الملاحظات
انواع عرض الموضوع
أدوات الموضوع
2013-04-08, 14:59
#1
الصورة الرمزية عبد المنتقم
عبد المنتقم
:: عضو مميز ::
تاريخ التسجيل : Sep 2011
الدولة : الجزائر - الشلف
العمر : 30 - 35
الجنس : ذكر
المشاركات : 1,990
تقييم المستوى : 14
عبد المنتقم غير متواجد حالياً
افتراضي بحث حول ((المجتمع المدني))
الخطة:

مقدمة

1-تعريف المجتمع المدني
2-مراحل تطور مفهومه
3- مكونات المجتمع المدني
4- خصائص المجتمع المدني
5-وظائف المجتمع المدني ودوره
6- المجتمع المدني والدولة (السلطة)
7- تطور المجتمع المدني في ظل العولمة

الخاتمة

مقدمة:

على الرغم من أن العرب قد سبقوا غيرهم في العلوم ومنها أيضا العلوم الاجتماعية مما انعكس في كتابات ابن خلدون مثل كتاب "المقدمة" إلا أن المجتمع المدني كمصطلح ومع مرور السنين قد اندثر كما اندثرت الكثير من المعاني، لهذا تعبير هذا المصطلح أي المجتمع المدني مصطلح أوروبي قديم تمت صياغته خلال النصف الثاني للقرن الثامن عشر لإبراز تحول أروبا الغربية من الاستبداد إلى الديمقراطية البرجوازية وقد اختفى هذا المفهوم مع مطلع النصف الثاني للقرن التاسع عشر ولم يظهر من جديد إلا بعد الحرب العالمية الأولى ومن الجدير بالذكر أنه على الصعيد العربي احتدم الجدل بين المفكرين حول هذا المصطلح على اختلاف اتجاهاتهم الفكرية والسياسية وعلى هذا الاساس نطرح الاشكال الآتي: ما هو المجتمع المدني؟ وما هي العوامل التي ساعدت على تطوره؟

1- تعريف المجتمع المدني:

يعرف المجتمع المدني على أنه حملة المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعمل في ميادينها المختلفة في استقلال نسبي عن سلطة الدولة لأغراض متعددة منها السياسة المتمثلة في صنع القرار على المستوى الوطني مثال ذلك الأحزاب السياسية،ومنها غايات نقابية كالدفاع عن المصالح الاقتصادية لأعضاء النقابة ومنها أغراض ثقافية كما في اتحادات الكتاب والمثقفين التي تهدف إلى نشر الوعي،ومنها الأغراض الاجتماعية للإسهام في العمل الاجتماعي لتحقيق التنمية ومن خلال هذا التعريف يمكن القول بأن العناصر البارزة لمؤسسات المجتمع المدني هي: الأحزاب السياسية النقابات العمالية الاتحادات المهنية والجمعيات الثقافية والاجتماعية.

كما يعرف المجتمع المدني على أنه الوجود الثالث بين الفرد والدولة بين الفلسفة الفردية التي تعطي مجالا غير محدود للفرد وبين نظرية سيطرة الدولة واتساع سلطتها ونشاطها.
والمجتمع المدني هو مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة لتحقيق مصالح أفرادها ملتزمة بذلك بقيم ومعايير الاحترام والتراضي.

وقد عرف "جون لوك" المجتمع المدني فقال: عندما يؤلف عدد من الناس جماعة واحدة ويتخلى كل منهم عن سلطة تنفيذ السنة الطبيعية التي تخص ويتنازل عنها للمجتمع ينشأ حينئذ مجتمع سياسي أو مجتمع مدني.

والمجتمع المدني هو كل المؤسسات التي تتيح للأفراد التمكن من الخيارات والمنافع العامة دون تدخل أو توسط من الحكومة وهو الميدان أو الحيز الذي يتكون من فعالية أناس يتمتعون بحرية الانتخاب ويمارسون هذه الحرية في إطار القانون والقواعد العامة وبشكل مستقل عن إرادة وقرار السلطة السياسية أو الحاكم.(1)


(1)-فريد باسيل الشاني.تعريف المجتمع المدني، الحوار المتمدن:العدد:1351، تاريخ نشر المقال:18/10/2005

2-مراحل تطور مفهوم المجتمع المدني:

المرحلة الأولى:
استغرقت بين القرنين 17 و18 الذي شهد انهيار النظام الاقتصادي انبثاق الرأسمالية كطبقة جديدة،والمشكلة الرئيسية التي كانت تواجه مفكري هذه المرحلة،هي كيفية إعادة بناء مفهوم المجتمع المدني من منظور يفتح المجال أمام إعادة بناء السياسة على أسس غير دينية وغير ارستقراطية، ترتبط بالمجتمع نفسه وليس بتكليف إلهي أو بإرث عائلي،ومن هذه النقطة تم الانتقال تدريجيا من نظرية الحق الإلهي، إلى نظرية تعبر عن السيادة الشعبية.ومهد هذا التحول للانتقال نحو الحداثة السياسية،ومن ابرز منظري هذه المرحلة هوبز، لوك، توكفيل، مونتسكيو، روسو وسبينوزا.فقد شكلت أفكار كتابات توماس هوبز( 1588-1679 ) حول العقد الاجتماعي والحق الطبيعي خطراً حقيقياً على شرعية الحكم المطلق،لأن ما جاءت به تلك الأفكار هو أن الدولة تدين في وجودها وشرعيتها إلى إرادة الشعب الحرة، وهذا الأمر يتناقض جذرياً مع نظرية حق الملوك الإلهي، التي أضفت صفة الحكم الإلهية على الملك، باعتباره حاكماً مطلقاً بهالة من القدسية ويتمتع بكل السلطات.وتعود نظرية العقد الاجتماعي الى الفيلسوف جان جاك روسو ( 1712-1778) وأتباعه فهو يرى بأن البشرية تطورت من الحالة الطبيعية (حالة الإنسان المتوحش،المعزول....) نجد في المقابل هوبز برغم الالتقاء في فكرة العقد الاجتماعي فقد توقف عند التناقض بين الأنانية البشرية والإرادة العامة إذ يلاحظ أن السلطة عند روسو محددة وغير مقدسة بينما هي عند هوبز مطلقة ومسيطرة على كل الشؤون بما في ذلك الدين.
في نفس الوقت يرى جان جاك روسو أن العقد الاجتماعي شرط ملازم لكل سلطة شرعية، وبالتالي شرط ضروري لكل نظام سياسي طبيعي يشكل مرحلة تاريخية نوعية في عملية الانتقال من الحالة الطبيعية إلى حالة المجتمع المدني. وهنا يربط روسو رباطاً جدلياً بين تكون المجتمع المدني وبين تأييده للعقد الاجتماعي.(1)



(1)-علي عبد الصادق،مفهوم المجتمع المدني قراءة أولية،دار المحروسة:الطبعة الأولى،2004،القاهرة.ص19-20


[color="rgb(255, 0, 255)"]المرحلة الثانية :
شهد القرن التاسع عشر قطيعة شبه كاملة مع النظام الإقطاعي.فبعد أن حققت الرأسمالية ثورتها الصناعية نقلت السياسة من الميدان الديني والعرفي إلى ميدان الاجتماعي، أي جعلتها حقيقية إنسانية تعاقدية. وتم تصفية النظام الحرفي ونشوء الاقتصاد النقدي وتحلل الملكيات الإقطاعية ، وقادت هذه التطورات إلى انسلاخ الأفراد عن رحم علاقاتهم القديمة، مما طرح بقوة مشكلة إعادة بناء المجتمع المدني الصناعي على أسس جديدة وفهم حقيقته الجديدة. وتصدى لهذه الإشكاليات النظرية كبار فلاسفة القرن التاسع عشر،وفي مقدمهم هيغل وماركس الذين سيسيطرون عمليا على فكر هذا القرن .
فالمجتمع المدني بوصفه مجموع هذه الروابط يمثل تقدما نوعيا بالمقارنة مع الطبيعة الخام، لكنه لا يجد مضمونه الحقيقي إلا في الدولة التي تجسد ما هو مطلق، أي الحرية والقانون والغاية التاريخية في أجلى تجلياتها. فالمجتمع المدني يظل مجتمع المصالح الفردية والمشاريع الخصوصية، أي مجتمع الانقسام والتملك الفردي والصراع، ولا يجد خلاصه إلا في الدولة السياسية، القوية، الشمولية.
إن هيغل كان يريد السلطة التشريعية بالمعنى الحديث، إلا أنه يربطها بنظام دولة الطوائف الوسيط، لفرض النظام والتعددية، على المجتمع المدني. وهو بهذا الموقف يكون متخلفاً عن نظرية الحق الطبيعي.(1)


(1)- علي عبد الصادق،مفهوم المجتمع المدني قراءة أولية،دار المحروسة:الطبعة الأولى،2004،القاهرة.ص24-

[color="rgb(255, 0, 255)"]المرحلة الثالثة :
[/color]تبدأ من النصف الأول من القرن العشرين وجاءت في إطار احتدام الصراع من أجل إعادة بناء الإستراتيجية الثورية في أوربا. وكان أكبر مسؤول عن تطوير هذا الاستخدام الجديد المفكر الايطالي أنطونيو غرامشي (1891 - 1937) الذي حاول أن يطرح موضوع المجتمع المدني في إطار نظرية السيطرة والهيمنة الطبقية سواء أكان ذلك في كتابه "الأمير الحديث" أو "دفاتر السجن" ، وذكر أن هناك مجالين رئيسيين يضمنان استقرار سيطرة الرأسمالية ونظامها.
*المجال الأول هو مجال الدولة وما تملكه من أجهزة، لتحقيق السيطرة المباشرة، وهو السياسية.
*المجال الثاني هو مجال المجتمع المدني وما يمثله من أحزاب ونقابات وجمعيات ووسائل إعلام ومدارس ومساجد.

[color="rgb(255, 0, 255)"]المرحلة الرابعة :
[/color]ترتبط بالعقدين الأخيرين من القرن العشرين،التي ارتبط فيها مفهوم المجتمع المدني بتراث غرامشي ولكن بعد تنقيته من شوائب الماركسية،ليحتفظ بفكرة المنظمات والهيئات والمؤسسات الاجتماعية الخاصة التي تعمل إلى جانب الدولة ولكن ليس تحت إمرتها.
فالمجتمع المدني اليوم أصبح يمثل الشبكة الواسعة من المنظمات التي طورها المجتمع، ولقد مرت هذه المرحلة بدورها بثلاث مراحل:
1- مرحلة الانفتاح على المجتمع المدني من قبل الأحزاب والقوى والنظم السياسية
2- مرحلة التعامل مع المجتمع المدني بوصفه منظمات مستقلة موازية للدولة ومشاركة في تحقيق المهام التي تراجعت عنها الدولة(توافقت مع انتشار العولمة)
3- مرحلة تحول المجتمع المدني إلى قطب قائم بذاته في مواجهة القطب الذي تمثله الدولة.(1)

(1)- علي عبد الصادق، مرجع سبق ذكره.ص28

3- مكونات المجتمع المدني:

يدخل في دائرة مؤسسات المجتمع المدني طبقا لهذا التعريف اي كيان مجتمعي منظم يقوم على العضوية المنتظمة تبعا للغرض العام او المهنة او العمل التطوعي، ولا تستند فيه العضوية على عوامل الوراثة وروابط الدم والولاءات الاولية مثل الاسرة والعشيرة والطائفة والقبيلة، وبالتالي فان اهم مكونات المجتمع المدني هي:
*1* النقابات المهنية.
*2* النقابات العمالية.
*3* الحركات الاجتماعية.
*4* الجمعيات التعاونية.
*5* الجمعيات الاهلية.
*6* نوادي هيئات التدريس بالجامعات.
*7* النوادي الرياضية والاجتماعية.
*8* مراكز الشباب والاتحادات الطلابية.
*9* الغرف التجارية والصناعية وجماعات رجال الاعمال.
*10*الصحافة الحرة واجهزة الاعلام والنشر.
*11* مراكز البحوث والدراسات والجمعيات الثقافية
*12* المنظمات غير الحكومية الدفاعية والتنموية كمراكز حقوق الانسان والمرأة
والتنمية والبيئة.
وهناك من يضيف الى هذه المنظمات هيئات تقليدية كالطرق الصوفية والاوقاف التي كانت بمثابة اساس المجتمع المدني في المجتمعات العربية منذ مئات السنين قبل ظهور المنظمات الحديثة.(1)



(1)- علياء محمد حسين، نشأة وتطور المجتمع المدني مكوناته وإطاره التنظـيـمي.

4- خصائص المجتمع المدني:

هنالك اربعة معايير يمكن خلالها تحدد مدى التطور الذي بلغته مؤسسة او منظمة ما وهي:
1) القدرة على التكيّف:
يقصد بذلك قدرة المؤسسة على التكيّف مع التطورات في البيئة التي تعمل من خلالها. وهناك ثلاتة انواع من التكيّف:
أ- التكيّف الزمني، ب- التكيّف الجيلي، ج- التكيّف الوظيفي.
وعند تطبيق هذا المعيار على مؤسسات المجتمع المدني نلاحظ مايلي:-
اولاً: يتسم عدد من المؤسسات في الوطن العربي بطابع المرحلية، حيث تتوارى بعد فترة قصيرة على تأسيسها.
ثانياً: ان كثيراً من المؤسسات لم تخفق في تكيّف اساليبها فقط، بل اخفقت ايضاً في القيام بوظائفها الاساسية.
[color="rgb(255, 0, 255)"]2) الاستقلال:
[/color]بمعنى الا تكون المؤسسة خاضعة لغيرها من المؤسسات او الجماعات او الافراد او تابعة لها بحيث يسهل السيطرة عليها. وتوجب نشاطها الوجهة التي تتفق مع رؤية السيطرة، والملاحظ ان معظم مؤسسات المجتمع المدني في الوطن العربي تخضع للحكومات بدرجة او اخرى.
[color="rgb(255, 0, 255)"]3) التعقد:
[/color]يقصد بذلك تعدد المستويات الرأسية والافقية داخل المؤسسة، بمعنى تعدد هيئاتها التنظيمية من ناحية، ووجود مستويات تراتبية داخلها وانتشارها الجغرافي على اوسع نطاق ممكن داخل المجتمع الذي تمارس نشاطها من خلاله من الناحية الاخرى، ويلاحظ على كثير من المؤسسات في الوطن العربي بساطة بنيتها التنظيمية من ناحية وانعدام انتشارها القومي بل القطري وتركزها في العاصمة او المدن الكبرى دون الاقاليم والمناطق الريفية.(1)
[color="rgb(255, 0, 255)"]4) التجانس:
[/color]بمعنى عدم وجود صراعات داخل المؤسسة تؤثر في ممارستها لنشاطها وكلما كان مردّ
الانقسامات بين الاجنحة والقيادات داخل المؤسسة الى اسباب عقائدية تتعلق بنشاط المؤسسة،

(1)- حميد كاظم شذر، مفهوم المجتمع المدني وخصائصه.

(( يتبع ))[/color]
العالم بأجمله آلة تصوير
فابتسم له من فضلك
2013-04-08, 15:03
#2
الصورة الرمزية عبد المنتقم
عبد المنتقم
:: عضو مميز ::
تاريخ التسجيل : Sep 2011
الدولة : الجزائر - الشلف
العمر : 30 - 35
الجنس : ذكر
المشاركات : 1,990
تقييم المستوى : 14
عبد المنتقم غير متواجد حالياً
افتراضي
وكلما وكانت طريقة حل الصراع سلمية، كان هذا دليلاً على تطور المؤسسة. وعلى العكس كلما كان مرد الانقسامات الى اسباب شخصية، وكانت طريقة حل الصراع عنيفة كان هذا دليلاً على تخلف المؤسسة.

5-وظائف المجتمع المدني ودوره


1 -تحقيق النظام والانضباط في المجتمع :
فهو أداة لفرض الرقابة على سلطة الحكومة وضبط سلوك الأفراد والجماعات تجاه بعضهم البعض. ويكفي في هذا الصدد الإشارة إلى أن كل منظمة أو جمعية تضع مجموعة من القواعد بخصوص الحقوق والواجبات التي تترتب على الفرد نتيجة لانضمامه إلى عضويتها. ويعتبر التزام الأعضاء بهذه القواعد شرطاً لقبولهم داخل المنظمة واستمرارهم فيها .

2 -تحقيق الديمقراطية :
فهو يوفر قناة للمشاركة الاختيارية في المجال العام وفي المجال السياسي، كما تعد منظمات وجمعيات المجتمع المدني أداة للمبادرة الفردية المعبرة عن الإرادة الحرة والمشاركة الإيجابية النابعة من التطوع، وليس التعبئة الإجبارية، التي تفرضها الدولة على المجتمع للتظاهر بالتمتع بالجماهيرية والتأييد الشعبي .

3 -التنشئة الاجتماعية والسياسية:
وهذه الوظيفة تعكس قدرة المجتمع المدني على الإسهام في عملية بناء المجتمع أو إعادة بنائه من جديد من خلال غرسه لمجموعة من القيم والمبادئ في نفوس الأفراد من أعضاء جمعياته ومنظماته وعلى رأسها قيم الولاء والانتماء والتعاون والتضامن والاستعداد لتحمل المسؤولية، والمبادرة بالعمل الإيجابي والاهتمام والتحمس للشئون العامة للمجتمع ككل، بما يتجاوز الاهتمامات الخاصة والمصالح الشخصية الضيقة .(1)
فانضمام الفرد إلى عضوية جماعة معينة يؤثر في حالته النفسية حيث يشعره بالانتماء للجماعة التي يستمد منها هوية مستقلة محددة، ويشجعه ذلك على المشاركة مع الآخرين داخلها

(1)-الدكتور عيسى الشماس.المجتمع المدني(المواطنة والديمقراطية)، منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق الطبعة 18، 2008
ص13

والاستعداد للتضحية وإنكار الذات في سبيل الجماعة، وتلك شروط نفسية مطلوبة لصحة
المجتمع ككل. أضف إلى ذلك، أن مشاركة الفرد داخل المنظمة في ممارسة حقوقه الديموقراطية، كالدخول في حوار مع الأعضاء الآخرين والتنافس على القيادة بالترشيح والتصويت في الانتخابات التي تجري فيها، تصبح بمثابة مدرسة يتعلم فيها الفرد أصول هذا السلوك الديموقراطي على مستوى الجماعة الصغيرة التي ينتمي إليها ليمارسه بنفس الحماس والإيجابية بعد ذلك على مستوى المجتمع ككل. فاعتياد الفرد على التصويت في انتخابات الجمعية أو المنظمة يؤدي إلى تصويته في الانتخابات التي تجري لاختيار النواب الذين يمثلونه في البرلمان أو لاختيار الحكومة التي تحكمه .
والفرد من خلال منظمته يشارك في أوجه النشاط العام ويعتاد على الاستماع إلى آراء الآخرين وقبول نتائج الحوار التي تتفق عليها الأغلبية مع التعبير عن معارضته بشكل سلمي .
ولاشك أن هذه العملية التعليمية والتدريبية تستغرق وقتا طويلا حتى تتمكن من غرس ثقافة ديموقراطية تقوم علىمبادىء التسامح والتعايش السلمي بين المختلفين و الوعي بأهمية المشاركة في تحقيق التقدم وتنمية المجتمع، فضلا عن الشعور بالثقة في النفس والاستعداد لتقبل الحلول الوسط والتضامن والتعاون مع الآخرين لتحقيق الغايات المشتركة .
4 -الوفاء بالحاجات وحماية الحقوق :
وعلى رأس تلك الحاجات الحاجة للحماية والدفاع عن حقوق الإنسان ومنها حرية التعبير والتجمع والتنظيم وتأسيس الجمعيات أو الانضمام إليها والحق في معاملة متساوية أمام القانون وحرية التصويت والمشاركة في الانتخابات والحوار والنقاش العام حول القضايا المختلفة .
وهكذا، يصبح المجتمع المدني بمثابة محامي يدافع عن المواطنين. ولكن السؤال المنطقي الذي قد يرد على بالنا هو: أمام من يقف هذا المحامي ؟ من هو الطرف الذي يعتدي على تلك الحقوق والحريات ؟ الحقيقة أن مفهوم المجتمع المدني ارتبط عادة بصفة الملجأ أو الحصن الذي يلجأ إليه الأفراد في مواجهة الدولة وحكومتها،من ناحية وقوى السوق من ناحية ثانية(1) فكل من الدولة وقوى السوق قد يهدد بتصرفاته الحريات والحقوق الإنسانية ويمارس الاستغلال والقهر ضد الفئات الضعيفة في المجتمع. ولا تجد هذه الجماعات درع وقاية تتسلح به ضد هذه التهديدات إلا بالانضمام إلى أحد تنظيمات المجتمع المدني التي لديها من القوة
المادية والمعنوية ما يمكنها من الضغط على الحكومة لاحترام تلك الحقوق ووقف التعدي

(1)-الدكتور عيسى الشماس،نفس المرجع السابق،ص14

عليها، أو الضغط على قوى السوق كالمنتجين والتجار وأصحاب المشروعات مثل النقابات وجمعيات حماية المستهلك.

5 -الوساطة والتوفيق:
أي التوسط بين الحكام والجماهير من خلال توفير قنوات للاتصال ونقل أهداف ورغبا ت الحكومة والمواطنين بطريقة سلمية. وتسعى جماعات المصالح فى هذا الاطار للحفاظ على وضعها وتحسينه واكتساب مكانة أفضل لها في المجتمع، ولذا فإنها تتحرك مباشرة للتأثير على عملية تشريع ووضع القوانين وتهدف إلى الوصول إلى نقطة اتفاق والتقاء بين الآراء المتعددة كأساس للاستقرار .

وترتبط وظيفة التعبير والتمثيل والتحدث بإسم جماعات معينة بتلك الوظيفة التنظيمية حيث تتولى مؤسسات المجتمع المدني مهمات متعددة تبدأ بتلقي المطالب التي عادة ما تكون متعارضة ومتضاربة وتجميعها وإعادة ترتيبها وتقسيمها إلى فئات محددة قبل توصيلها إلى الحكومة، فلو تصورنا غياب تلك الوظيفة التنظيمية ستكون النتيجة هي عجز الحكومة عن التعامل مع هذا الكم الهائل من المطالب المختلفة التي تعبر عن تعارض مصالح الجماعات والأفراد في المجتمع مما يصيبها بالارتباك. وقد تأتي سياساتها بشكل متحيز للبعض دون البعض الآخر بما يعكس اختلال التوازن بين الجماعات ويتعارض مع مبدأ الحياد الذي يجب أن تلتزم به الدولة إزاء المواطنين حتى لا يؤدي انحيازها إلى فئة معينة إلى فقدان تأييد الفئات الأخرى لها، الأمر الذي يهدد النظام والاستقرار ويثير حفيظة الفئات التي تشعر بالإهمال أو الظلم ويدفعها إلى التمرد والعصيان ضد الحكومة وضد الفئات الأخرى المتميزة .
وكلما زاد التنوع والاختلاف في المجتمع كلما احتاج إلى عدد أكبر من المنظمات والجمعيات للتعبير عن هذا التنوع وتنظيمه والتوفيق بين أطرافه المتعددة .

هذه الوظيفة كما رأينا تعني أن المجتمع المدني لا يحقق الحماية للمواطنين المحكومين ضد الحكومة فقط ، وإنما هو أداة لحماية الحكومة ذاتها من خطر التعرض للاضطرابات والاحتجاجات العنيفة ، كما أنه يوفر عنصر الوقاية للمجتمع ككل من الانقسام والصراع والتفكك .(1)

(1)- نفس المرجع السابق. ص15-16

6 -التعبير والمشاركة الفردية والجماعية :
فوجود المجتمع المدني ومؤسساته يشعر الأفراد بأن لديهم قنوات مفتوحة لعرض آرائهم ووجهات نظرهم بحرية حتى لو كانت تعارض الحكومة وسياساتها للتعبير عن مصالحهم ومطالبهم بأسلوب منظم وبطريقة سلمية ودون حاجة إلى استعمال العنف طالما أن البديل السلمي متوافر ومتاح. والحقيقة أن هذه الوظيفة تؤدي إلى تقوية شعور الأفراد بالانتماء والمواطنة وبأنهم قادرون على المبادرة بالعمل الإيجابي التطوعي دون قيود، بل تشجعهم الحكومة على التحرك المستقل بحرية دون اعتماد عليها لخدمة المجتمع وهم مطمئنون إلى أن حقوقهم وحرياتهم مصانة لأن هناك حصناً يلجأون إليه للاحتماء به في حالة تعدي الدولة عليها
7 -ملء الفراغ في حالة غياب الدولة أو انسحابها:
مع قدوم الثمانينيات من القرن العشرين شهد العالم ظاهرة واسعة الانتشار هي انسحاب الدولة من عديد من الأدوار والوظائف التي كانت تؤديها في الماضي، وخصوصاً في مجالات النشاط الاقتصادي كالإنتاج وتوفير خدمات التعليم والعلاج وتولي مسؤولية رب العمل بالالتزام بتعيين وتشغيل الناس في الحكومة، فقد بدأت الحكومات تعاني من اشتداد أزمة الديون وعجزها عن سدادها وعجزها في نفس الوقت عن الاستمرار في أداء نفس أدوارها التي صارت تشكل عبئاً ثقيلاً عليها لا تستطيع تحمله. وعندما بدأت الدولة في الانسحاب تركت وراءها فراغا يحتاج إلى من يملؤه لمساعدتها فى أداء تلك الوظائف. وهنا كان لابد أن يتحرك المجتمع المدني لشغل هذا الفراغ وإلا تعرض المجتمع للانهيار خصوصا حين توجد مشاعر عدم الرضا لدى الفئات التي كانت تستفيد من الدور السابق للدولة وتعتمد عليها لإشباع احتياجاتها والتي قد تشعر أن الحكومة قد تخلت عنها .
وإلى جانب الأزمة الاقتصادية والمالية هناك حالة أخرى يمكن أن تختفي فيها الدولة وتعجز عن أداء وظائفها تجاه المجتمع تحت تأثير الغزو والاحتلال الأجنبي أو الحرب الأهلية. ولنا في وطننا العربي أمثلة عديدة في فلسطين ولبنان والكويت أثبتت تجارب الاحتلال والحرب القاسية مدى أهمية المجتمع المدني وإمكانية أن ينهض بدور بديل للحكومة ويمر بالمجتمع من أزمته بسلام دون أن يهتز إحساس المواطنين بالانتماء بعدما غابت الدولة من أمام أعينهم.



(1)- نفس المرجع السابق. ص15-16

8 -توفير الخدمات ومساعدة المحتاجين:
صحيح أن جزءاً مهماً من وظيفة منظمات المجتمع المدني هو الدفاع عن المصالح الخاصة المشتركة لفئات بعينها إلا أنها كذلك تمد يد العون والمساعدة للمحتاجين مع تقديم خدمات خيرية واجتماعية هدفها مساعدة الفئات الضعيفة التي توجد على هامش المجتمع. وتتنوع أشكال المساعدة تلك ما بين مساعدات مالية وأخرى خدمية كبناء المدارس أو المستشفيات لتوفير خدمات التعليم أو العلاج مجاناً أو بأسعار رمزية تناسب أصحاب الدخول المنخفضة مع تقديم المعونات إلى الأرامل والأيتام وضحايا الكوارث والمعوقين وأسر السجناء بإقامة مراكز التأهيل والرعاية الاجتماعية وتمويل مشروعات صغيرة لإعالة الأسر التي بدون عائل أو إقامة دورات التدريب لرفع المهارات مثل تعليم الفتيات حياكة الملابس ….الخ.

9 -تحقيق التكافل الاجتماعي:
وتتضح أهمية هذه الوظيفة الخطيرة إذا ما تخيلنا ضعف أو ضيق منافذ التعبير عن الرأي أمام الناس بحيث يفقدون القدرة على التأثير في القرارات السياسية التي تمس حياتهم بشكل مباشر، فيتعرض الساخطون على الأوضاع القائمة لكبت مشاعرهم الغاضبة وهذا الكبت قد يولد الانفجار عند وصوله إلى نقطة الغليان طالما أنه ليس متاحاً له فرصة التنفيس عن نفسه بحرية، وهو ما يعني تعريض المجتمع بشكل متكرر للاحتجاجات العنيفة لأن الأفراد والجماعات لم يجدوا منظمات تستقبل مطالبهم .
هذا الشكل الذي يدل على الانفجار الثوري يهدد كيان المجتمع ووحدته ويعرضه للانهيار والتقسيم. ويكفي النظر إلى ما حدث في الاتحاد السوفيتي السابق نتيجة إنكاره لحق المعارضين والمختلفين في التعبير عن آرائهم المخالفة لسياسة الحزب الشيوعي الحاكم، بينما حققت دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية نجاحاً في استيعاب المهاجرين من أصول أوروبية وأفريقية وآسيوية مختلفة وتذويب ما بينهم من اختلافات ودمجهم في أمة واحدة متكاملة يعتزون بالانتماء لها. ولاشك أن ذلك النجاح جاء ثمرة لنضال وكفاح جماعات ومنظمات عديدة في المجتمع المدني وعلى رأسها حركة الحقوق المدنية التي يعود لها الفضل في نيل الأمريكيين من أصل أفريقي لحقوقهم بعد معاناة طويلة من الاضطهاد والتمييز .


(1)- نفس المرجع السابق. ص17-18
العالم بأجمله آلة تصوير
فابتسم له من فضلك
2013-04-08, 15:10
#3
الصورة الرمزية عبد المنتقم
عبد المنتقم
:: عضو مميز ::
تاريخ التسجيل : Sep 2011
الدولة : الجزائر - الشلف
العمر : 30 - 35
الجنس : ذكر
المشاركات : 1,990
تقييم المستوى : 14
عبد المنتقم غير متواجد حالياً
افتراضي
10 -التنمية الشاملة :
صحيح أن المجتمع المدني هو أداة هامة في تحقيق الاستقرار إلا أن ذلك لا يعني أنه لا يحقق التغيير والتطوير. ومنذ فترة قريبة بدأت المنظمات الدولية المهتمة بالتنمية تؤكد على معنى جديد لها هو التنمية بالمشاركة على أساس أن تجارب التنمية العديدة قد أصابها الفشل لأنها تم فرضها من جانب الحكومة على المحكومين دون إشراكهم فيها. بينما أثبتت حالات أخرى أن مشاركة المستويات الشعبية الدنيا هي خير ضمان لتحقيق النجاح. فمقارنة حجم إنتاج العمال الوفير في المصانع التي تسمح باشتراكهم في مجالس الإدارة بحجم هذا الإنتاج الهزيل في المصانع التي ينفرد فيها المدير أو صاحب المشروع باتخاذ القرارات تكشف عن ذلك بوضوح. وما يصدق على مستوى المشروع أو المصنع يصدق على مستوى الاقتصاد الوطني
فالحقيقة أن مشكلة التنمية لا تكمن دائما في قلة الموارد المادية، وإنما في كيفية استغلال تلك الموارد. وهذه الكيفية تتوقف بدورها على طبيعة ونوعية البشر الذين يقومون باستغلالها. ولذا، فإن الاستثمار الحقيقي لابد أن يتم في الثروة البشرية وليس المادية فقط ، وهنا تبرز أهمية المجتمع المدني في القيام بهذا النوع من الاستثمار، حيث يتم من خلال منظماته تنمية وتطوير المهارات والقدرات الفردية للأعضاء بشكل يقلل من العبء على الحكومة حيث يصبح لمؤسسات المجتمع المدني دور شريك للدور الحكومي في تنفيذ برامج وخطط التنمية الشاملة بمختلف جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبشرية وهي تتلقى من الحكومة الدعم والمساندة للقيام بهذا الدور .
وبعد هذا الاستعراض لأهم وظائف المجتمع المدني يمكننا تسجيل عدد من الملاحظات :
أولها، وجود تكامل بين هذه الوظائف وبعضها البعض، فحماية المجتمع المدني لحقوق ومصالح الأفراد والجماعات لا يتعارض مع كونه أداة للتنظيم و الحفاظ على الاستقرار والوحدة في المجتمع ككل، كما أن دفاعه عن مصالح خاصة بفئات معينة لا يمنعه من الاهتمام بقضايا المصلحة العامة للجميع أو بتوفير المساعدة للفئات المحتاجة والضعيفة، ووقوفه ضد الدولة في حالة اعتدائها على الحريات لا يتعارض مع مساعدته لها في تنفيذ خطط وبرامج التنمية …..الخ. ثانيها، أن تلك الوظائف تتكامل مع وظائف الدولة، ويمكن القول أن هناك ما يشبه تقسي المسؤوليات الاقتصادية والاجتماعية بين الحكومة والمجتمع المدني.وثالثها ، أن كل وحدة من الوحدات المكونة للمجتمع المدني قد تجمع بين أكثر من وظيفة واحدة في الوقت نفسه.
(1)- نفس المرجع السابق. ص19


6-المجتمع المدني و الدولة:
هناك تصورات عديدة للدولة الا انه الفكر السياسي الحديث الممتد من هوبز الى هيجل له ثلاثة تصورات رئيسية للدولة:
• المعنى تجديد بالمقارنة مع مرحلة التطور البشري التي تسبق الدولة(هوبز- وروسو).
• والدولة بوصفها حفظا وتنظيما للمجتمع الطبيعي، وهي وفقا لهذا التحليل ليست بديلا عن المرحلة التي سبقتها فقط، بل سيرورة تقوم بتنشيطها واكمالها(لوك- كانط).
• الدولة السياسية بوصفها نفيا راديكاليا تلغي السلطة الطبيعية وتتغلب عليها. وهي بهذا واخيرا الدولة باعتبارها حفظا وتعاليا لمجتمع ما قبل الدولة(هيجل). وذلك بمعنى ان الدولة برهة جديدة لاتكمل البرهة التي سبقتها، ولا تكون مؤسسة على النفي المطلق. و بينما تستبعد دولة هوبز وروسو الى حد كبير دولة الطبيعة، اي السلطة المنظمة للمجتمع في مرحلته الطبيعية، فان دولة هيجل تحتوي على المجتمع المدني. وبهذا تكون مختلفة عن دولة "لوك" ايضا التي تحتوي المجتمع المدني لا لتتعالى به، وانما لتسوغ وجوده واهدافه.
وبالمقارنة مع مع العناصر الثلاثة المذكورة وعبر نقدها يمكن اشتقاق العناصر الاساسية في مذهب "ماركس" عند الدولة وهي:
• الدولة بوصفها جهازا قمعيا (عنف مركز ومنظم في المجتمع)
• الدولة بوصفها وسيلة للطبقة المسيطرة وفقا للقول الشائعإن الدولة هي أداة سيطرة طبقة على طبقة أخرى"
• الدولة بوصفها ظاهرة فرعية أو ثانوية بالعلاقة مع المجتمع المدني. ووفقا لهذه الظاهرة، ليست الدولة هي التي تكيف وتنظم المجتمع المدني، بل المجتمع المدني هو الذي يكيف الدولة و ينظمها. و هذا ما دعاه غرامشي "الدولة الموسعة" أي المنظومة السياسية، بشقيها المدني و السياسي.حيث يمكن ان يكون المجتمع المدني مساندا للدولة او معارضا لها.في الحالة الاولى يشكل المجتمع المدني مصدر الشرعية عبر مشاركة منظمات وفئاته الاجتماعية المختلفة في صنع القرار. اما في الحالة الثانية التي تتصدى فيها الدولة بجهازها ومؤسساتها القمعية لكل اشكال التغير، فتبدو الدولة وكان المجتمع وجد من اجلها لا العكس.(1)


(1)- علي عبد الصادق.مفهوم المجتمع المدني قراءة أولية،دار المحروسة:القاهرة،الطبعة الأولى،2004،ص48-49

لهذا فان مدى تطور المجتمع المدني يرتبط بمدى تطورسياسات وتشريعات الدولة في مواجهة المجتمع المدني، ومدى توافر مرجعية قانونية مقبولة ودور الدولة في تسهيل او اعاقة الثقافة المدنية.
ارى من الظروري ان اشير الى نقطة مهمة جدا الا وهي ان المؤسسية تعتبر الحجر الاساسي في بناء الجتمع المدني وقد يكون من المهم ايضا تبيان الفارق بين العمل المدني كمؤسسة ، وكتنظيم .
المؤسسة هي مجموعة قوانين راسخة يتم وضعها لمقابلة المصالح الجماعية، وهي تنظيمات تتمتع بشرعية لاشباع حاجات الناس و الدفاع عن حقوقهم عبر الزمن. ومن هنا فان تطويرها ياتي في اطار التغيرات في البنية الاجتماعية. اما تعريف المنظمات فهي وحدات اجتماعية ذات غرض ودور محدد داخل اطار مؤسسي اوسع، وان تطويرها لايؤدي بالضرورة الى التغيرات في البنية الاجتماعية.
اذن المجتمع المدني يلعب دور فعال ، ويسهم في التاثير على صنع التغير الاجتماعي والسياسي وفي الاتجاه الذي يؤدي الى تصعيد مستوى الوعي وغرس روح العمل الجماعي والتزويد بمهارات السياسية و العمل على تطوير القدرات و تبادل الخبرات في مجال الدفاع عن الحق العام و المنفعة الجماعية .
ان تطوير مؤسسات المجتمع المدني سند اساسي لاحداث التغير وتاثير على مستويات الوعي وقدرته على العمل الجماعي. وهو ايضا سند اساسي لديمومة النظام الديمقراطي و تطويره حيث ان الديمقراطية ليست هدف سياسي يمكن تحقيقه والوصول اليه لمرة واحة فقط وانما هي عملية حيوية يجب تنميتها والحفاظ عليها والاستمرارفي تطويرها. (1)

7-تطور المجتمع المدني في ظل العولمة

لا شك في ان العولمة الرأسمالية هي أهم الظواهر العالمية المعاصرة وأهمها تاثيرا في حياة الشعوب ومستقبلها، ومن أبرز مظاهر العولمة اعادة هيكلة الرأسمالية المعاصرة بإدماج اقتصاديات مختلف بلدان العالم في الاقتصاد الرأسمالي بالشروط التي وضعتها رأسمالية المراكز المتقدمة على اساس اعلاء شأن السوق وآليات وفرص حرية انتقال رؤوس الأموال والاستثمارات والسلع والخدمات دون قيود او عقبات تطبيقا لافكار الليبرالية الجديدة التي تشكل العنصر الأيديولوجي المسيطر والمركزي في عملية اعادة الهيكلة هذه التي تجري على امتداد العالم، وقد عانت دول الجنوب ومن ضمنها الاقطار العربية من مشاكل اقتصادية واجتماعية حادة نتيجة تطبيق السياسات التي أوصت بها المؤسسات الرأسمالية الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وهي السياسات المعروفة بالتكيف الهيكلي.ولتخفيف حدة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن تطبيق سياسات التكيف الهيكلي حرصت قوى العولمة على توظيف المجتمع المدني ليكون بديلا للدولة الوطنية التي تنسحب من أدوارها التقليدية ومسؤولياتها في دعم الفئات الفقيرة وتوزيع الدخل لصالح الطبقات العاملة والكادحة والفئات الضعيفة، وتهدف قوى العولمة من دعمها للمجتمع المدني ان يقوم بدور البديل للدولة في مجال دعم الفئات الفقيرة وتستخدم كملطف لحدة المشاكل الناجمة عن تطبيق سياسات التكيف الهيكلي مثل الفقر والبطالة والتهميش فيكون اطارا يعبيء شرائح وقوى اجتماعية تتحمل عبء مواجهة هذه المشاكل وسيكون ذلك بالقطع على حساب دوره في دعم التطور الديمقراطي للبلاد.(1)
تؤكد التقارير السنوية للبنك الدولي هذه النظرة اذ يشير في تقرير 1995، الى المجتمع المدني كظاهرة اقتصادية باعتباره القوة المحركة بالنسبة لنشاطات ونمو القطاع الخاص، من هنا تأتي اهميته لأهداف التكيف الهيكلي فيما يتعلق بتقلص دور الدولة، وخصخصة الخيرات العامة والسلع الاجتماعية، ونمو القطاع الخاص الذي تعرض للتقهقر في مراحل سابقة، ويؤكد القطاع الخاص الى مرحلة التحمس له، بوصفه محرك النمو والمحدد الرئيسي لمستقبل البلاد، ويشير البنك في تقرير 1998، ان القطاع المستقل عن الدولة او غير الحكومي الذي يضم

(1)- علياء محمد حسين، تطور المجتمع المدني في ظل العولمة.

انواعا مختلفة من المنظمات غير الحكومية عليه دور حاسم في التصدي للمظاهر التي تحول دون تطور القطاع الخاص، وينظر البنك؛ الدولي الى المجتمع المدني لما يستطيع ان يقوم به من مساعدة في تعبئة الموارد بالطرق التي تعجز الدولة عن القيام بها ولاعتباره ” دولة الظل“ التي تقوم بوظائف تقليدية للدولة مثل انشاء وادارة المدارس ومراكز الرعاية الصحية ومشروعات الاشغال العامة كشق الطرق والترع، بل ان تعريف البنك للمنظمات الأهلية يؤكد اصراره على دورها كملطف لحدة المشاكل وليس باعتبارها الوسيط بين المجتمع والدولة او باعتبارها اطارا مناسبا للمساهمة في التحول الديمقراطي للمجتمع او لامكانية قيامها بدور تغييري تنموي شامل، يتضح ذلك من تعريف البنك الدولي لها بانها مؤسسات وجماعات متنوعة الاهتمامات مستقلة كليا او جزئيا عن الحكومات ، وتتسم بالعمل الانساني والتعاون وليس لديها اهداف تجارية ويساعد على تحقيق اهداف المؤسسات الرأسمالية الدولية في توظيف مؤسسات المجتمع المدني لخدمة سياساتها بناء منظمات غير حكومية عابرة للقوميات ترتبط بشبكات عالمية تسهم في تمويل انشطة المنظمات الأهلية وغير الحكومية الوطنية وفق اجندة الرأسمالية العالمية بدلا من ان تكون اولوياتها طبقا لاحتياجات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد ادت العولمة الى ادخال تغييرات على خريطة المجتمع المدني بالعديد من الاقطار العربية، اذ نلاحظ ان اساس هذه الخريطة في المجتمعات العربية حتى نهاية السبعينيات من القرن العشرين كان منظمات شعبية تعبر عن مصالح فئات اجتماعية معينة كالنقابات العمالية والمهنية والاتحادات الطلابية والمنظمات النسائية والشبابية، او منظمات غير حكومية دفاعية، او جمعيات اهلية خيرية وثقافية واجتماعية تقدم لأعضائها خدمات متنوعة كما تقدم خدماتها للفئات الضعيفة في المجتمع، او أندية رياضية وثقافية واجتماعية تشبع احتياجات اعضائها لأنشطة متطورة في هذه المجالات، وكذلك الجمعيات التعاونية. لكن العولمة جاءت معها بقضايا جديدة ومشاكل جديدة مثل حماية البيئة من التلوث، والفقر، والهجرة والاجئين وضحايا العنف والسكان الأصليين والمخدرات والارهاب وحقوق الانسان وحقوق المرأة والطفولة وحقوق الاقليات الدينية والعرقية، ولان منطق العولمة يستبعد قيام الدولة بدور اساسي في مواجهة هذه المشكلات فانها شجعت على قيام منظمات غير حكومية للتعامل معها، كما ان نشطاء المجتمع المدني سارعوا في كثير من الاقطار لتكوين

العالم بأجمله آلة تصوير
فابتسم له من فضلك
2013-04-08, 15:12
#4
الصورة الرمزية عبد المنتقم
عبد المنتقم
:: عضو مميز ::
تاريخ التسجيل : Sep 2011
الدولة : الجزائر - الشلف
العمر : 30 - 35
الجنس : ذكر
المشاركات : 1,990
تقييم المستوى : 14
عبد المنتقم غير متواجد حالياً
افتراضي
منظمات غير حكومية لمواجهة هذه المشكلات والتخفيف من حدتها. وسواء كان المشجع على
قيام هذه المنظمات الجديدة هو العامل الخارجي او الأوضاع الداخلية الا ان النتيجة واحدة هي قيام مئات الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الجديدة التي تنشط حول اهداف مفتتة وقضايا جزئية دون ارتباط بالاسباب المشتركة لهذه المشاكل الجزئية، ودون وضوح حول امكانية التنسيق والتعاون بينها لمواجهة هذه الاسباب التي تعود بالاساس الى العولمة الرأسمالية وسياساتها، وهذا التغيير في خريطة المجتمع المدني يهدد مؤسسات المجتمع المدني بالتحول عن دورها الأساسي كجزء من المجتمع الديمقراطي الى ملطف ومخفف لحدة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الناجمة عن سياسات العولمة وتأثيراتها على مجتمعاتنا وهي تكرس في الوقت نفسه الحكم الاستبدادي.يطرح هذا التطور في بنية المجتمع المدني في دول الجنوب والاقطار العربية قضية الحركات الاجتماعية كمكون اساسي من مكونات المجتمع المدني، وكعنصر مهم من عناصر التطور الديمقراطي وتحولات المستقبل الاجتماعية.
(1)- علياء محمد حسين، تطور المجتمع المدني في ظل العولمة.

خـاتـمــة:

وفي ختامنا نحاول وضع تصور لمجتمع مدني متطور بتسليط الضوء على المجتمع المدني العربي الذي يستطيع أن يلعب دور فعال في عملية التغير الاجتماعي المطلوب في التحضير وإدارة التظاهرات المناهضة للحرب على العراق مثلاً، بل وقمعت السلطات الأمنية تلك التحركات في أكثر من بلد عربي، وذلك أما إرضاء للولايات المتحدة أو خوفاً من تحولها إلى احتجاجات ضد النظام السياسي القائم.
وتعاني غالبية منظمات المجتمع المدني العربية من ضعف مواردها المالية وذلك بسبب إحجام القطاعين العام والخاص عن دعمها، ما يضطرها إلى البحث عن مصادر تمويل من الخارج، وهذا في حد ذاته سلاح ذو حدين، فمن ناحية فإنه يتيح الفرصة للدول المانحة من فرض أجندتها على المنظمات العربية، ومن ناحية ثانية يعرض تلك المنظمات إلى تشويه سمعة قياداتها واتهامها بالعمالة لقوى أجنبية.
وتتعدد المشكلات التي يعاني منها المجتمع المدني العربي منها ما يتعلق ببنائها الداخلي وسيطرة أفراد معينين على قيادتها، إضافة إلى غلبة المصالح الشخصية والولاءات الأيديولوجية والزعامات الفردية وانعدام الديمقراطية في تسيير أمورها، وعجز تلك المنظمات عن التنسيق المستمر مع بعضها بعضاً لخلق شبكات ومنظمات إقليمية قوية ومؤثرة على ساحة المجتمع المدني العالمية، وبالتالي نرى حضوراً ضعيفاً للمنظمات غير الحكومية العربية في المنتديات العالمية، سواء على مستوى الأمم المتحدة أو على مستوى المجتمع المدني نفسه كما هي الحال في المنتدى الاجتماعي.
وقد ساهم تنامي التيارات الإسلامية في إضعاف حركة منظمات المجتمع المدني في العالم العربي، حيث تظهر غالبية المنظمات الإسلامية غير الحكومية عداءً وريبة تجاه منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية وحقوق المرأة، وتتهمها باستيراد الأفكار الغربية الملحدة، بحسب رأيهم. وهي، أي المنظمات الإسلامية، تعارض كثيراً من مبادئ حقوق الإنسان الواردة في المواثيق الدولية، ولا يهمها التنسيق مع المنظمات الأخرى أو العمل من خلال منظومة المجتمع المدني الدولي.
من هنا يمكن القول إن منظمات المجتمع المدني العربية لن تتمكن من الضغط على حكوماتها من أجل تحقيق إصلاح ديمقراطي حقيقي إلا عبر إصلاح نفسها من الداخل، وخلق آلية تنسيق قوية وفاعلة فيما بينها مع ضرورة الانخراط في نضال المجتمع المدني العالمي من أجل السلام والعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم من دون تمييز.


قـائمـة الـمـراجـع:


1-علي عبد الصادق، مفهوم المجتمع المدني قراءة أولية، دارالمحروسة:الطبعة الأولى،القاهرة،2004.

2-الدكتور عيسى الشماس، المجتمع المدني(المواطنة والديمقراطية)، منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق الطبعة 18، 2008

3-فريد باسيل الشاني.تعريف المجتمع المدني،الحوار المتمدن:العدد:1351،

3- علياء محمد حسين، نشأة وتطور المجتمع المدني مكوناته وإطاره التنظـيـمي.

4- حميد كاظم شذر، مفهوم المجتمع المدني وخصائصه.

5- علياء محمد حسين، تطور المجتمع المدني في ظل العولمة.
العالم بأجمله آلة تصوير
فابتسم له من فضلك
2013-04-08, 15:21
#5
الصورة الرمزية عبد المنتقم
عبد المنتقم
:: عضو مميز ::
تاريخ التسجيل : Sep 2011
الدولة : الجزائر - الشلف
العمر : 30 - 35
الجنس : ذكر
المشاركات : 1,990
تقييم المستوى : 14
عبد المنتقم غير متواجد حالياً
افتراضي
و هذه بعض المراجع الاخرى استعيني بها ((مفاهيم و تعاريف مثلا))
من اجل اثراء البحث بمراجع عديدة و متنوعة
http://www.shebacss.com/docs/csasr009-10.pdf

و جاري البحث عن معلومات اخرى ان شاء الله

http://www.ust.edu/open/library/law/...9%8A%D8%A9.pdf

http://www.univ-chlef.dz/uhbc/semina...ic_2008_14.pdf
العالم بأجمله آلة تصوير
فابتسم له من فضلك
2013-04-08, 19:43
#6
الصورة الرمزية دائمة الذكر
دائمة الذكر
:: عضوة شرفية ::
تاريخ التسجيل : Dec 2012
العمر : 15 - 20
الجنس : انثى
المشاركات : 983
تقييم المستوى : 12
دائمة الذكر غير متواجد حالياً
افتراضي
مشكووووووووور و الله يعطيك الف عافية على الطرح عبدووواا ...
جزاك الله كل خير ان شاء الله .....
2013-09-01, 15:00
#7
oussama dz
:: عضو جديد ::
تاريخ التسجيل : Sep 2013
العمر : 15 - 20
الجنس : ذكر
المشاركات : 1
تقييم المستوى : 0
oussama dz غير متواجد حالياً
افتراضي
اخي الكريم اريد نسخه أنا في حاجة اليه
2014-10-25, 00:03
#8
adeile39
:: عضو مجتهد ::
تاريخ التسجيل : Oct 2014
العمر : 20 - 25
الجنس : ذكر
المشاركات : 182
تقييم المستوى : 10
adeile39 غير متواجد حالياً
افتراضي
مشكوررررررررررررررررررررررررر
2015-03-16, 01:25
#9
momo1993
:: عضو جديد ::
تاريخ التسجيل : Mar 2015
العمر : 20 - 25
الجنس : ذكر
المشاركات : 1
تقييم المستوى : 0
momo1993 غير متواجد حالياً
افتراضي
بارك الله فيـــــــــــــــــــــك
2015-09-22, 21:50
#10
fennec21
:: عضو جديد ::
تاريخ التسجيل : Jan 2015
العمر : 30 - 35
الجنس : ذكر
المشاركات : 4
تقييم المستوى : 0
fennec21 غير متواجد حالياً
افتراضي
merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiii

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دور المرأة في المجتمع Imi Imà منتدى ادم وحـواء 10 2024-01-14 16:16
تفضلوا ملخص حول الانظمة الاقتصادية سنة اولى Lmd farahe 18 كلية العلوم التجارية و العلوم الاقتصادية و التسيير 11 2020-03-08 14:01
ملخص حول الانظمة الاقتصادية سنة اولى Lmd Tassilialgerie كلية العلوم التجارية و العلوم الاقتصادية و التسيير 5 2020-03-08 13:59
الزواج لارضاء المجتمع ,, ما مصير العانس في مجتمعنا ؟ سمراء الليل منتدى النقاش الحر 18 2020-01-12 11:27

الساعة معتمدة بتوقيت الجزائر . الساعة الآن : 04:26
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي شبكة طاسيلي ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)