عرض مشاركة واحدة
2016-01-05, 10:05
#5
الصورة الرمزية ♡~ أم البرآء ~♡
♡~ أم البرآء ~♡
:: عضوية شرفية ::
تاريخ التسجيل : Jul 2015
الدولة : الجزائر - الجزائر
العمر : (غير محدد)
الجنس : انثى
المشاركات : 5,162
تقييم المستوى : 18
♡~ أم البرآء ~♡ غير متواجد حالياً
افتراضي المطلب الأول: حالة يوغسلافيا السابقة
المطلب الأول: حالة يوغسلافيا السابقة
كانت يوغسلافيا السابقة تتكون من ست جمهوريات، صربيا و هي أكبر الجمهوريات و عاصمتها بلجراد، و كرواتيا و عاصمتها زعرب و سلوفينيا و عاصمتها لوبيانا، و البوسنة و الهرسك و عاصمتها تيو جراد، و إقليمان هما إقليم فوديوفونيا وكوسوفا.
و في داخل كل جمهورية توجد طوائف ذات ثقافات مختلفة، و قوميات متباينة وعرقيات بينها ثارات قديمة، تصل في بعض الجمهوريات إلى عشرين جماعة عرقية و إلى أربة عشر لغة و لهجة، كما يوجد تفاوتا في التاريخ و الدين حتى الطابع البشري ذاته.
عاشت يوغسلافيا كدولة موحدة لمدة أربعة و سبعين عاما لم يتم خلالها أي تجانس يذكر بين شعوب هذه الجمهوريات و قد اتضح ذلك بعد سقوط الحزب الشيوعي الحاكم وظهور العصبيات القديمة و القوميات التي أصبحت تنادي بالاستقلال و الانفصال عن الحكومة المركزية في بلجراد و نتج عن ذلك استقلال كرواتيا وسلوفينيا و مقدونيا، و قد رفض الصرب الانفصال، و اندلعت الحرب بين كرواتيا و الصرب عام 1991، بعد أن أعلنت كرواتيا استقلالها.
و قد خصصنا لأجل الخوض في دراسة محاكمة ميلوزوفيتش، الإشارة إلى:
- حالة البوسنة و الهرسك.
– و جرائم الحرب التي ارتكبت فيها.
*التعريف بميلوزوفيتش
تفيد المعلومات أن "سلوبودان ميلوزفيتش" ولد سنة 1941 في القرى القريبة من العاصمة اليوغسلافية بلجراد، ينتمي إلى عائلة مفككة و في عام 1989 أصبح ميلوزفيتش رئيسا لصربيا و يوغسلافيا و لكنه لم يحكم السيطرة على دولته، و فشل في إنشاء صربيا الكبرى التي تضم صرب كرواتيا و البوسنة، و عندما انهارت يوغسلافيا القديمة انفصلت عنها سلوفينيا و كرواتيا و البوسنة و مقدونيا أنشأ ميلوزفيتش يوغسلافيا جديدة تتألف من صربيا < التي تضم كوسوفا التي سيطر عليها ميلوزفيتش بواسطة الشرطة > و الجبل الأسود و في خلال العشر سنوات التي تولى فيها الرئاسة < التي انتهت عام 2000 > استطاع ميلوزفيتش أن يجلب الخراب والدمار و الخطط الفاشلة و التفكك الذي لم يكن أحد يتوقعه في أرجاء الجمهورية المتقدمة اقتصاديا و المحايدة سياسيا، و أصبح المنشقون عن ميلوزفيتش أكثر من تابعيه.
*جرائم حرب جماعية في البوسنة:
رياح الصراعات بدأت تهب على جمهورية يوغسلافيا و غدتها السياسات العنصرية لميلوزفيتش و أعوانه في الحكم. و بالرغم من الجرائم التي ارتكبت في كرواتيا إلا أنها لم ترقى في حجمها إلى ما تعرضت له البوسنة و إقليم كوسوفا فيما بعد من جرائم الحرب وإبادة جماعية و جرائم ضد الإنسانية.
و حين انتشرت أعمال القتل و الاغتصاب في البوسنة تدخلت أمريكا و الدول الغربية لوقف تلك الممارسات الإجرامية التي بات من الواضح أنها سوف تجر منطقة البلقان بكاملها إلى حروب لن تقتصر على شعوبه و دوله، و إنما ستمتد إلى دول أخرى مجاورة في أوربا و البلقان الأمر الذي يفتح الطريق أمام قيام حرب عالمية ثالثة. و قد استطاع حلف الناتو بالفعل أن يجبر ميلوزوفيتش باعتباره كان رئيسا ليوغسلافيا في ذلك الوقت على التسليم باستقلال البوسنة و الهرسك، ذلك الاستقلال المنقوص الذي لم يتح أبدا لمسلمي البوسنة أن يحصلوا على الاستقلال الحقيقي الذي كانوا ينشدونه، بل أنهم دفعوا نظير هذا الكيان الصوري الهش ثمنا باهظا، تمثل فيما تعرضوا له من أعمال الإبادة العرقية والاغتصاب على يد الصرب بزعامة ميلوزوفيتش و أتباعه و التي لم تشهدها عصور الظلام من تاريخ الإنسانية.
و نعرض في التالي عددا من الجرائم التي ارتكبت بحق المسلمين في حرب البوسنة و الهرسك وكوسوفا التي قادها ميلوزوفيتش في الفترة من 1992 إلى 1998 ومنها:
أولا: وصل عدد القتلى من مسلمي البوسنة خلال تلك الفترة < الحرب > إلى 300 ألف مسلم.
ثانيا: بلغ عدد المشردين من مسلمي البوسنة 750 ألف مشرد و نازح بوسني.
ثالثا: تقارير الأمم المتحدة تقول أن أفظع مذبحة في القارة الأوربية هي مذبحة "سربرنيتشا" و قد راح ضحيتها 8000 مسلم، و تشرد 25000 مسلم إلى الدول و المدن المجاورة.
رابعا: وصل عدد الفتيات و النساء اللاتي تم اغتصابهن في البوسنة في تلك الفترة قرابة 5 آلاف امرأة مسلمة. وبعد أن أنهى ميلوزوفيتش بالقضاء على البوسنة و الهرسك و كوسوفا، اضطرت أوربا المعروفة بدعمها له إلى الضغط عليه من أجل توقيع اتفاقية "دايتون" عام 1996 ،ليتخلى عن جزء كبير من الحلم الصربي < صربيا الكبرى > الذي روج له عبر دوائره المتنفدة في الإعلام و الثقافة.
و بعد الاتفاق بأربع أعوام دعا ميلوزوفيتش إلى إجراء انتخابات رئاسية بعد إجراء تعديلات دستورية تقضي بانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب و ليس من خلال البرلمان كما كان في السابق، و فاز بها المرشح المعارض < فيوتسلاف كوستينتيشا >.
*محاكمة ميلوزوفيتش
أصدر مجلس الأمن في أكتوبر 1992 القرار رقم 780 بإنشاء لجنة خبراء عنيت بالتحقيق و جمع الأدلة حول المخالفات الجسيمة لمعاهدات جنيف و الانتهاكات الأخرى للقانون الدولي الإنساني في الصراع الدائر آنذاك بيوغسلافيا السابقة و بمطالعة تاريخ اللجنة و أعمالها يتبين بوضوح أنها كانت مفعمة بتأثير إنساني و قانوني، حيث طلب مجلس الأمن من الأمين العام و بصفة عاجلة تشكيل لجنة محايدة من الخبراء، تكون مهمتها تقييم و تحليل المعلومات المقدمة على أثر القرار 771 لسنة 1992 و للجنة الخبراء تنفيذا للقرار 771 لسنة 1992 جمع معلومات أخرى من خلال تحريات أو غيرها من الأشخاص عن الانتهاكات الجسيمة لمعاهدات جنيف و الانتهاكات الأخرى للقانون الدولي الإنساني و التي ارتكبت في أراضي يوغسلافيا السابقة.
و بنهاية عمل اللجنة، توافرت أدلة دامغة على أن الجرائم التي ارتكبت ما كان يتسنى لها أن تتم بدون ضلوع بعض القيادات السياسية و العسكرية فيها وعلى رأسهم < سلوبودان ميلوزوفيتش > و <كاراديتش> رئيس جمهورية بوسنة الصربية، <ماليتش> قائد القوات الصربية في البوسنة، الأمر الذي بدت خلاله أعمال اللجنة و كأنها تهديد للمفاوضات السياسية حيث أنه من الممكن تجاهل الاتهامات الواردة بالتقارير الإعلامية حيال مسؤولية مرتكبي "التطهير العرقي" و"الاغتصاب المنظم" و غيرها من الاتهامات، كان هو الخطر السياسي الحقيقي ، مما أدى إلى ضرورة إنهاء أعمال تلك للجنة مع محاولة تفادي النتائج. و وفقا لتقارير اللجنة، فإنه ضمن قائمة اتهامات مطولة، فإن <ميلوزوفيتش> منسوب إليه أنه قد أمر بارتكاب القتل و التعذيب و النقل الجبري للسكان و غيرها من انتهاكات مخالفة لقوانين و أعراف الحرب. و إعمالا لسلطات المجلس المخولة له بموجب الباب السابع من ميثاق هيئة الأمم المتحدة، والتي لم يسبق تفسيرها سلفا وفقا لذلك المفهوم، أصدر المجلس القرار رقم 827 بإنشاء المحكمة مقرا لمشروع الأمين العام بدون تعديل و من ثم دخلت حيز النفاذ في 25 مايو 1993 بمقرها في لاهاي بهولندا.
و يبدوا أن مكتب الادعاء في محكمة يوغسلافيا قد أجاد في تطبيق نصوص قانون المحكمة في اتهام <ميلوزوفيتش> تمهيدا لمحاكمته، و يعد قرار الاتهام الصادر ضده هو الأول في تاريخ المحاكم الجنائية و من حيث اتهام رئيس الدولة إبان صراع مسلح دائر، بارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني، و يقع على عاتق الادعاء عيب يتمثل في ضرورة إثبات أن الجرائم المتهم بها الرئيس <ميلوزوفيتش> قد تم ارتكابها بناء على أوامر صادرة منه أو بعلمه، مما يلزم إثبات التسلسل القيادي بين من أصدر تلك الأوامر و بين الجنود و أفراد الميليشيات المقترفين للجرائم و المنفذين لتلك الأوامر.
و قد وجهت "كارلا ديل بونتي" ممثل الادعاء في محكمة جرائم الحرب الدولية الخاصة بيوغسلافيا نداء إلى حلف الناتو "لاعتقال ميلوزوفيتش" و الآخرين و تسليمهم إلى المحكمة، و قد رصدت بعض الدول المكافآت لاعتقال ميلوزوفيتش.
و قد ألقت السلطات المحلية الصربية القبض على "ميلوزوفيتش" في أول أبريل عام 2001 بالعاصمة بلغراد، و تم نقله إلى المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة في 29 يونيو من العام لتبدأ محاكمته بعد ذلك في 12 فبراير 2002.
و يعد ميلوزوفيتش أول زعيم دولة في العالم يحاكم لارتكابه جرائم حرب في 66 قضية بما في ذلك قضايا الإبادة الجماعية و الجرائم ضد الإنسانية. و استمرت محاكمة ميلوزوفيتش أربع سنوات حتى تم العثور على جثته عام 2006 في محبسه في لاهاي، وتعددت الروايات المرتبطة بموته، إلا أن معظمها أكدت انتحاره.
و رغم رحيل السفاح ميلوزوفيتش، إلا أن ضحايا حرب الإبادة الجماعية في البوسنة والهرسك و كوسوفا، مازالت شاهدة على عداء الغرب للإسلام و المسلمين مهما تعددت مزاعمهم باحترام الأديان و عدم التمييز على أساس المعتقد و الجنس.