الملاحظات
طاسيلي الإسلامي :: خاص بالدين و الشريعة الإسلامية على منهج اهل السنة و الجماعة
2019-08-18, 21:55
#1
محمد 1993
:: عضو مبدع ::
تاريخ التسجيل : Oct 2017
الدولة : الجزائر - ع تموشنت
العمر : 25 - 30
الجنس : ذكر
المشاركات : 586
تقييم المستوى : 7
محمد 1993 غير متواجد حالياً
افتراضي باب ما جاء أنَّ سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصَّالحين
وقول الله: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ [النساء:171].


وفي الصحيح عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما في قول الله تعالى: وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا [نوح:23] قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطانُ إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا، وسمُّوها بأسمائهم، ففعلوا، ولم تُعبد حتى إذا هلك أولئك ونُسي العلمُ عُبدت.

وقال ابنُ القيم: قال غيرُ واحدٍ من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوَّروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمدُ فعبدوهم.

وعن عمر: أن رسول الله ﷺ قال: لا تطروني كما أطرت النَّصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبدالله ورسوله أخرجاه.

ولمسلم عن ابن عباسٍ قال: قال رسولُ الله ﷺ: إياكم والغلو; فإنما أهلك مَن كان قبلكم الغلو.

ولمسلم عن ابن مسعودٍ: أن رسول الله ﷺ قال: هلك المُتنطعون قالها ثلاثًا.
2019-08-18, 21:56
#2
محمد 1993
:: عضو مبدع ::
تاريخ التسجيل : Oct 2017
الدولة : الجزائر - ع تموشنت
العمر : 25 - 30
الجنس : ذكر
المشاركات : 586
تقييم المستوى : 7
محمد 1993 غير متواجد حالياً
افتراضي رد: باب ما جاء أنَّ سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصَّالحين
الشيخ: يقول رحمه الله في كتاب التوحيد: "باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين" أسباب وقوع الشرك في الناس وتركهم الدين هو الغلو في أهل الصلاح من أنبياء وغيرهم، كما فعل قومُ نوح ومَن بعدهم، غلوا في الصَّالحين، وزيَّن لهم الشيطانُ أنَّ دعاءهم إياهم ونذرهم لهم وذبحهم لهم واستغاثتهم بهم والعكوف على قبورهم أنَّ هذا من أسباب جلب الخيرات لهم، وجلب الشفاء والأرزاق والولد وغير ذلك، هكذا فعل بهم الشيطان، وزيَّن لهم الشيطانُ الشرك، كما زيَّن لأهل مكة قبل بعثه ﷺ حتى عبدوا اللَّات والعُزَّى ومناة والأصنام الكثيرة حول الكعبة، وزيَّن لغيرهم عبادة النجوم والشمس والقمر وغير ذلك من الكواكب، وزيَّن لآخرين عبادة الجنِّ، وزيَّن لآخرين عبادة أشياء أخرى.
فالرسل بعثهم الله لإنكار هذا الشرك، ولإرشاد الناس إلى ما خلقهم الله من توحيد الله وطاعته وعبادته، بعث الرسل بهذا؛ لأنه خلق الخلق ليعبدوه، وأرسل الرسل تدعوهم إلى ذلك، وأنزل الكتب تدعوهم إلى ذلك، قال تعالى:*وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ*[الذاريات:56]، فالجن والإنس خُلقوا ليعبدوا الله، وعبادة الله هي توحيده وطاعته، هي الإسلام والإيمان، هي الهدى، هذه عبادته؛ توحيده سبحانه، وإخلاص العبادة له، وطاعة أوامره، وترك نواهيه، واتباع شريعته التي جاء بها أنبياؤه ورسله، هذه العبادة التي خُلقوا لها، قال تعالى:*يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*[البقرة:21] هي العبادة، وهي التقوى، خُلقوا لها، وأُمروا بها، وجعلها سبحانه وسيلةً إلى أن يتَّقوه في جميع الأوامر، ويبتعدوا عن غضبه.
وبعث الرسل بهذا، الرسل بُعثوا بهذا الأمر، قال تعالى:*وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ*[النحل:36] من أولهم نوح، إلى آخرهم محمد، كلهم بُعثوا يدعون الناس إلى توحيد الله وطاعته، ويُنذرونهم من الشرك بالله ومعصيته، كلهم من أولهم إلى آخرهم، قال تعالى:*وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ*[الأنبياء:25]، وقال سبحانه:*وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ*[الزخرف:45] لا، استفهام إنكار، لم نجعل، قال تعالى:*وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ*[البينة:5]، وقال تعالى:*وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ، أنكر عليهم فقال:قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ*[يونس:18]، لا يعلم له شريكًا، لا في السماوات، ولا في الأرض، والذي لا يعلمه سبحانه لا وجودَ له، قال تعالى:*فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ*۝*أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ، ثم قال بعده:*وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى*يعني: يقولون: ما نعبدهم إلا ليُقربونا إلى الله زُلفى، قال رادًّا عليهم سبحانه:*إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ*[الزمر:2- 3] سمَّاهم: كذبة، كفرة في دعواهم أنها تُقربهم إلى الله زلفى، قد كذبوا، لا تُقربهم، وكفروا بذلك بعبادتهم الأصنام والأشجار والأحجار والجنّ، والاستغاثة بهم، ونذرهم لهم، هذا الشرك الأكبر الذي وقعت فيه الأمم: قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط، وقوم شعيب، والمشركون بعدهم.
وهكذا وقعت فيه العرب، بعدما أرسل الله الرسل وقعوا في هذا الشرك، حتى بعث الله نبيَّه محمدًا ﷺ فأنكر عليهم هذا الشرك، ودعاهم إلى توحيد الله وقال:*يا قومي، قولوا: لا إله إلا الله تُفلحوا، وقام على الصفا ذات يومٍ بعدما أنزل الله عليه:*وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ[الشعراء:214] قام على الصفا وقال:*يا صباحاه*فاجتمعوا، فقال:*أرأيتكم لو أخبرتكم أنَّ جيشًا يُصبحكم ويُمسيكم أكنتم مُصدقي؟*قالوا: نعم؛ ما جرَّبنا عليك كذبًا، قال:*فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد*يعني: اعبدوا الله واتركوا عبادة الأصنام والأوثان واللَّات والعُزَّى، اتركوها واعبدوا الله وحده، فقام أبو لهبٍ عمه فقال: تبًّا لك سائر اليوم، ما جمعتنا إلا لهذا! قبَّحه الله، فأنزل الله في حقِّه:*تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ*۝*مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ*۝*سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ*۝*وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ*۝*فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ*[المسد].
فالغلو هو أصل الشرك، الغلو في الصَّالحين هو أصل الشرك، كما وقع لقوم نوح ولغيرهم؛ ولهذا ترجم المؤلفُ بهذه الترجمة العظيمة فقال: "باب ما جاء" يعني: من الأدلة من القرآن والسنة على "أنَّ سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين"، هذه الأسباب، قال تعالى:*يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ*[النساء:171]، فأخبرنا عن نهيه لأهل الكتاب، وهو نهي لنا، يعني: لا تفعلوا مثلهم:*يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ، فهكذا نحن علينا ألا نغلوا في ديننا، كما نهى الله أهل الكتاب فعلينا أيضًا أن نحذر.
والغلو هو الزيادة في القول أو العمل، يقال: "غلا القدر" إذا ارتفع الماء بسبب النار، فالغالي هو الذي يزيد في القول أو في العمل بغير ما شرعه الله، فهذا الغالي، والذي يعبد الأصنام أو الأولياء أو الصالحين قد غلا، أعطاهم غير حقِّهم، زاد لهم، والواجب محبَّتهم في الله، محبة الصالحين، محبة الأنبياء والتأسي بهم في الخير، لكن إذا دعاهم وعبدهم فقد زاد، فقد غلا، ما اقتصر على الجائز؛ لأن الجائز والمطلوب أن يحبَّهم في الله، وأن يتأسَّى بهم في أعمالهم الطيبة، هذا المطلوب؛ يتأسى بالرسل والأخيار، يعمل بأعمالهم الطيبة، أما أن يدعوهم من دون الله، أو يعتقد فيهم أنهم يعلمون الغيب، أو أنهم يشفون المرضى، هذا هو الشرك الذي وقعت فيه الأمم المشركة.
في الصحيح –"صحيح البخاري"- عن ابن عباسٍ. وهو عبدالله بن العباس بن عبد المطلب، إذا أُطلق فهو عبدالله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام: أنه قال في تفسير قوله تعالى:*وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا*[نوح:23] قال: هذه أسماء رجال صالحين في قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطانُ إلى قومهم -زيَّن لهم الشيطان- قال لهم: هؤلاء رجال صالحون طيبون، صلوا صلاتهم، وانصبوا صورهم، وتأسوا بهم. يعني: اقتدوا بهم، حتى يصيد بهم مَن بعدهم، أو يصيدهم في الآخر.
هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، رجال طيبين، صوَّروا صورهم وحطوها في مجالسهم؛ حتى يتذكروا أعمالهم، أتاهم من هذه الحيلة، قال: إذا نصبتم صورهم وجعلتُموها في مجالسكم كأنهم حاضرين؛ حتى تتأسوا بهم، ومقصود الخبيث أن يصيدهم في آخر الزمان، أو مَن بعدهم فيعبدونهم من دون الله، ففعلوا، أطاعوه، زيَّن لهم وأطاعوه، فلما طال الأمدُ ونُسخ العلم –يعني: ذهب العلم، وانقرض العلم الذي علمه الأخيار- دسَّ عليهم الشيطانُ أن هؤلاء يُعبدون ويُدعون ويُستغاث بهم ويُنذر لهم، ففعلوا.
وقال غير واحدٍ من السلف كما قال ابنُ القيم: لما هلكوا، لما طال عليهم الأمدُ جاء مَن بعدهم وعبدوهم من دون الله، عكفوا على قبورهم، ثم صوَّروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم.
هكذا عمل الشيطان؛ يُزين للناس الباطل بالحيل الكثيرة: في الشرك والزنا واللوط وشرب الخمر وغير هذا، يسعى في كل شيءٍ من الباطل، يُزين الشرك والمعاصي جميعًا، يقول سبحانه:*إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ*[فاطر:6]، هذا قصد الخبيث، وقال سبحانه:*وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ*[سبأ:20]، هو ظنَّ أنهم يتبعونه فاتَّبعوه.
وبهذا نعلم أنَّ ما يفعله الناسُ الآن في مصر والشام والعراق وغير ذلك من نصب الصور والعكوف على القبور أنَّ هذا من دين قوم نوح الذين هلكوا بسببه، هذا الشرك، ما يُفعل عند قبر البدوي أو الحسين في مصر، أو ابن عربي في الشام، أو عند قبر الشيخ عبدالقادر الجيلاني في العراق، أو غيرهم، هذا هو الذي فعله قوم نوح، الشيطان صاد هؤلاء كما صاد أولئك.
وهكذا ما كان يُفعل في هذه البلاد في مكة والمدينة في الجزيرة العربية قبل دعوة الشيخ في القرون المتأخرة من العكوف على قبر خديجة، والعكوف على قبور البقيع، وعلى القبور هنا، وغير ذلك، وفي الرياض، وفي الدرعية، وفي أماكن كثيرة؛ كلها من عمل الشيطان، حتى أزال الله ذلك بدعوته المباركة؛ دعوة الشيخ محمد والعلماء الذين ساعدوه وأوضحوا للناس الحقَّ ودعوهم إلى توحيد الله، وحذَّروهم من الشرك، فأزال الله ذلك بسبب الدَّعوة المباركة، وبسبب ولاة الأمور الصالحين الذين نفذوا الدَّعوة من آل سعود الذين ملكوا الجزيرة، ثم ملكوا الحجاز ونفذوا هذه الدَّعوة المباركة، وهدموا القباب التي على القبور، وأزالوا أسباب الشرك، فجزاهم الله خيرًا، ورحمهم الله رحمةً واسعةً.
وعن عمر*: أن النبي ﷺ قال:*لا تُطروني كما أطرت النَّصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبدالله ورسوله، هكذا يقول النبيُّ ﷺ للصحابة:*لا تطروني*يعني: لا تغلو في مدحي، الإطراء: الزيادة في المدح، الإطراء: الزيادة، لما قال له رجل: أنت سيدنا وابن سيدنا، وخيرنا وابن خيرنا، فقال:*يا أيها الناس، قولوا بقولكم -أو ببعض قولكم- ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبدالله ورسوله، فإذا قالوا: إن محمدًا يشفي الضرَّ، أو يُدعا من دون الله، أو يُستغاث به، أو يعلم الغيب؛ فهذا الغلو، هذا الشرك الأكبر، ولكن محمد عبد من عباد الله كالرسل قبله، أكرمه الله بالنبوة والرسالة، فهو عبد لا يُعبد، ورسول لا يكذب، بل يجب أن يُطاع ويُتبع، فلا يُدعا من دون الله، ولا يُستغاث به، ولا يُنذر له، ولا يقال: إنه يعلم الغيب، كل هذا باطل.
أما في حياته فلا بأس أن يُستعان به فيما يقدر عليه، يُستعان به في مساعدة الفقراء، يُستعان به في الجهاد، في إقامة الحدود، وهو حي، كما يُستعان بالأمراء وغيرهم في تنفيذ أوامر الله، أما بعد الموت لا، بعد الموت انقطع العمل، لكن يُصلَّى عليه، والواجب اتباع شريعته، أما أنه يُدعا من دون الله، أو يُستغاث به، أو ينذر له، هذا الغلو الذي نهى عنه عليه الصلاة والسلام، هذا هو الإطراء، ولكن يُصلَّى عليه، ويُدعا له أن الله يجزيه عنا أفضل الجزاء كما دعانا إلى الخير، فجزاه الله أفضل ما جزى نبيًّا عن أمته، وصلى الله وسلم عليه وعلى آله صلاةً وسلامًا دائمين إلى يوم الدين.
ولكن لا يُعبد من دون الله؛ لا يُدعا، لا يُستغاث به، لا يُنذر له، لا هو ولا غيره من الأنبياء، ولا الصديق، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، وما تفعله الرافضةُ مع عليٍّ وأهل البيت من دعائهم هذا هو الشرك، ما تفعله الرافضة مع عليٍّ ومع الحسين والحسن وغيرهم هذا الشرك؛ دعاؤهم إياهم، واستغاثتهم بهم هذا هو الشرك الأكبر.
وهكذا ما يفعله غيرُهم مع أصحاب القبور في مصر والشام والعراق وغير ذلك: من دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم، هذا هو الشرك الأكبر، هذا عمل قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وغيرهم، نسأل الله العافية.
ولهذا قال:*إنما أنا عبد، فقولوا: عبدالله ورسوله*يعني: أنا عبد من عباد الله، كما قال تعالى:*سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ*[الإسراء:1]،*الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ*[الكهف:1]،*وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا*[البقرة:23]، عبد من عباد الله خلقه الله كما خلق غيره، لا يُعبد، ولكن يُطاع ويتبع عليه الصلاة والسلام.
وقال ﷺ:*إياكم والغلو في الدين؛ فإنما أهلك مَن كان قبلكم الغلو في الدين، الغلو: الزيادة في القول أو العمل، هذا هو الغلو، حذَّر أمته من الغلو قال:*إياكم والغلو في الدين؛ فإنما أهلك مَن كان قبلكم الغلو في الدين، فالبناء على القبور غلو، وعبادتها من دون الله غلو، والاستغاثة بهم غلو، والنذر لهم غلو، لكن بعضه شرك، وبعضه بدعة، فالبناء على القبور بدعة، وسيلة للشرك، ودعاؤهم والاستغاثة بهم والنذر لهم من الشرك الأكبر.
وقال في حديث ابن مسعودٍ*: يقول ﷺ:*هلك المتنطِّعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون*يقولها ثلاثًا، المتنطعون: المتشددون، الغالون، المتنطع: الذي يزيد في الكلام ويُشدد ويغلو، يقال: مُتنطع، والذين يغلون في القبور ويدعونهم من دون الله قد تنطعوا؛ ولهذا سمَّاهم: هالكون، قال:*هلك المتنطعون، وهم الغالون الذين يغلون في القبور -قبور الصالحين- أو في الأشجار والأحجار، أو في النجوم، ويدعونها من دون الله، قد هلكوا بالشرك، وقالها ثلاثًا يُحذر من ذلك عليه الصلاة والسلام.
فالواجب الاقتصاد وعدم الغلو، وذلك باتباع الأنبياء، واتباع طريقهم، واتباع خاتمهم محمد ﷺ، والسير على منهاجه، والإيمان بأن الله هو المعبود الحق، هو الذي يعلم الغيبَ، هو مدبر الأمور، ومصرف الأمور، وهو الذي بيده كل شيء سبحانه، له الخلق والأمر، كما قال جلَّ وعلا:*أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ*[الأعراف:54]، فالواجب عبادته وحده، وطاعة أوامره، وترك نواهيه، ومحبة رسله، ومحبة أوليائه، والسير على منهاجهم الطيب، والتأسي بهم في الخير، لكن لا يُدعون مع الله، لا يُستغاث بهم، لا يُنذر لهم، لا يُذبح لهم، لا يُطاف بقبورهم، هذا عمل المشركين، ولكن يُحبون في الله، ويتبع طريقهم، ويعمل بأعمالهم الطيبة، ويدعو إلى ذلك، هذا هو الطريق، هذا هو السبيل:*قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ*[يوسف:108]، تدعو إلى الله لا إلى غيره، تدعو إلى عبادة الله وحده على طريقة رسولك وإمامك محمد عليه الصلاة والسلام.
2019-08-18, 21:56
#3
محمد 1993
:: عضو مبدع ::
تاريخ التسجيل : Oct 2017
الدولة : الجزائر - ع تموشنت
العمر : 25 - 30
الجنس : ذكر
المشاركات : 586
تقييم المستوى : 7
محمد 1993 غير متواجد حالياً
افتراضي رد: باب ما جاء أنَّ سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصَّالحين
فيه مسائل:
الأولى:*أن من فهم هذا الباب وبابين بعده تبين له غربة الإسلام، ورأى من قدرة الله وتقليبه للقلوب العجب.
الثانية:*معرفة أول شرك حدث في الأرض: أنه بشبهة الصالحين.
الثالثة:*أول شيء غير به دين الأنبياء، وما سبب ذلك؟ مع معرفة أن الله أرسلهم.
الرابعة:*قبول البدع، مع كون الشرائع والفطر تردها.
الخامسة:*أن سبب ذلك كله مزج الحق بالباطل،*فالأول:*محبة الصالحين.*والثاني:*فعل أناس من أهل العلم شيئا أرادوا به خيرا، فظن من بعدهم أنهم أرادوا به غيره.
السادسة:*تفسير الآية التي في سورة نوح.
السابعة:*جبلة الآدمي في كون الحق ينقص في قلبه، والباطل يزيد.
الثامنة:*فيه شاهد لما نقل عن السلف أن البدع سبب الكفر.
التاسعة:*معرفة الشيطان بما تؤول إليه البدعة، ولو حسن قصد الفاعل.
العاشرة:*معرفة القاعدة الكلية، وهي النهي عن الغلو، ومعرفة ما يؤول إليه.
2019-08-18, 21:59
#4
محمد 1993
:: عضو مبدع ::
تاريخ التسجيل : Oct 2017
الدولة : الجزائر - ع تموشنت
العمر : 25 - 30
الجنس : ذكر
المشاركات : 586
تقييم المستوى : 7
محمد 1993 غير متواجد حالياً
افتراضي رد: باب ما جاء أنَّ سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصَّالحين
الحادية عشرة:*مضرة العكوف على القبر لأجل عمل صالح.
الثانية عشرة:*معرفة النهي عن التماثيل، والحكمة في إزالتها.
الثالثة عشرة:*معرفة شأن هذه القصة، وشدة الحاجة إليها مع الغفلة عنها.
الرابعة عشرة:*وهي أعجب وأعجب: قراءتهم إياها في كتب التفسير والحديث، ومعرفتهم بمعنى الكلام، وكون الله حال بينهم وبين قلوبهم، حتى اعتقدوا أن فعل قوم نوح أفضل العبادات، فاعتقدوا أن ما نهى الله* ورسوله عنه فهو الكفر المبيح للدم والمال.
الخامسة عشرة:*التصريح بأنهم لم يريدوا إلا الشفاعة.
السادسة عشرة:*ظنهم أن العلماء الذين صوروا الصور أرادوا ذلك.
السابعة عشرة:*البيان العظيم في قوله:*"لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم"*1. فصلوات الله وسلامه على من بلغ البلاغ المبين.
الثامنة عشرة:*نصيحته إيانا بهلاك المتنطعين.
التاسعة عشرة:*التصريح بأنها لم تعبد حتى نُسي العلم، ففيها بيان معرفة قدر وجوده، ومضرة فقده.
العشرون:*أن سبب فقد العلم موت العلماء.
2019-08-18, 22:00
#5
الصورة الرمزية عُمـق | Depth
عُمـق | Depth
:: مراقبة ::
منتديات طاسيلي العامة
تاريخ التسجيل : Sep 2017
الدولة : الجزائر - الجزائر
العمر : 10 - 15
الجنس : انثى
المشاركات : 7,437
تقييم المستوى : 21
عُمـق | Depth غير متواجد حالياً
افتراضي رد: باب ما جاء أنَّ سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصَّالحين
بارك الله فيك اخي

حبذا لو اضفت تنسيقا لموضوعك
*-*
I lost something and I understood a lot of things
2019-08-18, 23:22
#6
محمد 1993
:: عضو مبدع ::
تاريخ التسجيل : Oct 2017
الدولة : الجزائر - ع تموشنت
العمر : 25 - 30
الجنس : ذكر
المشاركات : 586
تقييم المستوى : 7
محمد 1993 غير متواجد حالياً
افتراضي رد: باب ما جاء أنَّ سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصَّالحين
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محبة القرآن
بارك الله فيك اخي

حبذا لو اضفت تنسيقا لموضوعك
*-*
وفيك باراك الله

كيف يكون هذا التنسيق ؟.؟؟؟؟؟؟؟؟
2019-08-19, 23:34
#7
الصورة الرمزية عُمـق | Depth
عُمـق | Depth
:: مراقبة ::
منتديات طاسيلي العامة
تاريخ التسجيل : Sep 2017
الدولة : الجزائر - الجزائر
العمر : 10 - 15
الجنس : انثى
المشاركات : 7,437
تقييم المستوى : 21
عُمـق | Depth غير متواجد حالياً
افتراضي رد: باب ما جاء أنَّ سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصَّالحين
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عدنان
وفيك باراك الله

كيف يكون هذا التنسيق ؟.؟؟؟؟؟؟؟؟
اليك اخي
http://www.tassilialgerie.com/vb/sho...310#post809310
بالتوفيق ان شاء الله
وفي المتابعة دوما
I lost something and I understood a lot of things
2019-08-20, 10:25
#8
الصورة الرمزية رحيق الصمت
رحيق الصمت
:: عضوة شرفية ::
تاريخ التسجيل : Oct 2016
الدولة : الجزائر - مستغانم
العمر : (غير محدد)
الجنس : انثى
المشاركات : 4,569
تقييم المستوى : 17
رحيق الصمت غير متواجد حالياً
افتراضي رد: باب ما جاء أنَّ سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصَّالحين
بارك الله فيك
في المتابعة
2019-08-20, 22:31
#9
محمد 1993
:: عضو مبدع ::
تاريخ التسجيل : Oct 2017
الدولة : الجزائر - ع تموشنت
العمر : 25 - 30
الجنس : ذكر
المشاركات : 586
تقييم المستوى : 7
محمد 1993 غير متواجد حالياً
افتراضي رد: باب ما جاء أنَّ سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصَّالحين
نسأل الله أن يرزقنا علما نافعا

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
السماء بمعنى السمو و العلو و الإرتفاع ماجد تيم طاسيلي الإسلامي 5 2018-08-31 19:40
التبيان في أنَّ الإيمان بالسنَّة إيمانٌ بالقرآن محمد 1993 طاسيلي الإسلامي 4 2018-03-27 11:33
ثلاثة أحاديث في الصِّيام يفهمها النَّاس على غير معناها الصَّحيح . Hafsa Zoldycke طاسيلي الإسلامي 3 2016-08-10 21:31

الساعة معتمدة بتوقيت الجزائر . الساعة الآن : 06:26
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي شبكة طاسيلي ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)