السلام عليكم و رحمة الله
الادب الجاهلي:
هو أدب الفترة التي سبقت ظهور الاسلام بنحو قرن ونصف قرن، وليس معني ذلك أن تلك الفترة هي كل العصر الجاهلي، فالواقع أن العصر الجاهلي أطول من ذلك كثيرا،لكن الأدب الذي وصل إلينا عاش أصحابه قبل الإسلام بقرن ونصف قرن فقط،وضاع أدب السابقين عليهم؛لأن العصر الجاهلي لم يكن عصر تدوين،فقد كان الاعتماد علي الحفظ والرواية جيلا بعد جيل.ويشمل الادب في العصر الجاهلي فنّي القول: فن الشعر،وفن النثر
تعريف الشعر:
الشِّـعـْـرُ فنُّ العربية الأول، وأكثر فنون القول هيمنة على التاريخ الأدبي عند العرب، خصوصًا في عصورها الأولى؛ لسهولة حفظه وتداوله. وقد شاركته في الأهمية بعض الفنون الأدبية الأخرى كالخطابة. وبعد تطور الكتابة وانتشارها واتصال العرب بغيرهم، دخلت بقية الفنون الأدبية الأخرى، المتمثلة في النثر بأشكاله المختلفة لتساهم جنبا إلى جنب، مع الشعر في تكوين تراث الأدب العربي.
الشعر في أيام العرب
كانت أحداث البيئة العربية عاملاً مهمًا في شحذ القرائح وتهييج العواطف وتحريك الدوافع في نفوس الشعراء لقول الشعر. فهم يقولونه قبل المعركة لإثارة الموتورين وتأليب الرجال ودعوة الحلفاء. ويقولونه في أثناء المعارك لتشجيع المنخذلين والخائرين. ويقولونه بعد المعركة ازدهاء بالنصر أو تسويفًا للهزيمة أو رثاءً للرجال الذين فجعت بهم القبائل. ولذا فإننا نطالع هذا الفيض الغامر من التراث الشعري المرتبط بأحداث الأيام. والشعر عند الجاهليين ينمو ويزدهر في أيام الحرب ويذوي ويضمر عند خمودها.
كان أكثر شعر الأيام الذي يقال في أثناء المعركة رجزًا، لما له من خفة تناسب جو المعارك، ولسهولة نظمه قياسًا إلى بحور الشعر الأخرى. وغلب على أراجيز المعارك القِصَر، إذ لا تعدو مهمتها أن تكون بث الحماسة في نفوس الرجال. ثم إن جو المعركة لا يسمح بالإطالة التي تشغل الرجال عن القتال. ومن أمثلة ما ارتجز به الشاعر الجاهلي أثناء المعركة قول امرأة من عجل في يوم ذي قار تحض آل بكر على قتال الفرس:
إن تَهْزِموا نعانق ونفرش النمارق
أو تُهْزَموا نفارق فراق غير وامق
أما الشعر الذي كان يقال عقب المعارك فقصائد مطولة متنوعة في بحورها وأغراضها. تستمد هذه القصائد صورها من مشاهد المدن والحرب والضرب، والكر والفر، والرماح المشرعة، والسيوف المسلولة. وقيل هذا الشعر في الحماسة والفخر والرثاء والمدح والهجاء والوعيد والتحذير والعتاب والاعتذار عن الهزيمة والحكمة.
اتسمت معاني هذا الشعر بما اتسمت به معاني الشعر الجاهلي من حيث إنها مستمدة من بيئة العربي الجاهلي محدودة العناصر. فهي تمثل مظاهر الطبيعة حوله من نهار وليل وجبل وسهل وحر وقر، وما حوله من حيوانات وطيور وأدوات يستخدمها في حياته البسيطة. وهذا الشعر بطبيعة الحال بعيد عن الخيال الخصب الذي يعكس الإحساس بصور متخيلة غير مرئية.
يقع أكثر الشعر العربي المنحول في الشعر الذي قيل في البيئة العربية؛ فقد اجتمع لها من الأسباب ما يسَّر انتحال شعرها. ومن هذه الأسباب:
1- لم يكن شعر الأيام مدوَّنًا شأنه في ذلك شأن الشعر الجاهلي عامة، وإنما اعتمد على الرواة الحافظين. وفي ذلك ما فيه من ضعف يعتري الحافظة البشرية.
2- ثم إن التعصب القبلي للرواة أسهم بباع طويل في هذا النحل بما يبعثه من دوافع إلى تحريف الأحداث واختلاقها وما يصاحبها من شعر.
3- أصبحت الأيام بفعل توالي العصور مادة قصصية يأنس الناس إليها، مما حدا بالرواة إلى تنسيق حوادثها لتغنى بجانب تشويقي يشبع لهفة السامع والقارئ، وانعكس ذلك على أشعارها.
حفلت المعلقات بذكر البيئة العربية، إذ إن شعراءها ينتمون إلى هذه القبائل المتنازعة، ومنهم من كان فارسًا شارك في معاركها. ومن أشهر ما ورد في المعلقات من شعر يتصل بالبيئة العربية ماجاء في معلقة زهير من ذكر لحرب داحس والغبراء ومدح للسيدين هرم بن سنان والحارث بن عوف اللذين أصلحا بين قبيلتي عبس وذبيان، يقول زهير:
يمينًا لنعم السيدان وجدتما على كل حال من سحيل ومبرم
تداركتما عبسًا وذبيان بعدما تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم
وقد قلتما إن ندرك السلم واسعًا بمال ومعروف من القول نسلم
أشهر أيام العرب
تشير المصادر إلى استحالة حصر البيئة العربية في عدد معلوم لكثرتها، وقد أشار بعضها إلى 1,700 يوم، وبعضها إلى 1,200 ، وبعضها إلى 75 يومًا. من أشهر هذه الأيام ما وقع بين العرب والفرس، وما وقع بين القحطانيين والعدنانيين، وما وقع من أيام داخلية بين القحطانيين أنفسهم أو العدنانيين أنفسهم.
أيام بين العرب والفرس. وقع بين العرب والفرس يومان هما: يوم الصفقة ويوم ذي قار، وأشهرهما يوم ذي قار.
يوم ذي قار حرب جرت بين العرب والفرس بعد ظهور الإسلام ولكن مصنفات الأيام تدخله ضمن البيئة العربية مع بعض ما وقع منها بعد البعثة كيومي الشيطين وسحبل لكونها محض حروب جاهلية في بواعثها. وتتلخص قصة هذا اليوم في أن كسرى سمع وشاية عن النعمان بن المنذر وأرسل إليه كتابًا يطلب فيه أن يُرسل إليه بعضًا من حرائر فتياتهم، فأبى النعمان ذلك. وطلب كسرى النعمان في المدائن فأيقن بالهلاك وسار حتى استودع أهله وأمواله هانئ بن مسعود من بني بكر بن وائل. قتل كسرى النعمان وبعث يطلب من هانئ بن مسعود ما خلَّفه النعمان عنده، فأبى هانئ ذلك. عزم كسرى على الإغارة على بني بكر ابن وائل فنصحه بعض مستشاريه من العرب أن ينتظر حتى الصيف حيث ترد بكر ماءً يقال له ذو قار ففعل كسرى. ولما حان الصيف ونزلت بكر بذي قار أتاهم جند كسرى مع حلفائهم من العرب، وخيَّرهم قائد الجند بين أن يعطوا ما بأيديهم أو يأذنوا بحرب. فاختاروا الحرب بعد ما جرى بينهم من مشورة. تقابل الجيشان، فخرج قائد من قواد كسرى يطلب المبارزة فبرز له يزيد بن حارثة من بني يشكر وشد عليه بالرمح فقتله. ثم تحرك رجال من بني بكر وكمنوا لجيش الفرس كمينًا في مكان يقال له الجبئ، ثم خرجوا عليهم وشدوا على قلب الجيش وولت بعض أحلافهم هاربة، وانهزم الفرس وتبعتهم بكر تقتلهم بقية يومهم.
تأثر العرب كثيرًا بهذا اليوم إذ إنه أول يوم تهزم فيه العرب الفرس، فقالوا فيه شعرًا كثيرًا، من أشهره قول الأعشى:
لما رأونا كشفنا عن جماجمنا ليعلموا أننا بكر فينصرفوا
قالوا البقية ! والهندي يحصدهم ولا بقية إلا السيف فانكشفوا
لو أن كل معدّْ كان شاركنا في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف
اشتهر عند العرب الجاهليين ثلاثة أسواق وهي: 1- سوق عكاظ 2- سوق مِجَنَّة 3- ذي المجاز .
لم تكن هذه الأسواق للتّجارة فقط ، بل كانت للتّحكيم في الخصومات والتّشاور في المهمّات وكانت أيضاً للمفاخرة والتحدّي بالشعر ومفاداة الأسرى . ومن أشهر المحكمين فيها النابغة الذبياني .
ساعدت على تقريب لهجات القبائل . على الأدب : أسهمت في ازدهار الأدب من خلال تجويد أدبهم لينالوا رضا الناس .