:: عضو مجتهد ::
تاريخ التسجيل : Oct 2018
الدولة : الجزائر - الجزائر
العمر : 15 - 20
الجنس : انثى
المشاركات : 260
تقييم المستوى : 6
رد: خلفاء الدولة العباسية
الخلافة العباسیة
استمرت الخلافة العباسیة في المشرق من سنة 132 إلى 656 للھجرة أي لمدة 524 سنة، و بقي
للعباسیین بعد ذلك الخلافة بمصر إلى سنة 923 للھجرة.
و تعد الدولة العباسیة كما یقول ابن طباطبا كثیرة المحاسن، جمة المكارم، أسواق العلوم فیھا قائمة، و
بضائع الآداب فیھا نافقة، و شعائر الدین فیھا معظمة، و الخیرات فیھا دائرة، و الدنیا عامرة، و الحرمات
مرعیة، و الثغور محصنة، و مازالت على ذلك حتى أواخر أیامھا، فأنتشر الشر، و اضطرب الأمر.
و قد قسم المؤرخون إجمالا مدة الخلافة إلى ثلاثة عصور رئیسیة ھي:
العصر العباسي الأول: یمتد في الفترة من 132 إلى 232 للھجرة
العصر العباسي الثاني: یمتد في الفترة من 232 إلى 590 للھجرة
العصر العباسي الثالث: یمتد في الفترة من 590 إلى 656 للھجرة
النھضة الثقافیة في الدولة العباسیة
من الطبیعي ان یكون العصر العباسي الأول أنسب العصور ملائمة للنھضة الثقافیة، فقد بدأ الاستقرار
فیھ و أنتظم میزان الأمة الاقتصادي، و كانت النھضة العلمیة في العصر الأول تتمثل في ثلاثة جوانب
ھي:
حركة التصنیف
تنظیم العلوم الإسلامیة
الترجمة من اللغات الأجنبیة
الجانب الأول: حركة التصنیف
من أشھر المصنفین في ھذا العصر مالك الذي ألف الموطأ، و ابن إسحاق الذي كتب السیرة، و أبو حنیفة
الذي صنف الفقھ و الرأي. و یرجع إلى ابي جعفر المنصور الفضل في توجیھ العلماء ھذا الاتجاه، و قد
كان المنصور كما یقول السیوطي كامل العقل، جید المشاركة في العلم و الأدب، فقیھا تلقى العلم عن أبیھ
و عن عطاء بن یاسر. و تطورت العلوم في العصر العباسي الأول و انتقلت من مرحلة التلقین الشفوي
إلى مرحلة التدوین والتوثیق في كتب وموسوعات.
الجانب الثاني: تنظیم العلوم الإسلامیة
وصلت العلوم الإسلامیة درجة عالیة من الدقة و التنظیم في العصر العباسي الأول:
فقد شھد ھذا العصر میلاد علم تفسیر القرآن و فصلھ عن علم الحدیث.
و عاش في ھذا العصر أئمة الفقھ الأربعة: أبو حنیفة ( 150 للھجرة)، و مالك ( 179
للھجرة)، و الشافعي ( 204 للھجرة)، و ابن حنبل ( 241 للھجرة).
وظھرت في الفقھ الإسلامي مدرستان علمیتان كبیرتان ھما مدرسة أھل الرأي في العراق،
ومدرسة أھل الحدیث في المدینة المنورة.
وحفل ھذا العصر أیضًا بأئمة النحو وظھرت في علوم اللغة مدرستان علمیتان ھما: مدرسة
البصرة ومدرسة الكوفة، فقد عاش في ھذا العصر من أئمة النحاة البصریین عیسى بن عمر
الثقفي ( 149 للھجرة)، و أبو عمرو بن العلاء ( 154 للھجرة)، و الخلیل بن احمد ( 175
للھجرة)، و الأخفش ( 177 للھجرة)، و سیبویھ ( 180 للھجرة)، و یونس بن حبیب ( 182
للھجرة)، و من الأئمة الكوفیین أبو جعفر الرؤاسي، و الكسائي، و الفراء ( 208 للھجرة).
التاریخ و مولده: قویت في العصر العباسي الأول فكرة استقلال علم السیرة عن الحدیث، و
وجدت من ینفذھا تنفیذا علمیا دقیقا، و ھو محمد بن إسحاق ( 152 للھجرة تقریبا) و كتابھ في
السیرة من أقدمھا في ھذا الموضوع، و قد وصلنا ھذا الكتاب بعد أن اختصره ابن ھشام ( 218
للھجرة) في كتابھ المعروف بسیرة ابن ھشام، و من اشھر من صنف في التاریخ في ھذا
العصر العلامة محمد بن عمر الواقدي ( 207 للھجرة تقریبا) فقد ألف كتاب التاریخ الكبیر الذي
اعتمد علیھ الطبري كثیرا حتى حوادث سنة 179 ، أما الكتاب نفسھ فلم یصح وروده لنا، و
للواقدي كتاب آخر یعرف بالمغازي و ھو بین أیدینا، و لیس ھذا كل ما وصل لنا من علم
الواقدي، فإن علمھ قد جائنا عن طریق شخص آخر من مؤرخي ھذا العصر أیضا و ھو كاتبھ
محمد بن سعد ( 230 للھجرة) الذي كانت شھرتھ كاتب الواقدي، و قد خلف لنا محمد بن سعد
كتابھ القیم الطبقات الكبرى و ھو في ثمانیة أجزاء یتحدث في الجزء الأول و الثاني عن سیرة
الرسول صلى لله علیھ و سلم و في الأجزاء الستة الباقیة عن أخبار الصحابة و التابعین، و
محمد بن سعد ھذا ھو أحد شیوخ العلامة البلاذري ( 279 للھجرة).
الجانب الثالث: الترجمة من اللغات الأجنبیة
في عام 145 للھجرة وضع المنصور حجر الأساس للعاصمة الجدیدة بغداد، و جمع حولھ فیھا صفوة
العلماء من مختلف النواحي، و شجع على ترجمة كتب العلوم و الآداب من اللغات الأخرى إلى اللغة
العربیة، و استجاب لھ كثیر من الباحثین، من أبرزھم ابن المقفع الذي ترجم كتاب كلیلة و دمنة ( 757
للمیلاد) و الطبیب النسطوري جورجیس بن بختیشوع ( 771 للمیلاد)، و بختیشوع بن جورجیس ( 801
للمیلاد)، و جبریل تلمیذ بختیشوع ( 809 للمیلاد)، و الحجاج ابن یوسف بن مطر (الذي ذاع اسمھ بین
سنتي 786 و 863 للمیلاد).
و لم یكتف المسلمون بمجرد الترجمة بل كانوا یبدعون ویضیفون إلى كل علم یترجمونھ. كما لعب
المسلمون بھذا دورا كبیرا في خدمة الثقافة العالمیة، فقد أنقذوا ھذه العلوم من فناء محقق، إذ تسلموا ھذه
الكتب في عصور الظلام، فبعثوا فیھا الحیاة، و عن طریق معاھدھم و جامعاتھم و أبحاثھم وصلت ھذه
الدراسات إلى أوروبا، فترجمت مجموعات كبیرة من اللغة العربیة إلى اللاتینیة، و قد كان ذلك أساسا
لثقافة أوروبا الحدیثة، و من أھم الأسباب التي أدت إلى النھضة الأوروبیة.
وأنشئ في ھذا العصر بیت الحكمة و ھو أول مجمع علمي و معھ مرصد و مكتبة جامعة و ھیئة
للترجمة، وصل إلى أوج نشاطھ العلمي في التصنیف والترجمة في عھد المأمون الذي أولاه عنایة فائقة،
ووھبھ كثیرا من مالھ ووقتھ، وكان یشرف على بیت الحكمة قیّم یدیر شئونھ، ویُختار من بین العلماء
المتمكنین من اللغات. وضم بیت الحكمة إلى جانب المترجمین النسّاخین والخازنین الذین یتولون تخزین
الكتب، والمجلدین وغیرھم من العاملین. وكان المرصد من أكبر المراصد الفلكیة في ذلك العصر، عمل
فیھ أكبر علماء الفلك المسلمین و تمكنوا من خلالھ من تفسیر ظاھرة الجاذبیة، وتعیین خط العرض
وقیاس طول محیط الأرض، وظل بیت الحكمة قائما حتى داھم المغول بغداد سنة 656 للھجرة الموافق
1258 للمیلاد.