[i][size="4"]
بصعوبة ....بكل ثقل الدنيا وتعبها تحرك جفون عيناها ثم تفتحهما ..وبسرعة البرق تهاجمها افكار واقعها الذي لمتعد ترغب به بحلوه و مره ..واقعها الذي تتمنى ان تتخلص منه اليوم قبل الغد و ذلك بوضع حد لحياتها ."اوووف يا ربي وعيت (قعدت) العمى هالادوية ما بتنفع لشئ ..المرة الجاية باخذ جرعة اكبر يمكن تجيب نتيجة و ارتاح كليا "
وقبل ان تسرح بأفكارها السيئة اكثر تشعر بهزة خفيفة على كتفيها الايسر و صوت ينادي بإسمها بكل حنان الدنيا ..صوت يمنعها من من اذية نفسها اكثرو يجعلها تتمسك بالحياة فهو الخيط الوحيد الذي يربطها بهذا العالم ولولاه لكانت اقدمت على ما تحمد عقباه .
.....: ملاك ...ملوكة بنتي ...(تحاول ملاك رفع رأسها لكنها تشعر به ثقيل ثقل الجبال فتكتفي بالالتفات بعيونها الذابلة و المنتفخة من كثرة النوم و ترسم ابتسامة بالكاد تُرى
ملاك : نعم ماما
ام ملاك : بنتي قومي ..حاجتك نوم ..يالله قومي غسلي وشك( وجهك) بعدين لحقيني عالصالة ..ماشي ( كانت "ملاك" تنظر الى امها ..تدقق في ملامح وحهها ..تتابع بعينيها حركات شفتيها و هي تكلمها و في خاطرها " ااااه يا ماما لو تعرفي شوعم بيصير معي ...لو تعرفي شو كنت رح ساوي بحالي لو ما كنتي موجودة بحياتي ..انتي الشخص الوحيد اللي عم عيش كرمالو (علشانو) هلاء ..لو مو انتي كنت كن زمان نمت و للابد و كنت رح اخدع حالي بالنوم لكم ساعة "
بنتي انتي عم تسمعيني ...(بضحكة )انتي فايقة ولا نايمة ؟؟؟؟
ملاك (بنفس الابتسامة الباهتة ) : انا فايقة ماما و سمعت شو قلتي ...يالله انتي سبقيني و انا جاية وراكي
ام ملاك : يالله لكان عم استناكي
ملاك : ماشي .
وعت "ملاك" ..وعت جيدا ..بالرغم من ان اثار النوم لا تزال تخط معالمها على وجهها الا انها واعية ..ومع وعيها وعت الالامها و استيقظت اوجاعها ..ذاكرتها لا تزال نشطة و تقوم بواجبها على اكمل وجه ."ملاك" و بالرغم من صحتها الجيدة الاانها لا تؤمن بالمقولة التي تقول ان "الصحة تاج على روؤس الاصحاء "، فهي تحسد الناس المرضى كثيرا في الاونة الاخيرة ..تحسد المجنون الذي فقد عقله و لم يعد يفكر ..تخسد مريض الزهايمر الذي فقد ذاكرته و لم يعد يتذكر...تحسد مرضى القلب و السرطان لان ايامهم باتت معدودة وهي مسألة وقت حتى يرحلو عن هذا العالم و يجدون الراحة الابدية ..حتى انها صارت تتساءل لماذا لا يحدث معها حادث سير في طريقيها الى الجامعة حتى في الامور السيئة حظها لا يحالفها ."ملاك" الصبية اليافعة ..بنت الثالث و العشرين سنة ..بنت في عمر الزهور ..امانيها باتت محصورة في امنية واحدة و هي الموت وجل دعاويها مختصرة في دعوة واحة وهي يا رب خذني اليك .
بخطوات بطيئة كبطي ايام حياتها تخرج "ملاك" من المنزل متجهة الى احد دكاكين الحي لتأتي بالحليب ..فهي و برغم كبر سنها الا لا تستغني عن ثلاث اكواب حليب ابيض باليوم ..دونقهوة او شاي و ذلك لعادة طريفة اتبعتها معها امها منذ الصغر و اللتي سنعرفها فيما بعد. في الشارع التحتي لمنزلهم تصادف ابن عمها الصغير "عمر" و الذي لا يتجاوز 16 سنة و اثنين من اصدقاءه من نفس الحي ، هم ايضا يعتبرون من ابناء عمها لكن من بعيد ، فيضيق صدرها فورا رؤيتهم لانها مجبورة على القاء التحية عليهم و الحديث معهم و مجاملتهم ..ستظطر لسماع احاديثهم المراهقة التي لم تعد تستلذها.
عمر : لك يا اهلين و سهلين و اخيراا القمر طل علينا
ملاك (ببرأة) : صباح الخير ( يضحك الكل على تحيتها التي فات اوانها ، فالساعة تقترب من الساسة مساءا وهي تقول صباح الخير عوضا عن مساء الخير . لكن غرقها المستمر في النوم لساعات طويلة افقدها الاحساس بالوقت .و اثناء ما هم يضحكون هي تكتفي بمراقبتهم و في داخلها تلعن حظها الذي جعلها تخرج في هذا الوقت و لاسوء من ذلك انها تتفرج عليهم وهم يضحكون عليها بينما هي تحاول جهدها ان تكون اكثر من لبقة معهم بدل ان تمردون ات تسلم ) ليه عم تضحكو ؟؟؟
الولد1: ماعندكم ساعة بالبيت ... بعد شوي رح يصير مغرب وانتي عم تقولي صباح الخير
ملاك : شو سخيفين ...الموضوع ما بضحك بنوب ...اصلا شو الفرق المهم عم سلم
عمر : كانك هلاء صاحية من النوم ؟؟
ملاك : أي والله ...اديش الساعة ؟؟
الولد 2: تحديدا الساعة ستة و 12 دقيقة
ملاك : حاسبها بالدقيقة كمان
عمر : جاية معنا ؟؟؟
ملاك: لوين ؟؟
عمر : عالصالة ...رايحين مع العرسان
ملاك : اها لهيك مجتمعين كلكن هون
الولد1: أي ..اليوم عرس و بدنا نفلها عالاخير يالله تعي معنا
ملاك : مو معزومة انا ..بدك روح من دون ما انعزم يعني
الولد2: أي نحنا معزومين بناخذك معنا
ملاك : ما بتقصر بس لا ...ما بحب جو الاعراس
مرت اكثر من عشرة دقائق و "ملاك" تغصب نفسها على الكلام تارة و على الضحك تارة اخرى...مرت عشر دقائق وهي تشعر كانها دهر كامل ..تشعر بالكاد تمسك نفسها من الصراخ في وجه احدهم ..بالكاد تمسك نفسها بالذهاب وتركهم حتى بدون كلمة وداع حتى ..لم تبقى لعنة على حظها و لم تبخل بدعوة على نفسها لانها خرجت في مثل هذا اليوم ..ليتها بقيت ولم تخرج لشراء الحليب ..ليتها شربت شاي مع امها او حتى كوب ماء كان سيفى بالغرض و يمنع هذه المحادثة السخيفة ..وبينما تغصب ابتسامة على الظهور وهي ترفع نظراتها بعفوية و ياليتها لم تفعل ..موقفها مع ابناء عمومها الذي ندمت عليه لا يقارن بندمها عند رفعها لعينيها ..اختفت الابتسامة تدريجيا و تجمعت الدموع بعينيها روايداا رويداا ..اقشعر بدنها للحظة و سرت رعشة خفيفة بكل انحاء جسمها ..انشلت رموشها ولم تعد قادرة على الرمش بها ..تصلبت اطرافها و شعرت ان تماسكها قد نفذ و انها الان ستقع ارضا او ستنفجر بكاءا ..و بلمح البصر اختفت منالمكان دون كلمة استدارت و اكملت طريقها نحو دكان الحي بدون وعي تحاول السيطرة على نفسها و الثبات بخطواتها و لكن هيهات ان تسيطر على عواطفها ...شوقها و قلبها الذي يصرخ بحبه و ينبض لاجله .اصلا حتى لو ارادت ماكان سيسمح لها بذلك ، فبينما هي تسرع بخطواتها لابعد مكان لتلقط انفاسها تشعر بيد تمسك ذراعها فتتوقف قدماها عن الحراك تلقائيا ..و بصوت شجي يهمس باسمها "ملاك" ، و بحركة بطيئة يلفها صاحب الصوت لتقابله و هي كالمخدرة التفتت دون شعور .احس صاحب الصوت بغصة في قلبه و هو يرى صاحبة اجمل عيون في العالم تدمع منجهات ثلاث ..كل زاوية من عيناها تذرف شلالا من الماء المالح ..دموع حارقة تكوي خديها دون رحمة ..تتجمع قطرات عند ذقنها ثم تسيل مرة اخرى وتكمل الدرب على عنقها وتكويها بحرقة كما كوت ما سبقها من جفون و خدود .
قرية "ملاك" صغيرة و البيوت فيها متلاصقة من كلا الجانبين و يفصل بينها ممرات ضيقة ، اضافة الى البيوت القديمة و المهجورة و التي تركها اصحابها و انتقل والى اخرى جديدة .
يضغط صاحب الصوت الشجي على ذراعها و يترجاها بلغة العيون ان تمتنع عن البكاء لانه يتالم بدوره ..يترجاها ان تكف عن البكاء امامه كي لا يضعف هو الاخر و يحرر ماهو مقيد تحت جفونه ..لكنه كانما يضغط على زر مضخة الدموع بداخلها فكلما ضغط على ذراعها ازداد سيل دموعها تلقائيا .ينتفظ صاحب الصوت على وقع اصوات اناس قادمة من الشارع الاخر نحوهم ، فيرتبك ولا يعلم ما يفعله ، ماذا سيقول عنها الناس اذا وجدوها تبكي بالشارع و معها شاب غريب ..مؤكد هذا سيثير الريبة عندهم و سيتكلمون حتما بالسوء عنها ، فيسحبها من ذراعيها بخفة و يدخل معها احد البيوت المهجورة على يساره بنية الاختباء و الخروج فور مرور اولئك الناس .يغلق الباب و يسير معها بضع خطوات الى الداخل و عندما تاكد ان الوضع أمن ولا احد يراهما يلتفت اليها مجددا و يديه لا تزال على ذراعها و هي عيناها لا تزال عليه تحاول بذلك استعاب وجوده امامها . تمر دقيقة صمت يكتفي كل واحد منها بالتحديق في الاخير ...دقيقتين ...ثلاث دقائق ...اربع ..خمس..وقبل انقضاء الدقيقة الخامسة ترتمي "ملاك" في حضنه وتلف ذراعيها حول رقبته و تضمه لصدرها بكل مافيها من قوة ..تتمسك به بكلتا يديها باصرار مانعة اياه من الذهاب ..رمت نفسها عليه بقوة ...بقهر ..بغضب لدرجة انه فقد توازنه وكان سيقع لكنه تدارك نفسه و امسكها من ظهرها و ارجعها للخلف و اسندها على الجدار خلفها و يده الاخرى استند هو بها كي لا يقعو تركها لتبكي طويلا بحضنه ...لكنها ابت ان تسكت و تستريح ، فيرفع يده و يدفن رأسها على كتفه و يسند براسه على راسها ليكتم شهاقاتها ، يخاف ان يمر احد و يسمع نحبيها و بالتالي سيدخل عليهما ، يمسح على شعرها بحنان و هو يهمس باذنها " اووووش ...خلاص حبيببي بكفي ....اوووش ".
بعد وقت يبعدها قليلا يتقابلا وحهيهما و لكن هذه المرة لم يقدر على رؤية كامل ملامحها لانها وجهها كان اشبه بوجه مبلل بالماء و لم يبقى منه شبر و لم يتبلل بدموعه ..و حتى "ملاك" لم تعد تقدر على الرؤية جيدا لان عيناها مليئتان بالدموع ..فيشرع بمسح دموعها بكلتا يديه و هو يترجاها ان تهدأ :
....: ملوكة حبيبي خلاص ...كرمالي حاج تبكي ...لا تساوي هيك بحالك الله يخليك
ملاك (بصوت متقطع يكاد يسمع ) : سي سيف انا ...انا عم موت ..انا عو موت بدونك ...
سيف( وهو يمسح على وحهها بيديه ) : بعيد الشر عليكي يا قلبي ..انشالله انا ولا انتي
ملاك (وهي تهز براسها نافيه و في نفس الوقت تمسك بمعصميه ) : سيف سيف انا ما ....ماعم اقدر انساك ...انا بس بدي ...بدي موت ...ها ..هالحياة ما بتسوى شئ بدونك ...سيف الله يخليك خلينا نرجع لبعض ...خلينا بترجاك ....بترجاك (و تدخل في نوبة بكاء ثانية ، فيضمها "سيف" بين ذراعيه عله يخفف عنها بعضا من قهرها ، و بداخله يلعن نفسه الف مرة لانه جعلها تتعلق به و بحبه و في الاخير اضطر لتنفيذ رغبة اهله التي قضت على احلامها معه .
سيف : خلاص يا عمري خلاص ...بكفي بكي انتي بتعرفي غلاوتك عندي و مستعد افداك بروحي و حياتي و كل شي عندي ...سامحيني حبيبي سامحيني يا قلب و روح و عيون سيف ...سامحيني يا ام عيون رمادية ما قدرت اوفي بوعدي لك ..
ملاك (بوسط دموعها ) : تزوجني ...
"سيف " مصدوم ومدهوش من طلبها فيحاول ابعدها لمواجهتها ، لكننها تتشبث اكثر بجاكيته و تردد ببكاء
ملاك : سيف تزوجني الله يخليك ( يحاول "سيف" مجدادا مواجهتها بعينه و في هذه المرة تستجيب له و تبتعد عن حضنه
سيف : ملاك شو عم تحكي انتي بتعرفي اني متجوز
ملاك : أي بعرف ...بس بقدر كون مرتك التانية و انا موافقة على هالشي ( ينظر اليها "سيف" وافقا ..بحيرة و دهشة من طلبها ..لهذه الدرجة تحبه ..لهذه الدرجة تريد ان تكون زوجته ..موافقة ان تكون زوجة ثانية فقط كي تكون معه ...لا تابه لكلام الناس و لا للقب الذي ستحمله بقية حياتها ...صحيح ستكون معه في الحلال و الزوجة الثانية ليست بعيب و لا حرام لكن نظرة المجتمع اليها ستكون عليها انها "خاطفة رجال و خرابة بيوت " )
ملاك ( باسلوب جدي ورزين) : ليك انت ما تجوزت بنت خالتك مثل ما طلبت منك امك يعني نحلت المشكلة ...اخذت بنت خالتك و عملت لها بيت و ما كسرت كلمة امك و انا ما عم لومك ابدا و هلاء مافي شيئ بيمنعك انك تعيش حياتك و تكون مع اللي بتحبها ...( بنطرة حب ) معي انا الا اذا فيه شي تغير ..
سيف (بتساءل) : شو قصدك ؟؟
ملاك : عم اقصد مشاعرك ...ليستها مثل قبل ناحيتي و لا ....(و لم تتمكن من اكمال العبارة فمجرد التفكير في انه قد احب زوجته الجديدة يقتلها )
سيف (وهو يرجع خصلة من شعرها الى الوراء ) : انا اذا بدي كون مع اللي بحبها فهي بتكون انتي ...انتي لحالك
ملاك : لكان ساوي اللي عم قلك عليه ...انا ماعم اطلب شئ كتير بس بدي كون معك بالحلال و الا .....رح انتحر (بمجرد ان تلفظت بهذه الكلمة حتى رفع يديه و وضعها على فمها ليُسكتها ثم يردف بحزم)
سيف : اوعيك ....اوعيك تفكري ولو مجرد تفكير بهالشي ...فاهمة
ملاك (تحاول استعطافة) : انا لحتى ما فكر فيك عو نوم حالي طول الوقت ...لحتى اهرب من حياة مانك موجود فيها عم باخد منومات ليل مع نهار لحتى ماحس بشي
سيف : حبيبي ما يصير هيك ...هاد مانو حل
ملاك (باندفاع ) : قلت لك شو الحل ...شوف انا عم اقبل كون ضرة بش ميشانك (علشانك) ...
سيف (يحاول تغير الموضوع ) : انا كتير مشتاق لك ..خليني شوفك شوي ( شعرت "ملاك" ان "سيف" يتهرب من الاجابة على طلبها و هي لم تقدر على الالحاح اكثر كرامتها لا تسمح باكثر من ذلك الا يكفي انها هي من تعرض عليه الزواج ...يكفي ...لهذا الحد و يكفي ) و بعدين شوفي (وهو يفتح ذراعيه على مصراعيه ) كيف شايفتني بالبدلة (كان يلبس بدلة رسمية سوداء و قميص ابيض و كان مظره كاحد رجال الاعمال او احد العرسان .تنظر ايه "ملاك" نظرة عامة ثم تقول باستهزاء :
ملاك : هاي كانت بدلة عرسك ؟؟؟
سيف : لا ...ما لبست بدلة
ملاك : لكان شو لبست بيجامة ؟؟؟
سيف : دمك ليساتو خفيف ...بس يا ستي بهداك اليوم ما لبست بدلة و لا عملت عرس و لاني حتى لابس دبلة العرس ..شوفي ( وهو يريها يده الايسر و لم يكن عليه أي علامة لخاتم زواج )
ملاك : واللي شفتها قبل شوي جنبك هي ...هي ...
سيف : أي ... اجت عالحفلة ...اهل العريس بيقربوها
صمت
صمت
صمت
سيف : روحي هلاء ما بدي احد يشوفك معي و يحكو كلام طالع نازل ....انتي طلعي و بعد شوي بطلع انا
ملاك (باستسلام) : ماشي (و تستدير للخروج لكنها تلتفت مرة اخيرة اليه وتقول له كانها تودعه ) شكراا الك ..شكرا على كل شي ( شعر "سيف" انه لوم وعتاب اكثر مما وداع فقال لها باندفاع )
سيف : ملاك اذا بتصل فيكي رح تردي علي ؟؟؟
ملاك : بس تبطل تناديني ملاك و ترجع تنادي مثل قبل ساعتها برد عليك
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
يتبع