مرحبا , مضى وقت طويل جدا على آخر مرة بكيت فيها , لا زلت أقاوم البكاء , لأني أعلم أني إذا بكيت فلن أتوقف عن البكاء لساعات لا يهم , أمضيت وقتا طويلا حتى استطيع ترميم نفسي لم اخفق في الأمر لا زلت في خضم هذا و لكني لا أشعر بأني سأمكث طويلا على هذه الحال . لقد فقدت آخر أصدقائي بل أعتقد أني فقدت أفضلهم , أحاول تجاهل الموضوع ما استطعت , بل إني أحاول جاهدة ذلك , سأستطيع النسيان ذات يوم, و لكن ليس اليوم و لا غدا و لا بعد غد, ربما بعد عشرين سنة أو ثلاثين سأستطيع, و أتمنى من أعماقي أن أنسى قبل ذلك بكثير .. لقد توقفت عن المحاولة منذ مدة طويلة إلى حد ما .. لقد شعرت بأني الفظ أنفاسي الأخيرة في محاولة لإصلاح ذاتي.. لقد تغيرت نوعا ما.. لم أعد أستيقظ متأخرة , صرت أكثر اهتماما بصحتي , أنا الآن قد طالعت الكثير من الكتب في مختلف المجالات , أتعلم لغة الإشارة, أدرس بجد, أحاول أن أعيش حياة طبيعية خالية من الحزن و الكآبة و رغم علمي بأن هذا مستحيل إلا أنني أسعى جاهدة .. لكن كما أن لكل شيء بداية فإن لكل شيء نهاية, لا أعلم إلى أي حد سأظل أكتم كل ذلك بداخلي, لكني لا أريد أن يعرف أحد .. أريد أن أصارع حتى النهاية لوحدي , لا أحد كان قادرا على فهمي , مثلما لا أحد سيكون قادرا على فهمي , لست طبيعية أبدا , لا أراعي أعذار أحد, أحاول أن لا أتمسك بأحد, لا أعلم إلى أي مدى سأبقى أعيش داخل نفسي, في نفس الوقت الذي لا أريد فيه أحدا ليساعدني . ربما هذا كله بسبب ما جرى قبل ثلاث سنوات , حيث كنت مختلفة عن نفسي الآن كثيرا , كنت مرحة , لطيفة , متسامحة , صدوقة , كنت فعلا مشرقة, و لكن الشمس حتما ستغرب, لكن غروبي ظل للأبد, لم أستطع أن أمثل دور تلك المحبوبة مجددا, لا أنكر الأمر الجميع كان يتودد إلي, كنت مصدرا للسعادة, و الآن أنا مجرد ظلام مسود يخشى أن يكتشفه أحد فيظل مختبئا و خائفا من كل شيء, أجل كل شيء, و لكن و حتى لا يثير الشكوك من حوله, أراد أن يرتدي قناعا و لباسا مضيئين, رغم أنه عاشق للسواد , يمشي بين البشر و كأنه واحد منهم , فينصح هذا و يساعد هذا و يؤنس هذا و يرمم قلب هذا و يسعد هذا , و ليس إلا شخصا مزيفا , ليس سوى كتلة محطمة , كتلة من الحزن السرمدي , بل كتلة من اللاشيء . يتبع .. |