:: عضوية شرفية ::
تاريخ التسجيل : Jul 2015
الدولة : الجزائر - الجزائر
العمر : (غير محدد)
الجنس : انثى
المشاركات : 5,162
تقييم المستوى : 18
المطلب الثاني : أركان جرائم الحرب
المطلب الثاني : أركان جرائم الحرب :
لقد سبقت الإشارة إلى أن جرائم الحرب هي الأفعال التي تقع أثناء الحرب و ذلك بالمخالفة لميثاق الحرب كما حددته قوانين الحرب و عاداتها و المعاهدات الدولية .
- و يلاحظ أن هذه الجرائم تفترض نشوب حالة و استمرارها فترة من الزمن فضلا عن ارتكاب أطرافها أفعالا غير إنسانية من أحدهما على الآخر، و ذلك بغض النظر عن انتزاع النصر أو لأي هدف آخر.
و يلاحظ أن جرائم الحرب مثل كل جريمة دولية تتكون من ركن مادي و ركن معنوي وركن دولي وهذا ما سنتناوله بالدراسة و التحليل في هذا المطلب .
* الركن المادي : يتكون الركن المادي في هذه الجريمة من عنصرين الأول تتوافر حالة الحرب و الثاني ارتكاب أحد الأفعال التي تحضرها قوانين و عادات الحرب لأن جرائم الحرب لا تقع إلا أثناء قيام الحرب أي أثناء نشوبها لأن هذه الجرائم تقع خلال زمن معين هو زمن الحرب، و لا تقع هذه الجرائم قبل نشوب الحرب أو بعد انتهائها.
1/-حالة الحرب : إن المفهوم القانوني للحرب يستلزم ضرورة صدور إعلان رسمي بها من جانب إحدى الدول المتحاربة قبل بدأ العمليات القتالية العسكرية أما المفهوم الواقعي للحرب فإنه تعتبر نزاع مسلح أو قتال متبادل بين القوات المسلحة لأكثر ينهي ما بينها من علاقات، سواء صدر بها إعلان رسمي أو لم يصدر .
و في مجال المفاضلة بين التعريفين السابقين للحرب فإن الاتجاه الراجح هو الأخذ بالمفهوم الواقعي للحرب في نشوب القتال المسلح فعلا ما يفيد إعلان الحرب ضمنا يعد قرينة على ذلك الإعلان، و أن الإعلان في ذاته ليس لهذا السبب أمرا جوهريا إذا حدث لا يكون له قيمة قانونية في نظر الفقه، و إن كان يعد عملا من أعمال المجاملة الدولية الذي ينسبه السكان إلى النتائج القانونية المترتبة على هذه الحالة.
- وهذا هو ما جرى عليه العرف الدولي، حيث اعتبر الكونغرس الأمريكي في 6/04/1917 أن الاعتداءات الصادرة عن ألمانيا ضد الولايات المتحدة كافية لقيام حالة الحرب على الرغم من عدم إعلانها، كما اعتبرت الحرب قائمة استنادا إلى ذات الأساس بين كل من البارغواي و بوليفيا عام 1933، و بين إيطاليا و الحبشة عام 1935.
و لا يشترط بعد ذلك توافر صفة معينة في الجاني لكي تقع جرائم الحرب إذ يستوي أن يكون عسكريا أو مدنيا و سواء كان في الحالة الأخيرة يشغل منصبا رئاسيا في الدولة أم لا يشغل أي منصب على الإطلاق و هذا ما نصت عليه صراحة اتفاقية فرساي لعام 1919 في المادة 228 التي تنص على أن تعترف الحكومة الألمانية لقوات الحلفاء بالحق في محاكمة من يثبت اتهامه بارتكاب أفعال منافية لقوانين و أعراف الحرب أمام محاكمها العسكرية طبقا أيضا لقوانينها الخاصة و هو أيضا ما يتجه إليه الفقه الحديث .
كما لا يشترط أن يكون للحرب حرب اعتداء، إذ تقع جرائم الحرب سواء كان اللجوء إلى الحرب غير مشروع (حرب اعتداء)، أم كان مشروعا كما لو كان اللجوء إليها استخداما لحق الدفاع الشرعي. فمن المتصور أولا أن توجد جريمة حرب اعتداء بدون جرائم حرب حين لا تقع أثنائها أفعال مخالفة لقوانين وعادات الحرب، و من المتصور ثانيا أن توجد حالة حرب مشروعة استعمالا لحق الدفاع الشرعي مثلا، و لكن ترتكب خلالها أفعال مخالفة لقوانين و عادات الحرب تتوافر بها جرائم الحرب، فلا تلازم بين جريمة حرب الاعتداء وجرائم الحرب إذا ارتكب خلالها أفعالا مخالفة لقوانين وعادات الحرب و نكون أمام تعدد أو اجتماع معنوي للجرائم في هذه الحالة إذ أن جريمة حرب الاعتداء جريمة مستمرة طالما استمر القتال المسلح و تتحقق بكل فعل اعتداء يصدر أثناء نشوب القتال فإذا كان أحد هذه الأفعال أو بعضها يخالف قوانين و عادات الحرب فان هذا الفعل أو الأفعال تتحقق به جريمة حرب اعتداء و جريمة أو جرائم حرب في نفس الوقت أي أن الفعل الواحد يصدق عليه في هذه الحالة وصفان: جريمة حرب اعتداء و جريمة حرب.
تجدر الإشارة إلى أن جرائم الحرب لا تشمل فقط تلك الحرب التي تكون بين دولتين لأن هناك نزاعات داخلية وهي ما تعرف بالنزاع المسلح غير الدولي، إذ هو قتال ينشب داخل إقليم الدولة بين قوات مسلحة نظامية وجماعات مسلحة يمكن التعرف على هويتها، أو بين جماعات مسلحة تتصارع فيما بينها ولكي يعتبر القتال نزاع مسلح غير دولي يتعين أن يبلغ مستوى كثافة معين وأن يمتد لفترة ما، أما الاضطرابات الداخلية فهي لا تمثل نزاعا مسلحا.
وينطبق نطاق ضيق من القواعد على هذه النزاعات ترد في المادة الثالثة المشتركة لاتفاقات جنيف الأربعة والبروتوكول الإضافي الثاني.
• وما ينبغي التنبيه إليه أن النزاعات المسلحة الغير دولية ينظمها البروتوكول الإضافي الثاني لسنة 1977، وبعد ذلك لا يشترط في الجاني صفة معينة لكي تقع جرائم حرب. ارتكاب أحد الأفعال المحظورة دوليا : إن لجنة المسؤوليات عرضت عليها عقب الحرب العالمية الأولى سنة 1919 تقرير يتضمن 32 فعلا يعتبر جرائم حرب، و قد سبقها في هذا الشأن اتفاقيات عديدة أهمها اتفاقية لاهاي 1899،1907 ثم تلتها اتفاقيات جنيف 1929، 1949 و كذلك أعمال لجنة الحرب و لائحة نورمبورج و محاكمات نورمبورج و غيرها إلى اتفاق روما الأساسي الذي أشار إلى أمثلة على الأفعال التي تعتبر جرائم حرب .
• و الأفعال التي وردت في اتفاقية روما السابقة لم ترد على سبيل الحصر بل وردت على سبيل المثال، لأن قوانين و عادات الحرب يحددها بحسب الأصل العرف الدولي و هو في تطور مستمر بما يتلاءم و ما يلجئ إليه المتحاربون من وسائل حربية جديدة و متطورة و كذلك مع ما يكشف عنه التقدم العلمي في مجال التسلح .
• و نظرا لتعدد هذه الأفعال فإن الفقه يجتهد في تقسيمها إلى أفعال محظورة بالنظر إلى وسيلة ارتكابها و أفعال محظورة بالنظر إلى ما تقع على المال غير الحربي. و مثال ذلك :
أ/- استعمال وسائل قتال محظورة : تنبه المجتمع الدولي منذ وقت طويل إلى ما ينجم من الأضرار مادية و نفسية و عصبية و جسمية تصيب الإنسان المقاتل و المدني لا تفرضها ضرورات الحرب، وكذلك المدنيين و أيضا الإنسانية بسبب استخدام وسائل قتال معينة فحضر على المقاتلين استخدام تلك الوسائل .
ولم يقتصر الحضر على الوسائل التقليدية فقط التي استخدمت في الماضي و يمكن أن تستخدم في الوقت الحاضر بل امتد إلى كل سلاح جديد أو مادة جديدة اكتشفت يكون لها نفس الأثر و نعطي فيما يلي أمثلة الأسلحة و المواد المحظور استخدامها دوليا أثناء المعاملات القتالية :
1/- الأسلحة البترولوجية أو الجرثومية أو البيولوجية.
2/-استخدام أنواع معينة من الألغام البحرية .
3/-وسائل الخداع و الغش غير المشروعة.
4/-الأسلحة المتفجرة و الحارقة و المسمومة.
5 /-الأسلحة الكيميائية.
ب/- الاعتداء على الإنسان الأعزل و المال غير الحربي : لعل أول محاولة لوضع قيود الحرب هي تلك التي تتعلق بتجريم الأفعال التي تقع على العسكريين ثم تلتها الأعمال التي تقع خارج مسرح الأعمال القتالية سواء كانت تلك التي تقع على غير العسكريين من المدنيين أو على الأموال التي توجد خارج المواقع العسكرية لان مثل هذه الأفعال تعد من ضرورات الحرب و بتالي يتعين على المحاربين تجنب اللجوء إليها و يعتبر ارتكابها مكونا لجرائم حرب .
و مع تطور القانون الدولي العام و اتساع نطاقه و ما يترتب عليه من اعتبار الإنسان من أشخاص ذلك القانون، و الإنسانية حاضرة و تراثا من بين اهتماماته بدأ يتسع نطاق حظر أفعال الاعتداء على الإنسان و المال التي لا تتطلبها الضرورات القتالية و كثرة المناداة بضرورة إطفاء طابع إنساني على الحرب وبضرورة تدثرها برداء الإنسانية إن جاز التعبير أو " أنسنة الحرب " كما يطلق عليها من جانب الفقه.