الملاحظات
2013-07-08, 21:05
#11
الصورة الرمزية أم عبد النور
أم عبد النور
:: عضوية شرفية ::
تاريخ التسجيل : Jul 2011
العمر : 20 - 25
الجنس : انثى
المشاركات : 4,704
تقييم المستوى : 17
أم عبد النور غير متواجد حالياً
افتراضي
وعلى القول الآخر يحتج بقوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}.. الآية، وهذا يحتمل معاني:
أحدها: أن العفو ما سهل، قال الله تعالى: {خُذِ العَفْوَ} يعني ما سهل من الأخلاق، وقال صلى الله عليه وسلم: "أول الوقت رضوان الله، وآخره عفو الله" يعني تسهيل الله على عباده.
(1/38)
________________________________________
وقال تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} يعني الولي إذا اعطى شيئاً من المال فليقبله وليتبعه بالمعروف وليؤد القاتل إليه بإحسان، فندبه الله تعالى إلى أخذ المال إذا تسهل ذلك من جهة القاتل، وأخبر أنه تخفيف منه ورحمة، كما قال عند ذكر القصاص في سورة المائدة، {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفّارَةٌ لَهُ}، فندبه إلى العفو والصدقة، وكذلك ندبه بما ذكر في هذه الآية إلى قبول الدية إذا بذلها الجاني، لأنه بدأ بذكر عفو الجاني بإعطاء الدية، ثم أمر الولي بالاتباع، وأمر الجاني بالأداء بإحسان.
وهذا خلاف الظاهر من وجهين:
أحدهما: أن العفو بعد القصاص يقتضي العفو عنه من مستحقه بإسقاطه.
والثاني: أن الضمير في "له" يجب أن ينصرف إلى من عليه القصاص، لأنه الذي تقدم ذكره في قوله: {كُتِبَ عَلَيْْكُمُ القِصَاصُ}، والولي لا ذكر له فيما تقدم حتى ينصرف الضمير إليه، إلا أنه يستظهر بظاهر قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ} وذلك يدل على أن القصاص هو المكتوب دون غيره..
التأويل الثاني: ما قاله ابن عباس قال: كان القصاص في بني إسرائيل ولم يكن فيهم الدية، فقال الله تعالى لهذه الأمة: {كُتِبَ عليكُمُ القِصَاصُ في القَتْلىَ} إلى قوله تعالى: {فمن عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شيء}..
قال ابن عباس: فالعفو أن يقبل الدية في العمد، {فَاتّباعٌ بالمعروفِ وأَدَاءٌ إليهِ بإحْسَانٍ} قال: على هذا أن يتبع بالمعروف، وعلى هذا أن يؤدي بإحسان، {ذلكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَة} فيما كان كتب على من قبلكم، {فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم}، قال: ذاك بعد قبوله الدية، فأخبر ابن عباس أن الآية نزلت ناسخة لما كان على بني إسرائيل من حظر قبول الدية، وأباحت للولي قبول الدية إذا بذلها القاتل، تخفيفاً من الله تعالى علينا، ورحمة بنا.
(1/39)
________________________________________
ولو كان الأمر على ما ادعاه مخالفنا من إيجاب التخيير لما قال: فالعفو بأن يقبل الدية، لأن القبول لا يطلق إلا فيما بذل له غيره، ولو لم يكن أراد ذلك لقال: إذا اختار الولي.
وكأن المقصود بذلك أن الذي قاله الله تعالى أنه كتب لم يعن به أنه كتب على وجه لا يمكن إسقاطه برضا من كتب له مثل ما كان على بني إسرائيل، بل يجوز إسقاطه، فإذا جاز إسقاطه رغب في إسقاطه من جهة من عليه القصاص بالمال، فهذان معنيان..
المعنى الثالث للآية ما رواه سفيان بن حسين عن ابن أشوع عن الشعبي قال: كان بين حيّين من العرب قتال، فقتل من هذا ومن هذا، فقال أحد الحيين: لا نرضى حتى يقتل بالمرأة الرجل، وبالرجل الرجلين، وارتفعوا الى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال عليه السلام: القتلى بواء - أي سواء - فاصطلحوا على الديات، ففضل لأحد الحيين على الآخر، فهو قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ القِِصَاصُ}.. إلى قوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيِهِ شَيْءٌ}..
قال سفيان بن حسين: {فمن عفي له من أخيه شيء} يعني فمن فضل له على أخيه شيء فليؤده بالمعروف، فأخبر الشعبي عن السبب في نزول الآية، وذكر سفيان أن العفو ها هنا الفضل، وهو معنى يحتمله اللفظ، قال الله تعالى: {ثُمَّ بَدّلْنَا مَكَانَ السّيِّئَةِ الحَسَنَة َ حَتّى عَفَوْا}. يعني حتى كبروا فسمنوا، وقال صلى الله عليه وسلم: "إعفوا اللحى"، فتقدير الآية: فمن فضل له على أخيه شيء من الديات التي وقع الإصطلاح عليها فليتبعه مستحقه بالمعروف، وليؤد إليه بإحسان..
المعنى الرابع: أنهم قالوا في الدم بين جماعة إذا عفا عنهم تحول أنصباء الآخرين مالا، وقوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخيهِ شَيْءٌ} يدل على وقوع العفو عن شيء من الدم لا عن جميعه، فيتحول نصيب الشركاء مالاً، فعليهم اتباع القائل بالمعروف، وعليه أداؤه إليهم بإحسان..
(1/40)
________________________________________
والإتباع بالمعروف أن لا يكون بتشدد وإيذاء، وعلى المطلوب منه الأداء بإحسان، وهو ترك المطل والتسويف، {ذَلِكَ تَخْفِيِفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةً} أي جواز العفو على مال تخفيف، ولم يكن ذلك إلا لهذه الأمة، {فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} أي قتل القاتل بعد أخذ الدية، {فَلَهُ عَذَابٌ أَليم}.
المعنى الخامس: أخذ ولي الدم المال بغير رضا القاتل، وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله، فقيل لهؤلاء: العفو لا يكون مع أخذه، ألا ترى أن النبي عليه السلام قال: "العمد قود إلا أن يعفو الأولياء" فأثبت له أحد السببين من قتل أو عفو، ولم يثبت له مالا ، فلئن قيل: إنه إذا عفا عن الدم ليأخذ المال كان عافياً وتناوله لفظ الآية، قيل له: لو كان الواجب أحد سببين لجاز أيضاً أن يكون عافياً بتركه المال، وأخذ القود، فلا ينفك الولي في اختيار أحدهما من عقد قتل أو أحذ المال، وهذا بعيد.
ويجاب عنه بأن يقال: عفا لسقوط أثر المال في حق من عليه القود بالإضافة إلى القتل، وإذا عدل عن المال إلى القتل لم يظهر لإسقاط المال وقع، فلا يقال: عفا، فإن يؤذن بتخفيف وترفيه عرفا، وإن كان العدول عن أحدهما إلى الآخر عفواً عن المعدول عنه، وإسقاطاً له.
فقيل لهم: فهذا ينفيه الظاهر من وجه آخر، وهو أنه إذا كان الولي هو العافي بتركه القود وأخذه المال، فإنه لا يقال عفا له - وإنما يقال عفا عنه - إلا بتعسف، فيقيم اللام مقام عن، أو بحمله على أنه عفا له عن الدم، فيضم حرفاً غير مذكور.
وعلى تأويل من يخالفه: العفو بمعنى التسهيل، وهو أن يسهل له القاتل إعطاء الأموال، كما يقال: سهل الله لك كذا ويسر لك، فيكون العفو بمعنى التسهيل من جهة القاتل بإعطائه المال، ولأن قوله: {مِنْ أخيه شيء} يقتضي التبعيض.
(1/41)
________________________________________
وعلى أحد قولي الشافعي هو عفو عن جميع الدم لا عن شيء منه، فمتى حمل على الجميع كان مخالفاً مقتضى الكلام، وفي الحمل على كل محمل حيد عن الظاهر من بعض الوجوه، فلا يبعد أن يكون الجميع مراداً، فإن اختيار الدية يوجب إسقاط القصاص، حتى لو أراد العدول إليه بعده لا يجوز.
وشهد لأحد القولين قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النّفْسَ بِالنّفْسِ} الآية، وقوله صلى الله عليه وسلم في قصة الربيع حين كسرت بنته جارية: "كتاب الله تعالى القصاص" أخبر أن موجب الكتاب القصاص، فإن قوله {كُتِبَ عَليكُم القِصاصُ} محكم ظاهر المعنى.
وقوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أخِيِهِ شَيء} محتمل للمعاني والمتشابه يجب رده إلى المحكم.
وقوله تعالى {عُفِيَ لَهُ مِنْ أخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بالمَعْرُوفِ} يدل على أن دية العمد على القاتل.
الأحكام الواردة في سورة ( البقرة )
{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ياأُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة:179]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…القصاص

وقال: {وَلَكُمْ في القَصَاصِ حَيَاةٌ} [179] وذلك تنبيه على الحكمة في شرع القصاص، وإبانة الغرض منه، وخص أولي الألباب مع وجود المعنى في غيرهم لأنهم المنتفعون به، كما قال: {إنّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ مَنْ يَخْشَاهَا}. وقال: {نَذِيِرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد}، فأبان أنه منذر الجميع، ولكنه خص في موضع "من يخشاها" لأنهم المنتفعون بإنذاره، وقال: {هُدَىً للمُتّقِين} مع قوله في موضع آخر {هُدَىً للنّاسِ} لأن المتقين هم الذين ينتفعون به.. وقال في قصة مريم: {قَالَتْ إنِّي أَعُوذُ بِالرّحْمَنِ مِنْكَ إنْ كُنْتَ تَقِيّاً}، لأن المتقي هو الذي يعيذ من استعاذ بالله تعالى..
(1/42)
________________________________________
وقوله: {والجُرُوحَ قِصَاصٌ} يدل على مراعاة المماثلة في الجراح، على ما قاله الشافعي رحمه الله، وأن يفعل بالقاتل مثل ما فعله، فإن لم يمت وجب قتله، فإن القتل لا بد منه قصاصاً لأخذ النفس بالنفس فجمعنا بين قوله تعالى: {والجُرُوحَ قِصَاصٌ} وبين قوله: {النّفْسُ بِالنّفْسِ} وهذا أولى من طرح أحدهما..
{ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ } [البقرة:180]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الوصايا

قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ..} الآية [180]:
فقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ} يدل على وجوب الوصية، وقوله {بالمعروف} أي بالعدل الذي لا شطط فيه ولا تقصير، كقوله تعالى: {وَعَلَىَ المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بالمعروفِ}. {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ}.
وقوله {حَقّاً عَلىَ المُتّقِينَ} يؤكد الوجوب...
ووردت أخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على وجوب الوصية، فمنها ما رواه نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
"ما حق امرىء مسلم له مال يوصي فيه، يمر عليه ليلتان إلا ووصيته عنده مكتوبة".
ثم اختلف الناس في وجوبها أولاً:
فمنهم من قال: كان ذلك ندباً.
والصحيح أن ذلك كان واجباً.
وقال ابن عباس في قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ}.. الآية. إنه منسوخ بقوله: {للرِّجَالِ نَصِيْبٌ} الآية، ورووا بطرق أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا وصية لوارث".
فإن قيل: كيف جوزتم نسخ القرآن بأخبار الآحاد؟..
فأجابوا: بأن ذلك لا يمتنع من طريق النظر في الأصول، فإن بقاء الحكم مظنون، فيجوز أن ينسخ بمثله، وشرح ذلك في الأصول.
وقد قيل: إن الإجماع انعقد على تلقي هذا الخبر بالقبول، ومثل ذلك يجوز أن ينسخ به الكتاب.
(1/43)
________________________________________
الكثيرون يسألونني عن انتمائي وأقول أن انتمائي لوطني
ووطني هو كل شبر فوق سطح الارض يرفع فيه الآذان
2013-07-08, 21:06
#12
الصورة الرمزية أم عبد النور
أم عبد النور
:: عضوية شرفية ::
تاريخ التسجيل : Jul 2011
العمر : 20 - 25
الجنس : انثى
المشاركات : 4,704
تقييم المستوى : 17
أم عبد النور غير متواجد حالياً
افتراضي
وليس في إيجاب الميراث للورثة ما ينافي جواز الوصية لهم، لإمكان أن يجتمع الحقان للورثة بالطريقين، وإنما ينسخ الشئ ما ينافيه، والله تعالى لما جعل الميراث بعد الوصية فمن الذي يمنع من أن يعطي الوارث قسطه من الوصية ، ثم يعطى الميراث بعدها؟.
وقال الشافعي في كتاب الرسالة: يحتمل أن تكون المواريث ناسخة للوصية، ويحتمل أن تكون ثابتة معها، ثم قال: فلما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق مجاهد - وهو منقطع - أنه قال: "لا وصية لوارث"، إستدللنا بما روي عنه عليه السلام في ذلك أن المواريث ناسخة للوصايا بالوالدين والأقربين مع الخبر المنقطع.
أما قول الشافعي: يحتمل أن تكون المواريث ناسخة، فوجه الإحتمال أن الوصية إنما كانت واجبة لتعطي كل ذي حق حقه، من ماله بعد موته، فكان إثبات الحق للوارث في ماله لمكان القرابة، ثم كان يميل الموصي بقلبه إلى بعض الورثة ويقصر في حق بعض الورثة، فعلم الله تعالى ذلك منهم، فأعطى كل ذي حق حقه، ولهذا قال النبي عليه السلام:
"إن الله لم يكل قسمة مواريثكم إلى ملك مقرب" الحديث.. إلى أن قال: "إلا لا وصية لوارث"، فكان الميراث قائماً مقام الوصية فلم يجز الجمع بينهما..
والذي ذكره الشافعي رحمه الله من أن ناسخه الخبر يعترض عليه من وجهين:
أحدهما: أنه منقطع وهو لا يقبل المراسيل.
الثاني أنه لو كان متصلاً كان نسخ القرآن بالسنة وعنده أن ذلك غير جائز.
ثم قال الشافعي: قوله عليه السلام: "ألا لا وصية لوارث" لا ينفي الوصية أصلاً للأقربين الذي لا يرثون ودل لفظ الكتاب عليهم ولم يرد ما يوجب نسخه.
(1/44)
________________________________________
وقال الشافعي: حكم النبي عليه السلام في ستة مملوكين أعتقهم رجل ولا مال له غيرهم، فجزّأهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجزاء، فأعتق إثنين وأرق أربعة، والذي أعتقهم رجل من العرب، والعرب إنما تملك من لا قرابة بينهم وبينه من العجم، فأجاز لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الوصية، فالوصية لو كانت تبطل لغير قرابته بطلت للعبيد المعتقين لأنهم ليسوا بقرابة للميت وبطلت الوصية للوالدين..
ويعترض على هذا بأنه يجوز أن يكون أمه أعجمية فيكونوا أقرباء من قبل أمه عجماً فيكون العتق وصية لأقربائه، ولأن فيه نسخ القرآن بالسنة.
والذي يقال في ذلك: أن قوله {والأقربين} ليس نصاً في حق غير الوارث بل يجوز أن يكون قد عنى بالأقربين الوارثين منهم، فغاية ما في ذلك تخصيص العموم لا النسخ.
فيقال: اللفظ احتمل الوارث ونسخ، ويحتمل أن يقال: إن الناسخ له مطلق قوله: {من بعد وصية}، ولم يعرف الوصية حتى ينصرف إلى المتقدم المذكور مثل قوله: {وَالّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لمْ يَأْتُوا بِأرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} إلى قوله: {فإذْ لَمْ يَأْتُوا بالشهداء} معرفاً..
واستدل محمد بن الحسن على أن مطلق الأقربين لا يتناول الوالدين بهذه الآية، ولا خفاء لما فيه من الضعف..
{ فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [البقرة:181]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الوصايا

قوله تعالى: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ} [181]:
يدل على أن الفرض يسقط عن الموصي بنفس الوصية وإن أثم التبديل لا يلحقه.
ويدل أيضاً على أن من كان عليه دين وأوصى بقضائه أنه قد سلم من تبعته في الآخرة، وإن ترك المعاصي والوارث قضاءه لا تلحقه تبعته.
الأحكام الواردة في سورة ( البقرة )
(1/45)
________________________________________
{ فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [البقرة:182]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الوصايا

قوله تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفا أَوْ إثْمَاً فأصْلَحَ بَيْنَهُمْ} [182].
يحتمل أن يكون معناه أن يعلم من الموصي جنفاً أو غيظاً على بعض الورثة، وأن ذلك ربما يحمله عن زي الميراث عن الوارث، فعلى من خاف ذلك منه أن يرده إلى العدم ويخوفه عاقبة الجور، ويدخل بين الموصى له والورثة على وجه الإصلاح لئلا يقطع عنه الميراث بوصيته، أو يرجع عن وصية كانت منه إلى غير أهلها قاصداً قطع الميراث.
وهذا وإن كان فيه أجر عظيم ولكنه قد يظن الظان امتناع جواز ذلك، ولذلك قال: {فلا إثم َعَلَيْهِ}، وقد وعد بالثواب على مثله وغيره، فقال: {لا خَيْرَ في كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ} إلى قوله: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أجْرَاً عَظِيماً}..
الضمير في قوله {بينهم} يجوز أن يكون يرجع إلى الموصى له والورثة إذا تنازعوا، ويجوز أن يرجع إلى الموصي والورثة، فأفاد بهذه الآية أن على الوصي والحاكم والوارث، وكل من وقف على جور في الوصية من جهة الخطأ والعمد ردها إلى العدل.
ودل على أن قوله: {بعد ما سمعه} خاص في الوصية العادلة دون الجائرة.
وفيها الدلالة على جواز اجتهاد الرأي، والعمل على غالب الظن، لأن الخوف من الميل يكون في غالب ظن الخائف.
وفيها رخصة في الدخول بينهم على وجه الإصلاح مع ما فيه من زيادة أو نقصان عن الحق بعد أن يكون ذلك بتراضيهم..
{ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة:183]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الصيّام
(1/46)
________________________________________
فرض الصيام في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلىَ الّذيِنَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [183].
وقوله: {كَمَا كُتِبَ عَلىَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} يحتمل ثلاثة معاني كلها منقوله عن أهل التفسير.:
قال الحسن والشعبي، وقتادة: كتب على الذين من قبلنا وهم النصارى شهر رمضان أو مقداره من عدد الأيام، وإنما حولوه وزادوا فيه.
وقال ابن عباس: كان الصوم من العتمة ولا يحل بعد النوم أن يأكل ويشرب وينكح، ثم نسخ فكان ذلك صوماً بالليل لا تشبهاً بالصائمين ولا عقوبة على أكل حرام بل كان عبادة...
وقال آخرون: معناه أنه كتب علينا صيام أيام، ولا دلالة فيه على مساواته في المقدار، بل جائز فيه الزيادة والنقصان..
وروى عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال: أحيل الصيام ثلاثة أحوال، قدم أولاً رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فجعل يصوم كل شهر ثلاثة أيام، وصيام عاشوراء، ثم إن الله تعالى فرض الصيام فقال: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ}. وذكر نحو قول ابن عباس الذي ذكرناه وقدمناه، وليس في قوله: {كَمَا كُتِبَ عَلىَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} دلالة على المراد في العدد في أو صفة الصوم أو في الوقت فكان اللفظ مجملاً..
{ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [البقرة:184]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الصيّام

وقوله تعالى: {فَمَنْ كَاَنَ مِنْكُمْ مَرِيضَاً أَوْ عَلىَ سَفَرٍ} [184] يقتضي تعليق جواز الإفطار على إسم المرض والسفر، إلا أن المريض الذي لا يضره الصوم مخصوص إجماعاً، ولا يعرف له مأخذ أقوى من الإجماع.
(1/47)
________________________________________
وأطلق السفر ولم يذكر له حداً، والمسافة القريبة لا تسمى سفراً في العرف، فلا جرم اختلف العلماء في تحديده، فحده أبو حنيفة بثلاثة أيام والشافعي بستة عشر فرسخاً، ولكل مأخذ..
قوله تعالى: {وَعَلىَ الّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [184]:
قال الشافعي. ظاهره أن الذين يطيقونه إذا لم يصوموا أطعموا، ونسخ ذلك في غير الحامل والمرضع، وهي في حقهما ظاهره، ومنه قال علي رضي الله عنه في المريض والمسافر إنه يفطر ويطعم كل يوم مسكيناً صاعاً، ثم قال: وذلك قوله: {وَعَلىَ الّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}.
وكانت عائشة تقرأ: "وعلى الذين يطوقونه فدية" وذلك في الشيخ الهرم.
والذي قاله علي - رضي الله عنه - فيه نظر، فإن قوله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضَاً أَوْ عَلىَ سَفَرٍ} يتبع دلالة قوله بعد ذلك: {وَعَلىَ الّذِينَ يُطِيقُونَهُ} على المسافر والمريض، لأن ما عطف على الشيء غيره لا محالة، وليس يظهر أيضاً حمله على الشيخ الكبير، فإنه ليس مطيقاً، بل كان مطيقاً ثم عجز، فعلى هذا قال مالك وربيعة في حق الشيخ الكبير: لا أرى عليه إطعاماً فإن فعل فحسن، ولم يروا الفدية قائمة مقام الصوم الذي هو عبادة بدنية، ولا أن تكليف الصوم لاقاه، وهم يقولون: الذي نسخ كان ترك الصوم إلى الإطعام لا قضاء الصوم مع الإطعام، وقد سمى الله تعالى ذلك فدية، والفدية ما يقوم مقام ما يفدى عنه، فالجمع بين الفدية والقضاء لا وجه له، وكان الواجب في الأصل أحد سببين من فدية أو صيام لا على وجه الجمع، فكيف يجوز الإستدلال به على إيجاب الجمع بينهما على الحامل أو المرضع..
(1/48)
________________________________________
الكثيرون يسألونني عن انتمائي وأقول أن انتمائي لوطني
ووطني هو كل شبر فوق سطح الارض يرفع فيه الآذان
2013-07-08, 21:08
#13
الصورة الرمزية أم عبد النور
أم عبد النور
:: عضوية شرفية ::
تاريخ التسجيل : Jul 2011
العمر : 20 - 25
الجنس : انثى
المشاركات : 4,704
تقييم المستوى : 17
أم عبد النور غير متواجد حالياً
افتراضي
نعم قال ابن عباس في الحامل والمرضع عليهما الفدية ولا قضاء عليهما، فله حجة في ظاهر القرآن في اقتصاره على إيجاب الفدية دون القضاء، فكانت الآية دالة في الأصل على التخيير بين الفدية والصوم، فلا يجوز أن يتناول الحامل والمرضع لأنهما غير مخيرين، لأنهما إما أن يخافا فعليهما الإفطار بلا تخيير، أو لا يخافا فعليهما الصيام بلا تخيير، ولا يجوز أن تتناول الآية فريقين: تقتضي بظاهرها إيجاب الفدية ويكون المراد في أحد الفريقين التخيير بين الإطعام والصيام، وفي الفريق الآخر إما الصيام على وجه الإيجاب بلا تخيير أو الفدية بلا تخيير، وقد تناولهما لفظ الآية من وجه واحد، فثبت بذلك أن الآية لم تتناول الحامل أو المرضع.
الأحكام الواردة في سورة ( البقرة )
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [البقرة:185]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الصيّام

قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشّهْرَ} [185] يحتمل معاني، منها:
من كان شاهداً لمعني مقيماً غير مسافر، كما يقال الشاهد والغائب، فمقتضاه أن لا يجب على المسافر، لكنه لما قال: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلىَ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ} [185] بين حكم المرضى والمسافرين في الإيجاب.
(1/49)
________________________________________
ويحتمل أن يكون قوله {شهد .. الشهر} أي علمه، وذلك يدل على أن من أفاق من الجنون بعد مضي شهر رمضان فلا قضاء عليه، خلافاً لمالك فإنه قال فيمن بلغ وهو مجنون، فمكث سنين ثم أفاق، فإنه يقضي صيام تلك السنين ولا تقضى الصلاة، ومالك يحمل قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} على شهوده بالإقامة وترك السفر دون ما ذكره غيره من شهوده بالتكليف.
ويصعب عليه الفرق بين الصغر والجنون فإنهما ينافيان التكليف وليس إسم المرض متناولاً له..
وأبو حنيفة يقول: قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} لا يمكن أن يراد به شهود جميع الشهر لأنه لا يكون شاهداً لجميع الشهر إلا بعد مضيه كله، ويستحيل أن يكون مضيه شرطاً للزوم صومه كله، لأن الماضي من الوقت يستحيل فعل الصوم فيه، فعلم أنه لم يرد شهود جميعه، فتقدير الكلام عنده: فمن شهد منكم بعض الشهر فليصم ما لم يشهده منه، وهذا بعيداً جداً..
ومالك يقول: شهد أي أدرك، كما يقال: شهد زمان النبي عليه السلام أي أدرك، والمجنون قد أدرك ذلك الزمان فلزمه الصوم لزوماً في الذمة..
قوله تعالى: {فليصمه}:
والصوم في اللغة: الإمساك المطلق، غير مختص بالإمساك عن الأكل والشرب دون غيرهما، بل كل إمساك فهو مسمى في لغة صوماً، غير أن الله تعالى أحل الأكل والشرب الجماع إلى أن يصبح، ثم أمر بإتمام الصوم إلى الليل، ففحوى الكلام تحريم أباحه الليل وهو الأشياء الثلاثة، ولا دلالة فيه على غيرها بل هو موقوف على الدليل، ولهذا ساغ الإختلاف فيه واختلف فيه علماء السلف.
وأما الحيض والإستقاء فلمنافاتهما للصوم، فلا يعلل أصلاً، فقاس قوم الجنابة على الحيض, وقاس قوم الحجامة على الإستقاء، لأنهما استخراج الفضلة من البدن..
وروى إبن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم صائماً.
(1/50)
________________________________________
قوله تعالى: {فَعدّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَر} يدل على جواز القضاء متتابعاً ومتفرقاً، فإنه ذكر الأيام منكرة، فإذا فرق فقد أتى بما اقتضاه الأمر، وفهمنا أن تتابع صوم رمضان للشهر لا لنفس الصوم، ولذلك لم يكن إفساد يوم منه مانعاً صوم الباقي، وقد قال الله تعالى: {فَعِدّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَر} فدل على جواز التأخير من غير أن يتحدد بوقت، وهو كالأمر المطلق الذي لا يتقيد بوقت، ويجوزمفرقاً ومجموعاً..
والشافعي رأى تقييد القضاء بالسنة قبل دخول رمضان آخر وقال: إذا دخل رمضان آخر فدى عن كل يوم بمد، ورواه عن ابن عباس وابن عمر.
فأما ما روي عن ابن عباس أن رجلاً جاء إليه فقال: مرضت رمضانين، فقال ابن عباس: إستمر بك المرض أو صححت فيما بينهما؟..
قال: بل صححت، قال: صم رمضانين، واطعم ستين مسكيناً..
وعن إبن عمر: أنه سئل عمن فرط في قضاء رمضان حتى أدركه رمضان آخر؟.. قال: يصوم الذي أدركه ويطعم عن الأول كل يوم مداً من تمر ولا قضاء عليه، وهذا يشبه مذهبه في الحامل والمرضع أنهما يطعمان ولا قضاء عليهما، وأقوال الصحابة على خلاف القياس قد يحتج بها..
فقيل لهم فالقضاء بعد الصوم الآخر مأخوذ من قوله تعالى: {فَعِدةٌ منْ أيّامٍ أُخَر}. واللفظ قد تناول الأوقات فلا يجوز أن يكون قد أوجب القضاء على قوم والفدية على قوم آخرين، بل يقتضي أن يكون الحكم في الكل واحداً، وغاية قول الصحابي على خلاف القياس، أن يتوهم فيه توقيف، مع احتمال كون احتجاجه بالتوقيف فاسداً وغلطاً، فظهور هذا من كتاب الله تعالى أولى بالإعتبار والإتباع.
(1/51)
________________________________________
وذكر داود الأصفهاني أن قضاء رمضان يجب على الفور، وأنه إذا لم يصم اليوم الثاني من شوال أثم لأنه لو مات عصى، وبنى عليه أنه لو وجب عليه عتق رقبة، فوجد رقبة تباع بثمن، فليس له أن يتعداها ويشتري غيرها، لأن الفرض عليه أن يعتق أول رقبة يجدها فلا يجزيه غيرها، ولو كان عنده رقبة فلا يجوز أن يشتري غيرها، ولو مات الذي عنده فلا يبطل العتق كما يبطل فيمن نذر أن يعتق رقبة بعينها فماتت يبطل نذره، وذلك يفسد قوله..
وقد قال بعض الأصوليين: إذا مات بعد مضي اليوم الثاني من شوال لا يعصى على شرط العزم.
وقال الرازي أبو بكر إنه لا يعصى إلى السنة القابلة، فإن آخر الوقت معلوم، فبنى عليه أنه لو مات في خلال السنة لا يعصى، فقدر القضاء بالسنة، وذلك خلاف قول الجماعة، وجعله كوقت الصلاة لما كان التأخير موسعاً عليه إلى آخره، لم يكن مفرطاً بتأخيره إلى أن مات قبل مضي الوقت، فكذلك قضاء رمضان.
وأجمعوا على وجوب الفدية إذا مات قبل مضي السنة لا لكونه عاصياً، كما تجب على الشيخ الكبير، وتجب الفدية أيضاً على من فاته صوم رمضان ومات في أول يوم من شوال...
قوله تعالى: {فَعدّةٌ مِن أيامٍ أُخَر}:
إستدل به قوم على أن المسافر لا صوم عليه، لأن قوله: {فَعدَةٌ مِنْ أيّامٍ أُخَر} يدل على أن الصوم المسافر في الأيام الأخر، ولم يقدروا الإضمار مثل قول أكثر العلماء: فأفطر فعدة من أيام أخر، وهذا مذهب يروى عن أبي هريرة وقال به داود إلا أنه صح أن رسول الله صام في السفر.
وعن عائشة أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أصوم في السفر؟.. فقال: "إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر"..
وروى أبو سعيد الخدري وابن عباس وأنس وجابر وأبو الدرداء وسلمة ابن المحبق صيام النبي عليه السلام في السفر، ومن خالف في هذا يدفع بظاهر قوله تعالى: {فَعِدةٌ مِنْ أيامٍ أُخَر}. من غير فصل بين المفطر وبين الصائم..
(1/52)
________________________________________
ورووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس من البر الصوم في السفر"..
ورووا عن الزهري عن أبي سلمة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصائم في السفر كالمفطر في الحضر".
وبحديث أنس عن النبي عليه السلام: "إن الله تعالى وضع عن المسافر شطر الصلاة والصوم، وعن الحامل والمرضع"..
ومن يخالف هؤلاء يقول: روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يظلل عليه والزحام عليه فقال: "ليس من البر الصيام في السفر" فجائز أن يكون كل من روى ذلك، فإنما حكى ما ذكره النبي عليه السلام في تلك الحال، وساق بعضهم ذكر السبب وحذفه بعضهم.
وذكر أبو سعيد الخدري، أنهم صاموا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح في رمضان، ثم إنه قال لهم: "إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم فافطروا"، فكانت عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو سعيد الخدري:
لقد رأيتني مع النبي عليه السلام أصوم قبل ذلك وبعده، فيجوز أن يكون الخبر ورد على سبب، وهو حال لزوم القتال مع العلم بالعجز عنه مع فعل الصوم. ولأن قوله: "وأن تصوموا خير لكم" معطوف على كل من تقدم وبينهم المسافر والمريض..
ثم إنه إذا صام أهل بلد تسعة وعشرين يوماً للرؤية، وفي البلد رجل مريض لم يصم، فإنه يقضي تسعة وعشرين يوماً.
وقال قوم منهم الحسن بن صالح: إنه يقضي شهراً بشهر من غير مراعاة عدد الأيام. وهذا بعيد، لقوله تعالى: {فَعدةٌ مِنْ أيامٍ أُخَر}، ولم يقل فشهر من أيام أخر.
وقوله: (فعدة) يقتضي استيفاء عدد ما أفطر فيه، ولا شك في أنه لو أفطر بعض رمضان، وجب قضاء ما أفطر بعدده، كذلك يجب أن يكون حكم إفطار جميعه في اعتبار العدد...
وأجمع أصحاب أبي حنيفة على أنه إذا صام أهل بلدة ثلاثين للرؤية وأهل بلدة أخرى تسعة وعشرين، أن على الذين صاموا تسعة وعشرين قضاء يوم، وأصحاب الشافعي رحمه الله لا يرون ذلك، إذا كانت المطالع في البلدتين يجوز أن تختلف.
(1/53)
________________________________________
وحجة أصحاب أبي حنيفة قوله تعالى: {ولتُكْمِلوا العِدَّةَ} وثبت برؤية أهل بلد أن العدة ثلاثون فوجب على هؤلاء إكمالها، ومخالفهم يحتج بما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: "صوموا لرؤيته..الحديث"، وذلك يوجب اعتبار عادة كل قوم في بلدهم..
الكثيرون يسألونني عن انتمائي وأقول أن انتمائي لوطني
ووطني هو كل شبر فوق سطح الارض يرفع فيه الآذان
2013-07-08, 21:09
#14
الصورة الرمزية أم عبد النور
أم عبد النور
:: عضوية شرفية ::
تاريخ التسجيل : Jul 2011
العمر : 20 - 25
الجنس : انثى
المشاركات : 4,704
تقييم المستوى : 17
أم عبد النور غير متواجد حالياً
افتراضي
وروى الشافعي بإسناده عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، فاستهل رمضان وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟.. فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصومه حتى يكمل الثلاثين أو نراه، فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟. قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقيل على هذا: قوله "هكذا أمرنا" يحتمل أن يكون تأول فيه قول النبي عليه السلام: "صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته".
{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذالِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } [البقرة:187]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الاعتكاف

قوله تعالى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وأَنْتُمْ عَاكِفُونَ في المساجد} [187].
(1/54)
________________________________________
ظاهر ذلك يقتضي تحريم المباشرة مطلقاً لشهوة وغير شهوة، والمباشرة أن تتصل بشرته ببشرتها، إلا أن عائشة كانت ترجل شعر رسول الله وهو معتكف، فكانت لا محالة تمس بدن الرسول عليه السلام بيدها، ودل ذلك على أن المباشرة بغير شهوة غير محظورة..
وزعم قوم أن الآية لا تدل على المباشرة بالشهوة أيضاً، بعد أن اتفق الناس على أن الجماع مراد به، لأن الكناية بها عن الجماع مجاز، وإذا حمل اللفظ على المجاز فلا يحمل بعينه هو على الحقيقة.
وهذا ليس بصحيح، فإن لفظ المباشرة عموم في الجماع، لا بطريق المجاز، بل من حيث أن الجماع مباشرة، إذ المباشرة هي الإفضاء ببشرته إلى بشرة صاحبه، فإذا كانت حقيقة المباشرة - لا من حيث المجاز - إلصاق البشرة بالبشرة فهي عامة في الجماع وغيرها، فدلالتها على الجماع من حيث الحقيقة لا من حيث المجاز..
قوله: {وَلاَ تُباشِروهُنَّ وأَنْتُم عَاكِفُونَ في المَساجِدِ} يقتضي أن يكون الحظر مختصاً بالمسجد، حتى لو جامع عند الخروج لا يبطل اعتكافه.
ويحتمل أن يقال: قوله: {وأَنْتُمْ عَاكِفُونَ في المَسَاجِد} معناه: لا تباشروهن حال ما يقال لكم إنكم عاكفون في المساجد، والرجل وإن خرج من المسجد لقضاء الحاجة فهو عاكف. واعتكافه باق.
وأمكن أن يقال: لا يقال له عاكف في المسجد بل يقال: لم يبطل تتابع اعتكافه، فأما أن يكون عاكفاً في المسجد لفظاً وإطلاقاً وهو خارج منه فلا.
ولما كان الرجل باعتبار قعوده في المسجد، لا يقال له عاكف، إذا كان يخرج ويرجع على ما جرت به العادة، وإنما يقال عاكف للمواظب، فيقتضي ذلك زوال إسم العاكف عنه، إذا كان يتردد في حاجاته، ويخرج لأشغاله، إلا ما لا بد له منه.
1)…الصيّام

قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ،الآية} [187].
(1/55)
________________________________________
الرفث يقع على الجماع ويقع على الكلام الفاحش، والمراد به الجماع ها هنا لأنه الذي يمكن أن يقال فيه: {أٌحِلَّ لَكُمْ لَيْْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلى نِسَائِكُمْ}، ولا خلاف فيه.
وقوله: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ} يعني كاللباس لكم في إباحة المباشرة وملابسة كل واحد منهما لصاحبه.
ويحتمل أن يراد باللباس الستر، لأن اللباس هو ما يستره، وقد سمى الله تعالى الليل لباساً لأنه يستر كل شيء يشتمل عليه بظلامه،فالمراد بالآية أن كل واحد منهما يستر صاحبه عن التخطي إلى ما يهتكه، ويكون كل واحد منهما متعففاً بالآخر مستتراً به.
قوله تعالى: {عَلِمَ اللهُ أَنّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أنفُسَكم}.
أي يساتر بعضكم بعضاً في مواقعة المحظور من الجماع، والأكل بعد النوم في ليالي الصوم، كقوله تعالى: {تَقْتُلُونَ أنْفُسَكُمْ} يعني: يقتل بعضكم بعضاً.
ويحتمل أن يريد به كل واحد منهم في نفسه بأنه يخونها، وكان خائناً لنفسه من حيث كان صرره عائداً إليه.
ويحتمل أن يريد به أنه يعمل عمل المساتر له، فهو يعامل نفسه بعمل الخائن لها، والخيانة انتقاص الحق على وجه المساترة.
وقوله {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} يحتمل معنيين:
أحدهما: قبول التوبة من خيانتهم لأنفسهم.
والآخر التخفيف عنهم بالرخصة والإباحة، كقوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ}.
{وَعَفَا عَنْكُمْ}: يعني خفف عنكم.
وذكر عقيب قتل الخطأ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ} يعني تخفيفاً، لأن قاتل الخطأ لم يفعل شيئاً يلزمه التوبة منه.
وقال الله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلىَ النّبِيِّ والمُهَاجِرِيِنَ والأنْصَارِ الّذِينَ اتّبَعُوهُ في سَاعَةِ العُسْرَةِ}، وإن لم يكن من النبي عليه السلام ما يوجب التوبة منه..
وقوله: {وَعَفَا عَنْكُمْ}.
(1/56)
________________________________________
يحتمل العفو عن المذنب، ويحتمل التوسعة والتسهيل كقول النبي عليه السلام: "أول الوقت رضوان الله، وآخره عفو الله"، يعني تسهيله وتوسعته..
قوله: {حَتّى يَتَبَيّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} [187]، كان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه خيطاً وخيطاً أسود، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبينا، قال: فذكر سهل بن سعد الساعدي - وهو راوي الحديث - أنهم كانوا على ذلك حتى نزل قوله تعالى: {مِنَ الفَجْرِ}، فعلموا أنه إنما عنى بذلك الليل والنهار، ولا يجوز أن لا يكون في قوله {الخَيْطُ الأبْيَضُ} بيان للحكم مع الحاجة، فإن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز أصلاً..
ويجوز أن يكون التجوز بالخيط الأبيض عن الفجر سائغاً في لغة قريش دون غيرها من اللغات، فأشكل على قوم آخرين، حتى تبين لهم بقوله من الفجر، ولا يجب أن يكون البيان بلغة يشترك في معرفتها جميع الناس قبل أن يتبين لهم بلغة من كان بياناً في لغتهم..
ويجوز أن يكون قد قال: {من الفجر} أولا، لكن قوله {من الفجر} يحتمل أن يكون تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر،على معنى أنه يتبين الخيطان من أجل الفجر، ويحتمل أن يكون المستبان في نفسه هو الفجر..
فإن قيل: كيف يشبه الليل بالخيط الأسود وهو يشتمل على جميع العالم، وقد علمنا أن الصبح إنما شبه بخيط مستطيل أو معترض في الأفق، أما الليل فليس بينه وبين الخيط مشاكلة؟..
الجواب: أن الخيط الأسود هو السواد الذي في المواضع قبل ظهور الخيط الأبيض فيه، وهو في ذلك الموضع مساو للخيط الأبيض الذي يظهر بعده، فلأجل ذلك سمي الخيط الأسود، وإذا أباح الله الأكل والشرب إلى أن يتبين، فيدل ذلك على جواز الأكل قبل التبين حالة الشك.
ويدل على أنه لا نظر إلى الشك إذا أمكن درك اليقين، وأنه يجوز استصحاب حكم الليل في حق الشاك.
(1/57)
________________________________________
وفيه الدلالة على أن الجنابة لا تنافي صحة الصوم، لما فيه من إباحة الجماع من أول الليل إلى آخره، مع العلم بأن المجامع من الليل إذا صادف فراغه من الجماع طلوع الفجر، أنه يصبح جنباً، ثم حكم مع ذلك بصحة صيامه بقوله: {ثُمَّ أَتِموا الصِّيامَ إلى اللّيْلِ}.
والذي يخالف هذا يقول.. إنما أبيح الأكل إلى الفجر لا الجماع، فإنه لم يقل: "وباشروهن إلى أن يتبين".
وفيه دليل على أن البياض بعد تبين الفجر من النهار، بخلاف البياض بعد غروب الشمس.
وظن قوم أنه إذا أبيح له الفطرإلى أول الفجر، فإذا أكل على ظن أن الفجر لم يطلع، فقد أكل بإذن الشرع في وقت جواز الأكل، فلا قضاء عليه، كذلك قاله مجاهد وجابر بن زيد، ولا خلاف في وجوب القضاء، إذا غم عليه الهلال في أول ليلة من رمضان، إذا أكل ثم بان أنه من رمضان، والذي نحن فيه مثله، وكذلك الأسير في دار الحرب إذا أكل ظنا أنه من شعبان ثم بان خلافه..
الأحكام الواردة في سورة ( البقرة )
{ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [البقرة:188]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…المعاملات

قوله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وتُدْلُوا بهَا إلىَ الحُكّامِ} [188] فيه دلالة على أن حكم الحاكم لا يغير بواطن الأحكام، ولأن الحاكم يحكم بالظاهر وهو مصيب في عمله، لا أنه مصيب ما عند الله تعالى حقيقة.
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَاكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [البقرة:189]
(1/58)
________________________________________
الكثيرون يسألونني عن انتمائي وأقول أن انتمائي لوطني
ووطني هو كل شبر فوق سطح الارض يرفع فيه الآذان
2013-07-08, 21:10
#15
الصورة الرمزية أم عبد النور
أم عبد النور
:: عضوية شرفية ::
تاريخ التسجيل : Jul 2011
العمر : 20 - 25
الجنس : انثى
المشاركات : 4,704
تقييم المستوى : 17
أم عبد النور غير متواجد حالياً
افتراضي
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الحج

قوله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ للنّاسِ والْحَجِّ} [189].
سماه على وحدته أهلة إذ الأهلة ليست إسماً للقمر، وإنما سمي الهلال هلالاً في أول ما يرى، وما قرب منه لظهوره في ذلك بعد خفائه، ومنه الإهلال بالحج وهو إظهار التلبية، واستهلال الصبى ظهور حياته بصوت أو حركة، ويقولون تهلل وجهه إذا ظهر فيه البشر والسرور، وليس هناك صوت مرفوع حتى يقال: الإهلال رفع الصوت وإن إهلال الهلال من ذلك لرفع الصوت عند رؤيته، قال تأبط شراً:
* وإذا نظرت إلى أسرة وجهه * برقت كبرق العارض المتهلل *
وأمكن أن يقال متهلل لصوت الرعد فإن البرق لا يخلو منه، واستدل به أصحاب أبي حنيفة على جواز الإحرام بالحج في سائر السنة، ومعلوم أنه لم يرد به أفعال الحج فحملوه على الإحرام به.
فقيل لهم: فقد قال: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}، فأجابوا بأنه لا بد في الكلام من ضمير ولا بيان فيه دونه، فإن الحج فعل الحاج، وفعل الحاج لا يكون أشهراً، فلا بد أن يكون المراد به أفعال الحج ومعناه أفعال الحج في أشهر معلومات. فقيد تخصيص أفعال الحج بالأشهر المعلومات، وهو كذلك، فإنه لو أحرم بالحج قبل أشهر الحج، وطاف له وسعى قبل أشهر الحج، فسعيه ذلك لا يجزيه، وعليه أن يعيده، لأن أفعال الحج لا تجزىء قبل أشهر الحج، فعلى هذا معنى قوله: {الحَج أشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} أي أن أفعاله في أشهر معلومات.
وهذا غلط، فإنه إذا قال: "أشهر معلومات" فيجب أن يقع في الأشهر، فيكون الأشهر المعلومات ظرفاً، ويكون الفعل واقعاً في جميعه، كالإحرام يقع في الأشهر ويبقى في الأشهر، فيفال هو في الأشهر محرم.
(1/59)
________________________________________
ولا يجوز أن يكون الفعل الذي هو السعي يقع في الأشهر، وإنما يقع في ساعة من يوم، ولا يجوز أن يكون المراد به بقاء الإحرام كما قالوه، فإنهم قالوا: إذا أحرم بالحج في أشهر الحج أو في غيرها، فإذا فاته الوقوف بعرفة فاته الإحرام، فقول الله تعالى: {الحجُّ أشهْرٌ} يعني: دوام الحج وبقاؤه أشهر، وهذا باطل، فإن الذي ذكروه من بقاء الإحرام، ليس يتحدد له أشهر معلومات، فإنه لو أحرم من وقت الفوات، دام الإحرام والحج إلى مثل ذلك الوقت من العام القابل، والحج لا يتعين له أشهر، بل أشهره جميع السنة، وإنما يفوت في وقت خاص، ولا يبقى أكثر من سنة قط، فإذا بطلت تأويلاتهم، بقي تأويل الآية التي تعلقوا بها، ووجه ذلك أن قوله: {قُلْ هيَ مَواقِيتُ للنّاسِ والحَجِّ} معناه: "قل هي مواقيت للناس في الحج "، فيحصل في الأهلة المعنيان من غير تفصيل، فلا دلالة في الآية على أن الأهلة يجب أن تكون مواقيت للحج..
نعم الأهلة كلها مواقيت للناس لا مفهوماً من هذا اللفظ، فإن المفهوم من هذا اللفظ بيان فائدة الأهلة، والفائدة حصلت بما قلناه من غير تفصيل، ويدل عليه أن مراد الله تعالى من ذلك بيان الحاجة إلى الأهلة، ببيان منافعها في كونها مواقيت للناس، فإنما يقال ذلك فيما يعتاده الناس ويتعارفونه، وما اعتاد الناس قط الإحرام في غير أشهر الحج ولا ندبوا إليه، ولذلك سمي بعض الشهور أشهر الحج، وغير المعتاد لا يحصل به الإمتياز في كونه ميقاتاً، وما يعد ميقاتاً أصلاً، كما تعد الشهور كلها بأسرها مواقيت للأعمال والآجال، فهذا يدل على صحة هذا التأويل وبطلان تأويلات من يخالف هذا القول...
1)…صوم الوصال
2)…الآداب
(1/60)
________________________________________
قوله: {وَلَيْسَ البِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} [189]، هو تنبيه من الله تعالى على أن يأتوا البر من وجهه، وهو الوجه الذي أمر الله تعالى به، فذكر إتيان البيوت من أبوابها مثلاً يشير به إلى أن تأتي الأمور من مأتاها الذي ندبنا الله تعالى إليه، وفيه بيان أن ما لم يشرعه الله تعالى قربةً، ولا ندب إليه لا يصير قربة، بأن يتقرب به متقرب، ومثله تحريم الوصال الذي يتقرب به ولا تقرب فيه. والرهبانية التي يتقرب بها ولا تقرب فيها..
الأحكام الواردة في سورة ( البقرة )
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَاكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [البقرة:189]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الحج

قوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلّةِ قُلْ هيَ مَوَاقِيتُ للنّاسِ والحَجِّ} [189]:
(1/61)
________________________________________
فاستدل بعض الحنفية، على كون جميع شهور السنة مواقيت للحج، كما كانت بأسرها مواقيت للناس، ولزمهم من هذا أن يكون الحج المطلق،عبارة عن الإحرام فقط، دون سائر الأفعال، مع أن الإحرام عندهم، ليس من الحج، بل هو شرط الحج، والذي هو الحج من طواف القدوم في غير أشهر الحج، وسعى، لم يجز إجماعاً، فإذا علم ذلك، فحمل اللفظ على بعض الشهور، أولى من حمل الحج المطلق على الإحرام، الذي ليس من الحج، وإنما هو طريق إليه وشرط له، ولأن الله تعالى لم يرد جعل الأهلة ميقاتاً للحج، باعتبار كونها أهلة، فإن الإحرام ليس يتعين له أول الشهر،ولا المواقيت أيضاً، وإنما الأهلة عبارة عن جملة الشهر، فإن السائل سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما أجمع عليه أهل التفسير وقال: يا رسول الله، ما بال الهلال يبدو مستدقاً، ثم ينمو حتى يتكامل ثم ينقص.
وكان السؤال من معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن زيادة القمر ونقصانه،فأخبر الله تعالى أن الحكمة في زيادته ونقصانه، زوال الإلتباس عن أوقات الناس في حجهم، وحل ديونهم، وعدد نسائهم، ومدد حواملهم، وأجرة أجرائهم وغير ذلك.
ولا شك أن الوقت في الوقوف متعلق بالهلال، فالهلال ميقات له، لأنه به يعرف، وكذلك الطواف، فلا يتضمن ما قلناه، إطلاق إسم الحج على شرط الحج، دون نفس الحج.
فإن قيل: فعلى قولكم أيضاً قد قال تعالى: {الحج أشْهُرٌ مَعلوماتٌ} والأفعال كالوقوف، وسائر الأفعال إنما تقع في غير الأهلة، بل في وسط الشهر لا في الأشهر، فليس في شوال من أفعال الحج شيء، فقد أخرجتم الحج عن أن يكون اسمه متناولاً لشيء من الأفعال سوى الإحرام.
قلنا في جواب ذلك: إن الإحرام ركن الحج عندنا، فقوله: {الحجُّ أشْهرٌ}، يعني عقد الحج وإنشاؤه في أشهر معلومات..
(1/62)
________________________________________
قالوا: احتمل أن يكون المراد به غالب أحوال الناس، وكأنه قال تعالى: {الحجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} في تعارف الناس، فمن فرض في هذه الأشهر الحج، فلا يخلن بحقه، وليرفض الفسوق والرفث والجدال كما قال الله تعالى في صوم رمضان: {أياماً مَعْدودات}، والمقصود به تهوين الأمر عليهم دعاء إلى فعله، لا سيما وليس في قوله: {الحجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} صفة الأمر، فيجوز أن يكون إخباراً عن متعارف أحوال الناس، في إيقاع الإحرام بالحج في هذه الأشهر، وهذا لأنا لا ننكر احتمال اللفظ له، إلا أن الظاهر ما قلناه.
ومما سألوه أن من فروض الحج، ما يفعل بعد أشهر الحج، ويكون مفعولاً في وقته، وهو طواف الزيارة، ولم يجز شيئاً من فروض الصلاة يفعل بعد خروجها وقتها، إلا على وجه القضاء، فلم يجز أن يكون ركن العبادة باقياً في غير وقتها، فبقي إحرامه كاملاً بعد أشهر الحج، وهو يوم النحر قبل رمي الجمار، حتى قال الشافعي: "إن جامع يوم النحر قبل رمي الجمار فسد حجه"، فدل على كونه وقتاً للإحرام بالعبادة، وليس بقاء العبادة في هذا الوقت، على نحو بقاء العصر بعد غروب الشمس، والصبح بعد طلوع الشمس، فإن ذلك وقت العذر والضرورة، لا وقته الأصلي، ولذلك لا يجوز تأخير صلاة العصر، إلى وقت يعلم وقوعها بعد غروب الشمس، وها هنا يوم النحر وقت أصلي لأفعال الحج، فليكن وقتاً لعقد الإحرام..
والجواب عنه، أنه وقت لأعمال حج، لا يتصور بقاء الإحرام به، فإن الطواف في هذا اليوم، إنما يكون لحج يقدم الإحرام به قبل يوم النحر، وذلك الحج بالإتفاق، لا يتصور بقاؤه في هذا الوقت، والذي ينعقد من الإحرام في هذا الوقت، لا يتصور أن يكون هذا الوقت وقتاً لأعماله،فكيف يجوز الإستدلال به؟
بل يقال إن فواته يدل على أن الوقت الذي لا يبقي فيه الإحرام، لا يجوز أن يكون وقتاً لابتداء مثله، وهذا أقرب في الإستدلال .
(1/63)
________________________________________
{ وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [البقرة:190]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الجهاد

قال الله عز وجل: {وَقَاتِلُوا في سَبيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلونكم} [190] الآية..
ولا خلاف بين العلماء في أن القتال كان محظوراً قبل الهجرة بقوله: {إدْفَعْ بالّتي هيَ أَحْسَنُ}، إلى قوله: {ذُو حَظٍ عَظِيم}، وقوله: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ}، وقوله: {وجَادِلْهُمْ بِالّتي هِيَ أَحْسَنُ}، {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ}، الآية..، {وَإذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمَاً}.
وروى عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس أن عبد الرحمن ابن عوف وأصحاباً له كانت أموالهم بمكة، فقالوا: يا رسول الله، كنا في عز ومنعة ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذلاء، فقال: "إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم" فلما حوله إلى المدينة انكفوا، فأنزل الله تعالى:
{ألَمْ تًَرَ إلىَ الّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أيْدِيَكُمُ وأقيموا الصَّلاَةَ} الآية..
وعن ابن عباس في قوله تعالى: {لَسْتُ عَلَيْهِمْ بمُسَيْطِرْ} وقوله: {وَمَا أنْتَ عَلَيْهِمْ بجَبّارٍ}، وقوله: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ}، وقوله: {قُلْ للذّينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا للّذِيِنَ لا يَرْجُونَ أيّامَ اللهِ} قال:
نسخ هذا كله قوله تعالى: {فَاقْتُلوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}، وقوله: {قَاتِلُو الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِر} ..الآية..
واختلف السلف في أول آية نزلت في القتال، فروي عن الربيع ابن أنس وغيره أن قوله تعالى: {وقاتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} أول آية نزلت في القتال.
وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: أول آية نزلت في القتال قوله تعالى:
(1/64)
________________________________________
الكثيرون يسألونني عن انتمائي وأقول أن انتمائي لوطني
ووطني هو كل شبر فوق سطح الارض يرفع فيه الآذان
2013-07-08, 21:11
#16
الصورة الرمزية أم عبد النور
أم عبد النور
:: عضوية شرفية ::
تاريخ التسجيل : Jul 2011
العمر : 20 - 25
الجنس : انثى
المشاركات : 4,704
تقييم المستوى : 17
أم عبد النور غير متواجد حالياً
افتراضي
{أُذِنَ للّذِينَ يُقَاتِلُونَ بِأنّهُمْ ظُلِمُوا} الآية..
وقال آخرون: قوله تعالى: {وقاتِلُوا في سبيلِ اللهِ} أول آية نزلت في إباحة قتال من قاتلهم، والثانية نزلت في الإذن بالقتال عامة لمن قاتلهم، ومن لم يقاتلهم من المشركين.
فقال الربيع بن أنس: أول آية نزلت في الإذن بالقتال في المدينة قوله تعالى: {وقاتِلُوا في سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}، فكان النبي عليه السلام بعد ذلك يقاتل من قاتله من المشركين ويكف عمن كف عنه إلى أن أمر بقتال الجميع، وهو مثل قوله تعالى:
{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}..
ويحتمل أن يقال إن قوله: {الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} لم يرد به حقيقة القتال، فإن جواز دفع المقاتل عن نفسه ما كان محرماً قط، حتى يقال إنه أذن فيه بعد التحريم، وإنما المراد به الذين يقاتلونكم ديناً، ويرون ذلك جائزاً اعتقاداً، ولم يرد به حقيقة القتال.
وقال آخرون: نزلت هذه الآية في صلح الحديبية، فإنه صلى الله عليه وسلم لما انصرف من صلح الحديبية إلى المدينة، حين صده المشركون عن البيت، صالحهم على أن يرجع عامة القابل، ويخلو له مكة ثلاثة أيام، فلما كان في العام القابل، تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لعمرة القضاء، وخافوا أن لا تفي لهم قريش، وأن يصدوهم عن البيت ويقاتلونهم، وكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتالهم في الشهر الحرام في الحرم، فأنزل الله تعالى:
{وَقَاتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} يعني قريشاً الذين صالحوهم، {وَلاَ تَعْتَدُوا} فنبذوا في الحرم بالقتال، ودل عليه ظاهر ما بعده قوله:
(1/65)
________________________________________
{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أخْرَجُوكُمْ وَالْفِتَنَةُ أشَدُّ مِنَ القَتْلِ} يعني أن شركهم بالله عز وجل، أعظم من قتلكم إياهم في الحرم، والذي كان منهم من تعذيب من أسلم وظفروا به، ليفتنوهم عن الدين، أعظم من قتالكم إياهم في الشهر الحرام.
وقال: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ}. معناه حتىلا يكون الشرك الذي هو باعث على الفتنة، ويكون الدين كله لله، ولذلك لم يقبل العلماء الجزية من وثنيي العرب، فإن الله تعالى قال في حقهم:
{وَقَاتِلُوهُمْ حَتّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلّه للهِ}.
فأمر الله تعالى بقتالهم، حتى لا يكون الشرك ويكون الدين كله لله.
وروي عن أبي بكر أنه أمر بقتال الشماسنة، لأنهم يشهدون القتال ويرون ذلك رأياً، وأن الرهبان من رأيهم أن لا يقاتلوا، فأمر أبو بكر أن لا يقتلوا، ثم قال: قد قال الله سبحانه: {وَقَاتِلُوا في سَبيلِ اللهِ الّذِينَ يُقَاتلُونَكُمْ}.. وحمل ذلك أبو بكر رضي الله عنه على المقاتلة ديناً واعتقاداً، فالآية على هذا ثابتة الحكم لا نسخ فيها.
وعلى قول الربيع بن أنس، أن النبي عليه السلام والمسلمين، كانوا مأمورين - بعد نزول الآية - بقتال من قاتل دون من كف عنهم، سواء كان ممن يتدين بالقتال أو لا يتدين وليس بصحيح.
وروي عن عمر بن عبد العزيز في قوله: {الذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} قال: ذلك في النساء والذرية، فعلى هذا لا نسخ في الآية.
ويحتمل أن يقال: إن قوله تعالى: {وَاْقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}، عام في الرجال والنساء والصبيان، وهم يقتلون إذا كانت المصلحة في قتلهم، على ما عرف من مذهب الشافعي رحمه الله فيه.
وإذا كانت المرأة مقاتلة بالمال والرأي والتدبير، وكانت ذات عز في قومها، فيجب قتلها، وإذا كانت المصلحة في استرقاقها، فنفع الإسترقاق إذا أوفى على قتلها، فلا يجوز قتلها..
(1/66)
________________________________________
قوله تعالى: {والفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتْلِ}، يعني كفرهم وتعذيبهم للمؤمنين، في البلد الحرام والشهر الحرام، أعظم مأثماً من القتل في الشهر الحرام، وأنه إذا كان يتوقع منهم مثل ذلك، وجب قتلهم في البلد الحرام وفي الشهر الحرام، وكذلك معنى قوله: {وَقَاتِلوهم حَتىّ لاَ تَكُونَ فِتنَةٌ وَيَكُونَ الدِينُ للهِ}، فعلل القتال والقتل بهذا المعنى، وهذا يستوي فيه الحرم وغيره، والشهر الحرام وغيره.
وكذلك قاله الربيع بن أنس فإنه قال:
قوله تعالى: {وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ المَسْجِدِ الحَرَامِ}.
منسوخ بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُم حَتّى لاَ تَكُون فِتْنَةٌ}.
وقال قتادة: هو منسوخ بقوله: {اقْتُلُوا المُشْرِكينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُم}، وقد نزل قوله تعالى: {اقتُلوا المُشْركينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} في سورة براءة (التوبة) بعد سورة البقرة، والذي كان من خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، وقوله فيها: "إن الله تعالى حرم مكة" الحديث، نسخه ما بعده، وسورة براءة فإنها نزلت بعد ذلك بمدة.
وقال ابن عباس وقتادة ومجاهد والربيع: الفتنة في قوله: {وقاتِلوهم حَتّى لاَ تكون فِتْنَةٌ}، الشرك بالله.
وقيل: إنما سمي الكفر فتنة لأنه يؤدي إلى الهلاك كما تؤدي إليه الفتنة..
{ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَآءُ الْكَافِرِينَ } [البقرة:191]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الجهاد

قوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وأخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أخْرَجُوكُمْ} [191]:
(1/67)
________________________________________
صفة مشركي قريش، فلم يدخل أهل الكتاب في هذا الحكم، فلا جرم لا تقبل الجزية من المشركين لقوله تعالى: {وقاتِلُوهُمْ حَتّى لاَ تَكُونَ فِتْنَة} - يعني كفر- {وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ}.
فمد القتال في حقهم إلى غاية وجود الإسلام، وفي حق أهل الكتاب إلى غاية وجود الجزية في قوله: {حَتّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} لأنهم إذا أعطوا الجزية حصلت منفعة المسلمين، إلا في حق من لا يقنع منه بالجزية لعظم جريمته.
وبنى الشافعي رحمه الله على ذلك جواز قتل النساء المرتدات، لعظم جرائمهن وكبر ذنوبهن، وأن ذلك لا يندفع بالإسترقاق ومنفعته، كما لا يندفع بالجزية، وليس إذا عدم القتال منهن فلا مصلحة في قتلهن، بل في قتلهن مصالح منها:
منعهن عن إمداد الرجال بالأموال، وبالحث على القتال بإنشاد الأشعار المحركة لطباعهم، فإنه إذا حدث الحرب بالعرب أبرزن النساء باعثات على الحرب متناشدات بالأشعار، وذلك من أعظم الفتن، وترى الواحد منهم يقتل نفسه ويرد الأمان قائلاً: بأن نساء الحي لا يتحدثن عني بالجزع في القتال وطلب الأمان.
ففي قتلهن على هذا الوجه مصالح عظيمة، وهل يقاتل أكثر الناس إلا ذباً عن النساء؟
غير أنهن إذا حصلن في السبي، فالإسترقاق أنفع لسرعة إسلامهن ورجوعهن عن أديانهن، وبعد فرارهن إلى أوطانهن بخلاف الرجال.
وليس يتوقع من القتال إلا أذية المسلمين، وذلك يحصل للمسلمين بما يصدر منهن وإن لم يباشرن القتال، ولم تكن فتنة فني بها خلق في الأكثر، إلا كان سببه أمور النساء، والذي كان من شؤم البسوس ورعيف حولاً وغيرهما، مما نتج الحروب العظيمة وهيج الفتن الهائلة مشهور معروف..
الأحكام الواردة في سورة ( البقرة )
(1/68)
________________________________________
{ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } [البقرة:194]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الجهاد

قوله تعالى: {الشّهْرُ الحَرَامُ بِالْشّهْرِ الحَرَامِ} الآية. [194]
روي عن الحسن أن مشركي العرب قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أنهيت عن قتالنا في الشهر الحرام؟.. قال: نعم، فأراد المشركين أن يغيّروه في الشهر الحرام فيقاتلوه، فأنزل الله تعالى هذه الآية..
يعني إذا استحلوا منكم فاستحلوا منهم مثله.
وروي عن ابن عباس والربيع بن أنس والضحاك، أن قريشاً لما ردت رسول الله عام الحديبية - محرماً في ذي القعدة - عن البلد الحرام فأعاده الله إليه في مثل ذلك الوقت فقضى عمرته، وأقصه لما حيل بينه وبينه في يوم الحديبية، فيكون على هذا التتقدير إخباراً بما أقصه الله تعالى من الشهر الحرام، الذي صده المشركون فيه عن البيت بشهر مثله في العام القابل،ويتضمن مع ذلك أمراً بالقتال.
فإن قيل: إنه إذا حمل اللفظ على حقيقة الجزاء انتفى كونه أمراً، فيقال:
يجوز أن يكون الإخبار حاصلاً في تعويض الله تعالى نبيه من فوات العمرة في الشهر الحرام، الذي صده فيه المشركون عن البيت، بشهر مثله في العام القابل، وكانت حرمة الشهر الذي أبدل كحرمة الشهر الذي فات، فلذلك قال: {والحُرُمَاتُ قِصَاصٌ}، ثم عقب ذلك بقوله: {فَمَنْ اعْتَدىَ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بمِثْلِ ما اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [194].
فأبان أنهم إذا قاتلوهم في الشهر الحرام، فعليهم أن يقاتلوهم فيه، وإن لم يجز الإبتداء..
ويحتمل أن يكون الإبتداء جزاء على ما كان من سابق فعلهم في مثل ذلك الوقت، ولا يكون قوله {فمن اعتدى} لاستثناء وحكم، بل يكون معناه:
(1/69)
________________________________________
فمن اعتدى في الماضي بهتك حرماتكم في الشهر الحرام في البلد الحرام فاعتدوا عليه الآن بمثل ما اعتدى عليكم في الماضي، فيكون ذلك إباحة للقتال مطلقاً في كل موضع وفي كل وقت، ويحتج بذلك في مراعاة المماثلة في القصاص على ما يقوله الشافعي رحمه الله..
{ وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [البقرة:195]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الجهاد

قوله تعالى: {وأنْفِقُوا في سَبِيلِ اللهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأيْدِيكُمْ إلى التّهْلُكَةِ} الآية 195.
روى يزيد بن حبيب عن أسلم بن أبي عمران أنه قال: غزونا القسطنطينية، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والروم ملصقوا ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدو، فقال الناس: مه مه، لا إله إلا الله، يلقي بيديه إلى التهلكة، فقال أبو أيوب: سبحان الله، أنزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار، لما نصر الله تعالى نبيه، وأظهر دينه. قلنا هلم نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل الله تعالى: {وَأنْفِقُوا في سَبِيلِ اللهِ}، والإلقاء بالأيدي إلى التهلكة، أن نقيم في أموالنا فنصلحها وندع الجهاد..
قال الراوي: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية.
فأخبر أبو أيوب أن الإلقاء باليد إلى التهلكة، هو ترك الجهاد في سبيل الله، وأن الآية نزلت في ذلك..
وروى مثله عن ابن عباس، والحسن، وحديفة، وقتادة، ومجاهد والضحاك.
وروي عن البراء بن عازب، أن الإلقاء باليد إلى التهلكة، هو اليأس من الرحمة بارتكاب المعاصي.
وقيل: هو الإسراف في الإنفاق حتى لا يجد ما ينفق فيتلف.
وقيل: هو أن يقتحم الحرب من غير نكاية في العدو.
(1/70)
________________________________________
الكثيرون يسألونني عن انتمائي وأقول أن انتمائي لوطني
ووطني هو كل شبر فوق سطح الارض يرفع فيه الآذان
2013-07-08, 21:11
#17
الصورة الرمزية أم عبد النور
أم عبد النور
:: عضوية شرفية ::
تاريخ التسجيل : Jul 2011
العمر : 20 - 25
الجنس : انثى
المشاركات : 4,704
تقييم المستوى : 17
أم عبد النور غير متواجد حالياً
افتراضي
{أُذِنَ للّذِينَ يُقَاتِلُونَ بِأنّهُمْ ظُلِمُوا} الآية..
وقال آخرون: قوله تعالى: {وقاتِلُوا في سبيلِ اللهِ} أول آية نزلت في إباحة قتال من قاتلهم، والثانية نزلت في الإذن بالقتال عامة لمن قاتلهم، ومن لم يقاتلهم من المشركين.
فقال الربيع بن أنس: أول آية نزلت في الإذن بالقتال في المدينة قوله تعالى: {وقاتِلُوا في سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}، فكان النبي عليه السلام بعد ذلك يقاتل من قاتله من المشركين ويكف عمن كف عنه إلى أن أمر بقتال الجميع، وهو مثل قوله تعالى:
{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}..
ويحتمل أن يقال إن قوله: {الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} لم يرد به حقيقة القتال، فإن جواز دفع المقاتل عن نفسه ما كان محرماً قط، حتى يقال إنه أذن فيه بعد التحريم، وإنما المراد به الذين يقاتلونكم ديناً، ويرون ذلك جائزاً اعتقاداً، ولم يرد به حقيقة القتال.
وقال آخرون: نزلت هذه الآية في صلح الحديبية، فإنه صلى الله عليه وسلم لما انصرف من صلح الحديبية إلى المدينة، حين صده المشركون عن البيت، صالحهم على أن يرجع عامة القابل، ويخلو له مكة ثلاثة أيام، فلما كان في العام القابل، تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لعمرة القضاء، وخافوا أن لا تفي لهم قريش، وأن يصدوهم عن البيت ويقاتلونهم، وكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتالهم في الشهر الحرام في الحرم، فأنزل الله تعالى:
{وَقَاتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} يعني قريشاً الذين صالحوهم، {وَلاَ تَعْتَدُوا} فنبذوا في الحرم بالقتال، ودل عليه ظاهر ما بعده قوله:
(1/65)
________________________________________
{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أخْرَجُوكُمْ وَالْفِتَنَةُ أشَدُّ مِنَ القَتْلِ} يعني أن شركهم بالله عز وجل، أعظم من قتلكم إياهم في الحرم، والذي كان منهم من تعذيب من أسلم وظفروا به، ليفتنوهم عن الدين، أعظم من قتالكم إياهم في الشهر الحرام.
وقال: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ}. معناه حتىلا يكون الشرك الذي هو باعث على الفتنة، ويكون الدين كله لله، ولذلك لم يقبل العلماء الجزية من وثنيي العرب، فإن الله تعالى قال في حقهم:
{وَقَاتِلُوهُمْ حَتّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلّه للهِ}.
فأمر الله تعالى بقتالهم، حتى لا يكون الشرك ويكون الدين كله لله.
وروي عن أبي بكر أنه أمر بقتال الشماسنة، لأنهم يشهدون القتال ويرون ذلك رأياً، وأن الرهبان من رأيهم أن لا يقاتلوا، فأمر أبو بكر أن لا يقتلوا، ثم قال: قد قال الله سبحانه: {وَقَاتِلُوا في سَبيلِ اللهِ الّذِينَ يُقَاتلُونَكُمْ}.. وحمل ذلك أبو بكر رضي الله عنه على المقاتلة ديناً واعتقاداً، فالآية على هذا ثابتة الحكم لا نسخ فيها.
وعلى قول الربيع بن أنس، أن النبي عليه السلام والمسلمين، كانوا مأمورين - بعد نزول الآية - بقتال من قاتل دون من كف عنهم، سواء كان ممن يتدين بالقتال أو لا يتدين وليس بصحيح.
وروي عن عمر بن عبد العزيز في قوله: {الذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} قال: ذلك في النساء والذرية، فعلى هذا لا نسخ في الآية.
ويحتمل أن يقال: إن قوله تعالى: {وَاْقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}، عام في الرجال والنساء والصبيان، وهم يقتلون إذا كانت المصلحة في قتلهم، على ما عرف من مذهب الشافعي رحمه الله فيه.
وإذا كانت المرأة مقاتلة بالمال والرأي والتدبير، وكانت ذات عز في قومها، فيجب قتلها، وإذا كانت المصلحة في استرقاقها، فنفع الإسترقاق إذا أوفى على قتلها، فلا يجوز قتلها..
(1/66)
________________________________________
قوله تعالى: {والفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتْلِ}، يعني كفرهم وتعذيبهم للمؤمنين، في البلد الحرام والشهر الحرام، أعظم مأثماً من القتل في الشهر الحرام، وأنه إذا كان يتوقع منهم مثل ذلك، وجب قتلهم في البلد الحرام وفي الشهر الحرام، وكذلك معنى قوله: {وَقَاتِلوهم حَتىّ لاَ تَكُونَ فِتنَةٌ وَيَكُونَ الدِينُ للهِ}، فعلل القتال والقتل بهذا المعنى، وهذا يستوي فيه الحرم وغيره، والشهر الحرام وغيره.
وكذلك قاله الربيع بن أنس فإنه قال:
قوله تعالى: {وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ المَسْجِدِ الحَرَامِ}.
منسوخ بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُم حَتّى لاَ تَكُون فِتْنَةٌ}.
وقال قتادة: هو منسوخ بقوله: {اقْتُلُوا المُشْرِكينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُم}، وقد نزل قوله تعالى: {اقتُلوا المُشْركينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} في سورة براءة (التوبة) بعد سورة البقرة، والذي كان من خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، وقوله فيها: "إن الله تعالى حرم مكة" الحديث، نسخه ما بعده، وسورة براءة فإنها نزلت بعد ذلك بمدة.
وقال ابن عباس وقتادة ومجاهد والربيع: الفتنة في قوله: {وقاتِلوهم حَتّى لاَ تكون فِتْنَةٌ}، الشرك بالله.
وقيل: إنما سمي الكفر فتنة لأنه يؤدي إلى الهلاك كما تؤدي إليه الفتنة..
{ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَآءُ الْكَافِرِينَ } [البقرة:191]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الجهاد

قوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وأخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أخْرَجُوكُمْ} [191]:
(1/67)
________________________________________
صفة مشركي قريش، فلم يدخل أهل الكتاب في هذا الحكم، فلا جرم لا تقبل الجزية من المشركين لقوله تعالى: {وقاتِلُوهُمْ حَتّى لاَ تَكُونَ فِتْنَة} - يعني كفر- {وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ}.
فمد القتال في حقهم إلى غاية وجود الإسلام، وفي حق أهل الكتاب إلى غاية وجود الجزية في قوله: {حَتّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} لأنهم إذا أعطوا الجزية حصلت منفعة المسلمين، إلا في حق من لا يقنع منه بالجزية لعظم جريمته.
وبنى الشافعي رحمه الله على ذلك جواز قتل النساء المرتدات، لعظم جرائمهن وكبر ذنوبهن، وأن ذلك لا يندفع بالإسترقاق ومنفعته، كما لا يندفع بالجزية، وليس إذا عدم القتال منهن فلا مصلحة في قتلهن، بل في قتلهن مصالح منها:
منعهن عن إمداد الرجال بالأموال، وبالحث على القتال بإنشاد الأشعار المحركة لطباعهم، فإنه إذا حدث الحرب بالعرب أبرزن النساء باعثات على الحرب متناشدات بالأشعار، وذلك من أعظم الفتن، وترى الواحد منهم يقتل نفسه ويرد الأمان قائلاً: بأن نساء الحي لا يتحدثن عني بالجزع في القتال وطلب الأمان.
ففي قتلهن على هذا الوجه مصالح عظيمة، وهل يقاتل أكثر الناس إلا ذباً عن النساء؟
غير أنهن إذا حصلن في السبي، فالإسترقاق أنفع لسرعة إسلامهن ورجوعهن عن أديانهن، وبعد فرارهن إلى أوطانهن بخلاف الرجال.
وليس يتوقع من القتال إلا أذية المسلمين، وذلك يحصل للمسلمين بما يصدر منهن وإن لم يباشرن القتال، ولم تكن فتنة فني بها خلق في الأكثر، إلا كان سببه أمور النساء، والذي كان من شؤم البسوس ورعيف حولاً وغيرهما، مما نتج الحروب العظيمة وهيج الفتن الهائلة مشهور معروف..
الأحكام الواردة في سورة ( البقرة )
(1/68)
________________________________________
{ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } [البقرة:194]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الجهاد

قوله تعالى: {الشّهْرُ الحَرَامُ بِالْشّهْرِ الحَرَامِ} الآية. [194]
روي عن الحسن أن مشركي العرب قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أنهيت عن قتالنا في الشهر الحرام؟.. قال: نعم، فأراد المشركين أن يغيّروه في الشهر الحرام فيقاتلوه، فأنزل الله تعالى هذه الآية..
يعني إذا استحلوا منكم فاستحلوا منهم مثله.
وروي عن ابن عباس والربيع بن أنس والضحاك، أن قريشاً لما ردت رسول الله عام الحديبية - محرماً في ذي القعدة - عن البلد الحرام فأعاده الله إليه في مثل ذلك الوقت فقضى عمرته، وأقصه لما حيل بينه وبينه في يوم الحديبية، فيكون على هذا التتقدير إخباراً بما أقصه الله تعالى من الشهر الحرام، الذي صده المشركون فيه عن البيت بشهر مثله في العام القابل،ويتضمن مع ذلك أمراً بالقتال.
فإن قيل: إنه إذا حمل اللفظ على حقيقة الجزاء انتفى كونه أمراً، فيقال:
يجوز أن يكون الإخبار حاصلاً في تعويض الله تعالى نبيه من فوات العمرة في الشهر الحرام، الذي صده فيه المشركون عن البيت، بشهر مثله في العام القابل، وكانت حرمة الشهر الذي أبدل كحرمة الشهر الذي فات، فلذلك قال: {والحُرُمَاتُ قِصَاصٌ}، ثم عقب ذلك بقوله: {فَمَنْ اعْتَدىَ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بمِثْلِ ما اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [194].
فأبان أنهم إذا قاتلوهم في الشهر الحرام، فعليهم أن يقاتلوهم فيه، وإن لم يجز الإبتداء..
ويحتمل أن يكون الإبتداء جزاء على ما كان من سابق فعلهم في مثل ذلك الوقت، ولا يكون قوله {فمن اعتدى} لاستثناء وحكم، بل يكون معناه:
(1/69)
________________________________________
فمن اعتدى في الماضي بهتك حرماتكم في الشهر الحرام في البلد الحرام فاعتدوا عليه الآن بمثل ما اعتدى عليكم في الماضي، فيكون ذلك إباحة للقتال مطلقاً في كل موضع وفي كل وقت، ويحتج بذلك في مراعاة المماثلة في القصاص على ما يقوله الشافعي رحمه الله..
{ وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [البقرة:195]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الجهاد

قوله تعالى: {وأنْفِقُوا في سَبِيلِ اللهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأيْدِيكُمْ إلى التّهْلُكَةِ} الآية 195.
روى يزيد بن حبيب عن أسلم بن أبي عمران أنه قال: غزونا القسطنطينية، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والروم ملصقوا ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدو، فقال الناس: مه مه، لا إله إلا الله، يلقي بيديه إلى التهلكة، فقال أبو أيوب: سبحان الله، أنزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار، لما نصر الله تعالى نبيه، وأظهر دينه. قلنا هلم نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل الله تعالى: {وَأنْفِقُوا في سَبِيلِ اللهِ}، والإلقاء بالأيدي إلى التهلكة، أن نقيم في أموالنا فنصلحها وندع الجهاد..
قال الراوي: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية.
فأخبر أبو أيوب أن الإلقاء باليد إلى التهلكة، هو ترك الجهاد في سبيل الله، وأن الآية نزلت في ذلك..
وروى مثله عن ابن عباس، والحسن، وحديفة، وقتادة، ومجاهد والضحاك.
وروي عن البراء بن عازب، أن الإلقاء باليد إلى التهلكة، هو اليأس من الرحمة بارتكاب المعاصي.
وقيل: هو الإسراف في الإنفاق حتى لا يجد ما ينفق فيتلف.
وقيل: هو أن يقتحم الحرب من غير نكاية في العدو.
(1/70)
________________________________________
الكثيرون يسألونني عن انتمائي وأقول أن انتمائي لوطني
ووطني هو كل شبر فوق سطح الارض يرفع فيه الآذان
2013-07-08, 21:13
#18
الصورة الرمزية أم عبد النور
أم عبد النور
:: عضوية شرفية ::
تاريخ التسجيل : Jul 2011
العمر : 20 - 25
الجنس : انثى
المشاركات : 4,704
تقييم المستوى : 17
أم عبد النور غير متواجد حالياً
افتراضي
وقال محمد بن الحسن في السير الكبير: لو حمل رجل واحد على ألف من المشركين وهو وحده، لم يكن به بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه، لأنه عرض نفسه للتلف من غير منفعة للمسلمين. فإن كان قصده تجزئة المسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل ما صنعه، فلا يبعد جوازه، لأن فيه منفعة للمسلمين على بعض الوجوه. وإن كان قصده إرهاب العدو، ليعلم العدو صلابة المسلمين في الدين، فلا يبعد جوازه، وإذا كان فيه نفع للمسلمين، فيتلف نفسه لإعزاز الدين وتوهين الكفر، فهو المقام الشريف الذي مدح الله به المؤمنين في قوله:
{إشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنينَ أنْفُسَهُمْ} الآية..، إلى غيرها من آيات مدح الله بها من يذل نفسه لله عز وجل.
وعلى ذلك ينبغي أن يكون حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه متى رجا نفعاً في الدين فبذل نفسه فيه حتى قتل، كان في أعلى درجات الشهداء، قال الله تعالى:
{وَأْمُرْ بِالمَعْرُوفِ وانْهَ عَنِ المُنْكَرِ واصْبِرْ عَلىَ مَا أَصَابَكَ إن ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}..
وقد روي مكرمة عن ابن عباس عن النبي عليه السلام أنه قال: " أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل تكلم بكلمة حق عند سلطان جائر فقتله".
وروي أبو سعيد الخدري عن النبي عليه السلام أنه قال: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر".
وروى أبو هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: "شر ما في رجل شحّ هالع، وجبن خالع".
(1/71)
________________________________________
{ وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذالِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [البقرة:196]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الحج والعمرة

وقوله تعالى: {وَأَ تِمُّوا الحَج والعُمْرَةَ لله ِ} [196].
فالمنقول عن عمر وعلي وسعيد بن جبير وطاووس، أن الإتمام فيهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك..
وقال مجاهد: إتمامهما بلوغ آخرهما بعد الدخول فيهما، وذلك أشبه بالظاهر، ودل عليه ما بعده فإنه قال: {فإنْ أُحْصِرْتُمْ}، والإحصار إنما يمنع الإتمام بعد الشروع، ويوجب ما استيسر من الهدى عند ذلك قد وجب الإتمام إجماعاً، ويظهر أن مأخذ وجوبه هذه الآية، ولا فصل فيه بين الحج الأول والثاني، والعمرة الأولى والثانية.
قوله تعالى: {فإنْ أُحْصِرْتُمْ} الآية. ذكر بعض أهل اللغة أنه لا يقال في العدو "أحصرتم" وإنما يقال حصرتم، وهو كقوله حبسه إذا جعله في الحبس، وأحبسه أي عرضه للحبس، وقتله إذا أوقع به القتل، وأقتله إذا عرضه للقتل، وقبره إذا جعله في القبر، وأقبره عرضه للدفن في القبر، كذلك حصره حبسه وأوقع به الحصر، وأحصره عرضه للحصر.
(1/72)
________________________________________
فإذا كان كذلك، فالعدو إذا كان بعيداً منه على الطريق، فهذا هو التعريض للحصر، وهو متعرض به لأن ينحصر، وليس بمحصور في الحال ولا محبوساً، ولكنه معرض لذلك، فتقدير الآية: فإن عرضتم للحبس والمنع، وإن لم يلحقكم في الحال حصر ولا منع , وذلك إنما يكون بالعدو، أما المريض فقد احتبس عليه المضي في الحال، فليس هو معرضاً بل هو محصور في الحال، وقد حصره المرض ولذلك قال ابن عباس ذهب الحصر الآن.
وكذلك نزلت هذه الآية في شأن الحديبية، وما كان من حصر إلا العدو ولا يجوز أن لا يذكر سبب النزول ويذكر غيره، مما يدل على العدو بطريق الإستنباط والدلالة..
وقال تعالى بعد قوله: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ}، {وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلّهُ فَمَنْ كَانَ منكم مَرِيضاً}، فلو كان المرض مذكوراً في أول الآية، وكان يحل بذلك الدم المذبوح في محله، لم يكن يحتاج إلى فدية.
ولا يجوز أن يكون المرض ها هنا هوام الرأس، فإنه ذكر ذلك بعد المرض فقال: {مَرِيضَاً أَوْ بِهِ أَذَىً مِنْ رَأْسِهِ} .
ولهم أن يقولوا: لعله أباح ذلك قبل أن يبلغ الهدى محله، إذا حلق للأذى والمرض، أو عنى به مرضاً لا يمنعه من الوصول إلى البيت، وإلا فأي معنى لذكر المرض عند ذكر الإحلال، وحكمه عند عدم الإحلام يثبت؟
ويحتمل على موجب مذهب أبي حنيفة أن قوله: فمن كان منكم مريضاً، عائداً إلى أول الخطاب، كما عاد إليه حكم الإحصار وهو قوله: {وأتموا الحج والعمرة}، ثم عطف عليه قوله: {فََإنْ أُحْصِرْتُمْ} أي صددتم عن الإتمام، ثم عقب بقوله {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذَىً مِنْ رَأْسِهِ}. يعني أيها المحرمون بالحج والعمرة، ليكون على هذا الرأي مثبتاً حكم المريض، إذا صد عن الإتمام أن الذي يجب عليه ما استيسر من الهدي، وأنه إن لم يكن المريض ممنوعاً من الإتمام، فحكمه كذلك، ليكون قد بين حكم المرض دون الاحصار، والمرض عند الإحصار..
(1/73)
________________________________________
فقيل لهم: فقد قال: {فَإذَا أمنتُم}، وذلك إنما يطلق على العدو لأن الأمن نقيض الخوف، ويقال في نقيض المرض الشفاء.
نعم قد يقال: أمن المرض وزال الخوف منه، ولكن لا يطلق إسم الأمن عليه غالباً.
وحكي عن ابن الزبير، أنه لا يتحلل بالعدو والمرض إلا بأن يلقى البيت ويطوف..
وقال ابن سيرين: الإحصار يكون من الحج دون العمرة، وذهب إلى أن العمرة غير مؤقتة وأنه لا يخشى الفوات..
والمذهبان مختلفان لنص الخبر عام الحديبية، فإنه عليه السلام تحلل من عمرته وكان محرماً بها..
الأحكام الواردة في سورة ( البقرة )
{ وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذالِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [البقرة:196]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الحج

قوله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الهَدْيُ محِلّهُ} الآية [196]:
زعموا أن مطلق المحل هو الحرم، لقوله عز وجل: {ثُمَّ مَحِلُّها إلىَ البَيْتِ العَتِيقِ}.
وقال في موضع آخر: {هَدْياً بالِغَ الكَعْبَةِ} فجعل بلوغ الكعبة من صفات الهدي، كما يجعل التتابع من صفات الصوم ولا خفاء بوجه الجواب عن هذا.
(1/74)
________________________________________
فقيل لهم: فقد قال الله تعالى: {والهَدْيَ مَعْكُوفَاًً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلّهُ}، فأجابوا بأن ذلك هو الدليل على أن المحل هو الحرم.
فقيل لهم: هو كذلك في غير المحصر وهو الأصل، فالإحصار عذر نادر، ودل قوله تعالى: {مَعْكُوفَاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلّهُ}، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم تحلل بذبح وقع في الحل.
فأجابوا بأن النبي عليه السلام ذبح في الحرم، ولكن لما حصل أدنى منع، جاز أن يقال: إنهم منعوا لمنعهم الهدي بدياً قبل الصلح، كما وصف المشركين بصد المسلمين عن المسجد الحرام، وإن كانوا أطلقوا بعد ذلك، وقال سبحانه: {يا أَبَانَا مُنِعَ مِنّا الكَيْلُ}، وإنما منعوه في وقت وأطلقوه في وقت آخر.
وقد جوز مالك والشافعي وأبو حنيفة، ذبح هدي الإحصار في الحج متى شاء.
وأبو يوسف ومحمد والثوري لا يرون الذبح قبل يوم النحر، فكأنهم يقيسون الزمان على المكان، ويستدلون بقوله تعالى: {حَتّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلّهُ}، والمحل يقع على الوقت والمكان جميعاً فكان عموماً.
ولا شك أن الله تعالى ذكر العمرة أيضاً، ووردت الآية في صلح الحديبية، وهدي العمرة لا يتأقت بزمان بالإتفاق.
ولهم أن يقولوا: في الآية ذكر الحج والعمرة، وذكر محل الهدي فهو عموم إلا ما خصه دليل الإجماع.
ونقول من طريق النظر: إن الإختصاص بمكان التحلل، يدل على الإختصاص بزمان التحلل، وزمان التحلل هو يوم النحر، وهذا على أصل أبي حنيفة لازم، أما الشافعي فإنه يعتبر معنى الحاجة في جواز ترك الزمان والمكان جميعاً، نظراً إلى معنى الرخصة.
ولما قال تعالى: {ولاَ تَحْلِقُوا رُؤوسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلّهُ}،ظهر منه أنه إذا بلغ الهدي محله جاز الحلق، وليس فيه دليل على وجوبه، بل يجوز أن يكون استباحة المحظور الذي كان, وهو مذهب أبي حنيفة ومحمد.
وأبو يوسف يوجبه في رواية.
(1/75)
________________________________________
والذي لا يوجب الحلق يقول: إنه لما سقط عنه سائر المناسك التي لم يتعذر فعلها، مثل الوقوف بالمزدلفة، ورمي الجمار، ولم يمكنه الوصول إلى البيت، ولا الوقوف بعرفة، فلا يلزمه الوقوف بالمزدلفة، ولا رمي الجمار مع إمكانهما، لأنهما مرتبان على مناسك تتقدمهما، كذلك الحلق مرتب على أفعال أخر، لم يكن فعله قبلها نسكاً.
وحجة أبي يوسف أنه صلى الله عليه وسلم: أمر بالحلق وترحم على المحلقين ثلاثاً.
ويجاب عنه بأنه أمر وأعاد القول، لأنه أراد أن يتحللوا ويرجعوا وما كانوا يفعلون، لأنهم كانوا ينتظرون نزول القضاء، بأمر يمكنهم به الوصول إلى العمرة، ثم إن النبي صلّى الله عليه وسلم بدأ فنحر هديه وحلق رأسه، فلما رأوه كذلك، حلق بعضهم وقصر بعضهم، فدعا للمحلقين ثلاثاً لمبالغتهم في متابعة رسول الله، ومسارعتهم إلى أمره..
ولما قيل له: يا رسول الله، دعوت للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة؟
قال: لأنهم لم يشكوا، يعني أنهم لم يشكوا في أن الحلق أفضل من التقصير، واستحقوا الثواب للمتابعة..
قوله: {فإذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتّعَ بِالْعُمْرَةِ إلىَ الحَجِّ}. الآية [196].
ذكر ذلك بعدما ذكر شأن المحصر، فقال ابن عباس وابن مسعود: على المحصر بعد زوال الإحصار حجة وعمرة، فإن جمع بينهما في أشهر الحج، فهو متمتع وعليه دم، وإن لم يجمعهما في أشهر الحج فلا دم عليه، وهو قول علقمة، والحسن، وإبراهيم، والقاسم، وسالم، ومحمد بن سيرين، ومذهب أبي حنيفة وأصحابه.
وإنما يوجب عليه أبو حنيفة حجة وعمرة، إذا حل بالدم ولم يحج من عامه ذلك، ولو أنه حل من إحرامه قبل يوم النحر، ثم زال الإحصار فأحرم بالحج، ثم حج من علمه لم يكن عليه عمرة، لأنه رأى أن هذه العمرة إنما هي العمرة التي تلزم بالفوات، لأنه من فاته الحج فعليه التحلل لعمل العمرة، فلما حصل حجه فائتاً كان عليه عمرة للفوات.
(1/76)
________________________________________
الكثيرون يسألونني عن انتمائي وأقول أن انتمائي لوطني
ووطني هو كل شبر فوق سطح الارض يرفع فيه الآذان
2013-07-08, 21:14
#19
الصورة الرمزية أم عبد النور
أم عبد النور
:: عضوية شرفية ::
تاريخ التسجيل : Jul 2011
العمر : 20 - 25
الجنس : انثى
المشاركات : 4,704
تقييم المستوى : 17
أم عبد النور غير متواجد حالياً
افتراضي
والدم الذي عليه في الإحصار، إنما هو لتعجل إحلاله، لا لقيام الدم مقام الأعمال التي تلزم بالفوات، إذ الدم لا يقوم مقام تلك الأعمال، ويدل على ذلك: أن الدم لو قام مقام الأعمال، ما جاز الدم قبل الفوات، كما لا يجوز فعل العمرة التي لا تلزم بالفوات قبل الفوات، لعدم وقتها وسببها، ودم الإحصار يجوز ذبحه والإحلال به قبل الفوات، وهو يوم النحر. وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة ومحمد، وإن خالف فيه أبو يوسف في رواية: فرأى أن الدم بالإحلال لا على أنه قائم مقام أعمال العمرة، فدل أن الدم يتعلق بتعجيل الإحلال.
وهذا من أبي حنيفة دليل دال، على أنه يجعل أعمال من فاته الحج، أعمال العمرة وهذا بعيد، فإنه لم ينو إلا الحج وما لزمه غيره، غير أنه إذا فاته من أعمال الحج ما يتأقت، وهو الوقوف، وجب أن يأتي منها بما لا يتأقت، فالمؤدي أعمال الحج لا غير، إلا أنه رخص في المحصر أن يتحلل، ولا يأتي بأفعال الحج، لا أن عليه مع الحج عمرة حتى يقضي الحج ويتداركه مع العمرة، ولو أمكن تدارك الوقوف دون غيره لفعل، ولكنه غير ممكن، فلا بيان لقوله في إيجاب العمرة مع الحج.
وإذا لم يحل المحصر حتى فاته الحج، ووصل إلى البيت، فعليه أن يتحلل بعمل عمرة.
وقال مالك: يجوز له أن يبقى محرماً حتى يحج في السنة الآتية.
وقال: وإن شاء تحلل لعمل عمرة، ولا يجوز ذلك لفائت الحج لتقصيره، وكأنه يقول: جاز له التحلل نظراً له، فإذا اختار الضرر فله ذلك، وهذا بعيد. فإنه لو جاز له استبقاء الإحرام، لما جاز التحلل كما لا يجوز له التحلل في السنة الأولى، حين أمكن فعل الحج به، ولقوله وجه على كل حال..
ولا يوجب الشافعي ومالك على المحصر في حجة التطوع قضاء من قابل.
وأبو حنيفة يحتج بأن آية الاحصار، نزلت في عام الحديبية، ورسول الله صلى الله عليه وسلم معتمر، وكان قد اعتمر من قبل الهجرة مراراً، وقضى العمرة في القابل، وسميت عمرة القضاء..
(1/77)
________________________________________
وعندنا يجوز أن يقضي وإنما الكلام في الوجوب..
ولما قال تعالى في المحصر: {وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤوسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الهَديُ مَحِلّهُ}، قال أبو حنيفة: إذا لم يجد المحصر هدياً، لا يحل حتى يجد هدياً ويذبح عنه.
وقال الشافعي في قول: يحل ويذبح إذا قدر.
وقيل: إن لم يقدر على دم أجزأه، وعليه الطعام، أو الصيام إن لم يجد ولم يقدر، وقاسه على دم المتمتع.
واحتج محمد بن الحسن، بأن هدي المتمتع منصوص عليه، وهدي المحصر كذلك، فلا يقاس المنصوصات بعضها على بعض.
وذكر غيره أن الكفارات بالقياس لا يجوز إثباته، ووجه الجواب عنه بين.
قوله تعالى: {ولا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ} إلى قوله: {فَفِدية ٌمِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسكٍ} وقوله تعالى: {أَوْ بهِ أَذَىً مِنْ رَأْسِهِ}، يفيد أنه لو كان به قروح في رأسه، أو جراح، فاحتاج إلى سده وتغطيته، كان حكمه في الفدية حكم الحلق، وكذلك سائر الأمراض التي تصيبه، واحتاج معها إلى لبس الثياب جاز له أن يستبيح ذلك ويفتدى. لأن الله تعالى لم يخصص شيئاً من ذلك، فهو عموم في الكل.
فعلى هذا إن قال قائل: {أوْ بهِ أذىً مِنْ رَأْسِهِ} معناه: فحلق، ففدية قبل الحلق، وهو غير مذكور وإن كان مراداً، وكذلك اللبس وتغطية الرأس، كل ذلك غير مذكور وهو مراد، لأن المعنى فيه استباحة ما يحظره الاحرام للعذر، وكذلك لو لم يكن مريضاً وكان به أذى في بدنه، يحتاج معه إلى حلق الشعر، كان في حكم الرأس في باب الفدية، إذا كان المعنى معقولاً وهو استباحة ما يحرمه الإحرام في حالة العذر.
وصيام الجبرانات ثلاثة أيام في خبر كعب بن عجزة، ويحكى فيه خلاف ذلك عن الحسن وعكرمة، وأن الصيام لها عشرة أيام كصيام المتمتع.
وأما النسك فأقله شاة.
(1/78)
________________________________________
والفدية بالصدقة، أن يطعم ستة مساكين ثلاثة آصع من تمر أو طعام، فأما الصدقة بالطعام والدم، فيمكنه عند الشافعي، والصيام، حيث شاء، وأبو حنيفة يجوز الصدقة حيث شاء، لمطلق قوله ففدية من صيام أو صدقة أو نسك، غير أن الدم اختص بالحرم بقوله: {ثُمَّ مَحِلُّها إلىَ البَيْتِ العَتِيقِ}، وقال: {هَدْيَا بالغَ الكَعْبَةِ}.
والشافعي يرى أن وجوب الذبح متى كان في الحرم، أوجب اختصاص التصدق باللحم بالحرم أيضاً، وهذا أيضاً مذكور في علم الخلاف..
قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتّعَ بِالْعُمْرَةِ إلى الحَجِّ} الآية..، والتمتع كرهه عمر، لأنه أحب عمارة البيت بكثرة الزوار له في غير الموسم، وأراد إدخال الرفق على أهل الحرم بدخول الناس إليهم، تحقيقاً لدعوة إبراهيم عليه السلام بقوله:
{فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ}.
ورخص الشرع في ذلك نظراً لأرباب الدور البعيدة، وليجمعوا بين النسكين في أيام الحج، مراغمة لأهل الجاهلية، في جعلهم العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور وأكبر الكبائر.
وسماه الله تعالى تمتعاً، لأنه تمتع بربح سفر العمرة.
ولزمه الدم لذلك، ولم يجب على حاضري المسجد الحرام، لأنهم لم يربحوا سفراً.
وأبو حنيفة يقول: لا متعة ولا قران لحاضري المسجد الحرام، فإن قرن منهم قارن أو تمتع، فهو مخطىء، وعليه دم لا يأكل منه، لأنه ليس هو بدم متعة، إنما هو دم جناية.
والشافعي يقول: لهم أن يتمتعوا بلا هدي..
واحتج أبو حنيفة بقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكنْ أهله حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ}. فانصرف ظاهره إلى القرآن والمتعة، أي: ليس للحاضرين ذلك، ولو كان المراد به الدم لقال: "ذلك على من لم يكن".
والشافعي يقول: لهم، بمعنى عليهم، وإلا فالنسك لا يختلف في متعة أهل مكة من القرآن.
(1/79)
________________________________________
والتمتع دليل على أن القرآن رخصة، لكنه رآها لأرباب المسافة البعيدة، وذلك يقتضي كون الإقران أفضل، لأن الرخصة لا تكون أفضل، بل هي لمكان الحاجة، وكونه رخصة، يقتضي كون الدم دم جبر، حتى لا يؤكل منه خلافاً لأبي حنيفة.
ثم اعتقد أبو حنيفة أن استثناء أهل مكة، إنما كان لإلمامهم بالأهل، فالإلمام بالأهل بين العمرة والحج في حق الآفاقي، يمنع كونه متمتعاً، ولم ينظر إلى صورة السفر، وقال: إذا خرج من مكة حتى جاوز الميقات، فهو متمتع، إن حج من عامه ذلك، إذا لم يلم بأهله بعد العمرة.
وقال أبو يوسف: إنه ليس بمتمتع، لأن ميقاته الآن في الحج ميقات أهل بلده، لأن الميقات صار بينه وبين مكة، فكان بمنزلة عوده إلى أهله، وزعموا أنه لو أحرم بالعمرة في رمضان، واعتمر في شوال، وحج من عامه، كان متمتعاً، وإن وقع الإحرام في غير أشهر الحج، وقالوا: يعتبر وقوع أكثر الطواف في أشهر الحج، فأن وقع في غيره لم يكن متمتعاً، يعني الأكثر.
وشيء من ذلك لا يعتبر عندنا..
وأما حاضري المسجد الحرام، فهم من كان دون مسافة القصر عند الشافعي، ودون الميقات عند أبي حنيفة، ويبعد جعل أهل ذي الحليفة من حاضري المسجد الحرام، وبينهم وبين مكة مسيرة عشرة أيام.
وذكر عبدالله بن الزبير، وعروة بن الزبير متعة أخرى: وهو أن يحصر الحاج المفرد بمرض أو أمر يحبسه فيقدم فيجعلها عمرة، ويتمتع بحجة إلى العام القابل ويحج، فهذا المتمتع بالعمرة إلى الحج، فكان من مذهبه أن المحصر لا يحل، ولكنه يبقى على إحرامه، حتى ينحر عنه الهدي يوم النحر، ثم يحلق ويبقي على إحرامه، حتى يقدم مكة فيتحلل بعمل عمرة من حجه..
(1/80)
________________________________________
والذي ذكره ابن الزبير بخلاف عموم قوله: {فَإنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ منَ الهَدْي} بعد قوله: {وأَتِمُوا الحجَّ والعُمْرَةَ للهِ}، ولم يفصل في حكم الإحصار بين الحج والعمرة، والنبي عليه السلام وأصحابه، حين حصروا بالحديبية، حلق وحل أمرهم بالإحلال، وعلى أن الذي يلزم بالفوات، ليس بعمرة، وإنما هو مثل عمل عمرة، وهي من أعمال الحج.
والله عز وجل يقول: {فَمَنْ تَمَتّعَ بِالْعُمْرَةِ إلىَ الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْي}. فجعل الهدي معلقاً بفعل العمرة والحج، والدم الذي يلزمه هو بالإحصار، غير متعلق بوجود الحج بعد العمرة، وهذه المتعة هي الإحلال إلى النساء،لا على الوجه الذي ذكرناه من الجمع بين العمرة والحج في أشهر الحج.
نعم إذا بان أنه ليس بعمرة، فالذي قاله أبوحنيفة، من وجوب قضاء الحج والعمرة على المحصر بعد التحلل ليس بصحيح.
المتعة الأخرى: وهي فسخ الحج، إذا طاف له قبل يوم النحر، وهذا الحكم غير ثابت، إلا على قول ابن عباس، فإنه كان يراه على ما رواه عطاء عنه، وأنه كان يقول: لا يطوف أحد بالبيت قبل يوم النحر إلا حل من حجه، فقيل له: من أين قلت ذلك؟..
فقال: من سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأمره الناس في حجة الوداع أن يحلوا، ومن قول الله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إلىَ البَيْتِ العَتِيقِ}، وتظاهرت الأخبار أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر أصحابه بفسخ الحج، من لم يكن معه منهم هدي، ولم يحل هو عليه السلام وقال:
"إني سقت الهدى فلا أحل إلى يوم النحر"، ثم أمرهم فأحرموا بالحج يوم التروية، حين أرادوا الخروج إلى منى، وهي إحدى المتعتين اللتين قال عمر: متعتان كانتا علىعهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنا أنهي عنهما وأضرب عليهما: متعة النساء ومتعة الحج.
وروي عن بلال بن الحارث المزني أنه قال: قلت: يا رسول الله، فسخ الحج لنا خاصة أم لمن بعدنا؟..
فقال:لا، بل لنا خاصة.
(1/81)
________________________________________
وقال أبو ذر: لم يكن فسخ الحج بعمرة، إلا لأصحاب رسول الله..
وقال قوم: إن أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالإحلال،كان على وجه آخر، وذكر مجاهد ذلك الوجه، وهو أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما كانوا فرضوا الحج أولاً، بل أمرهم أن يهلوا مطلقاً، وينتظرون ما يؤمرون به، وكذلك أهل على اليمن، وكذلك كان إحرام النبي عليه السلام، ويدل عليه قوله عليه السلام:
"لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة".
وكأنه خرج ينتظر ما يؤمر به، وبه أمر أصحابه، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:
"أتاني آت من ربي في هذا الوادي المبارك - وهو بوادي العقيق - فقال: صل بهذا الوادي وقل حجة في عمرة".
فهذا يدل على أن النبي صلّى الله عليه وسلم، خرج منتظراً ما يؤمر به، فلما بلغ الوادي أمر بحجة في عمرة، ثم أهل أصحاب النبي عليه السلام بالحج، وظنوا أنه أمرهم بذلك، فلم يكن إحرامهم صحيحاً، أومروا بالمتعة بأن يطوفوا البيت، ويحلوا ويعملوا عمل العمرة ويحرموا بالحج، كما يؤمر من يحرم بشيء لا يسميه أنه يجعله عمرة إن شاء، وهذا ليس له وجه، فإن الصرف إلى الحج إن لم يصح، فلا حاجة إلى الفسخ، وإن صح ففسخه هو الحكم المنسوخ.
ولأن المقصود إبانة حكم مفسوخ، وفي وقتنا هذا تمام العمرة، إذا صرف إلى أحد النسكين، تعين فلا يقبل الفسخ..
والصحيح في ذلك ما ذكرته عائشة، وقد أنكرت أن يكون النبي عليه السلام، أمر بفسخ الحج على حال، وقالت:
"خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنا من أهلّ بالحج، ومنا من أهلّ بالعمرة، ومنا من قرن"، فمن أهل بحج مفرد أو قرن، لم يحل حتى يقضي مناسك الحج، ومن أهل بعمرة وطاف وسعى، حل من إحرامه حتى يستقبل حجاً..
وروي عن أصحاب أبي حنيفة، بناء على الأقوال الأولى، أن هدي المتعة لا يجزئ قبل يوم النحر، لأن النبي عليه السلام قال:
"لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة".
(1/82)
________________________________________
الكثيرون يسألونني عن انتمائي وأقول أن انتمائي لوطني
ووطني هو كل شبر فوق سطح الارض يرفع فيه الآذان
2013-07-08, 21:15
#20
الصورة الرمزية أم عبد النور
أم عبد النور
:: عضوية شرفية ::
تاريخ التسجيل : Jul 2011
العمر : 20 - 25
الجنس : انثى
المشاركات : 4,704
تقييم المستوى : 17
أم عبد النور غير متواجد حالياً
افتراضي
وقد كان النبي عليه السلام قارناً وقد ساق الهدي، وقال لعلي: "إني سقت فلا أحل قبل يوم النحر"، فدل على امتناع جواز ذبح الهدى للمتعة قبل يوم النحر.
وهذا فاسد، فإنه بيّنَا أن النبي عليه السلام، لم يأمر أحداً بفسخ الحج وجعله عمرة، وأن الأمر على ما قالته عائشة، وإنما قال عليه السلام ما قال، لأنهم التمسوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يعتمر معهم، فذكر أنه أحرم بالحج وأنه لا يقضي مناسكه، إلا في يوم النحر وبعده.
وكانت عائشة وافقت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك قالت: أكل نسائك ينصرفن بنسكين وأنا أنصرف بنسك واحد؟ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم، فاعتمرت وانصرفت بنسكين.
وقوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أيّامٍ} الآية [196]. يدل على أن صيام الثلاثة الأيام يجب أن يقع في الحج، لا كما قال أبو حنيفة، إنه يجوز ذلك بعد الإحرام بالعمرة، قبل الإحرام بالحج..
وقوله تعالى: (في الحج): إما أن يكون المراد به: في الإحرام بالحج، أو في أشهر الحج، وأحد المعنيين خلاف الإجماع فتعين الثاني.. وكيف يجوز أن يعلق البدل على عدم الأصل، ثم يجوز البدل في غير وقت جواز الأصل؟
وإن زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إني سقت الهدي فلا أحل قبل يوم النحر"، فهذا هو التحلل من الحج لا غيره.
ولأصحاب الشافعي خلاف في جواز تقديم العبادة المالية على وقت الوجوب إذا وجد سببها.
ولكن سبب البدل يكون بسبب الأصل لا محالة، فأما أن يمتنع الأصل، ولا يمتنع البدل فلا وجه له، وبه يعلم أن لا سبب قبل الإحرام بالحج، فإنه إنما يمتنع بإخلاء بعض وقت الحج عن الإحرام بالحج وشغله بغيره، فلا يظهر ذلك ولا يتحقق، قبل الإحرام بالحج.
ولأجل بناء البدل على الأصل قلنا: إن لم يصم المتمتع قبل يوم النحر، صام الثلاث بعد أيام التشريق.:
(1/83)
________________________________________
وقال أبو حنيفة: لا يصوم بعد أيام الحج، ويصوم قبل الإحرام بالحج وأيامه، وهذا تناقض بين، وقصارى قوله تعالى: {في الحج} بيان وقت الجواز، وأنه يتهيأ له في تلك الحالة، لأنه يكون على صورة المقيمين، والإ فصيام الثلاثة والسبعة والهدى ميقاتها واحد، ويجوز تأخيرها عندنا بعذر السفر، وهو كأداء الكفارات بعد وجوبها من غير فرق.
وسوى أصحاب الشافعي بين الأصل والبدل، وصيام السبعة والثلاثة في أن جميعها شيء واحد.
وفرق أبو حنيفة وأصحابه بينهما قالوا: إذا وجد الهدي بعد دخوله في الصوم قبل أن يحل، فعليه الهدي ويبطل حكم الصوم.
وعند الشافعي: كما لا يبطل صوم السبعة بوجود الهدى بعد الثلاثة، فكذلك بعد الصوم في أول اليوم أو في ثانيه، لأن الله تعالى قال: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثةِ أيّامٍ في الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رجعتمْ} [196] فجعل الجميع بدلاً.
وزعم المخالف أن صوم الثلاثة يتوقف عليها الحل، ففرض الهدي قائم عليه، ما لم يحل وتمضي أيام النحر التي هي مسنونة للحلق، فمتى وجد فعليه أن يهدي، وزعموا أن الهدي مشروط للإحلال، لأنه لا يجوز أن يحل ذبح الهدي، لقوله تعالى:
{وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤوسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلّهُ}.
فمن لم يحل حتى وجد الهدي، فعليه الهدي، لأن الله عز وجل لم يفرق في إيجابه الهدي بين حاله قبل دخوله في الصوم أو بعده، وهذا غلط، ولو كان وجوب الهدي لمكان التوصل به إلى الإحلال، ما ثبت وجوبه إلا على هذا الوصف، ويسقط بالإحلال دون الهدي، إذا لم يجد الهدي ولم يصم الثلاثة، وهذا خلاف الإجماع. ولأنه أوجب الهدى على المتمتع، فكان ذلك مضافاً إلى تمتعه لا إلى غيره، وذلك لا يستدعي وصف الإحلال، ولو كان لوصف الإحلال، لما شرع صوم السبعة بدلاً عن الهدي بعد الإحلال، لأن البدل يقصد به ما قصد بالأصل، ولا يجوز أن يشرع بعض البدل لمقصود، وبعضه لمقصود آخر..
(1/84)
________________________________________
نعم أوجب الله تعالى عليه الهدي أولاً جزاء على تمتعه، فإذا لم يجد أوجب الصوم، فإذا ابتدأ الصوم ها هنا أو صوم الظهار، فقد صح الصوم، ومتى صح الصوم، سقط عنه فرض الرقبة والهدي لصحة الجزاء المفعول عنه، ولذلك قالوا في المتيمم إذا رأى الماء في خلال صلاته، إن فرض الطهارة بالماء يسقط عنه لهذه الصلاة، فخرج الوضوء عن كونه شرطاً في حق هذه الصلاة، وليس يمكن أن يقال إن الصلاة أو الصوم موقوفان لا يحكم بصحتهما، فإن الوقف إنما يكون إذا لم تكمل شرائط الصحة، فأما إذا كملت الشرائط، فلا يمكن أن يجعل موقوفاً، ولو بطلت العبادة، فليس بطلانها نظراً إلى الحال، بل لمكان الفساد فيما مضى، وفساده فيما مضى لعدم شرطه فيما مضى..
قوله تعالى: {وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُم}، يحتمل الرجوع إلى أهله ويحتمل الصوم في الطريق في حالة الرجوع من منى.
وقوله {كاملة}، يحتمل أنها كاملة في قيامها مقام الهدي.
ويحتمل أن يزيل به خيال تأويل مستكره، وهو أن الواو ربما تذكر بمعنى أو، فأزال هذا الإحتمال بقوله: كاملة.
وجعل الشافعي هذا من البيان الأول، فقيل له: قوله: ثلاثة وسبعة، غير مفتقر إلى البيان، فكيف يعده من أقسام البيان؟..
فأجاب بأنه لا يحتاج إلى بيان ليخرج به عن حد الإشكال، ولكنه يخرج به عن حد الإحتمال البعيد الضعيف، فجعلناه في أول أقسام البيان، لأن معناه تجلى على وجه لا مرتقى بعده في درجات البيان..
{ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ ياأُوْلِي الأَلْبَابِ } [البقرة:197]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الحج

قوله: {الحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [197].
إختلف الناس في أشهر الحج ما هي؟..
(1/85)
________________________________________
فقال ابن عباس وابن عمر: إنها شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.
وعن ابن مسعود: أنها شوال وذو القعدة وذو الحجة.
وعن ابن عباس وابن عمر في رواية أخرى مثله، وكذلك روي عن طاوس ومجاهد..
وقال قائلون: يجوز أن لا يكون ذلك اختلافاً في حقيقة، وأن يكون مراد من قال: وذو الحجة أنه بعضه، لأن الحج لا محالة، إنما هو في بعض هذه الأشهر لا في جميعها، لأنه لا خلاف أنه ليس يبقى بعد أيام منى شيء من مناسك الحج، فأريد بعض الشيء يذكر جميعه، كما قال صلى الله عليه وسلم في أيام منى ثلاثة، وإنما هي يومان وبعض الثالث.
ويقال: حجبت عام كذا، وإنما حج في بعضه، ولقيت فلاناً في سنة كذا، وإنما كان لقاؤه في بعضها، وكلمته يوم الجمعة وإنما المراد به البعض.. هذا في فعل لا يستغرق كل الوقت..
ويحتمل وجهاً آخر: وهو أن الجاهلية كانوا ينسئون الشهور، فيجعلون صفر المحرم، ويستحلون المحرم على حسب ما يتفق لهم من الأمور التي يريدون بها القتال، فأبطل الله تعالى النسىء، وأقر وقت الحج على ما كان عليه ابتداؤه يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة إثنا عشر شهراً منها أربعة حرم: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، فقال الله تعالى: {الحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}، يعني بها هذه الأشهر، التي ثبت وقت الحج فيها، دون ما كان عليه أهل الجاهلية من تبديل الشهور وتقديم الحج وتأخيره، وقد كان الحج عندهم معلقاً بأشهر الحج، التي هي الأشهر الحرم الثلاثة التي يأمنون فيها صادرين وواردين، فذكر الله تعالى هذه الأشهر، وأخبر باستقرار أمر الحج فيها، وحظر عليهم تغييرها وتبديلها إلى غيرها.
(1/86)
________________________________________
ويحتمل أيضاً أن الله تعالى لما قدم ذكر التمتع إلى الحج، ورخص فيه وأبطل به ما كانت العرب تعتقده من حظر العمرة في هذه الأشهر، قال الله تعالى: {الحجُّ أشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}، فأفاد بذلك أن الأشهر التي يصح فيها التمتع بالعمرة إلى الحج، ويثبت حكمه فيها، هي هذه الأشهر، وأن من اعتمر في غيرها ثم حج، لم يكن متمتعاً، ولم يكن له حكم التمتع.
1)…الحج

قوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيِهِنَّ الحَجَّ} [197] أي أوجبه على نفسه فيه.
وظن بعض الناس أنه لا بد من شئ يصح القصد إليه، ويصح فرضه، يعني إيجابه، وهو التلبية، وهو مذهب أبي حنيفة.
والشافعي يقول: أوجب فيه على نفسه فعل الحج، وهو منقسم إلى كف النفس عن المحظورات، كالصوم، وإلى أفعال تباشرها..
قوله: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ} الآية [197]:
قال ابن عمر: الرفث الجماع.
وعن ابن عباس مثل ذلك.
وروي عنه أنه التعريض بالنساء.
والأصل في الرفث الإفحاش في القول، وبالفرج الجماع، وباليد الغمز للجماع، هذا أصل اللغة.
فدلت الآية، على النهي عن الرفث في هذه الوجوه كلها، ومن أجله حرم العلماء ما دون الجماع في الإحرام، وأوجبوا في القبلة الدم.
وأما الفسوق فالسباب، والجدال والمراء، وقيل: هو أن تجادل صاحبك حتى تغضبه، والفسوق المعاصي، فدلت الآية على تحريم أشياء لأجل الإحرام، وعلى تأكيد التحريم، في أشياء محرمة في غير الإحرام، تعظيماً للإحرام، ومثله قوله:
"إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل فإن جهل عليه فليقل إني امرؤ صائم "..
قوله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا} في هذا المقام، يعطي التزود للحج حتى لا يتكلوا على الناس وسؤالهم.
الأحكام الواردة في سورة ( البقرة )
(1/87)
________________________________________
الكثيرون يسألونني عن انتمائي وأقول أن انتمائي لوطني
ووطني هو كل شبر فوق سطح الارض يرفع فيه الآذان

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جميع المقالات الفلسفية (شعبة العلوم التجربية - نظام جديد) Tassilialgerie شعبة العلوم التجريبية 55 2022-11-08 10:18
التناقض الكبير عندما يتعلق الامر بالانتخابات Tassilialgerie منتدى النقاش الحر 6 2016-01-20 15:43
كل ما يتعلق بالصيام mOuli رمضانيات طاسيلي الجزائري 4 2013-07-21 21:38
كل ما يتعلق برمضان wissam_boubi رمضانيات طاسيلي الجزائري 3 2013-07-05 18:11
فيما يتعلق بقضية الطالبة خولة abdouchoupo طاسيلي العام 10 2012-11-27 11:50

الساعة معتمدة بتوقيت الجزائر . الساعة الآن : 01:18
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي شبكة طاسيلي ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)