أبناء عمومتهم، وتفرق رأي قريش، تنصر طائفة هؤلاء وأخرى أولئك، وأوشك القتال أن يوقم بينهم، وانتهى النزاع إلى صلح اتفق فيه على إعطاء بني عبد مناف السقاية والرفادة، وأن تبقى الحجابة واللواء والندوة لنبي عبد الدار ورضي الفريقان بذلك، وظل الأمر عليه إلى أن جاء الإسلام.

وكان هاشم بن عبد مناف كبير قومه، وكان ذا يسار، فولى السقاية والرفادة، فكان يطعم الحاج جميعا.. حتى يتركوا مكة، ولم يقف أمر هاشم عند هذا الحد، بل اتصل بره وكرمه بأهل مك أنفسهم إذا أصابتهم المجاعة، فكان يأتي لهم بالطعام ويثرد لهم الثرريد، وهو الذي سن ونظم رحلتي الشتاء والصيف (رحلة الشتاء إلى اليمن ورحلة الصيف إلى الشام) ((فقال تعالى في سورة قريش: لإيلاف قريش إيلافهم ,, رحلة الشتاء والصيف ,, فليعبدوا رب هذا البيت ,, الذي أطعمهم من جوع وءامنهم من خوف))

وظل هاشم تتقدم به السن وهو في مكانته على رياسة مكة لا يفكر أحد في منافسه، حتى خيل لابن أخيه أمية بن عبد شمس أنه قد بلغ مكانا يسوغ له هذه المنافسة لكنه لم يقدر وغلب على أمره.

ومات هاشم اثناء احدى رحلات الصيف فخلفه أخوه المطلب في مناصبه، وكانت قريش تسميه "الفيض" لسماحته وفضله، وفكر المطلب يوما بابن أخيه هاشم فذهب إلى يثرب وطلب إلى سلمى أت تدفع إليه الفتى وقد بلغ أشده واستوى، فحمله إلى مكة على بعير ولما دخل مكة تصايحت قريش: عبد المطلب، قال: ويحكم، إنما هو ابن أخي هاشم قدمت به من يثرب، على أن هذا اللقب غلب على الفتى بدعي بـ "عبد المطلب"، وأراد المطلب أن يرد حق ابن أخيه في الميراث ولكن نوفل أخا المطلب أبى ووضع يده عليه، فلما اشتند ساعد عبد المطلب استدعى أخواله بيثرب على عمه كي يردوا عليه حقه، وأقبل ثمانون فارسا من بني النجار (من قبيلة الخزرج) بمدينة يثرب، فاضطر نوفل إلى رد ماله إليه.
جزاك الله كل خير فتيحة وجعلها في ميزاك حسناتك وصلى الله على الرسول الامين الف صلاة
2011-06-07, 09:01
#6
الصورة الرمزية karima.t
karima.t
:: عضوة شرفية ::
تاريخ التسجيل : Apr 2011
المشاركات : 869
تقييم المستوى : 14
karima.t غير متواجد حالياً
افتراضي
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة khelifa_relizane
عبد المطلب وحفر زمزم:

قام عبد المطلب بشغل مراكز هاشم، له السقاية والرفادة من بعد عمه المطلب، وقد لقي في القيام بهذه المنصبين وبالسقاية بنوع خاص شيئا غير قليل من المشقة، فيومئذ لم يكن له من الأبناء إلا الحارث، وكانت سقاية الحاج يؤتى بها – منذ طمرت زمزم – من آبار عدة مبعثرة حول مكة، فتوضع في أحواض إلى جوار الكعبة. وكانت كثرة الولد – ولا شك – تعينه على تيسير هذا العمل والإشراف عليه، أما وقد ولي عبد المطلب السقاية والرفادة وليس له ولد إلا الحارث فقد عناه الأمر وطال فيه التفكير.



وكانت العرب ما تفتأ تذكر زمزم التي طمرها مضاض بن عمرو الجرهمي منذ قرون خلت، وتتمنى لو أنها لا تزال باقية، وكان عبد المطلب بحكم طبيعة مركزه أكثرهم تفكيرا في هذا الأمر.



تروي كتب السيرة النبوية عن علي بن أبي طالب عن أبيه عبد المطلب أنه قال: إني لنائم في الحجر (بجوار الكعبه) إذ أتاني آت فقال: احفر طيبة، قلت ما وماطيبة؟ ثم ذهب عني. فلما كان الغذ رجعت إلى مضجعي فنمت، فجاء فقال: احفر برَة، قلت وما برَة؟ ثم ذهب عني، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فقال احفر المضنونة، قلت وما المضنونة؟ ثم ذهب عني، فلما كان الغذ رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني وقال: احفر زمزم، قلت: وما زمزم؟ قال: لا تنزف أبدا ولا تذم، وتسقى الحجيج الأعظم وهي بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم.. عند قرية النمل (ومعنى بين الفرث والدم: عند المذبح الذي كانت قريش تذبح ذبائحها فيه، ومعنى قرية النمل: المكان الذي فيه نمل) ووجد الغراب ينقر عندها، وكانت هذه علامات على المكان، والآية تدل على صدق البشير.



وجعل عبد المطلب يحفر وابنه الحارث يساعده والامل في أن تتحقق الحقيقة تملؤهما.. وفي البداية ظهر غزالتا الذهب والأسياف التي وضعها مضاض الجرهمي، وبعدها بقليل ظهر الماء، فكبر عبد المطلب، فعلم الجمع المحيط أنه أدرك ما يريد.



نذر عبد المطلب:

عندما أحس عبد المطلب قلة حوله في قومه لقلة أولاده، فنذر إن ولد له عشرة بنين ثم بلغوا معه أن يمنعوه من مثل ما لقي حين حفر زمزم.. لينحر أحدهم لله عند الكعبة. ولما اكتمل عدد ابناءه عشرة دعاهم إلى الوفاء بنذره فأطاعوه وفي سبيل هذا الوفاء كتب كل واحد من الأبناء اسمه على قدح وأخذها عبد المطلب وذهب بها إلى صاحب القداح عند هبل في جوف الكعبة لشدة الحيرة، فلما ضرب القداح خرج على عبد الله أصغر ابناءه، فأخذ عبد المطلب الفتى وذهب لينحره حيث كانت نتحر العرب عند زمزم بين إساف ونائلة، فثارت قريش وحاولت منعه فتردد لدى الحاحهم فأشاروا عليه بأن يذهب إلى عرافة في يثرب، وعند اجتماعه بها سألته: كم الدية فيكم؟ فأجاب: عشر من الإبل، قالت: فارجع إلى بلادك ثم تقرب وقرب عشر من الإبل ثم اضرب عليه وعلى القدح فإن خرجت على صاحبك فزيد من الإبل.. فبقي حتى خرجت القداح على الإبل، فقال قريش لعبد المطلب، وكان اثناء ذلك كله واقفا يدعو ربه: قد رضي ربك يا عبد المطلب، قال عبد المطلب: لا والله.. حتى أضرب عليها ثلاث مرات. وفي المرات الثلاث خرجت القداح على الإبل. فاطمأن عبد المطلب إلى رضاء ربه ونحرت الإبل ثم تركت لا يصد عنها إنسان ولا سبع.



من هنا كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يتحدث عن نفسه بعد البعثة فيقول: ((أنا ابن الذبيحين)) والذبيح الأول هو إسماعيل جده الأكبر ابن إبراهيم عليهما السلام الذي فداه الحق تبارك وتعالي بكبش عظيم، والذبيح الثاني هو والده عبدالله الذي فداه جده عبد المطلب بمائة من الإبل.



أصحاب الفيل:

نتذكر جميعا أن أبرهة حاكم اليمن من قبل نجاشي الحبشة اقسم أن يهدم الكعبة المشرفة الذي يحج إليه العرب في مكة المكرمة، ونفاذا لقسمه أعد جيشا ضخما لهذا الغرض تقدمه على فيل عظيم ركبه، وكانت العرب قد سمعت بذلك فخافت العاقبة، وهب رجل كان من أشراف أهل اليمن يدعى "ذا نفر" فاستنفر قومه ومن انضم غليهم من العرب لمقابلة أبرهه وصده عما يريد من هدم البيت ولكنه لم يستطع وهزم وأُخذ أسيراً. وكان ما وقف في طريق أبرهة من معترض إلا هزمه حتى إذا ما اقترب من مكة بعث فرسانا له، ساقوا أموال أهل تهامة وغيرهم ومن بينها مائة بعير لعبد المطلب بن هاشم، وسأل أبرهة عمن يكون سيد القوم في مكة، فقالوا أنه عبد المطلب فأرسل إليه يطلبه، فلما جاء إليه قال له أبرهة: إني لما أجيء لحربكم بل جئت لأهدم هذا البيت فإن تعرضتم لي حاربتكم وإلا فلا حاجة لي في دمائكم. فرد عليه عبد المطلب: لا قوة لنا في التعرض لك والذي أطلبه منك أن ترد علي إبلي التي أخذتها. قال أبرهة: كنت هبتك حين رأيتك، ثم زهدت فيك حين كلمتني، أتكلمني في شأن الإبل، وتترك البيت الذي هو دينك ودين آبائك؟! رد عليه عبد المطلب: أما الإبل فهي لي، وأما البيت فله رب يحميه.



وعرض عبد المطلب ثلث أموال تهامة على أن يرجع ولكنه أبى وأصر على هدم الكعبة، فعاد عبد المطلب وطاف بالبيت منشدا والناس يرددون:

يا رب لا أرجو لهم سواكا يا رب فامنع منهم حماكا إن عدو البيت من عاداكا



ونصح عبد المطلب الناس أن يخرجوا إلى شعاب الجبل خيفة أبرهة وجيشه حين يدخلون البلد الحرام لهدم الكعبة. وهنا تحقق رجاء عبد المطلب في ربه، فحالت قدرة الحق تبارك وتعالى بين أبرهة وبين هدم البيت. فعندما رغب في تحريك الجيش اتجاه مكة برك الفيل ولم يتحرك، حتى إذا دنا منه ساسته لينهضوه نهض معهم وإذا وجهوه إلى مكة برك من جديد، وإذا أداروا رأسه نحو الشام أو اليمن نهض ومضى مهرولا، وإذا أداروا رأسه نحو مكة برك ولم يتحرك إصبعاً رغم ما كانوا يوجهون إليه من الضرب والإيذاء. ثم أرسل الله طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل، كما قال تعالى في سورة الفيل.



ذلك أنهم أتتهم الطير من جهة البحر على صورة سحب كثيفة، جماعة بعد جماعة ترميهم بحجارة صلبة شديدة قوية بحجم حبة العدس تحملها الطيور بمناقيرها وأرجلها، تنفذ في الجسم وتدخل باطنه، وقد جعلتهم كعصف مأكول، أي كبقل أكل لبه وبقي قشره، لدرجة أن إحدى الحجارة أصابة أبرهة فصرع وظهر على جسمة بلاء عظيم، وأراد الله سبحانه أن يعذبه، فلم تزهق روحه من أثر الحجر كما حدث لغيره، ولكنه ظل حيا يتعذب ويقاسي الآلام، وأخذت أجزاء جسمه تتساقط قليلا قليلا، لا يسقط جزء منها إلا وتبعها صديد منكر قبيح، حتى وصلوا به إلى اليمن، ويقال أنه لم يمت حتى انفجر صدره عن قلبه.



وقد عظم مكانة البيت الحرام بعد هذه الحادثة، وزاد تباعا مكانة مكة التجارية..



إنشالله قريبا سوف ندخل في الفصل الثاني وهو عن البشائر بنبوة محمد في التوراة والإنجيل.

أتمنى من قلبي أن يتلقى الموضوع إفادة منكم لإننا بحاجة إلى معرفة السيرة النبوية لحبيبنا وسيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
جزاك الله كل خير على المعلومات القيمة خليفةصلى الله عليه وسلم
2011-06-12, 18:04
#7
الصورة الرمزية yoya
yoya
:: عضوة شرفية ::
تاريخ التسجيل : Mar 2011
العمر : 25 - 30
الجنس : انثى
المشاركات : 242
تقييم المستوى : 14
yoya غير متواجد حالياً
افتراضي
شكرا على ردودكم بارك الله فيكم
2011-06-12, 18:08
#8
الصورة الرمزية yoya
yoya
:: عضوة شرفية ::
تاريخ التسجيل : Mar 2011
العمر : 25 - 30
الجنس : انثى
المشاركات : 242
تقييم المستوى : 14
yoya غير متواجد حالياً
افتراضي
واش هذا خليفة ؟؟؟
2015-06-29, 10:48
#9
الصورة الرمزية oussama pistol
oussama pistol
:: عضو مبدع ::
تاريخ التسجيل : Apr 2015
العمر : 35 - 40
الجنس : ذكر
المشاركات : 696
تقييم المستوى : 10
oussama pistol غير متواجد حالياً
افتراضي
الله يعطيك الف عافية للقيت هدا الموضوع في الاواخر فاردت ارجاعه لكي يستفيد منه الاعضاء الجدد


2015-06-29, 14:23
#10
fatoma99
:: عضو جديد ::
تاريخ التسجيل : Jun 2015
العمر : 25 - 30
الجنس : انثى
المشاركات : 6
تقييم المستوى : 0
fatoma99 غير متواجد حالياً
افتراضي
عليه الصلاة والسلام

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من فوائد دراسة السيرة النبوية مارد المتوسط طاسيلي الإسلامي 17 2020-03-12 13:53
قصص الأنبياء محمد (ص) جزء 1 Déja Vu طاسيلي الإسلامي 23 2020-03-12 11:43
فروض و اختبارات الفصل الاول لجميع المواد - السنة الرابعة متوسط Tassilialgerie قـسم الفروض والاختبارات للسنة الرابعة متوسط - الجيل الثاني 77 2019-11-29 18:28
من اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم Mohamed Halhola طاسيلي الإسلامي 13 2019-11-10 14:27
نبذة عن الرسول صلى الله عليه وسلم السحاب العابر طاسيلي الإسلامي 9 2019-02-01 15:49

الساعة معتمدة بتوقيت الجزائر . الساعة الآن : 03:14
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي شبكة طاسيلي ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)