مقدمة
يعتبر انتقال الإلتزام هو حوالة فإدا انتقل أو تحول من دائن إلى دائن آخر سمي بحوالة الحق , أما إدا تم تحويله من مدين إلى مدين آخر سمي بحوالة الدين ، والملاحظ أن ق.ل.ع. المغربي ونظيره الموريطاني لا يقران بحوالة الدين وقتصر بحجتهما على حوالة الحق . ذلك أن فكرة الإلتزام إذا نظرنا إليها على اعتبارها رابطة شخصية بين شخصين دائن و مدين فلا يتصور إمكانية انتقالها إدا لم تتحل بين طرفيها الأصليين ولكن إذا نظرنا إلى الإلتزام بإعتباره إلتزاما في حقيقته وفي أثاره لا بالنسبة إلى أطرافه ومحله فإنه يمكن انتقاله . وانتقال الحق من الدائن القديم إلى الدائن الأخر إما يكون مصدره القانون وإما يكون مصدره إتفاق المتعاقدين م(189) فانتقال الحق قد يتم بمقتضى القانون كانتقال الحقوق إلى الوريث بموث الموروث وانتقال حق المستأجر الذي يتنازل عن ايجاره إلى الغير المتنازل له ما لم يكن في العقد نص يمنع المستأجر من التنازل عن حقه أو ما لم يكن التنازل لا يتلف مع طبيعة المأجور أو حلول المالك الجديد محل سلفه في الحقوق الناجمة عن الإيجار القائم شرط أن يكون هذا الإيجار قد أجري بدون غش كما يمكن انتقال الحق مصدره اتفاق المتعاقدين كأن يتفق الدائن مع الغير على أن يحول له حقه في دمة المدين فيحل الغير محل الدائن في هذا الحق نفسه ويسمى الدائن محيل لأنه يحيل الغير بالحق المترتب له في دمة المدين ويسمى الغير هو الدائن الجديد محالا له لأن الدائن أحاله بحقه ويسمى المدين محالا عليه لأن الدائن الأصلي أحال عليه الدائن الجديد . فحوالة الحق عن طرق الإتفاق هو الدي خصه المشرع بالبحث حيث يعتبر انتقال الإلتزام هو حوالته فإدا انتقل أو تحول من دائن إلى دائن سمي بحوالة الحق ، أما إدا ثم تحويله من مدين إلى مدين آخر تسمى بحوالة الدين وهي لا تكون صحيحة إلا توفرت فيها شروط العقد العامة المنصوص عليها في ق.ل.ع. بالإضافة إلى شروط خاصة كالإعلان الرسمي والمثبت التاريخ غير أن هناك استتناءات . فما هي هذه الشروط والإجراءات حتى تكون الحوالة صحيحة ويقع أثارها ؟ وكيف يتم الإنتقال ومن هم المعنين بهذا الإنتقال هذا ما سأتطرق إليه من خلال المبحثين التاليين
المبحث ا|لأول : شروط انعقاد الحوالة وضوابط انتقال الحقوق فيها
المطلب الأول : شروط انعقاد الحوالة
الفقرة الأولى : المبادئ العامة للتعاقد في حوالة الحق
الفقرة الثانية : الشروط الخاصة المتعلقة بمحل الحوالة
المطلب الثاني : مدى انتقال الحقوق في حوالة الحق
الفقرة الأولى : انتقال الحقوق كقاعدة عامة
الفقرة الثاتية الحقوق التي لا يجوز انتقالها استثناءا
المبحث الثاني : القواعد الموضوعية والشكلية لنفاد حوالة الحق
المطلب الأول : شروط وإجراءات نفاد حوالة الحق قبل المدين
الفقرة الأولى : إعلان المدين بالحوالة وقبوله بها
الفقرة الثانية : حالات الإستثناء في سريان الحوالة الفصل 209
المطلب الثاني : شروط وإجراءات نفاد حوالة الحق قبل الغير
الفقرة الأولى : مفهوم نفاد الحوالة قبل الغير حسب الفصل 159
الفقرة الثانية : شروط نفاد الحوالة قبل الغير
الخاتمة
المبحث الأول : شروط انعقاد الحوالة وضوابط انتقال الحقوق فيها
لأجل انعقاد حوالة الحق ضرورة توفر أركان انعقادها و ترتب أركانها، وحتى تنعقد لا بد من توفر أركانه بين المتعاقدين وهي الأركان العامة في التعاقد الرضى المحل السبب والأهلية كما يجب احترام الضوابط العامة للنظام العام والآداب العامة و الشكلية والتسليم . لدى سأقسم هدا المبحث إلى شروط انعقاد الحوالة في المطلب الأول ومدى انتقال الحقوق في حوالة الحق في المطلب الثاني
المطلب الأول : شروط انعقاد الحوالة
كما سبق وأن ذكرت لأجل انعقاد الحوالة وتصبح صحيحة ضرورة تطبيق مبادئ التعاقد العامة إلى جانب شروط خاصة تتعلق بمحل الحوالة وبسببها وهذا م سأتطرق إليه من خلال الفقرتين التاليتين
الفقرة الأولى: المبادئ العامة للتعاقد في حوالة الحق:
الأصل في حوالة الحق أنها لا تخضع لمراسيم خاصة بل يكفي لإنعقادها توافر أركان العقد بوجه عام حيث يكفي وجود الرضى بين المحيل و المحال له وأن يكون كل منهما متمتعا بأهلية التصرف و أن يكون محل الحوالة مشروعا وأن يكون السبب الذي تحمل عليه الحوالة غير مخالف للقانون أو للنظام العم أو الأداب العامة وهذا ما أشارت إليه المادة 194 كما يجب أن تراعى في حوالة الحق القواعد العامة للإثبات نظرا لأهميته فقد أوجب المشرع في الفصل 199 من ق.ل.ع. على المحيل أن يسلم للمحال له سندا يثبث وقوع الحوالة وأن يسلمه إلى جانب الدين ما يكون لديه من وسائل ثبوته وكذا البيانات اللازمة لمباشرة الحقوق المحولة . كما قد أوجب على المحيل أن يقدم للمحال له سندا رسميا يثبت وقوع الحوالة إذا طلب منه ذلك على أن تكون مصروفات هذا السند على عاتق المحال له . بالإضافة إلى الشروط الخاصة المتعلقة بمحل الحوالة هدا ما سأتطرق إليه في الفقرة الثانية
الفقرة الثانية : الشروط الخاصة المتعلقة بمحل الحوالة
المبدأ أن كل الحقوق الشخصية تقبل الإنتقال عن طريق الحوالة والحق الشخصي ايا كان محله يقبل أن يكون موضوعا لحوالة الحق التي يأتي محلها في أكثره مبلغا من المال ، بل قد تكون أشياء مثلية غير النقود كما قد تكون الحوالة بالإستناد إلى حق معين بداته لكن يشترط أن يكون حقا شخصيا لا حقا عينيا لأن هدا الأخير تحكم انتقاله أحكام مختلفة . والحقوق المدنية كالحقوق التجارية تكون محلا للحوالة والحقوق سواءا المتبتة في صك كالسند العرفي أو صك رسمي أو حكم قضائي تكون محلا للحوالة بشرط أن تتبث بالشهادة أو القرينة . وإذا كان المبدأ أن الحقوق الششخصية تقبل الحوالة فإن بعض هذه الحقوق لا تقبلها أو تقبلها لكن بشروط وهذا ما سأتطرق إليه في المطلب الثاني
المطلي الثاني : مدى انتقال الحقوق في حوالة الحق
المبدأ أن كل الحقوق تقبل الحوالة وأنها تتم وفق قواعد التعاقد عامة إلا أنه هناك استتناء لهذا المبدأ يقضي بعدم قابلية بعض الحقوق الشخصية للحوالة لذا سأقسم هذا المطلب إلى فقرتين انتقال الحقوق في الفقرة الأولى ووفي الفقرة الثانية سأتطرق للحقوق التي لا يجوز انتقالها استثناءا
الفقرة الأولى : انتقال الحقوق كقاعدة عامة
علينا تحديد المقصود بالحق المراد انتقاله لأن الحق نوعان حق شخصي وهو حالة قانونية يكون فيها شخص يطلب من غيره القيام بعمل أو عدم القيام بعمل ذي قيمة مالية والحق العيني هو سلطة مباشرة يمنحها القانون لشخص على شيئ معين بالذات فمن خلال نصوص ق.ل.ع. الخاصة بحوالة الحق وكذا ما قرره الفقهاء نجد الإتفاق بينهم على أن الحق الذي ينتقل بحوالة الحق هو الحق المالي الشخصي . فما هي إذن الحقوق التي لا تنتقل إلا اسثتناءا هذا ما سأتطرق إليه في الفقرة الثانية
الفقرة الثانية : الحقوق التي لا يجوز انتقالها اسثتناءا
إن الحقوق التي لا تقبل الحوالة هي تلك الحقوق المحتملة والحقوق التي يمنع حوالتها العقد أو القانون والحقوق التي لها طابع شخصي وأخيرا الحقوق التي لا تقبل الحجز.
1 الحقوق المحتملة أو الحقوق المستقبلة نصت المادة 190 على أنه لا يجوز أن يرد الإنتقال على الحقوق المحتملة والمراد به الحق الذي لا وجود قانوني له في الحال وإنما يحتمل وجوده في المستقبل وذلك خلافا للحق الشرطي الذي له وجود قانوني في الحال وإن كان هذا الوجود غير بات وغير كامل مثل الحق الإحتمالي حق الموصى له قبل موت الموصي ، حق الشفيع قبل بيع الحصة المشفوع فيها
2 الحقوق التي تمتنع حوالتها بمقتضى سند انشائها أو بمقتضى القانون حيث نصت المادة 191 على أن الحوالة تبطل إدا كان الدين أو الحق غير ممكن تحويله بمقتضى سند انشائه أو بمقتضى القانون فقد يحصل أن يرد في السند الذي ينشأ الحق بموجبه نص يمنع صاحب الحق من التنازل عن حقه للغير كما قد يحصل أن يمنع القانون بنص صريح حوالة الحق من الحقوق مثال ما نصت عليه المادة 481 من ق.ل.ع. " لا يسوغ للسماسرة ولا للخبراء أن يشتروا لا بأنفسهم ولا بواسطة عنهم الأموال المنقولة ...... التي يناط بهم بيعها أو تقويمها.."
3 الحقوق التي تتسم بطابع شخصي محض وتكون بالتالي متصلا اتصالا وثيق بشخص الدائن حيت لا تقبل الحوالة على ما نصت عليه في ف.2 من المادة 191 وقد ضرب المشرع مثلا على هذا النوع من الحقوق حق انتفاع أحد المستحقين في حبس من الحبوس الخاصة
4 الحقوق التي لا تقبل الحجز أو التعويض فقد نصت ف. 2 من المادة191 أن الحوالة تبطل إذا كان محلها حقا " لا يقبل الحجز أو التعرض " مثال ذلك النفقة أو الحد الأذنى من الأجور أو الراتب فهى من الحقوق التي يقرر المشرع عدم قابليتها للحجز أو التعرض نظرا لحاجة أصحابها إليها في أمور معيشتهم إلا ضمن الحدود التي عينها القانون فإدا وقعت ضمن النسبة المحددة كانت الحوالة صحيحة ووقعت أثارها . غير أنه لنفد الحوالة لابد من وجود قواعد منها ما يكون شكلي ومنها ما يكون موضوعي وهذا ما سأتطرق إليه في المبحث الثاني
المبحث الثاني : القواعد الموضوعية والشكلية لنفاد حوالة
حتى تكون حوالة الحق صحيحة وقابلة النفاد لا بد أن تخضع لقواعد وإجراءات نفاذها قبل المدين وكذلك شروط وإجراءاتها قبل الغير وهذا ما سأتطرق إليه في المطلبين التاليين
المطلب الأول : شروط وإجراءات نفاد حوالة الحق قبل المدين
لنفاد حوالة الحق قبل الغير يتطلب إعلان المدين بالحوالة وقبوله لها وذلك من خلال مسطرة خاصة لأجل تبليغ المدين بالحوالة وهذا ما سنتعرض إليه من خلال الفقرتين التاليتين
الفقرة الأولى : إعلان المدين بالحوالة وقبوله بها
كما نعلم أن الحوالة تنعقد بالتراضي بين المحيل والمحال له دونما حاجة لإرضاء المدين المحال عليه إلا في حالة واحدة وهي حالة الحق المتنازع عنه غير أن الحوالة تتعدى أثارها حلقة المتعاقدين وتصبح نافدة إزاء المدين المحال عليه وفي مواجهة الغير لدى وجب من توافر شرط أساسي يرمي إلى تحقيق شهر الحوالة وإحاطة المدين والغير علما بوقوعها وهذا الإعلان يكون رسمي أو في محرر ثابث التاريخ فالتبليغ الذي يجب آتخاذه في مواجهة المدين هو التبليغ القانوني الرسمي الذي يعتد به في الحوالة وهو ما نص عليه الفصل 195 من ق.ل.ع. حيث نص " لا ينتقل الحق للمحال له به تجاه المدين والغير إلا بتبليغ الحوالة للمدين تبليغا رسميا إلا أنه هناك استثناء وهو ما جاء في الفصل 209 وهو ما سأتطرق إليه في الفقرة الثانية
الفقرة الثانية : حالات الإستثناء في سريان الحوالة الفصل209
ثمة أوضاع لا تكون فيها الحوالة نافدة إزاء الغير بمجرد انعقادها بل لا بد حتى تعتبر كذلك من اتباع اجراءات خاصة غير إجراءات الإعلان والقبول وتشمل حوالة عقود كراء العقارات أو أكريتها أو الإيرادات الدورية المترتبة عليها إذا ما تقرر لفترة تزيد عن سنة لا تكون سارية المفعول إزاء الغير إلا إذا وردت في محرر ثابت التاريخ وإذا كان العقار محفظ فحوالة الأجور لمدة سنة لا تسري بحق الغير إلا إذا جرى قيدها في السجل كذلك نجد سندات لأمر كالكمبيالة والشيك وبويصلة التأمين تكون حوالتها نافدة في حق المدين والغير عن طريق التظهير وذلك بأن يضع صاحب السند توقيعه في ظهر السند سواء ذكر اسم المظهر له أو اكتفى بالتوقيع فيسمى تظهير على بياض . أما حوالة الحقوق في الشركة يلزم لسريانها على الغير أن تبلغ للشركة أو تقبل منها في محرر رسمي أو في محرر عرفي مسجل داخل المملكة ، أما السندات لحاملها والتي تشمل الأسهم والسندات التي تحرر لحاملها أيا كان فتعتبر حوالتها نافدة في مواجهة المدين والغير بمجرد التسليم المادي أو بمجرد انتقال السند للحامل من حيازة المحيل إلى حيازة المحال إليه . كما أن هناك شروط لنفاد الحوالة قبل المدين حيث تستلزم شروط لنفادها قبل الغير وهذا ما سأتطرق إليه في المطلب الثاني
المطلب الثاني : شروط وإجراءات نفاد حوالة الحق قبل الغير
تعتبر الحوالة نافدة بمجرد التعاقد بشأنها حيث نجد الفصل 195 ينص على شروط نفادها فما هي هذه الشروط هذا ما سأدرجه من خلال الفقرتين التاليتين
الفقرة الأولى : مفهوم نفاد حوالة الحق قبل الغير حسب الفصل 195 من ق.ل.ع.
يحيل الفصل 195 من ق.ل.ع. على مقتضيات الفصل 209 من نفس القانون الذي يجري سياقه على ما يلي " من أحال حقه في تركة لا يضمن إلا كونه وارتا ولا تصح هذه الحوالة إلا إذا كان الطرفان يعرفان قيمة التركة وبمقتضى هذه الحوالة تنتقل بحكم القانون الحقوق والإلتزامات المتعلقة بالتركة إلى المحال له . وعليه فإذا انعقدت الحوالة بين المحيل والمحال له صحيحة انتقلت الحقوق والإلتزامات المتعلقة بالتركة إلى المحال له دون استلزام الإعلان الرسمي أو القبول الثابت التاريخ . غير أنه لتفادي حوالة الحق قبل الغير لا بد من شروط وهذا ما سأذكره في الفقرة الثانية
الفقرة الثانية : شروط ونفاد الحوالة قبل الغير
لقد استلزم المشرع اتباع إجراءات خاصة بشأن نفاذها إزاء الغير فالمقصود هنا إعلان الحوالة أو قبول المدين بها هو إخباره بحقوق الغير ، فمتى ثبت علم المدين بها نفدت الحوالة في حقه وفي حق الغير لكن هناك نوعان من الحقوق يتطلب إجراءها خاصة لتصبح الحوالة نافدة في حق الغير غير الإعلان والقبول ومنها ما ورد في الفصل 196 والفصل 208 من قانون الإلتزامات والعقود
الخاتمة
ويكون من المفيد أن أذكر أن حوالة الحق هي من مصادر الإلتزام نظرا لإرتباطها بين شخصين غير أنها تبين ماهية حوالة الحق لكونها تقوم على عقد يتفق بمقتضاه الدائن بنقل حقه الشخصي قبل مدينه إلى الطرف الثاني في العقد فيصبح هذا الأخير دائنا بذات الحق والدائن الأصلي هو المحيل والدائن الجديد هو المحال له أما الدائن فهو المحال عليه .
المراجع المعتمدة
1 المختار بن احمد عطار دكتور الدولة في الحقوق محام مقبول لدى المجلس الأعلى
الوسيط في القانون المغربي أوصاف الإلتزام انتقاله إثباته آثاره وإنقضاؤه
الطبعة الأولى 1424-2003
2 الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني
الجزء الثالث نظرية الإلتزام بوجه عام الأوصاف الحوالة الإنقضاء
تنقيح المستشار أحمد مدحت المراغي رئيس محكمة النقض الأسبق
طبعة تحتوي ‘لى آخر المستجدات في التشريع والقضاء والفقه سنة2004
3 الدكتور مأمون الكزبري نظرية الإلتزام وانتقاله وإنقضاؤه الجزء الثاني
في بيروت 25 شوال 1389 الموافق 2 يناير 1970
4 الدكتور عبد اللطيف البغيل محاضرات مختصرة في حوالة