:: عضوية شرفية ::
تاريخ التسجيل : Jul 2015
الدولة : الجزائر - الجزائر
العمر : (غير محدد)
الجنس : انثى
المشاركات : 5,162
تقييم المستوى : 18
[المبحث الثالث: الإنتقادات الموجهة لمبدأ الفصل بين السلطات و صور تطبيقه
المطلب الأول: الإنتقادات الموجهة إلى مبدأ الفصل بين السلطات.
تخلص أهم الإنتقادات التي وجهت إلى مبدأ الفصل بين السلطات فيما يلي:
1- ذهب بعد الفقه إلى القول بأن هذا المبدأ يؤدي إلى القضاء على فكرة المسؤولية .
2- عند وضع دستور سنة 1946 في فرنسا ، هاجم الفقهاء الفرنسيون ، أثناء مناقسة مشروع هذا الدستور ، مبدأ الفصل بين السلطات ، على أساس أن هذا المبدأ يستند وجوده إلى اعتبارات تاريخية و هي انتزاع السلطة التشريعية من الملوك و تقييد سلطاتهم و هو ما انتهت الحاجة إليه الآن و لا مانع من خضوع السلطة التنفيدية إلى سلطة تشريعية باعتبار أن الأخيرة تمثل الشعب و يكفي أن يتضمن الدستور نصوصا تضع قيودا و ضمانات محددة لتدفع السلطة التشريعية من الإستبداد و التسلط.
3- ذهب البعض إلى أن تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات لا يحقق عملا بل أنه غير ممكن ، ذلك أن مزاولة خصائص السياسة بواسطة هيئات منفصلة و مستقلة عن بعضها البعض ، لا يمكن تحقيقه ، فهذه الخصائص شأنها شأن أعضاء الجسم البشري تتصل ببعضها اتصالا طبيعيا و قد وصل البعض إلى حد القول بأن هذا المبدأ يعتبر مبدأ وهميا ، إذ لا تلبث إحدى السلطات أن تسيطر على بقية السلطات و تستبد بها .
و في الرد على هذه الانتقادات نلاحظ أن جميعها تقوم على أساس أن المقصود من المبدأ هو الفصل التام بين السلطات ، أي الفصل المطلق ، و ذلك في الحقيقة غير صحيح . فالقول بالفصل بين السلطات لا يعني الفصل التام ببينها فلا بد من قيام نوع من التعاون و التنسيق بينها حتى تتمكن من مباشرة وظائفها و تحقيق أهدافها. بحيث تبقى كل سلطة مستقلة عن الاخرى ، استقلالا يضمن عدم تدخل إحدى السلطات في شؤون الأخرى مع توفير نوع من الرقابة لكا سلطة على غيرها من السلطات بالقدر الضروري ، الذي يمكن كل سلطة من الدفاع عن استقلالها عن غيرها.
و ذلك بأن تكون كل سلطة قادرة على أن توقف السلطات الأخرى عند الحدود التي تمس استقلالها . و ذلك كله من شأنه أن يؤدي إلى المحافظة على الحريات العامة و إلى تأمين و جودها.
و بهذا المفهوم لمبدأ الفصل بين السلطات تنهار كافة الانتقادات التي وجهت إليه ...فالحاجة مازالت ماسة إليه ، و هو يستهدف بالدرجة الأولى المحافظة على الحريات العامة و تأمينها ضد الاستبداد و التسلط الذي قد يقع من إحدى السلطات.
المطلب الثاني: صور تطبيق المبدأ.
إذا كانت الدسائس التي تأخذ لمبدأ الفصل بين السلطات ، تختلف في مفهومها لهذا المبدأ بحسب المفهوم الذي يعتنقه الفقه القانوني و السياسي في كل دولة من هذه الدول ، فمعنى ذلك أن الروابط بين السلطات تتأثر بالسائد في الفقه.
و من المسلم به أن الروابط القانونية بين السلطات في الدولة تتأثر بوجهة النظر التي يتبناها المشرع الدستوري في مفهوم الفصل بين السلطات ، و قد أظهر التطبيق العملي لمبدأ الفصل بين السلطات صورتين أو أسلوبين متمايزين هما : أسلوب الفصل التام بين السلطات ، و أسلوب الفصل مع التعاون بين السلطات.
ففي تطبيق أسلوب الفصل بين السلطات تقوم الدولة بتنظيم السلطات فيها على أساس الفصل التام بين بعضها البعض خاصة بين السلطتين التشريعية و التنفيدية . و يتعين في هذه الحالة ألا يكون هناك أي نوع من الإرتباط أو الإتصال بين سلطة و أخرى ، فيصير تعيين الوزراء و عزلهم بمعرفة رئيس السلطة التنفيدية وحده ، كما يمتنع على الوزراء أن يكونوا أعضاء في المجلس النيابي ، كذلك لا يكون للسلطة التنفيدية أي دور في الوظيفة التشريعية ، فلا يكون لها حق إقتراح القوانين ، و لا يجوز للسلطة التنفيدية حق الإعتراض على القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية.
و الواقع أن التجارب قد تثبت فشل هذا الأسلوب ( الفصل التام بين السلطة ) إذ أدى تطبيقه إلى الفوضى و إلاضطرابات ، عندما أصبحت كل سلطة و كأنها دولة داخل دولة.
و في تطبيق أسلوب الفصل مع التعاون بين السلطات ، فبعد أن أثبتت التجارب و وضح من التطبيق العملي فشل أسلوب الفصل التام بين السلطات ، اعتنقت الدول أسلوب التعاون و التنسيق بين السلطات ، فأوجدت علاقات و روابط متبادلة بين كل من السلطتين التشريعية و التنفيدية.
و تتمثل هذه العلاقات و الروابط في حق رئيس السلطة التنفيدية في إقتراح القوانين ، و في التصديق على التشريعات التي تسنها السلطة التشريعية و إصدارها ، و في تخويله حق الإعتراض التوقيفي " الفيتو " على قرارات المجلس النيابي . و من جهة أخرى نجد أن المجلس النيابي له حق سحب الثقة من الوزارة ، فالوزراء مسؤولون أمامه . هكذا توجد نمادج متعددة و أمثلة كثيرة للروابط التي تتضمن أشكال التعاون و التنسيق بين كل سلطة و أخرى في الدولة.
و من الملاحظ أن الدساتير تختلف فيما بينها في قدر السلطة التي تخولها كل من السلطتين التشريعية و التنفيدية ، فقد يمنح الدستور السلطة التنفيدية قدرا أكبر من السلطات و الإمتيازات عن السلطة التشريعية . و في هذه الحالة يكون نظام الحكم جمهوريا رئاسيا ، بالنسبة للدول ذات النظام الجمهوري . أما إذا خول الدستور المجلس النيابي سلطانا أقوى و اكبر مما هو مخول للسلطة التنفيدية ، فإن نظام الحكم، في هذه الحالة ، يعرف باسم النظام المجلسي أو نظام حكومة الجمعية النيابية.
المبحث الرابع: موقف الفقه الإسلامي من مبدأ الفصل بين السلطات
إن مبدأ الفصل بين السلطات هو قاعدة من قواعد فن السياسة أو الحكمة السياسة ومنه يجب أن توزع الاختصاصات العامة في الدولة على عدة هيئات ويجب أن يفصل بينها مع وجود قدر من التعاون والرقابة المتبادلة فهل عرف الفقه الإسلامي مثل هذه المعاني.
المطلب الأول: تطبيقات المبدأ في ظهور الإسلام
أهداف الفصل بين السلطات كانت متحققة في العصر الأول منذ ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي لوجود الرسول صلى الله عليه وسلم وان لو يوجد المبدأ ذاته حيث قامت دولة الإسلام على أساس التعاقد البيعة وقد ارتكزت الدولة على قواعد العدل وانه ليس من المنطقي أي تكون للإسلام شرعية ثم لا تكون له سلطة تطبق تلك الشريعة وتحمل الحاكم والمحكوم على العمل بها.
فالنظام الإسلامي لم يتغير عن قاعدة الفصل بين السلطات رغم نظرته الخاصة حول تكوينها واختصاصاتها ومسؤولياتها .
ولا الحكام وقد ازدادت السلطة القضائية وضوحا بعد أن دون المجتهدون اجتهاداتهم و أخذها رجال القضاء مرجعا بل قد نجد أحيانا أن أحد طرفي الخصومة هو الخليفة ذاته أو الأمير.
المطلب الثاني: مبدأ الفصل بين السلطات في عهد الخلافة الإسلامية
ويرى الدكتور << يحيى السيد الصباحي>> << إنما الفصل بدأ من عصر عمر بن الخطاب وخاصة بين السلطة التنفيذية والقضائية حيث وضع عمر بن الخطاب نظامين لتعيين القضاة ودستور للقضاء وقد اقتصر ذلك على فترة الخلافة الراشدة لكونها افضل نموذج جسد تعاليم الإسلام واحكامه لكن بعض خلفاء بني أمية وبني العباس ساروا في اتجاه ****معالم الإسلام وانفردوا بالسلطة وقفزوا على مبدأ الفصل بين الوظائف وفرضوا اجتهادا يتماشى مع أهوائهم وقناعاهم.
أما بشأن عدم الفصل بين سلطة التنفيذ والقضاء فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقضي بنفسه وكان مبعوثوه إلى الأمصار إلى جانب القضاء بالشؤون التنفيذية.
أما في عهد الخلافة الراشدة كان الخليفة يجمع بين سلطتي التنفيذ والقضاء ولم يستقل القضاة بالوظيفة القضائية فتقتصر عليهم دون أن يشاركهم فيها أحد من رجال التنفيذ وهذا لا عني الاندماج الوظيفي للقضاء فالقاضي في الإسلام مستقل في عمله لان القواعد التي يطبقها ليست من عمل السلطة التنفيذية بل هي مبادئ الأهلية.
الخاتمة:
لقد استقطبت مسألة السلطة اهتمام الفكر و فقهاء القانون الدستوري ، و نتج عن ذلك ، التعدد في النظريات و الآراء و تمحورت أساسا على مبدأ الفصل بين السلطات و تفاوت مجالات تطبيقه من دولة إلى أخرى ، و على الرغم من الانتقادات الموجهة للمبدأ و اعتبار الأخذ به أمرا مستحيلا فإن مزاياه ، و ضرورته جعلت جل النظم خاصة تلك التي تتصف بالديمقراطية ، تعتمده في تنظيم سلطاتها .
قائمة المراجع:
I- الكتب :
أ- بالعربية:
1- الشعبان احمد رمضان ، الأنظمة السياسية و القانون الدستوري ، دار النهضة العربية ، بدون بلد ، سنة 1999.
2- علي عبد الرزاق – الإسلام واصل الحكم- المؤسسة الوطنية للفنون طبعة 1988.
3- ديدان مولود ، مباحث في القانون الدستوري و النظم السياسية ، دار بلقيس ، الجزائر ، سنة 2007.
4- هيكل خليل ، النظم الدستورية المعاصرة و النظم الدستورية الإسلامية ، بدون طبعة ، بدون بلد ، السنة 1998.
ب- بالفرنسية:
-Bonoit jeammeau . « droit constitutionnel et institutions politique » paris , 1975.