الملاحظات
طاسيلي الإسلامي :: خاص بالدين و الشريعة الإسلامية على منهج اهل السنة و الجماعة
انواع عرض الموضوع
أدوات الموضوع
2018-08-24, 14:43
#1
محمد 1993
:: عضو مبدع ::
تاريخ التسجيل : Oct 2017
الدولة : الجزائر - ع تموشنت
العمر : 25 - 30
الجنس : ذكر
المشاركات : 586
تقييم المستوى : 7
محمد 1993 غير متواجد حالياً
افتراضي باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
وقول الله تعالى : أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب الآية [الإسراء : 57] ، وقوله وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني [الزخرف : 26 - 27] الآية ، وقوله : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله الآية [التوبة : 31] وقوله : ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله الآية [البقرة : 165] .
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من قال : لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله ، حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله - عز وجل - . وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب .
فيه مسائل :
فيه أكبر المسائل وأهمها : وهي تفسير الشهادة ، وبينها بأمور واضحة . منها : آية الإسراء بين فيها الرد على المشركين الذين يدعون الصالحين ؛ ففيها بيان أن هذا هو الشرك الأكبر .
- ص 71 - ومنها : آية براءة ، بين فيها أن أهل الكتاب اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، وبين أنهم لم يؤمروا إلا بأن يعبدوا إلها واحدا ، مع أن تفسيرها الذي لا إشكال فيه : طاعة العلماء والعباد في المعصية ، لا دعاؤهم إياهم .
ومنها : قول الخليل عليه السلام للكفار : إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني (الزخرف : 26 - 27) فاستثنى من المعبودين ربه ، وذكر سبحانه أن هذه البراءة وهذه الموالاة : هي تفسير شهادة أن لا إله إلا الله فقال : وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون (الزخرف : 28) .
ومنها : آية البقرة في الكفار الذين قال الله فيهم : وما هم بخارجين من النار (البقرة : 167) ذكر أنهم يحبون أندادهم كحب الله فدل على أنهم يحبون الله حبا عظيما ؛ ولم يدخلهم في الإسلام . فكيف بمن أحب الند أكبر من حب الله؟ فكيف بمن لم يحب إلا الند وحده؟ ولم يحب الله ؟
ومنها : قوله صلى الله عليه وسلم : من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله ، حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله وهذا من أعظم ما يبين معنى " لا إله إلا الله " فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصما للدم والمال ، بل ولا معرفة معناها مع لفظها ، بل ولا الإقرار بذلك ، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له ، بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله . فإن شك ؛ أو توقف ؛ لم يحرم ماله ودمه .
فيا لها من مسألة ما أعظمها وأجلها ! ويا له من بيان ما أوضحه ! وحجة ما أقطعها للمنازع! .
- ص 72 - الشرح :

" باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله " سبق بيان أن التوحيد هو : شهادة أن لا إله إلا الله ؛ ولهذا قال العلماء : إن العطف في قوله : " التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله " من عطف المترادفات . ولكن هذا فيه نظر من جهة أن الترادف غير موجود ، أعني : الترادف الكامل ، لكن الترادف الناقص موجود فيكون هذا - إذا - من قبيل عطف المترادفات التي يختلف بعضها عن بعض في بعض المعنى .
وقوله هنا : " باب تفسير التوحيد " يعني : الكشف والإيضاح عن معنى التوحيد ، وقد تقدم أن التوحيد هو : اعتقاد أن الله - جل وعلا - واحد في ربوبيته لا شريك له ، واحد في إلهيته لا ند له ، واحد في أسمائه وصفاته لا مثل له ، سبحانه وتعالى ، قال - جل وعلا - : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [الشورى : 11] وذلك يشمل أنواع التوحيد جميعا ، فالتوحيد - إذا - : هو اعتقاد أن الله واحد في هذه الثلاثة أشياء .
قوله : " . . . وشهادة أن لا إله إلا الله " يعني : تفسير شهادة أن لا إله إلا الله ، فهذه الشهادة هي أعظم كلمة قالها مكلف ، ولا شيء أعظم منها ؛ وذلك لأن معناها هو الذي قامت عليه الأرض والسماوات ، وما تعبد المتعبدون إلا لتحقيقها ولامتثالها .
والشهادة تارة تكون شهادة عن حضور وبصر ، وتارة تكون شهادة عن علم ، بمعنى أنه : إما أن يشهد على شيء حضره ورآه ، أو يشهد على شيء - ص 73 - علمه ، فهذان معنيان للشهادة . فإذا قال قائل : أشهد ، فيحتمل أنها بمعنى : المشاهدة والرؤية ويحتمل أنها بمعنى العلم . ومعنى الشهادة في قولنا : أشهد أن لا إله إلا الله ، شهادة علمية ؛ ولهذا تضمن قوله : أشهد ، العلم .
والشهادة في اللغة ، والشرع ، وفي تفاسير السلف لآي القرآن التي فيها لفظ ( شهد ) كقوله : شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم [آل عمران : 18] وكقوله إلا من شهد بالحق وهم يعلمون تتضمن أشياء :
الأول : الاعتقاد بما سينطق به ، والاعتقاد بما شهده فكونه يشهد أن لا إله إلا الله يستلزم أنه اعتقد بقلبه معنى هذه الكلمة من علم ويقين ؛ لأن الشهادة فيها الاعتقاد ، والاعتقاد لا يسمى اعتقادا إلا إذا كان ثم علم ويقين .
الثاني : التكلم بها ، فالشهادة كما أنها تقتضي اعتقادا ؛ فإنها تقتضي - أيضا - إعلاما ونطقا .
والثالث : الإخبار بذلك ، والإعلام به ، فينطق بلسانه ، وهذا من جهة الواجب وأيضا لا يسمى شاهدا حتى يخبر غيره بما شهد ، وهذا من جهة ( الشهادة ) .
فيكون معنى : أشهد أن لا إله إلا الله : أعتقد وأتكلم ، وأعلم ، وأخبر : بأن لا إله إلا الله . فافترقت بذلك عن حال الاعتقاد ، وافترقت كذلك عن حال القول ، كما افترقت - أيضا - عن حال الإخبار المجرد عن الاعتقاد ، فلا بد لتحققها من حصول الثلاثة مجتمعة ؛ ولهذا نقول في الإيمان إنه : اعتقاد بالجنان ، وقول باللسان ، وعمل بالجوارح والأركان .
- ص 74 - فـ ( لا إله إلا الله ) هي : كلمة التوحيد ، وهي مشتملة - من حيث الألفاظ - على أربعة ألفاظ :
1 - ( لا )
2 - ( إله ) .
3 - ( إلا ) .
4 - لفظ الجلالة ( الله ) .
أما ( لا ) هنا فهي : النافية للجنس ، تنفي الألوهية الحقة عن أحد إلا الله - جل وعلا - يعني في هذا السياق . وإذا أتى بعد النفي ( إلا ) - وهي أداة الاستثناء - أفادت معنى زائدا ، وهو : الحصر ، والقصر ، فيكون المعنى : الإلهية الحقة ، أو الإله الحق هو الله ، بالحصر والقصر ، ليس ثم إله حق إلا هو ، دون ما سواه .
وكلمة ( إله ) على وزن ( فعال ) ، وتأتي أحيانا بمعنى ( فاعل ) ، وتأتي أحيانا بمعنى ( مفعول ) ، وهي - لغة - مشتقة من ( أله ) بمعنى : عبد ، وقال بعض اللغويين : إنها من : أله يأله إذا تحير ، فـ ( أله ) فلان يأله أو تأله : إذا تحير ، وسمي الإله عندهم إلها ؛ لأن الألباب تحيرت في كنه وصفه ، وكنه حقيقته ، وهذا القول ليس بجيد ، بل الصواب أن كلمة ( إله ) ( فعال ) بمعنى ( مفعول ) وهو المعبود ، ويدل على ذلك : ما جاء في قراءة ابن عباس أنه قرأ في سورة الأعراف : أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وإلاهتك [الأعراف : 127] . كان ابن عباس يقرأها : ويذرك وإلاهتك قال : لأن - ص 75 - فرعون كان يعبد ولم يكن يعبد ، فصوب القراءة بـ ويذرك وإلاهتك يعني : وعبادتك ، وقراءتنا - وهي قراءة السبعة - ويذرك وآلهتك يعني : المتقدمين ، فهذا معناه : أن ابن عباس فهم من الإلهة ، معنى العبادة ، وقد قال الراجز :

للــــه در الغانيــــات المــــده سـبحن واسترجعن من تأله


يعني : من عبادتي ، فيكون - إذا - الإله هو : المعبود ، بمعنى ( لا إله ) : لا معبود إلا الله .
فـ ( لا ) في قوله ( لا معبود ) هي : النافية للجنس وهي - كما تعلمون - تحتاج إلى اسم وخبر ؛ لأنها تعمل عمل ( إن ) كما قال ابن مالك في الألفية :
عمل (إن) اجعل لـ ( لا ) في نكرة . . . . . . . . . . . . .


فإن قيل : فأين خبر ( لا ) النافية للجنس ؟ فالجواب أن كثيرا من المنتسبين للعلم قدروا الخبر : بـ ( لا إله موجود إلا الله ) ، ووجه هذا التقدير ، وسببه : يحتاج إلى مقدمة قبله وهي : أن المتكلمين والأشاعرة والمعتزلة ومن ورثوا علوم اليونان قالوا : إن كلمة ( إله ) هي بمعنى : فاعل ؛ لأن ( فعال ) تأتي بمعنى ( مفعول ) ، أو ( فاعل ) فقالوا : هي بمعنى آله ، والآله هو : القادر ، ففسروا ( الإله ) بأنه : القادر على الاختراع ؛ وهذا تجده مسطورا في عقائد الأشاعرة ، كما في شرح العقيدة السنوسية ، التي تسمى عندهم بـ ( أم البراهين ) . إذ قال فيها ما نصه : ( الإله ) هو المستغني عما سواه ، المفتقر إليه كل ما عداه ، قال : فمعنى لا إله إلا الله : لا مستغنيا عما سواه ، ولا مفتقرا إليه كل ما عداه إلا - ص 76 - الله . ففسروا الألوهية بالربوبية ، وفسروا الإله بالقادر على الاختراع ، أو بالمستغني عما سواه ، المفتقر إليه كل ما عداه ، ولذلك يقدرون الخبر : موجود ، فـ ( لا إله ) خبرها : موجود ، يعني : لا قادر على الاختراع والخلق موجود إلا الله ، ولا مستغنيا عما سواه ، ولا مفتقرا إليه كل ما عداه موجود إلا الله ؛ لأن الخلق جميعا محتاجون إلى غيرهم . وهذا الذي قالوه هو الذي فتح باب الشرك على المسلمين ؛ لأنهم ظنوا أن التوحيد هو : إفراد الله بالربوبية ، فإذا اعتقد المرء أن القادر على الاختراع هو الله وحده : صار موحدا ، وإذا اعتقد أن المستغني عما سواه والمفتقر إليه كل ما عداه هو الله وحده صار عندهم موحدا وهذا من أبطل الباطل ؛ لأن مشركي قريش كانوا على الإقرار بالربوبية ، كما دل القرآن على ذلك ، كقوله تعالى : ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله [العنكبوت : 61] وفي آية أخرى : ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم [الزخرف : 9] ونحو ذلك من الآيات ، وهي كثيرة ، كقوله : قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال [يونس : 31 - 32] الآيات من سورة يونس . فعلم بذلك - ص 77 - أن مشركي قريش لم يكونوا ينازعون في الربوبية . فصارت هذه الكلمة - إذا - دالة على غير ما أراد أولئك المتكلمون وهو ما ذكرناه آنفا من أن معنى : لا إله ، هو : لا معبود ، وأن تقدير الخبر : ( موجود ) فيكون المعنى : لا معبود موجود إلا الله ، وهذا باطل ؛ لأننا نرى أن المعبودات كثيرة وقد قال - جل وعلا - مخبرا عن قول الكفار : أجعل الآلهة إلها واحدا [ص : 5] فدل ذلك : أن المعبودات كثيرة . والمعبودات موجودة . فتقدير الخبر بـ ( موجود ) غلط . ومن المعلوم أن المتقرر في علم العربية أن خبر ( لا ) النافية للجنس يكثر حذفه في لغة العرب ، وفي نصوص الكتاب والسنة ؛ ذلك أن خبر ( لا ) النافية للجنس يحذف إذا كان المقام يدل عليه ، وإذا كان السامع يعلم ما المقصود من ذلك ، وقد قال ابن مالك في آخر باب ( لا ) النافية للجنس لما ساق هذه المسألة :
وشاع في ذا الباب . إسقاط الخبر إذا المـــراد مـــع ســقوطه ظهــر


فإذا ظهر المراد مع حذف الخبر ، فإنك تحذف الخبر ؛ لأن الأنسب أن يكون الكلام مختصرا كما في قوله عليه الصلاة والسلام : لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول . فأين الخبر فيما تقدم ؟ الجواب : أنه في كل ذلك محذوف ؛ لكونه معلوما لدى السامع إذا : فخبر ( لا إله ) معلوم ، ولا يصح تقديره : بـ ( موجود ) ؛ لأن الآلهة التي عبدت مع الله موجودة ، فالصحيح تقدير الخبر بقولك بحق أو : حق يعني : لا إله بحق أو لا معبود بحق أو لا - ص 78 - معبود حق إلا الله ، وإن قدرت الظرف فلا بأس ، أو قدرت كلمة مفردة فلا بأس ، فلا معبود حق إلا الله : هذا معنى كلمة التوحيد فيكون كل معبود غير الله - جل وعلا - قد عبد ولكن هل عبد بالحق ، أو عبد بالباطل ، والظلم ، والطغيان ، والتعدي ؟؟! الجواب : أنه قد عبد بالباطل ، والظلم ، الطغيان ، والتعدي ، وهذا يفهمه العربي بمجرد سماعه لكلمة لا إله إلا الله ؛ ولهذا قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - : بئس قوم أبو جهل أعلم منهم بـ ( لا إله إلا الله ) .
فأبو جهل كان يفهم هذه الكلمة ، وأبى أن يقولها . ولو كان معناها : لا إله موجود ، كما يزعم كثير من أهل هذا العصر وما قبله : لقالوها بسهولة ، ولم يدروا ما تحتها من المعاني . لكنهم كانوا يعلمون أن معناها : لا معبود حق إلا الله ، وأن عبادة غيره إنما هي بالظلم ، فهل يقرون على أنفسهم بالظلم ، والبغي ، والعدوان ؟! وحقيقة معنى ( لا إله إلا الله ) ، هي ما شرحناه ، وبيناه ، وفيها الجمع بين النفي والإثبات ، كما سيأتي بيان ذلك في آية سورة الزخرف ، في قوله تعالى : وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين [الزخرف : 27] .
قال الإمام - رحمه الله - : ( وقول الله تعالى أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه [الإسراء : 57] ) : هذه الآية تفسير للتوحيد ؛ وذلك أننا عرفننا التوحيد - ص 79 - بأنه إفراد الله بالعبادة - وهو توحيد الإلهية - وهذه الآية اشتملت على الثناء على خاصة عباد الله ، بأنهم وحدوا الله في الإلهية . وهذه مناسبة الآية للباب ، فقد وصفهم الله - جل وعلا - بقوله : أولئك الذين يدعون ومعنى : يدعون : يعبدون ؛ لأن الدعاء هو العبادة ، والدعاء نوعان كما سيأتي تفصيله : دعاء مسألة ، ودعاء عبادة ، فقوله هنا أولئك الذين يدعون يعني : يعبدون ، والوسيلة في قوله : يبتغون إلى ربهم الوسيلة هي : القصد والحاجة ، والتقرب بالأعمال الصالحة يعني : أن حاجاتهم يبتغونها إلى ربهم ذي الربوبية الذي يملك الإجابة ، وفي مسائل نافع بن الأزرق ، المعروفة لابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سأله عن قوله تعالى في سورة المائدة : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة [المائدة : 35] ما معنى الوسيلة؟ فقال : الوسيلة الحاجة ، فقال له : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، ألم تسمع قول الشاعر ، وهو عنترة يخاطب امرأة :

إن الرجـال لهـم إليك وسيلة أن يأخذوك تكحلي وتخضبي


فقول عنترة : ( لهم إليك وسيلة ) يعني : لهم إليك حاجة ، ووجه الاستدلال من آية المائدة : أنه قال : وابتغوا إليه الوسيلة فقدم الجار والمجرور على لفظ ( الوسيلة ) ، وتقديم الجار والمجرور - وحقه التأخير - يفيد الحصر والقصر ، وعند عدد من علماء المعاني : يفيد الاختصاص ، وسواء أكان هذا أم ذاك ، فوجه الاستدلال ظاهر : في أن قوله تعالى في آية الإسراء : - ص 80 - يبتغون إلى ربهم الوسيلة معناه : أن حاجاتهم إنما يبتغونها عند الله ، وقد اختص الله - جل وعلا - بذلك ، فلا يتوجهون إلى غيره ، وقد حصروا وقصروا التوجه في الله - جل وعلا - .
وقد جاء بلفظ الربوبية دون لفظ الألوهية قوله تعالى يبتغون إلى ربهم الوسيلة ولم يقل : يبتغون إلى الله الوسيلة ؛ لأن إجابة الدعاء ، والإثابة ، هي : من مفردات الربوبية ؛ لأن ربوبية الله على خلقه تقتضي أن يجيب دعاءهم وأن يعطيهم سؤلهم .
فظهروا من قوله : يبتغون إلى ربهم الوسيلة أن فيها تفسير التوحيد ، وهو أن كل حاجة من الحاجات إنما تنزلها بالله - جل وعلا - وكذلك قوله : يدعون فيه تفسير التوحيد - أيضا - لأن معنى يدعون يعبدون ؛ فهم إنما يطلبون حاجتهم من الله - جل وعلا - فلا يعبدون غير الله بنوع من العبادات ، ولا يتوجهون بها لغير الله ، فإذا نحروا فإنما ينحرون يبتغون إلى ربهم الحاجة ، وإذا صلوا فإنما يصلون يبتغون إلى ربهم القربة ، وإذا استغاثوا فإنما يستغيثون بالله يبتغون إليه رفيع الدرجات دونما سواه ، إلى آخر مفردات توحيد العبادة . فهذه الآية دالة - بظهور - على أن قوله : يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أنه هو التوحيد . وقد استشكل بعض أهل العلم إيراد هذه الآية في الباب وقال : ما مناسبة هذه الآية لهذا الباب؟ وبما ذكرت لك تتضح المناسبة جليا .
- ص 81 - وقوله - جل وعلا - : أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه [الإسراء : 57] فيه بيان لحال خاصة عباد الله الذين جمعوا بين العبادة ، والخوف ، والرجاء ، فيرجون رحمته ، ويخافون عذابه ، فهم إنما توجهوا إليه وحده دون ما سواه فأنزلوا الخوف ، والمحبة ، والدعاء ، والرغب ، والرجاء في الله - جل وعلا - وحده دون ما سواه ، وهذا هو تفسير التوحيد .
قال - رحمه الله - : وقوله : وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين [الزخرف : 27]
والدليل في هذه الآية هو قوله : إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني ووجه الاستدلال أن هذه الجملة فيها البراءة ، وفيها الإثبات ، فالبراءة : مما يعبدون ، قال بعض أهل العلم : تبرأ من العبادة ومن المعبودين قبل أن يتبرأ من العابدين ؛ لأنه إذا تبرأ من أولئك : فقد بلغ به الحنق ، والكراهة ، والبغضاء ، والكفر بتلك العبادة مبلغها الأعظم ، وقد جاء تفصيل ذلك في آية الممتحنة كما هو معلوم .
فمناسبة هذه الآية للباب : أن قوله : إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني اشتملت على نفي وإثبات ، فهي مساوية لكلمة التوحيد بل هي التوحيد ، ففي هذه الآية تفسير شهادة أن لا إله إلا الله ؛ ولهذا قال - جل وعلا - بعدها : وجعلها كلمة باقية في عقبه فما هذه الكلمة ؟ - ص 82 - هي قول : لا إله إلا الله ، كما عليه تفاسير السلف ، فقوله - جلا وعلا - : إنني براء مما تعبدون فيه النفي الذي نعلمه من قوله ( لا إله ) ، وقوله إلا الذي فطرني فيه الإثبات الذي نفهمه من قولنا ( إلا الله ) فتفسير شهادة أن لا إله إلا الله هو في هذه الآية ؛ لأن : ( لا إله ) معناها : إنني براء مما تعبدون و ( إلا الله ) معناها إلا الذي فطرني ففي آية سورة الزخرف هذه : أن إبراهيم عليه السلام شرح لهم معنى كلمة التوحيد بقوله : إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني والبراءة هي : الكفر ، والبغضاء ، والمعاداة . وتبرأ من عبادة غير الله ، فهذه البراءة لا بد منها ، ولا يصح إسلام أحد حتى تقوم هذه البراءة في قلبه ؛ لأنه إن لم تقم هذه البراءة في قلبه ، فلا يكون موحدا ، والبراءة هي : أن يكون مبغضا لعبادة غير الله ، كافرا بعبادة غير الله ، معاديا لعبادة غير الله ، كما قال في الآية هنا : إنني براء مما تعبدون أما البراءة من العابدين فإنها من لوازم التوحيد ، وليست من أصل كلمة التوحيد ، بمعنى أنه قد يعادي ، وقد لا يعادي . وهذه لها مقامات منها ما هو مكفر ، ومنها ما هو نوع موالاة ، ولا يصل بصاحبه إلى الكفر .
فتحصل لك - إذا - : أن البراءة بالتي هي مضمنة في النفي في قول : ( لا إله ) تقتضي البغض لعبادة الله ، والكفر بعبادة غير الله والعداوة لعبادة غير الله ، وهذا القدر لا بد منه ، بل لا يستقيم إسلام أحد حتى يكون في قلبه ذلك .
- ص 83 - ثم قال : إلا الذي فطرني وهذا الاستثناء هو كالاستثناء الذي في كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) ، قال بعض أهل العلم في قوله : إلا الذي فطرني ذكر الفطر دون غيره ؛ لأن في ذلك تذكيرا بأنه إنما يستحق العبادة من فطر ، أما من لم يفطر ، ولم يخلق شيئا ، فإنه لا يستحق شيئا من العبادة .
فمناسبة هذه الآية للباب ظاهرة ، وكذا : وجه الاستدلال منها .
قال : وقوله : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله [التوبة : 31] الأرباب : جمع رب ، والربوبية هنا هي : العبادة ، يعني : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم معبودين من دون الله يعني : مع الله ؛ وذلك أنهم أطاعوهم في تحليل الحرام ، وتحريم الحلال ، والطاعة من التوحيد ، وفرد من أفراد العبادة ، فإذا أطاع غير الله في التحليل وفي التحريم : فإنه يكون قد عبد ذلك الغير ، فهذه الآية فيها : ذكر أحد أفراد التوحيد ، وأحد أفراد العبادة ، وهو الطاعة ، وسيأتي إيرادها في باب مستقل - إن شاء الله تعالى - مع بيان ما تشتمل عليه من المعاني .
قال : وقوله : ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله [البقرة : 165] .
أخبر الله - جل وعلا - أن المشركين اتخذوا من دون الله أندادا - يعني : مع الله ، أو غيره - دونه وجعلوهم يستحقون شيئا من العبادات ، ووصفهم بأنهم - ص 84 - يحبونهم كحب الله وقوله هنا كحب الله للمفسرين من السلف فمن بعدهم هنا قولان :
1 - منهم من يقول : يحبونهم كحب الله هي كلها في الذين اتخذوا أندادا يعني : يحبون أندادهم كحبهم لله .
2 - وقال آخرون : يحبونهم كحب الله يعني : يحبونهم كحب المؤمنين لله فـ ( الكاف ) هنا بمعنى : مثل ، كقوله تعالى : ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة فالكاف هنا اسم بمعنى : مثل ؛ لأنه عطف عليها اسما آخر وهو قوله : أو أشد قسوة
فيكون معنى : يحبونهم كحب الله أي : أنهم سووا تلك الآلهة بالله تعالى في المحبة ، فهم يحبون الله حبا عظيما ، ولكنهم يحبون تلك الآلهة أيضا حبا عظيما ، وهذه التسوية هي : الشرك ، وهي التي جعلتهم من أهل النار ، كما قال - جل وعلا - في سورة الشعراء مخبرا عن قول أهل النار ، تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين [الشعراء : 97 - 98] ومعلوم أنهم ما سووا تلك الآلهة برب العالمين في الخلق ، والرزق ، ومفردات الربوبية ، وإنما سووهم برب العالمين في المحبة والعبادة فيكون معنى قوله - جل وعلا - يحبونهم كحب الله أنهم : يحبونهم محبة - ص 85 - مثل محبتهم لله ، وهذا الوجه أرجح من الوجه الآخر الذي تقديره : كحب المؤمنين لله ، والذين آمنوا أشد حبا لله .
ووجه الاستدلال من الآية ، ومناسبتها للباب ظاهرة : في أن التشريك في المحبة مناف لكلمة التوحيد ، ومناف للتوحيد من أصله ، بل حكم الله عليهم بأنهم اتخذوا أندادا من دون الله ، يحبونهم كحب الله ، ووصفهم بذلك ، ولا شك أن المحبة نوع من أنواع العبادة ، والمحبة محركة ، وهي التي تبعث على التصرفات . فوجه ذكره المحبة هنا : أن المحبة نوع من أنواع العبادة ، فلما لم يفردوا الله بهذه العبادة : صاروا متخذين أندادا من دون الله ، وهذا معنى التوحيد ، ومعنى شهادة أن لا إله إلا الله .
ثم قال - رحمه الله - : ( في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من قال : لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله ، حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله - عز وجل - " ) : في هذا الحديث : بيان التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله ؛ ذلك أن ثمة فرقا بين قول : لا إله إلا الله ، وبين التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله ، فالتوحيد والشهادة أرفع درجة ، ويختلفان عن مجرد القول ، وهذا الحديث فيه قيد زائد عن مجرد القول ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام : من قال : لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله فتكون ( الواو ) هنا عاطفة ، ويكون ما بعدها غير ما قبلها ؛ لأن الأصل في العطف المغايرة ، فتضمن قوله : " كفر بما يعبد من دون الله " أمرا زائدا على مجرد القول ، فيكون المعنى : أنه قال : لا إله إلا الله ، ومع قوله كفر بما يعبد من دون الله ، يعني : تبرأ مما يعبد من دون الله . هذا قول . - ص 86 -
والقول الثاني : أن ( الواو ) هنا وإن كانت عاطفة ، فليست لتمام المغايرة ، وإنما هي من باب عطف التفسير ، فيكون ما بعدها بعض ما قبلها ، كقوله - جل وعلا - : من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال [البقرة : 98] فجبريل وميكال بعض الملائكة ، فعطفهم ، وخصهم بالذكر ، وأظهر اسم جبريل وميكال : لبيان أهمية هذين الاسمين ، وأهمية هذين الملكين ؛ لأن أولئك اليهود لهم كلام بالقدح في جبريل وميكال .
فالمقصود : أن العطف - هنا - : عطف خاص بعد عام ، أو عطف تفسير ؛ لأن ما بعدها داخل في ما قبلها ، وهذا تفسير لقوله : لا إله إلا الله ، فتكون : ( لا إله إلا الله ) على هذا القول الثاني : متضمنة للكفر بما يعبد من دون الله ، وهذا سبق ذكره في تفسير معنى البراءة المذكورة في آية سورة الزخرف ، وهي قوله تعالى : إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني [الزخرف : 27] إذ قلنا : إن البراءة تتضمن البغض ، والكفر ، والمعاداة ، والكفر يكون بما يعبد من دون الله ، وهذا تفسير ظاهر لكلمة التوحيد .
والوجه الثاني هو الأظهر لسياق الشيخ - رحمه الله تعالى - بل هو الذي يتوافق مع ما قبله من الأدلة .
وقوله : " حرم دمه وماله وحسابه على الله - عز وجل - " ، ذلك لأنه صار مسلما ، فمن قال : لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله ، صار مسلما ، والمسلم لا يحل دمه إلا بإحدى ثلاث ، وكذلك : لا يحل ماله إلا بحق ؛ ولهذا قال هنا : " حرم ماله ودمه " .
- ص 87 - فظهر من هذه الترجمة ، وما فيها من الآيات والحديث : أن تفسير التوحيد وتفسير شهادة أن لا إله إلا الله : يستوجب من المسلم مزيد عناية ، ونظر ، وتأمل ، وتأن حتى يفهمه بحجته ، وببيان وجه الحجة في ذلك .
بعد ذلك قال الشيخ - رحمه الله - : " ( وتفسير هذه الترجمة ما بعدها من أبواب ) :
فالكتاب كله هو تفسير للتوحيد ، وتفسير لكلمة لا إله إلا الله ، وبيان ما يضاد ذلك ، وبيان ما ينافي أصل التوحيد ، وما ينافي كماله ، وبيان الشرك الأكبر ، والشرك الأصغر ، والشرك الخفي ، وشرك الألفاظ ، وبيان بعض مستلزمات التوحيد - توحيد العبادة - من الإقرار لله بالأسماء والصفات ، وبيان ما يتضمنه توحيد العبادة من الإقرار لله - جل وعلا - بالربوبية .
2018-09-01, 13:00
#2
محمد 1993
:: عضو مبدع ::
تاريخ التسجيل : Oct 2017
الدولة : الجزائر - ع تموشنت
العمر : 25 - 30
الجنس : ذكر
المشاركات : 586
تقييم المستوى : 7
محمد 1993 غير متواجد حالياً
افتراضي رد: باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
.............................
2018-09-26, 17:58
#3
الصورة الرمزية مَجَرَّةٌ مُلَـونّة
مَجَرَّةٌ مُلَـونّة
:: عضو بارز ::
تاريخ التسجيل : Apr 2018
الدولة : الجزائر - قسنطينة
العمر : (غير محدد)
الجنس : انثى
المشاركات : 4,475
تقييم المستوى : 13
مَجَرَّةٌ مُلَـونّة غير متواجد حالياً
افتراضي رد: باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
بارك الرحمان فيك
2018-09-27, 15:31
#4
محمد 1993
:: عضو مبدع ::
تاريخ التسجيل : Oct 2017
الدولة : الجزائر - ع تموشنت
العمر : 25 - 30
الجنس : ذكر
المشاركات : 586
تقييم المستوى : 7
محمد 1993 غير متواجد حالياً
افتراضي رد: باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
وفيكم باراك الله
2019-11-07, 09:53
#5
الصورة الرمزية beddiarDsp
beddiarDsp
:: عضو مبدع ::
تاريخ التسجيل : Oct 2019
الدولة : الجزائر - المسيلة
العمر : 30 - 35
الجنس : انثى
المشاركات : 894
تقييم المستوى : 5
beddiarDsp غير متواجد حالياً
افتراضي رد: باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
لا إله إلا الله محمد رسول الله
2019-11-07, 10:13
#6
الصورة الرمزية beddiarDsp
beddiarDsp
:: عضو مبدع ::
تاريخ التسجيل : Oct 2019
الدولة : الجزائر - المسيلة
العمر : 30 - 35
الجنس : انثى
المشاركات : 894
تقييم المستوى : 5
beddiarDsp غير متواجد حالياً
افتراضي رد: باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
اللهم صل وسلم وبارك على سيد محمد
2020-03-12, 12:04
#7
himer.f
:: عضو محظور ::
تاريخ التسجيل : Mar 2020
الدولة : الجزائر - المسيلة
العمر : 35 - 40
الجنس : ذكر
المشاركات : 865
تقييم المستوى : 0
himer.f غير متواجد حالياً
افتراضي رد: باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
2020-03-12, 13:24
#8
امين فاضل
:: عضو محظور ::
تاريخ التسجيل : Mar 2020
الدولة : الجزائر - المسيلة
العمر : 35 - 40
الجنس : ذكر
المشاركات : 476
تقييم المستوى : 0
امين فاضل غير متواجد حالياً
افتراضي رد: باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
شكرا لكم على هذه المعلومات

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
71 خصـلـة تكفر وتذهب الذنوب و الخطايا بـإذن الله MANAL KZ طاسيلي الإسلامي 20 2021-02-08 09:06
قصص الأنبياء محمد (ص) جزء 1 Déja Vu طاسيلي الإسلامي 23 2020-03-12 11:43
باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله محمد 1993 طاسيلي الإسلامي 8 2018-08-21 16:20
"في # رمضان" وعدت نفسي أن أجمع 1000 ''الله'' فهل مساعدتكم تساعدني ♥ جوجو لجين طاسيلي الإسلامي 15 2018-06-15 19:58
ان لم تدخل فاعلم ان الشيطان منعك عن رضوان ربك الفتاة الموهوبة رمضانيات طاسيلي الجزائري 46 2018-03-16 18:53

الساعة معتمدة بتوقيت الجزائر . الساعة الآن : 23:49
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي شبكة طاسيلي ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)