................****الاشتراكية****سنة اولىالاشتراكية
الاشتراكية socialism نظام اقتصادي اجتماعي يقوم على الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج الأساسية، من أجل تلبية حاجات المجتمع على الوجه الأمثل. والقاعدة الاقتصادية الأساسية في هذا النظام هي إلغاء التقسيم الطبقي في المجتمع وإلغاء استغلال الإنسان للإنسان، بهدف تحقيق العدل والمساواة بين أفراد المجتمع. وقد تعددت المذاهب والنظريات التي تناولت الفكر الاشتراكي، إلا أن النظرية الماركسية اللينينية وحدها هي التي نقلت هذا الفكر إلى الواقع وكانت الأساس الذي قامت عليه أنظمة اشتراكية سادت بلداناً عدة في القرن العشرين، ولذلك فإن البحث في أسس النظام الاشتراكي ومرتكزاته يعني في جوهره نظرة الماركسية ـ اللينينية إلى هذا الموضوع.
تتعارض الاشتراكية تعارضاً جذرياً مع الرأسمالية. لأن القضاء على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج واستبدال الملكية الاجتماعية بها يؤدي إلى تغيير البنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمجتمع. وبعد أن كان هدف الإنتاج في النظام الرأسمالي تحقيق الربح لمالكي وسائل الإنتاج باستغلال الطبقة العاملة والكادحين، يصبح هدف الإنتاج في النظام الاشتراكي تلبية حاجات أعضاء المجتمع المادية والروحية، ووضع حد للاستغلال. ويفرض هذا النظام واجب العمل على الجميع لأن «من لا يعمل لا يأكل». وبذلك يتحول المجتمع من مجتمع متناحر إلى مجتمع يوحد مصالح المنتجين والعاملين.
الجذور التاريخية للمذهب الاشتراكي
يرجع الكثير من مؤرخي الفكر الاقتصادي المذهب الاشتراكي إلى الفيلسوف
اليوناني أفلاطون، الذي صوّر في كتابه (الجمهورية) مجتمعاً مثالياً يعيش فيه
الناس حياة ملؤها السعادة، والحرية، والعدالة. وقد بنى أفلاطون هذا المجتمع
على ثلاث فئات من الناس هي:
الفئة الأولى: فئة الصناع، الذين يبنون المنازل، وينتجون الطعام، والملابس.
الفئة الثانية: فئة المحاربين، الذين يدافعون عن الوطن ضد العدوان الخارجي.
الفئة الثالثة: فئة الحكام الفلاسفة، الذين يتم اختيارهم بكل عناية ودقة،
ويحرم عليهم كل أنواع الملكية الخاصة، حتى ينصرفوا إلى رعاية حكمهم وإقامة
العدل بين الناس.
وقد كان أفلاطون يهدف، من وراء ذلك، إلى تصوير مدينة مثالية، يعيش فيها
الناس سعداء متحابين، وتزول منها كل صور الظلم الاجتماعي، والسياسي،
والاقتصادي. ورغم أن أفكاره ظلت أفكاراً خيالية بعيدة عن التطبيق الواقعي،
إلا أنها ظلت حاضرة في أذهان الكثير من الفلاسفة والمفكرين. فمنذ عهد
أفلاطون، لم يمر جيل إلا ويظهر فيه مفكر، أو فيلسوف، يحاول مقاومة مساوئ نظام
الملكية الخاصة، عن طريق تصوير مجتمع خيالي تنعدم فيه الملكية الخاصة، ويعيش
فيه الناس أحراراً من كل القيود المادية والمعنوية. فقد أفضت القرون، التي
فصلت بين عهد أفلاطون، وعصر الإصلاح الديني بالكثير من الأفكار التي تدعو
للمساواة، والملكية العامة للمجتمع، وغير ذلك من الأفكار، التي تدعو للعدالة
الاجتماعية لأكبر عدد ممكن من المواطنين. وقد تبنى هذه الأفكار الكثير من
الفلاسفة، والشعراء، والقساوسة، اعتقاداً منهم بأن شيوعية المجتمع هي الحالة
الطبيعية، وأن القانون الوضعي، الذي أوجد عدم المساواة والملكية الخاصة،
والفروق الطبقية بين الناس، ليس هو التفسير السليم لقانون السماء.
أما في عصر الإصلاح الديني، في أوربا، في القرن السادس عشر، فقد أثار
مارتن لوثر الشكوك حول الملكية الخاصة، وعدّها من السيئات التي يجب أن يتخلص
منها المجتمع. إلا أن هذه الآراء ظلت محبوسة في الإطار التخيلي، بعيدة عن
التطبيق على أرض الواقع، خاصة في ظل النفوذ القوي، الذي كان يتمتع به الملوك
والأمراء. واستمر الحال على هذا المنوال، حتى وضع كارل ماركس أساس الاشتراكية
العلمية، التي كانت تهدف إلى تقويض مبادئ الرأسمالية، وساندها في ذلك التفاوت
الطبقي، والاضطهاد الكبير، الذي عانته طبقة العمال، في الدول الأوربية، خلال
القرن التاسع عشر. وقد أخذت الاشتراكية صوراً مختلفة حيث راوحت بين
الاشتراكية الخيالية، والاشتراكية الإصلاحية، مروراً بالاشتراكية الماركسية
أو العلمية. ومما لاشك فيه أن إسهام مفكري هذا المذهب قد أثرى الفكر
الاقتصادي، وساعد في تطوره، خاصة أنها قد أخذت على عاتقها البحث عن نواقص
النظام الرأسمالي وعيوبهالأصولإن كلمة الاشتراكية الإنجليزية (1839) مستمدة من الاشتراكية الفرنسية (1832)، وإدخال التيار الرئيسي للاستخدام، في فرنسا، بيار يروكس.، وماري لويس روش ريبود؛ وبريطانيا -->روبرت اوين في 1827 وهو أبو الحركة التعاونية.على الرغم من أن النماذج الاشتراكية والتي تبني أفكار الملكية المشتركة كانت موجودة منذ العصور القديمة مع فلاسفة اليونان الكلاسيكيين --> أفلاطون وأرسطو، إن المفهوم الحديث للاشتراكية تطور استجابة لتطور الرأسمالية الصناعية.وأول دعوة للاشتراكية كانت تحبذ التسوية الاجتماعية من أجل خلق مجتمع الجدارة أو التكنوقراط على أساس الموهبة الفردية. كونت هنري دي سان سيمون يعتبر أول من صاغ مصطلح الاشتراكية. سيمون كان معجباً بالإمكانات الهائلة في مجال العلم والتكنولوجيا، ودعا إلى أن المجتمع الاشتراكي من شأنه القضاء على الجوانب غير المنضبطة للرأسمالية، وسيكون على أساس تكافؤ الفرص. دعا إلى إنشاء مجتمع يتمتع فيه كل شخص بمرتبة ومكانة وفقا لقدراته ومكافأة الفرد وفقا لعمله أو عملها. هذا وقد رافق رغبة في تنفيذ اقتصاد عقلاني يقوم على التخطيط المنظم والموجه نحو التقدم العلمي والمادي واسع النطاق، ، وبالتالي يجسد الرغبة في إجراء مزيد من التوجيه والاقتصاد المخطط.أوائل المفكرين الاشتراكيين الأخرين، مثل توماس هودجكين وتشارلز هول، اسندوا أفكارهم إلى نتائج ديفيدللنظريات الاقتصادية ومعللا بأن قيمة السلع توازن أسعار المنتجين عندما يقترب من تلك السلع فائض المعروض، وبأن هذه أسعار المنتجين تناظر الطلب عليها. الاشتراكيين الريكارديين ينظر إلى أن الربح والفائدة والريع يخصم من قيمة هذا التبادل. نقاد الغرب الأوروبي الاجتماعيين، بما في ذلك روبرت أوين ، شارل فورييه ، بيير جوزيف برودون ، لوي تشارلز هولبلان، تشارلز هول وسان سيمون، كانوا أول الاشتراكيين الجدد الذين انتقدوا الفقر والتفاوت المفرط في الثورة الصناعية.وهم دعوا إلى إالصلاح مع البعض مثل روبرت أوين والدعوة إلى تحول المجتمع ككل إلى مجتمعات محلية صغيرة دون الملكية الخاصة.لغويا، فإن الدلالة المعاصرة للاشتراكية والشيوعية هي كلمات مخصوصة لمعتنقي ومعارضي الموقف الثقافي تجاه الدين. في أوروبا المسيحية، يعتقد أن الشيوعية هي طريقة الإلحادفي الحياة. في انكلترا البروتستانتية، كانت كلمة الشيوعية كانت ثقافية وكانت قريبة من الروم الكاثوليك طائفة مذهبية، وبالتالي فإن الملحدين الانجليز تدل على الاشتراكيين أنفسهم. في عام 1847، قال فريدريك إنجلز "أن الاشتراكية كانت محترمة في القارة، في حين أن الشيوعية لم تكن مقدرة". اعتبر أوينيتيسفي انجلترا وفوريريستيسفي فرنسا کاشتراكيين، في حين أن حركات الطبقة العاملة "وأعلانهم ضرورة التغيير الاجتماعي الكلي" تدل على أنهم شيوعيين. هذا الفرع الأخير من الاشتراكية كانت قوية بما يكفي لإنتاج الشيوعية عن طريق إتيان سابتفي فرنسا ويلهلم ويتلينجفي ألمانيا
السمات العامة المميزة للنظام الاشتراكي
الاشتراكية نظام متكامل اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، يهدف إلى تحقيق العدالة في المجتمع، وتوفير فرص العمل لأفراده من دون استغلال، ويقوم على الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج.
ففي المجال الاقتصادي لا يتحقق أسلوب الإنتاج الاشتراكي إلا عندما تصبح وسائل الإنتاج ملكاً للمجتمع بأسره أي ملكاً للدولة والتعاونيات، ويكون هدف الإنتاج تلبية الحد الأقصى من حاجات أعضاء المجتمع المادية والروحية. ويكون العمل مفروضاً على الجميع ومتوافراً للقادرين عليه. ويتم الإنتاج في هذا النظام وفق خطط تضعها الدولة وتشرف على تنفيذها، ويتم توزيع الناتج وفقاً لقانون التوزيع الاشتراكي لكل بحسب حجم عمله ونوعيته.
وفي المجال الاجتماعي ينعدم في النظام الاشتراكي الصراع الطبقي في المجتمع وتزول بزوال هذا الصراع الخلافات بين الأمم والشعوب، ويغدو القانون الضابط لحياة المجتمع عناية الجميع بخير كل فرد وعناية كل فرد بخير الجميع. بيد أنه لا يمكن في مرحلة بناء الاشتراكية تحقيق المساواة الاجتماعية لأن العمل يظل مقسوماً إلى عمل ذهني وعمل جسدي، إلى عمل صناعي وعمل زراعي، وهذه الأحوال تتسبب في بقاء عدم التجانس في المجتمع على الصعيد الاجتماعي وبقاء بعض طبقات المجتمع، كالعمال والفلاحين، وفئات أخرى لا تؤلف طبقة خاصة كالمثقفين. ويؤدي ذلك إلى استمرار ظهور بعض التناقضات التي لا تحمل طابع التناحر، ويمكن حلها في إطار النظام الاشتراكي في عملية التطور المستمرة.
وأما في المجال السياسي فيفرض النظام الاشتراكي أن تكون السلطة السياسية في يد المنتجين والشغيلة وعلى رأسهم الطبقة العاملة، مع وجود حزب طليعي يقود الدولة والمجتمع. ويتم حل القضايا الاجتماعية الأساسية بمشاركة جماهيرية وديمقراطية واسعة توفرها المنظمات الشعبية. ويمكن استناداً إلى ما سبق تحديد السمات التي يوصف بها المجتمع الاشتراكي على النحو التالي:
ـ وجود قوى منتجة فاعلة، وعلم متطور، وثقافة طليعية، مع استمرار ارتفاع مستوى المعيشة في المجتمع، وتوافر الأحوال الملائمة لتطوير حياة الفرد من جميع النواحي.
ـ وجود علاقات إنتاج اشتراكية، تحقق التقارب بين جميع الطبقات والشرائح الاجتماعية المنتجة، وتحقق المساواة الفعلية بين جميع الأمم والشعوب وتدفعها إلى التعاون فيما بينها.
ـ وجود تنظيم رفيع المستوى وإخلاص ووعي سام لدى الشغيلة للقضايا الوطنية والأممية.
ـ سيادة القانون في المجتمع وبين الدول.
ـ توافر الديمقراطية الشعبية باشتراك الفئات المنتجة في إدارة دفة الدولة. والجمع بين حقوق المواطنين وحرياتهم الفعلية وبين واجباتهم ومسؤولياتهم أمام المجتمع.
وإن عدم توافر هذه السمات كلها أو بعضها يعرقل تطور المجتمع الاشتراكي بطبيعة الحال وقد يهدد بزواله أحياناً، والتجربة التاريخية تؤكد ذلك.