:: عضو مجتهد ::
تاريخ التسجيل : Mar 2016
الدولة : الجزائر - الجزائر
العمر : 30 - 35
الجنس : انثى
المشاركات : 351
تقييم المستوى : 9
علمتني الحياة ......
بسم الله الرحمن الرحيم
علمتني الحياه أن أتلقى
كل ألوانها رضا و قبولا ..
ورأيت الرضا يخفف أثقالى
ويلقي على المآسي سدولا ..
والذي ألهم الرضا لا تراه
أبد الدهر حاسدا أو عذولا ..
أنا راض بكل ما كتب الله
ومزج إليه حمدا جزيلا ..
أنا راض بكل صنف من الناس
لئيما ألفيته أو نبيلا ..
لست أخشى من اللئيم أذاه
لا، ولن أسأل النبيل فتيلا
فسح الله في فؤادي فلا أرضى
من الحب والوداد بديلا
في فؤادي لكل ضيف مكان
فكن للضيف مؤنسا أو ثقيلا ..
ضل من يحسب الرضا عن هوان
أو يراه على النفاق دليلا ..
فالرضا نعمه من الله لم يسعد
بها في العباد إلا القليلا
والرضا إيه البراءه والإيمان
بالله ناصرا ووكيلا
علمتني الحياه أن لها طعمين
مرا، وسائغا معسولا
فتعودت حالتيها قريرا
وألفت التغيير والتبديلا
أيها الناس كلنا شارب الكأسين
إن علقما وإن سلسبيلا
نحن كالروض نضره وذبولا
نحن كالنجم مطلعا وأفولا
نحن كالريح ثوره وسكونا
نحن كالمزن ممسكا وهطولا
نحن كالظن صادقا وكذوبا
نحن كالحظ منصفا وخذولا
أكثر الناس يحكمون على الناس
وهيهات أن يكونوا عدولا
ولكم لقبوا البخيل كريما
ولكم لقبوا الكريم بخيلا
ولكم أعطوا الملح فأغنوا
ولكم أهملوا العفيف الخجولا
رب العذراء حره وصموها
وبغي قد صوروها بتولا
وقطيع اليدين ظلما ولص
أشبع الناس كفه تقبيلا
وسجين صبوا عليه نكالا
وسجين مدلل تدليلا
جل من قلد الفرنجه منا
قد أساء التقليد والتمثيلا
فأخذنا الخبيث منهم ولم نقتبس
من الطيبات إلا قليلا
يوم سن الفرنج كذبة إبريل
غدا كل عمرنا إبريلا
نشروا الرجس مجملا فنشرناه
كتابا مفصلا تفصيلا
علمتني الحياه أن الهوى سيل
فمن ذا الذي يرد السيولا
ثم قالت : والخير في الكون باق
بل أرى الخير فيه أصلا أصيلا
إن تر الشر مستفيضا فهون
لا يحب الله اليئوس الملولا
ويطول الصراع بين النقيضين
ويطوي الزمان جيلا فجيلا
وتظل الأيام تعرض لونيها
على الناس بكره و أصيلا
فذليل بالأمس صار عزيزا
وعزيز بالأمس صار ذليلا
ولقد ينهض العليل سليما
ولقد يسقط السليم عليلا
رب جوعان يشتهي فسحه
العمر و شبعان يستحث الرحيلا
وتظل الأرحام تدفع قابيلا
فيردي ببغيه هابيلا
ونشيد السلام يتلوه سفاحون
سنوا الخراب والتقتيلا
وحقوق الإنسان لوحه رسام
أجاد التزوير والتضليلا
صور ما سرحت بالعين فيها
وبفكري إلا خشيت الذهولا
قال صحبي : نراك تشكو جروحا
أين لحن الرضا رخيما جميلا
قلت أما جروح نفسي فقد
عودتها بلسم الرضا لتزولا
غير أن السكوت عن جرح قومي
ليس إلا التقاعس المرذولا
لست أرضى لأمه أنبتتني
خلقا شائها وقدرا ضئيلا
لست أرضى تحاسدا أو شقاقا
لست أرضى تخاذلا أو خمولا
أنا أبغي لها الكرامه والمجد
و سيفا على العدا مسلولا
علمتني الحياه أني إن عشت
لنفسي أعش حقيرا هزيلا
علمتني الحياه أني مهما
أتعلم فلا أزال جهولالرحيم
شعر محمود درويش رحمه الله
التعديل الأخير تم بواسطة ملكة المنتدى ; 2016-03-21 الساعة 16:08