الأمين العمودي 1377 ه /1957 م
ولد الأمين العمودي بمدينة الوادي في الجنوب الشرقي من الجزائر ، و نشأ في عائلة فقيرة و تأثر من هذا الفقر كثيرا كما تشهد بذلك بعض الأبيات الشعرية التي نظمها ليصف حالته ، و التحق بالمدرسة القرآنية حيث حفظ القرآن كما أنه زاول دراسته الابتدائية في المدارس الأهلية التي فتحتها السلطات الاستعمارية لأبناء المسلمين الجزائريين ، ثم التحق بثانوية بسكرة ، غير أن مزاجه الثائر جنى عليه فطرد من الثانوية و تقدم بعد ذلك الى امتحان الدخول الى المدرسة الرسمية بقسنطينة و نجح في هذا الامتحان غير أنه لم يتم سلك هذا التعليم المكون من أربع سنوات بالعربية و الفرنسية ، فأصطدم بنظام هذه المدرسة و طرد منها مرة أخرى منها ، و لكن رغم هذه المشاكل التي وجدها في التعليم فان العمودي استطاع أن يتحصل على ثقافة مزدوجة واسعة ، فكان له المام واسع بالفقه الاسلامي و بالقانون الفرنسي و كان يجيد الحديث و الكتابة بالفرنسية و العربية .
و بدأ يشتغل في مدينة بسكرة كوكيل شرعي و هذه الوظيفة جعلته يتصل بعدد كبير من أفراد المجتمع و يتعرف على أعيان الناحية و أدباءها و شعرائها و نال في وقت قصير شهرة واسعة .
و كان ينشر مقالاته في - الاقدام - التي كان يصدرها الأمير خالد و في جريدة - الاصلاح -التي أسسها الشيخ الطيب العقبي .
كما كان له نشاط سياسي فساند الأمير خالد في حملاته السياسية قبل نفيه و ناصر الدكتور سعدان أثناء ترشيحه للانتخابات في مدينة بسكرة .
و في سنة 1931 م شارك في تأسيس - جمعية العلماء المسلمين الجزائريين -بصفة فعلية و عين أمينا عاما للجمعية و بهذه الصفة لعب دورا كبيرا في التعريف بالجمعية و في القيام بنشاطها بصفة شرعية حتى لا تحل من طرف السلطات الاستعمارية ..
و انطلاقا من الصداقة التي تجمعه بالشيخ ابن باديس و من التجربة التي مارسها مع الأمير خالد عرف العمودي كيف يسير بالجمعية في الدروب السياسية الوعرة ، فكان يطالب بالمساواة في الحقوق السياسية و بالحفاظ على الشخصية الاسلامية التي يتحلى بها الجزائري .
و في سنة 1934 م قرر العمودي أن يصدر جريدة باللغة الفرنسية اسمها - لاديفونس -( الدفاع) حتى يستطيع أن يشرح أهداف و مقاصد الجمعية للذين لا يفهمون اللغة العربية ، و قد كان لهذه الجريدة صدى كبير في جميع الأوساط الجزائرية .
فقد كان الأمين العمودي فيها يدافع عن مبادئ الجمعية و كان كذلك يتهجم على أعداء الجمعية و يندد بقانون الأهالي - الأنديجينة - و بتصرفات بعض السلطات الاستعمارية ، كما أنه يساند موقف اتحادية النواب الذين كانوا يطالبون بالاندماج .
و في سنة 1936 لعب دورا كبيرا في تنظيم - المؤتمر الاسلامي -الذي وافق على اللائحة يطالب فيها بفصل الدين الاسلامي عن الادارة الفرنسية ،و لقد نال هذا المؤتمر نجاحا كبيرا ، و عين العمودي ضمن الوفد الذي تكون بعد المؤتمر للذهاب الى باريس و تقديم مطالب المؤتمر الى الحكومة الفرنسية التي كانت متكونة في ذلك الوقت من التحالف اليساري ، و بعد رجوعه من باريس قام العمودي بحملة واسعة في جريدته ليعزز موقف المؤتمر .
و في سنة 1937 أنشأ جمعية تدعى - بشباب المؤتمر الاسلامي - و أسندت رئاستها الى رشيد قرطبي و لكن في شهر نوفمبر ، أثناء جمعية عامة ، عين العمودي رئيسا لهذه الجمعية التي قامت بنشاط كبير خلال فروعها المتنثرة في جميع أنحاء القطر .
و لكن العمودي اصطدم بحركة الوطنيين الاستقلاليين من - نجم شمال افريقيا -و - حزب الشعب الجزائري -الذين كانوا يطالبون باستقلال الجزائر ، فحاول العمودي أن يتصارع مع هؤلاء الوطنيين و أتهمهم بأنهم لم يتخذوا موقفا واضحا من اغتيال المفتي كحول - مفتي الجزائر -و لكنه لم يلبث أن دعا الى الوحدة مع الوطنيين ، و بدأ يبتعد عن الاندماجيين .
و في بداية الحرب العالمية الأولى اعتزل العمودي السياسة و الصحافة و لم نجد له نشاط أثناء تأسيس - حركة أحباب البيان و الحرية - في عام 1944 م ، و عندما اندلعت الثورة التحريرية 1954 م لم يبين العمودي عن موقفه و لكن الجمعيات السرية الاستعمارية لم تكن غافلة فأعتقلته في سنة 1957 م و أغتالته بصفة و حشية .
******************** :
المصدر /زهير احدادن
ليس اليتيم من مات والده
ان اليتيم يتيم العلم و الأدب
*************** :
علي بن أبي طالب