المبحث الثالث: أثار الأزمة المالية على الاقتصاد الجزائري و التدابير الوقائية لتجنبها
المطلب الأول: أثار الأزمة المالية على الجزائر
مما لا شك فيه أن الاقتصاد الجزائري كغيره من الاقتصاديات العالمية سوف يتأثر بالأزمة المالية العالمية، وإن كان بنسبة أقل مقارنة بالدول الأخرى و ذلك للأسباب التالية:
• عدم وجود سوق مالية بالمعنى الفعلي في الجزائر.
• عدم وجود ارتباطات مصرفية للبنوك الجزائرية مع البنوك العالمية بالشكل الذي يؤثر عليها.
• انغلاق الاقتصاد الجزائري بشكل نسبي على الاقتصاد العالمي، ذالك أن الإنتاج الجزائري لا يعتمد على التصدير بإستثناء المحروقات و ذلك ما يجعله في مأمن من أي كساد قد يصيب الاقتصاد العالمي والكثير من الدول التي تعتمد على صادرات قد تتأثر بالركود والكساد في الدول المستهلكة لمنتجاتها.
• اعتماد الحكومة الجزائرية على موازنة بسعر مرجعي يقل كثيرا عن أسعار السوق وهذا ما يجنبها أي انعكاسات في حالة انخفاض أسعار البترول. وباعتبار أن الجزائر من الدول العربية المصدرة للبترول والذي ساهم في ارتفاع المداخيل خلال النصف
الأول من سنة 2008 حسب تقرير البنك العالمي الذي أشار إلى أن الجزائر حققت نسبة نمو هذه السنة ب 4,9 % مقابل 3,1 % سنة 2007 وقدرت نسبة النمو خارج المحروقات ب 6% وهي نتاج النفقات العمومية في قطاعات مثل البناء والخدمات المتعلقة بالبنى التحتية والهياكل القاعدية، وأشار تقرير البنك العالمي أن الجزائر تتمتع بوضع مالي مريح إذ قدر احتياطي الصرف نهاية سبتمبر من سنة 2007 ب 130 مليار دولار بزيادة قيمتها 30 مليار دولار مقارنة بنهاية 2007 ، إلا أن تراجع الأسعار بدأ يشكل بالنسبة للدول النفطية عامل ضغط مستمر وهو ما يتوقع حسبه إلى أن سنة 2009 هي آخر سنة لمخطط دعم النمو الاقتصادي الذي ومع تراجعه جند له أكثر من 150 إلى 160 مليار دولار ستنتهي بنسبة نمو متواضعة تقدر ب 3,8 أسعار البترول إلى أقل من 50 دولار للبرميل واستمرار تدني الأسعار وعزوف الرأسمال الأجنبي على الاستثمار في الجزائر فمن المتوقع أن تتأثر المشاريع الخاصة بالهياكل القاعدية والبنى التحتية التي تمول من قبل الدولة تدريجيا فضلا عن تأثر المداخيل الجبائية أيضا وهوما من شأنه أن يؤثر على الاقتصاد الجزائري.وعن تأثيرات الأزمة المالية على القطاع المصرفي فتشير التقارير الاقتصادية بأن الجزائر في منأى من
تداعياتها نظرا لعدم مخاطرتها في مجال التوظيف المالي، فضلا عن عدم ارتباط بنوك الجزائر بشبكات وتعاملات خارجية رغم الخسائر المسجلة في أصول البنوك الكبرى والمقدرة من قبل بنك التسوية العالمية ب 650 مليار دولار وأكثر من 1400 مليار دولار حسب صندوق النقد الدولي، وكنتيجة للتسيير الحذر لاحتياطات الصرف الجزائرية مع غياب أي استثمار في أصول ذات مخاطر، وتفادي خسائر في رأسمال محافظ الأصول ذلك ساهم في تحقيق نسبة مردودية مقدرة ب 4,6 % عام 2007 موازاة مع تخفيض قيمة المديونية الخارجية التي بلغت نهاية نوفمبر 2008 ما قيمته 3,9 مليار دولار، وأشار محافظ بنك الجزائر إلى أنه تم تقليص التزامات البنوك اتجاه الخارج التي تمثل أقل من 1% من مواردها وتم التركيز على التمويل المحلي بالدينار الجزائري بالنظر لتسجيل فوائض في الادخار تقدر بنسبة 57,2 % في 2007 و 55 في 2006 و 52 % في 2005 ، وقد بلغت قيمة صندوق ضبط الموارد في نهاية نوفمبر 2008 نسبة 40 % من الناتج الوطني الخام وهو عامل يساهم في امتصاص الصدمات الخارجية الناتجة عن الأزمة، إضافة إلى أن فائض السيولة النقدية في البنوك الجزائرية قدر ب 4192 مليار دينار أي ما يعادل 58,14 مليار دولار يكفي لتمويل الإقتصاد وتغطية كافة النفقات لمدة تتجاوز السنتين، وتعتبر توظيفات الجزائر المالية من احتياطاتها والمقدرة بحوالي 70 مليار دولار بنسب متواضعة تصل 1,5 % على شكل سندات خزينة أمريكية بنسبة 3,8 %، وتوظيفات لدى البنوك من الدرجة الأولى بعيدة عن المخاطرة
ورغم الآثار الغير مباشر للأزمة العالمية، إلا أنه قد انعكست إيجابا على بعض الجوانب في الاقتصاد الجزائري وتمثلت في النقاط التالية:
• انخفاض أسعار العديد من السلع في السوق العالمية: فكما يؤدي نمو الاقتصاد العالمي إلى زيادة أسعار السلع فركوده يؤدي إلى انخفاض أسعار السلع في السوق العالمية، وباعتبار الجزائر بلد مستورد للسلع فالأزمة نافعة للاقتصاد على الأمد القريب.
• انخفاض تكاليف مواد الإنتاج قد يخلق دينامكية في الاقتصاد، ومثال انهيار أسعار الحديد ساعدت قطاع العقار في الجزائر على النهوض بعد تعثره إثر ارتفاع أسعاره في السوق العالمية.
• اختلال التوازنات المالية الكبرى إن استمر