وهران (تنطق باللهجة المحلية: وهرن)؛، الملقبة بــالباهية هي ثاني أكبر مدن الجزائر بعد العاصمة[2] وإحدى أهم مدن المغرب العربي، تقع في شمال غرب الجزائر على بعد 432 كيلومترا عن الجزائر العاصمة. مطلة على خليج وهران في غرب البحر الأبيض المتوسط، ظلت المدينة منذ عقود عديدة ولا تزال مركزا اقتصاديا وميناءً بحريًا هامًا.
تأسيس وهران[عدل]
بعد بقائها عدة قرون مهجورة ومع مطلع القرن الخامس للميلاد لم يبق شيء من يونيكا كولونيا. فاختلط الوضع وأصبحت خلجان هذا الساحل دون أي سلطة مستقرة ولا أي رقابة رسمية.[a 2] سيطر الرستميون على المنطقة في الوقت الذي كانوا يعانون من مشاكل داخلية ونزاع مع الفاطميين فلم يكونوا قادرين على الدفاع عن مصالحهم فيها. بالنسبة للسلطات، كانت المنطقة شبه المهجورة بوهران وذات أهمية ثانوية فبقت دون أي سيطرة.
من ناحية أخرى، استعملت بحرية المرية تحت سلطة الأندلس شواطئ المغرب العربي بصفة موسمية للتجارة مع تيهرت،[a 3] ومدينة تلمسان القريبة (الرستميين) وبالتدريج أصبحت هذه المستوطنات دائمة. بالتوازي رغب أمراء قرطبة الأمويين بالاستقرار على السواحل الإفريقية. ومع أولى بوادر تفكك الخلافة العباسية قرر عرب الأندلس تطوير محطات تجارية على شواطئ شمال أفريقيا وذلك نظراً لقوتهم آنذاك. وهكذا تأسست وهران في سنة 902،[35] على يد البحارة الأندلسيين: محمد بن أبو عون، ومحمد بن عبدون، ومجموعة من البحارة بدعم من أمراء قرطبة،[36][37] فجعلوا المدينة مركزًا تجاريًا مع تلمسان، وذلك بعد أن طوروا خليج المرسى الكبير.
الحقبة الإسلامية[عدل]
بعد تأسيسها كانت وهران محل نزاع بين أمراء قرطبة الأمويين والفاطميين، فقد دام الصراع حول المدينة من سنة 910 حتى سنة 1082م، حيث خضعت لهؤلاء تارة ولأولئك تارة أخرى.[38]
منذ العام 1000م كانت الجالية اليهودية موجودة ومنظمة في وهران،[b 1] وفي هذه الحقبة كانت المكانة الإستراتيجية لوهران تفوق الجزائر وتلمسان.[8] سنة 1077م سقطت المدينة بيد يوسف بن تاشفين مؤسس الدولة المرابطية وخضعت له لمدة 68 عام. وفي سنة 1145 وقعت وهران بقبضة قوات عبد المؤمن بن علي الكومي الموحدية المنتصرة في تلمسان وذلك بعد مقتل إبراهيم بن تاشفين ومحظيته عزيزة إثر انقلابهما وحصانيهما بأحد منحدرات جبل مرجاجو،[a 4] عندما كانا يقصدان الميناء من أجل التوجه إلى الأندلس.[39]
في خلفية الصورة، برج المحل (برج اللقالق) أو روزالكزار ثم شاطوناف لدى الإسبانيين والفرنسيين.
عرفت المدينة تحت حكم الموحدين فترة طويلة من الاستقرار والازدهار لأكثر من قرن طوروا خلالها الميناء وأحواض السفن.[36] على الرغم من اضطهاد الموحدين، تطور المجتمع اليهودي فكانت هناك تجارة بين يهود غرب المتوسطي ويهود وهران في الفترة ما بين القرن الثاني عشر والقرن الرابع عشر.[b 1]
بدأت إمارة الموحدين تنهار شيئا فشيئا، بعد أن حكمت المغرب العربي لعشرات السنين ليولد من رحمها في نهاية المطاف ثلاث سلالات حاكمة: الحفصيون في سنة 1230، والزيانيون في سنة 1235، والمرينيون في سنة 1258. أصبحت وهران تحت حكم الزيانيين منذ سنة 1228 عندما سقطت بيد يغمراسن بن زيان. فيما بعد أخد المرينيون المدينة وقدم أبو الحسن علي بن عثمان ليستقر بها عام 1347م.[40]
«في أقل من نصف قرن مرت وهران تحت تسع سلطات مختلفة... نجح بن عباد في البقاء على رأس حكومة وهران، بشرط الاعتراف بتبعيته للحفصيين (1437)». احتضنت وهران بين أسوارها في هذا الوقت محمد التاسع الأيسر الملك الخامس عشر لمملكة غرناطة الذي أجبر على الفرار من رعاياه المتمردين. بعد وفاة بن عباد خضعت وهران لحكم الزيانيين وتحت هذا الحكم الجديد عرفت وهران ازدهاراً كبيراً، فقد أصبحت مركز لنشاط تجاري واسع ونشيط جداً. شهد على ذلك مارمو وألفاريس غوميس: «العاج، جلود النعام، جلود البقر المدبوغة، الذهب والحبوب هي مصادر ثروة السكان التي لا تنضب الذين برعوا أيضاً في صناعة الصوف والأسلحة البيضاء. أقدم سكان البندقية، بيزا، جنوة، مرسيليا وكتلونيا على شراء هذه المنتجات، ويسوقون الأقمشة، الخرز، الحديد والخردوات». كان بوهران آنذاك 6000 منزل، وعدّة مساجد رائعة، ومخازن كبيرة، ومباني تجارية جميلة كثيرة. عدة مباني بارزة تعود لهذه الفترة مثل تحصينات المرسى الكبير وربما ملاجئ روزالكزار.
هرم السكان[عدل]
يُظهر هرم سكان وهران نسبة كبيرة من الشباب: 42.3% أقل من 20 سنة و62.6% أقل من 30 سنة.[68] يُلاحظ أيضاً انخفاض نسبة الولادات منذ العام 1993، من دون إمكانية تحديد السبب، إذ يحتمل أن يكون العشرية السوداء، أو فقر السكان، أو التحكم الجيد بالولادة. سجلت أضعف نسبة لزواج الأقارب بالجزائر بوهران وقدرت بحوالي 18.5%.[69] يظهر الرسم في الأسفل هرم سكان وهران عام 2007 حسب بيانات موقع مديرية التسيير والتهيئة الأراضي لولاية وهران.
[IMG]http://upload.wikimedia.org/wikipedia/ar/thumb/3/31/Pyramide_d'age_d'oran.JPG/500px-
Pyramide_d'age_d'oran.JPG[/IMG]

تستضيف زاوية البلقايدية في وهران "دروس المحمدية" الشهيرة لفقهاء من الوطن وحتى من الخارج.
الموسيقى[عدل]
يعود الوعي الموسيقي للمدينة لفترة ما بين الحربين وإلى ظاهرة تمدين البدو مع مطربين مثل عبد القادر الخالدي والشيخ حمادة. يجمع الأسلوب الوهراني بين فن الملحون، البدوي والإسباني، وقد استحال موضة في سنوات الستينات من القرن العشرين على يد فنانين أمثال أحمد وهبي وبلاوي الهواري قبل أن يتم تطويرها لاحقاً في الأغنية الوهرانية (الشيخ فتحي مثلاً).
وهران عاصمة الراي[عدل]
الشاب خالد، أحد مغنيي الراي.
وهران هي عاصمة الراي وهو أسلوب موسيقي من تقاليد جزائرية قديمة.[81] أعتبر الراي، مثل الأغاني الوهرانية والأغنية البدوية، موسيقى محضورة على الملء لمدة طويلة، وذلك لاحتوائها على كلمات بذيئة، قبل أن يطوره خلال سنوات الستينات والسبعينات مجموعة مغنين أمثال بوثلجة بلقاسم. شهد هذا الفن ثورة على يد مغنين وهرانيين أمثال محمد مغني ورشيد بابا أحمد منذ بداية سنوات الثمانينات. هذا الأسلوب الموسيقي ورسائل الاحتجاج والمتعة التي ينقلها تجاهلتها السلطات الجزائرية في البداية وذلك قبل أن يرتبط بالثقافة الجزائرية في عمومها.
التعليم[عدل]
كغيرها من مدن الجزائر، تحفل وهران بمراكز تعليمية على كافة المستويات من التعليم الابتدائي إلى غاية التعليم العالي. وتشتهر فيها بعض المدارس وطنيا وعالميا، من بينها ثانوية لطفي إحدى أولى الثانويات على المستوى الوطني بعد الاستقلال والتي تعبر إلى الآن من أرقاها معرفيا.
تعد وهران قطبا جامعيا كبيرا،[c 4] فالمدينة وضواحيها تضم عدة جامعات مثل جامعة السانية،[82] جامعة العلوم والتكنولوجيا محمد بوضياف[83] التي صممها المهندس المعماري الياباني كنزو تانغه بالإضافة إلى المدرسة العليا للأساتذة التعليم التكنولوجي بوهران[84] (ENSET). المدينة أيضاً مقر للعديد من مؤسسات التعليم العالي مثل المعهد الوطني للاتصالات السلكية واللاسلكية وتكنولوجيا المعلومات والاتصال،[85] ومعهد العلوم الطبية.
تضم المدينة أيضاً العديد من المدارس الخاصة مثل مدرسة التكوين في مجال التسيير والإعلام الآلي والتجارة ابن سينا (EGIC Ibn Sina)، ومعهد تنمية الموارد البشرية[86][87] (IDRH). خلال الموسم الجامعي 2007/2008 درس بالمدينة 63,094 طالب.[68]
وهران في الأدب[عدل]
جعل العديد من الكتاب من وهران مسرحاً لأحداث كتبهم. جعل ميغيل دي ثيربانتس إحدى مراحل روايته الشهيرة دون كيخوتي تقع في وهران.[88] جزء من الرواية كلوفيس داردينتور للكاتب جول فيرن تدور أحداثه في المدينة. أما المراجع الأكثر شهرة فهي على الارجح تلك الموقعة من قبل ألبير كامو في روايته الطاعون وفي مقاله الصيف.
فن الطهي الوهراني[عدل]
طبق بوراك.
غرفية حريرة على الطريقة الوهرانية.
يُعد فن الطبخ الوهراني عموما متنوع وثري، فهو يجمع المطبخين المتوسطي والمغاربي، محلي وهو متأثر بالمطبخ الجنوب إسباني وإلى حد ما بالمطبخ الفرنسي. وتصفه إليزبيت دوميزون في كتابها "لذائذ المطبخ الوهراني" (بالفرنسية: Les Délices de la cuisine oranaise) بالمطبخ العالمي، والذي يُسمح بالتوجه إلى كل الناس مهما كانت أعراقهم أو عاداتهم.[89]
وهران هي أصل الكثير من الأطعمة والوصفات كالكارنتيكا ولامونا. كيفت المدينة أيضا العديد من الأطباق الإسبانية كالغاسباشو مانشوا،[90] والمحلية مثل الحريرة والحلزونات خلال فترة الاستعمار الفرنسي.[91] من مفارقات وهران أن كعكة الفاكهة بالمشمش وبالقشدة التي اخترعت في وهران في عهد الإستعمار لا يعرفها سوى القليل من الوهرانيين.