طاسيلي الجزائري

طاسيلي الجزائري (https://www.tassilialgerie.com/vb/index.php)
-   سنـة ثانيــة ثانـوي (https://www.tassilialgerie.com/vb/forumdisplay.php?f=96)
-   -   لبحث جمع بعض مراثي الممالك و المدن الاندلسية و استخراج خصائص الوصف منه (https://www.tassilialgerie.com/vb/showthread.php?t=11847)

Tassilialgerie 2013-02-03 15:51

لبحث جمع بعض مراثي الممالك و المدن الاندلسية و استخراج خصائص الوصف منه
 
عرف الأدب العربي رثاء المدن غرضًا أدبيا في شعره ونثره. وهو لون من التعبير يعكس طبيعة التقلبات السياسية التي تجتاج عصور الحكم في مراحلمختلفة.

وهذا النوع من الرثاء لا يقف في حدود عند رثاء المدن وحدها حينيصيبها الدمار والتخريب ولكنه يتجاوز ذلك إلى رثاء الممالك تارة والعصور تارة أخرى. بل قد يرثي الدولة بأسرها؛ كما حدث ذلك في الأندلس. وقد تميز هذا الغرض من رثاءالمدن في الشعر أكثر من تميزه في النثر.

ويُعد رثاء المدن من الأغراضالأدبية المحدثة، ذلك أن الجاهلي لم تكن له مدنٌ يبكي على خرابها، فهو ينتقل فيالصحراء الواسعة من مكان إلى آخر، وإذا ألم بمدن المناذرة والغساسنة فهو إلمامعابر. ولعل بكاء الجاهلي على الربع الدارس والطلل الماحل هو لون من هذه العاطفةالمعبّرة عن درس المكان وخرابه.
رثاء المدن في المشرق. عرف المشرق قدرا منهذا الرثاء شعرًا، عندما تعرضت عاصمة الخلافة العباسية للتدمير والخراب خلال الفتنةالتي وقعت بين الأمين والمأمون. فنهبت بغداد وهتكت أعراض أهلها واقتحمت دورهم، ووجدالسّفلة والأوباش مناخًا صالحا ليعيثوا فسادا ودمارا. وقد عبر الشاعر أبو يعقوبإسحاق الخريمي، وهو شاعر خامل الذكر، عن هذه النَّكبة في مرثيته لبغداد فقال:
يابؤس بغداد دار مملكة دارت على أهلها دوائرها
أمهلها الله ثم عاقبها حينأحاطت بها كبائرها
بالخسف والقذف والحريق وبالحرب التي أضحت تساورها
حلّتببغداد وهي آمـنة داهية لم تكن تحاذرهـا
ثم كان خراب البصرة على يدالزنج في ثورتها المشهورة. فأشعلوا فيها الحرائق وحولوها إلى أنقاض ودمار، فوقفالشاعر ابن الرومي مذهولا بما حدث فقال:
كم أخ قد رأى أخاه صريعا تَرِبَ الخدبين صرعى كرام
كم مفدّى في أهله أسلموه حين لم يحْمه هنالك حامي
كم رضيعهناك قد فطموه بشبا السيف قبل حدّ الفطام
وبالإضافة إلى هاتينالمرثيتين، حفل ديوان رثاء المدن في المشرق، بطائفة من القصائد تتحدث عن تلك المدنالتي اسقطها هولاكو وتيمور لنك.
وكذلك استثارت نكبة بغداد على يد هولاكوعاطفة عدد من الشعراء مثل شمس الدين الكوفي، ومن أبياته قوله:

إن لم تقرّحأدمعي أجفاني من بَعْدِ بُعْدِكُمُ فما أجفاني
إنسان عيني مذ تناءت داركم ماراقـه نظــــر إلى إنســان
مالي وللأيام شتت خطبها شملي وخــلاني بلا خلان
ما للمنازل أصبحت لا أهلها أهلي ولا جيرانهــا جيـراني
وتعدمرثبة الشيخ تقي الدين إسماعيل بن إبراهيم التنوخي في القرن السابع الهجري أشهرمراثي بغداد حين خربها هولاكو. يقول في آخر القصيدة:
إن القيامة في بغداد قدوجدت وحدّها حين للإقبال إدبار
آل النبي وأهل العلم قد سُبيوا فمن ترى بعدهمتحويه أمصار
ماكنت آمل أن أبقى وقد ذهبوا لكن أتى دون ما أختار أقدار
وكذلك كان رثاء دمشق عندما سقطت في أيدي التتار فتعاقب على رثائهاكثير من الشعراء مسجلين ذلك الحدث ومنهم الشاعر علاء الدين العزولي في قوله:
أجريت جمر الدمع من أجفاني حزنا على الشقراء والميـدان
لهفي على وادي دمشقولطفه وتبدل الغزلان بالثيــــــران
واحسرتاه علي دمشق و قولها سبحان من بالغلقد أبلاني
لهفي عليك محاسنا لهفي عليـ ك عرائسا لهفي عليك مغانـي
ولكن هذا اللون في المشرق لم يزدهر ازدهاره في الأندلس، ويعزى ذلكإلى أن طبيعة التقلبات السياسية في الأندلس كانت أشد حدة وأسرع إيقاعا، وأنها اتخذتشكل المواجهة بين النصارى والمسلمين حين تجمع الصليبيون عازمين على طرد المسلمينوإخراجهم من الأندلس.

رثاء المدن في الأندلس. كان هذا الغرض في الأندلس منأهم الأغراض الشعرية، إذ كان مواكبًا لحركة الإيقاع السياسي راصدًا لأحداثهمستبطنًا دواخله ومقومًا لاتجاهاته.
وكان محوره الأول يدور حول سلبياتالمجتمع الأندلسي بسبب ما انغمس فيه الناس من حياة اللهو والترف والمجون وانصراف عنالجهاد. وأن الأمر لن يستقيم إلا برفع علم الجهاد تحت راية لا إله إلاالله. ومن هنافالصوت الشعري لرثاء المدن في الأندلس يخالف الأصوات الشعرية الأندلسية الأخرى التيألفها أهل الأندلس في الموشحات ووصف الطبيعة والغزل وبقية الأغراضالأخرى.

ويلفت النظر أن عددا من قصائد رثاء المدن في الأندلس لشعراءمجهولين؛ ويُفَسَّرُ ذلك إما بخشيتهم من السلطان القائم بسبب نقدهم للأوضاعالسياسية وإما أن عنايتهم بالحس الجماعي واستثارته كانت أكثر من عنايتهم بذواتهمالشاعرة.
يقوم هذا الرثاء على مقارنة بين الماضي والحاضر؛ ماضي الإسلام فيمجده وعزه، وحاضره في ذله وهوانه. فالمساجد غدت كنائس وبيعًا للنصارى وصوت النواقيسأضحى يجلجل بدلا من الأذان، والفتيات المسلمات انتهكت أعراضهن، والدويلات المسلمةتستعين بالنصارى في تدعيم حكمها. وتمتلئ كل هذه النصوص بشعور ديني عميق يطفحبالحسرة والندم.

كان سقوط مدينة طليطلة في أواخر القرن الخامس الهجري بدايةالمأساة؛ فهي أول بلد إسلامي يدخله الفرنجة وكان ذلك مصابا جللا هزّ النفوس هزًاعميقًا. يقول شاعر مجهول يرثي طليطلة في قصيدة مطلعها:
لثُكلكِ كيف تبتسمالثغور سرورًا بعدما سبيت ثغور
طليطلة أباح الكفر منها حماها إنّ ذا نبــأكبـــير
وفي هذه القصيدة التي بلغت سبعين بيتا تصوير لحال المسلمينعشية سقوطها وما أصابهم من ذل وصغار، كما تصور ماضيها المجيد وحاضرها المهين. وتنتهي بأمنية مشتهاة أن يخرج من أصلاب المسلمين بطلٌ كطارق بن زياد يعيد الأمر إلىنصابه:
ألم تك معقلا للدين صعـبا فذلّله كما شاء القديـــر
وأخرج أهلهامنها جميعــا فصاروا حيث شاء بهم مصير
وكانت دار إيمان وعلـم معالمها التي طمستتنــير
مساجدها كنائس، أي قلب على هذا يقر ولا يطـير
فيا أسفاه يا أسفاهحزنــا يكرر ما تكررت الدهـور
ثم تختم المرثية بهذه الأمنية:
الاّ رجل له رأي أصيــــل به مِمّا نحاذر نستجـــــــــير
يكُرّ إذا السيوفتناولــته وأين بنا إذا ولت كــــــــرور
ويطعن بالقنا الخطار حتى يقول الرمحمن هذا الخطــير ؟
وتعد مرثية الشاعر ابن الأبار لمدينة بلنسية منالمراثي المشهورة في الأندلس، فقد أرسل بها على لسان أميره إلى أبي زكريا بن حفصسلطان تونس مستنجدا به لنصرة الأندلس ومطلعها:

أدرك بخيلك خيل الله أندلسا إنالسبيل إلى منجاتها درســـا
وهب لها من عزيز النصر ما التمست فلم يزل منك عزّالنصر ملتمسا



Tassilialgerie 2013-02-03 15:52

تابع
 

ويحكي هذا النص يأس أهل الأندلس من حكامهم المسلمينومن ثم توجهوا لطلب النصرة من خارج الأندلس كما تصور حال بلنسية وقد تحولت المساجدإلى كنائس وفرض الكُفر سلطانه على الجزيرة وأن الذي أصاب بلنسية يوشك أن يصيب باقيالمدن الأندلسية:
مدائن حلها الإشراك مبتسما جذلان، وارتحل الإيمان مبتئسا
ياللمساجد عادت للعدا بيعا وللنداء غدا أثناءها جرسـا
ثم يلتفتإلى أبي زكريا سلطان تونس قائلا:
طهّر بلادك منهم إنهم نجس ولا طهارة ما لمتغسل النجسا
وأوطئ الفيلق الجرار أرضهم حتى يطأطئ رأسا كل من رأسا
وأملأهنيئًا لك التأييد ساحتها جرُدًا سلاهب أو خطية دُعُســا
وأمامراثي الممالك فمن أشهرها مرثية أبي محمد، عبد المجيد بن عبدون التي رثى بها قتلىبني الأفطس أصحاب بطليوس ومطلعها:
الدهر يفجع بعد العين بالأثر فما البكاء علىالأشباح والصور؟
وفيها يقول:

أنهاك أنهاك لا آلوك موعظة عننومة بين ناب الليث والظفر
وفي هذه المرثية، يحشد ابن عبدون الكثيرمن أحداث التاريخ وتقلباته ويحكي ما أصاب الدول والممالك من مآسٍ ومحن متخذا من ذلكسبيلا للعظة والتأسي. وتمتاز القصيدة على طولها بحاسة شعرية قوية وعاطفة جياشةتزاوج بين مأساة بني الأفطس الذاتية والسياسية.

ومن أهم المراثي التي ربطتبين المأساة الذاتية والسياسية قصيدة أبي بكر بن عبد الصمد في رثاء مملكة إشبيلياوأميرها الشاعر المعتمد بن عباد:
ملك الملوك أسامع فأنادي أم قد عدتك عن السماععوادي
لما خلت منك القصور ولم تكن فيها كما قد كنت في الأعــياد
قد كنتأحسب أن تبدد أدمعي نيران حزن أضرمت بفــــؤادي
وتعد أيضا داليةابن اللبانة في رثاء بني عبَّاد ومملكتهم من تلك المراثي التي ربطت بين مأساةالمعتمد وضياع ملكه ومأساة الشاعر حين هوى عن عرش الشعر ومملكته:
تبكي السماءبدمع رائح غاد على البهاليل من أبناء عـــــــبَّاد
على الجبال التي هُدّتقواعدها وكانت الأرض منهم ذات أوتاد
نسيت إلا غداة النهر كونهم في المنشآتكأموات بألحـــــاد
تفرقوا جيرة من بعد ما نشأوا أهـلا بأهـل وأولادًا بأولاد
جامع قرطبة الكبير

وأما نونية أبي البقاء الرندي فهي واسطةالعقد في شعر رثاء المدن وأكثر نصوصه شهرة وأشدها تعبيرا عن الواقع. فهي ترثيالأندلس في مجموعها مدنا وممالك. فتصور ما حلّ بالأندلس من خطوب جليلة لا عزاء فيهاولا تأسٍ دونها وكيف ضاعت قرطبة دار العلوم، وإشبيليا مهد الفن، وحمص مهبط الجمال،وكيف سقطت أركان الأندلس واحدة تلو الأخرى، وكيف أَقفرت الديار من الإسلام فصارتالمساجد كنائس وغدا صوت الأذان صوت ناقوس؟!، ثم يهيب أبو البقاء الرندي بفرسانالمسلمين عبر عدوة البحر إلى المسارعة لنجدة الأندلس والمسلمين. يقول في أولالقصيدة:
لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يُغَرُّ بطيب العيش إنسان
هي الأموركما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمــان
وللحوادث سلوان يسهلها وما لما حلّبالإسلام سلوان
إلى أن يقول:

فاسأل بلنسية ما شأن مرسية وأين شاطــبة أم أيـن جيَّــان؟
وأين قرطبة دار العلوم، فكم من عالم قد سما فيها لهشان
وأين حمص وما تحويه من نزه ونهرها العذبُ فياض وملآن
قواعد كن أركانالبلاد فما عسى البقاء إذا لم تبق أركان
حيث المساجد قد صارت كنائس ما فيهن إلانواقيـــس وصلبــان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة حتى المنابر ترثي وهي عيدان
وتختتم القصيدة بنغمة حزينة شجية تسفر عن الأسى العميق والتماسالعظة والعبرة فيما حل بالأندلس:

لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ إن كان في القلبإسلام وإيمان!
وأهمية رثاء المدن أنه يكشف عن جوانب ثرية منالتاريخ السياسي بين المسلمين والنصارى في الأندلس. كما يكشف جانبا من النقد الذاتيالذي واجه به الأندلسيون أنفسهم حين أَدركوا أن الانغماس في حياة اللهو والترف أدىإلى سقوط راية الجهاد، وأن ملوك الطوائف حين حرصوا على ملكهم الفردي أضاعوا ملكًاأعظم. وما أصدق سخرية الشاعر المصحفي حين قال:

مما يزهدني في أرض أندلس أسمــاءمعتضــدٍ فيــها ومعتمـــد
ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخا صولةالأسد

mallak 2013-02-03 16:24

أجريت جمر الدمع من أجفاني حزنا على الشقراء والميـدان
لهفي على وادي دمشقولطفه وتبدل الغزلان بالثيــــــران
واحسرتاه علي دمشق و قولها سبحان من بالغلقد أبلاني
لهفي عليك محاسنا لهفي عليـ ك عرائسا لهفي عليك مغانـي

مجهود مميز اخي الافاضل
شكرا لك

aymenseven 2013-04-26 21:39

merci couz

hakimzaki 2013-04-26 21:45

...
 
mr6 rabi ynaj7ak

mOuli 2013-04-26 22:32

بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك بوركت

ji yeon 2014-04-14 11:51

شكراااااااااااااااااااااااااا

fateh.dz 2014-04-29 16:40

شكرا على الموضوع

kamelio1974 2014-12-08 10:17

الموضوع رائع

abdou1100 2016-04-04 11:11

شكرا
 
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااا


الساعة معتمدة بتوقيت الجزائر . الساعة الآن : 09:50

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي شبكة طاسيلي ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)