الملاحظات
2016-08-05, 14:23
#1
قيصر الطاسيلي
:: عضو محظور ::
تاريخ التسجيل : Jan 2016
العمر : 10 - 15
الجنس : ذكر
المشاركات : 2,089
تقييم المستوى : 0
قيصر الطاسيلي غير متواجد حالياً
افتراضي جمعـيات تدعو لـ "أسبوع الغضب"

لم يعد سكان بجاية وعشاق “الأم المقدسة” يملكون حظيرة تحمل اسم “الحظيرة الوطنية قورايا”، فساعات قليلة في تلك الليلة المشئومة كانت كافية لتقلب جميع الصفحات المشرقة في هذه البقعة التاريخية، وتجعل الأخضر الذي يحمل معنى الحياة ينسحب ليدع المجال للون الرمادي العبوس، السلاسل البشرية تكاد لا تنقطع طيلة المسافة التي تبدأ من الباب الأكبر إلى الضريح الأصغر، نساء وفتيات وشبان وسيّاح يعدون تلك المسافة مشيا على الأقدام رغبة في الوقوف على حقيقة الكارثة واكتشاف الحلة الجديدة التي اكتستها “يما قورايا”، هم يمشون وأبصارهم مشدودة إلى المساحات الغابية المحروقة.. علامات الأسف والحسرة والأسى بادية على وجوه الجميع، والحزن جعل البعض يذرف الدموع.
“قورايا”.. الحظيرة المفقودة
أنصار البيئة وحماة الطبيعة يكادون لا ينقطعون عن فرض تواجدهم بوسط الغابة لمباشرة الحملات التحسيسية، أملا ألا تتكرر المأساة التي لم تحل مثلها منذ عشرات السنين.
كريم خيمة رئيس جمعية “أرض” كان حاضرا بقوة رفقة زملائه، وهم إلى جانب التحسيس والتوعية يقومون بعمليات التنظيف من خلال إزالة أعمدة الأشجار المحترقة وإبعاد هياكل بعض الحيوانات المتعفنة التي تنبعث منها روائح كريهة.



وقال لنا بالحرف الواحد “إن الذين ارتكبوا المجزرة البيئية سيدفعون الثمن الكبير أمام الله، والطبيعة”، ولم يذهب بعيدا ليوجه اتهامات صريحة لمافيا العقار التي اعتادت منذ سنوات على حرق الغابات المحاذية للأحياء والمجمعات السكنية، من أجل بيع قطع الأراضي لمواطنين آخرين بأثمان خيالية ودون وثائق قانونية. واستشهد رئيس الجمعية بما وقع قبل سنة في حس الفجة وبئر السلام أمام مرأى ومسمع الجميع، دون أن يحرك أي طرف ساكنا لحماية المساحات الغابية من تكالب السماسرة وأصحاب الوكالات العقارية المسمومة. وحسب المتحدث فإن المنتسبين للجمعية قرروا إلغاء عطلتهم الصيفية والتجند لإعادة الحياة من جديد لغابة “يما قورايا”.
جمعية “أسيرم قورايا” من جهتها جندت كل منخرطيها لتصحيح وجه “قورايا” بعد الكارثة التي حلت بها، بالتعاون مع محافظة الغابات التي وضعت إمكانات بسيطة تحت تصرف الشباب الذي يعمل ويسقي الأرض بعرقه، حسب رئيس الجمعية أعمر رابحي، أملا أن تستعيد “قورايا” صفحاتها المشرقة وتعيد البسمة والبشاشة إلى وجوه كل من أحبها وعانقها. ويضيف أعمر رابحي “من واجب كل غيور على الطبيعة والبيئة وكل الأشياء الجميلة أن يضحي براحته وعطلته لإعادة الأمل إلى قلب الأم المقدسة ياما قورايا”.

وقد تدفق المتطوعون لتنظيف حظيرة “قورايا” من مناطق بعيدة، خاصة الأفواج الكشفية التي تحركت من قلب مدينة بجاية، على غرار فرقة شريف تيكاميرا التي جندت صفوفها لأداء الواجب البيئي، وقد نجحت في ذلك من خلال فتح الكثير من المسالك واستغلال الفرصة لزرع ثقافة البيئة والنظافة والمحيط في نفوس الأطفال، وإقناعهم بضرورة العمل لحماية صدر “قورايا” مستقبلا من أي لهب. من جهتهم نزل أفراد كشافة صالحي حسين من القصر بالعدة والعتاد للمساهمة في تنظيف المحيط وإعادة الوضع إلى سابق عهده. كانوا بالعشرات وكأنهم ينافسون النمل في قدسية العمل، حتى يصوّرون البسمة المألوفة من “قورايا” وزوّارها.
الحماية المدنية.. الجندي الأعزل في مواجهة اللهب الأكبر
تأكد مرة أخرى أن الحماية المدنية كأنها صغيرة جدا بالمقارنة مع حجم المهام الموكلة لها، وهي أشبه بالجيش الذي يرسل أفراده
المدججين بالسلاح البسيط إلى معركة يتخاصم فيها المتحاربون بالسلاح النووي، وهذا لا يقلل من شأن أفراد الإطفاء الذين تحمّلوا ما لا طاقة لهم، لكن “العين بصيرة واليد قصيرة”، فهم يشاهدون النار تلتهم هكتارات من الغابات دون أن يتمكنوا من فعل الكثير، بسبب محدودية الوسائل الموضوعة تحت تصرفهم.
بعض سكان حي دار الناصر عبروا عن اشمئزازهم من رؤية مديرية الحماية المدنية تحضر بشاحنة واحدة مع بداية الحريق أسفل جبل “قورايا”، يقولون إنه كان من الممكن إخماد أول اللهب وهو في بدايته، إذ لم تجد شاحنة الإطفاء الطريق للوصول إلى نقطة الحريق بسبب تشابك البناءات الفوضوية وغير القانونية، وظل رجال الإطفاء يشاهدون لساعات ألسنة النيران تلتهم دون رحمة هكتارات بأكملها دون أن يتمكنوا من فعل شيء.
وحسب شهود عيان، فإن بعض أفراد الحماية المدنية غامروا بحياتهم للوصول إلى الحريق باتباع مسالك ضيقة، لكن الرياح الهوجاء كانت أقوى منهم، وعلق أحد رجال الحماية المدنية قائلا “كنا نطارد ألسنة اللهب وكأنها في سباق سريع للفرار حتى لا نلتحق بها، حيث قطعت أزيد من 100 متر في بضعة دقائق”.
مواطنو حي دار الناصر صبوا جام غضبهم على مسئولي الحماية المدنية الذين لم يجهزوا أنفسهم بالعدة والعتاد لمواجهة مثل هذه التحديات، وقد ظهر أن المتطوعين أكثر تجهيزا منهم، على حد تعبير المواطنين الذين قضى الكثير منهم ليلة بيضاء ممزوجة بالأحمر، إما لمواجهة الحرائق وحماية المساكن وتقديم الدعم لرجال الحماية المدنية المحرومين من الإمكانات تمكنهم من السيطرة على ألسنة اللهب.
الحركة الجمعوية بكل تشكيلاتها أجمعت على ضرورة تنظيم يوم تضامني مع رجال الحماية المدنية اعترافا بالتضحيات والمجهودات التي بذلوها من أجل إخماد النيران بأيدهم. أحد رجال الإطفاء قال إن زملاءه واجهوا الجحيم بعينه وهم عزل، وقال إن المصلحة لا تتوفر على الوسائل التي تمكنها من مواجهة مثل هذه الحالات، رغم أنه في سنوات ماضية خلفت خسائر بشرية معتبرة، والبعض من الضحايا لم يتم تعويضهم منذ سنة 1994 إلى اليوم، وأن السكنات التي أنجزت لتؤويهم لا تزال جدرانا عارية خاوية مهملة وسط قمم جبلية معزولة.
9 صهاريج لحماية 128 ألف هكتار
شهد الكثير من المواطنين أن أول رجال الإطفاء نزلوا بحي دار الناصر لإخماد الحريق الذي بدأ يتصاعد تجاه ضريح “يما قورايا” هم أفراد محافظة الغابات، وعلى رأسهم المدير الولائي علي محمودي الذي سارع إلى التعامل مع الحريق بجدية لمحاصرة النيران ثم التحكم فيها، إلا أن عامل السرعة صنع الفارق بين الرجال وألسنة اللهب.
كما وقف الجميع هنا على الحقيقة المرة بأن الوسيلة الوحيدة والتقليدية التي تستعين بها الحماية المدنية لإخماد الغابات هي “المواجهة” الأرضية التي يمكن اختصار أسلحتها في التوعية والتشريع والحماية القائمة على أساس المراقبة وفتح المسالك الغابية، وتطهير موانع النار، وتنصيب خزانات الماء، ولكن في الميدان، يجد رجال الإطفاء صعوبة كبيرة جدا في الوصول إلى بؤر الحريق، بسبب غلق جميع محيطات الغابات بداعي حمايتها، وهو نفس الانشغال الذي يحمله رجال الغابات والبلديات والولايات والحظائر وغيرها من الهيئات ذات الصلة بالقطاع.
أغلب المتدخلين في قطاع الحرائق يجمعون على أن بجاية في الوقت الراهن بعيدة عن المقاييس الوطنية فيما يخص المؤسسات المكلفة بحماية الغابات ومحاربة الحرائق، وهو ما أشار إليه محافظ الغابات لولاية بجاية الذي لخص إمكانات بجاية في 799 هكتار من الخنادق المضادة للحرائق، بينما المعدل الوطني هو 1000 هكتار، و40 خزانا لجلب الماء بسعة 50 مترا مكعبا، و873 كلم من المسالك الغابية، وهي قليلة جدا حسب ذات المسؤول.
كما أن البرامج الموجهة لدعم استراتيجية مواجهة الحرائق في إطار سياسة الوقاية ومراقبة حرائق الغابات لم تعد كافية لتغطية كامل إقليم الولاية، وهو الفشل الذي يتأكد من خلال إجبار 200 رجل إطفاء على مواجهة 36 حريقا في ليلة واحدة، وبوسائل جد تقليدية. وحسب المدير علي محمودي، فإنه وإن كان الفارق شاسعا في المعدلات الوطنية بالنسبة لبجاية، فإن مصالحه بذلت الجهد الكبير وفعلت كل ما بوسعها لتجنب الكارثة.
وحسب مسئول آخر في قطاع الغابات، فإنه خلال الموسم الجاري لم تقم المصالح المعنية بإجراء تطهير وتنظيف للخنادق الغابية بسبب تأخر وصول الاعتمادات المالية المخصصة لذلك، وما يقومون به حاليا هو نتاج تراكم الصرف لسنوات 2012 و2013 التي هي في طور الإنجاز.
نفس المسئول أوضح أن هذه البرامج تتداخل فيها مصالح أخرى مثل مديرية الأشغال العمومية والبلديات التي تتكفل بتمويل ما يقارب 306 كلم من المسالك العابرة للمساحات الغابية، وخلق 5.5 هكتار من الأحزمة المحيطة بالحقول التي تنجزها مديرية المصالح الفلاحية، وصيانة المساحات الغابية التي تغطيها الخيوط الكهربائية ذات الضغط العالي من طرف سونلغاز، إلى جانب تنظيف حواف السكة الحديدية.
مدير المحافظة الولائية للغابات كشف عن جملة من البرامج التي هي في طور الإنجاز، والكفيلة بتخفيف هاجس الحرائق، من ذلك إنجاز العشرات من الكيلومترات من المسالك، وتهيئة 12 كلم أخرى، إلى جانب العمل لتهيئة 440 هكتار، وتهيئة حوالي 100 هكتار من الخنادق الغابية، وحوالي 100 كلم من المسالك، وفتح مسالك جديدة بمسافة 34 كلم، وإنجاز خزانات ماء عند كل نقطة سوداء.
ويضيف المسئول ذاته أنه لضمان حماية جدية للغابات لا بد من تحيين مخطط التهيئة الذي لم يعد صالحا لمثل هذه الظروف، واستدل بمخطط غابة أكفادو الذي يعود إلى سنة 1980، رغم أن المعطيات الحالية حول المحيط الغابي ليست هي نفسها قبل 35 سنة.
بجاية تريد طائرة إطفاء
إن الفشل الذي مُنيت به مصالح الإطفاء التابعة لمختلف الجهات المعنية ووقوفها عاجزة أمام حريق بدأ صغيرا وأتى على أزيد من 120 هكتار من أجمل غابات الجزائر، وتغيير وجه الحظيرة الوطنية “قورايا”، كلها عوامل جعلت الحركة الجمعوية في بجاية تبادر وتقترح تنظيم حملة لجمع التبرعات قصد شراء طائرة إطفاء، وما زاد من حماس أصحاب المبادرة ظهور أشخاص عبر وسائط التواصل الاجتماعي يقترحون أسعارا مختلفة، وأفضلها حسب العارفين هو العرض الذي قدمته شركة فرنسية لبيع طائرة مصنوعة بتاريخ 1987 وبسعر 3 ملايين أورو.
أصحاب المبادرة يرون أن الصفقة ممكنة جدا في حال عدم اعتراض الحكومة عليها، رغم تأكيد أصحاب المبادرة على إمكانية وضع الطائرة تحت تصرف محافظة الغابات لولاية بجاية.
ويبقى اللغز القائم في تصريحات المسئولين المعنيين الذين أكدوا قبل سنة أن الحماية المدنية بصدد اقتناء 10 طائرات، وبرروا عدم تشغيلها بدخول الطيارين في تربص، وبعد سنة انقلبوا على تصريحاتهم حين قالوا إن الطائرات المعنية غالية الثمن وعديمة الجدوى والفعالية، وصيانتها مكلفة جدا، ليبقى السؤال المحير: أين هي الطائرات التي تم اقتناؤها؟
ناشطون في الحركة الجمعوية البيئية الذين لا يزالون يكافحون من أجل تصحيح الوجه العبوس لغابة “قورايا”، يؤكدون أن الحلم سيتحول إلى حقيقة، وأن الحكومة مخيرة بين تزويد مصالح بجاية بطائرة أو تمكين المواطنين والغيورين على البيئة من اقتنائها عن طريق جمع تبرعات يشارك فيها إلى جانب المواطنين والبيئيين، المستثمرون وكبار رجال الأعمال.
المخابر الطبيعية بخير
من جهته أكد مدير الحظيرة الوطنية “قورايا” أن الخسائر كبيرة، لكن المناطق الحساسة ولحسن الحظ لم تبلغها ألسنة اللهب، وإلا لوقعت الكارثة عظمى. وعبر عن اطمئنانه لسلامة المناطق المدمجة التي تضم النباتات والحيوانات النادرة. وأوضح أن المناطق الحاضنة للنباتات المهمة والنادرة التي تشبه مخابر مفتوحة على الهواء الطلق، والتي وضعت تحت تصرف العلماء والخبراء بهدف تحقيق الملاحظة العلمية، ظلت سالمة، وهي النباتات التي لا تنمو إلا في هذا المكان، وحمد الله أكثر من مرة على أن الرياح الهوجاء التي هبت خلال تلك الليلة المشئومة توجهت نحو الشرق وليس ناحية الغرب. وحسب محافظ حظيرة “قورايا” فإنه من مجموع 167 هكتار المتلفة تم تسجيل اختفاء 80 خلية نحل و50 هكتارا من الأشجار المثمرة.
مبادرة غرس مليون شجرة
بالموازاة مع الدعوة إلى شراء طائرة إطفاء، تتجند الحركة الجمعوية لتجسيد مشروع آخر لا يقل أهمية، وهو الوصول إلى غرس مليون شجرة في غابة “قورايا” من أجل تعويض الخسائر الفادحة التي ألحقت بالحظيرة. وبالنسبة لمدير الحظيرة فالمقترح إيجابي جدا ويتطلب إقحام جهات أخرى لرفع التحدي. ويرى محافظ الغابات الأمر ممكنا جدا، بل سيجند جميع إمكانات المحافظة المادية والبشرية للمشاركة في هذا الإنجاز الذي سيكون عظيما. أما الجمعيات البيئية فهي على أتم الاستعداد للقيام بأي عمل يعيد للحظيرة اخضرارها ورونقها.
2016-08-05, 14:25
#2
الصورة الرمزية مارد المتوسط
مارد المتوسط
:: عضو مجلس الإدارة ::
تاريخ التسجيل : Aug 2015
الدولة : الجزائر - سكيكدة
العمر : (غير محدد)
الجنس : ذكر
المشاركات : 6,040
تقييم المستوى : 10
مارد المتوسط غير متواجد حالياً
افتراضي
بخصوص الطائرات سمعت تصريحا لاحد المسؤولين قال فيه لن نستورد طائرات اخرى من هذا النوع لاننا نمتلك الكمية الكافية؟
مشكور على المجهود اخي
وجـــــــــــــــــودي لأجلـــــــــــــــــــك
أمنية سعد ضائعة من بريد المارد
2016-08-05, 15:27
#3
قيصر الطاسيلي
:: عضو محظور ::
تاريخ التسجيل : Jan 2016
العمر : 10 - 15
الجنس : ذكر
المشاركات : 2,089
تقييم المستوى : 0
قيصر الطاسيلي غير متواجد حالياً
افتراضي
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مارد المتوسط
بخصوص الطائرات سمعت تصريحا لاحد المسؤولين قال فيه لن نستورد طائرات اخرى من هذا النوع لاننا نمتلك الكمية الكافية؟
مشكور على المجهود اخي
شكرا لمرورك اخي

وشكرا على التصريح
2020-01-12, 10:23
#4
djaidjaaDsp
:: عضو مبدع ::
تاريخ التسجيل : Oct 2019
الدولة : الجزائر - المسيلة
العمر : 35 - 40
الجنس : انثى
المشاركات : 980
تقييم المستوى : 0
djaidjaaDsp غير متواجد حالياً
افتراضي رد: جمعـيات تدعو لـ "أسبوع الغضب"
علَيكَ مُتَوَكلين وبك نَظُن الظَن الجَميل
اللهم قدراً جميلاً ، وخَيرا يتبعهُ رِضاك
سبحان الله
كلية الحقوق

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع
الساعة معتمدة بتوقيت الجزائر . الساعة الآن : 22:08
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي شبكة طاسيلي ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)