الحمدُ لله و الصّلاةُ و السّلامُ على رسُول الله و على آله و أصحابه و من اهتدى بهُداهُ و بعدُ:
فهذه مخطوطة نادرة و رسالة أُدرجت فيها نصيحةٌ مُختصرةُ الألفاظِ، وسهلة التراكيبِ، لكنها تحوي معانيَ غزيرةً و حكما بالغةً، من نفائس التّراث العلمي الجزائريّ الغزير،الزاخر بالفوائد والقلائد والدرر , أرسلها الشيخ أحمد البوني رحمه الله إلى محمد بكداش باشا -رحمه الله- الذي كان واليا على بونة – عنابة حاليا – إحدى ولايات القطر الجزائري , و هذا إن دلّ فإنه يدلّ على طول باع العالم الجزائري في نَلك الحقبة من تاريخها و ينمّ أيضا على اطلاعه و تفقده لشؤون الرعيّـة و اهتمامه بحال البلاد وما يدور فيها , مما الفوائد التي نستشفها منها تلك العلاقة الودّية التي كانت تربط العلماء بالحكام في هذا القطر المسلم , والطريقة الصحيحة التي يجب أن تكون عليها نصيحة الحاكم المسلم , فقد استهلها الشيخ بعبارات الثناء والمدح التي تجعل قلب الحاكم ينفتح لها ويعجل في قبولها ,وأيضا ضمّنها وصفا دقيقا بعبارات موجزة وسهلة وسلسة , ليست بالطويلة فتمل ولا المعقدّة فتستثقل .
" رســالةٌ إلى حاكم الجزائر
نصُّ الرّسالـــة:
يــا طـالبا للفــضــل --- و الجُــود ثـم الـعــدل
و العـلـم و الـرّيـاســة --- والحُـكـم و الـكِـيـاسَـة
اعـــمــد إلى الـظّريف --- "بـكـداش" الـشّـريــف
مَــهّــدَ لـنـا دولـتـه --- ثم قـنــا صــولـتــه
يا حــاكـم الـجـزائـر --- يا أُنسَ نفــس الـزّائـــر
أريــد أن أُخـبـرَكــم --- أدام ربـي نـصـرَكُـــم
بـحـال هـذي الـقريــة --- بالصّـدق لا بالـفــِريَـة
قد صــال فيها الـــظالمُ --- و هان فيــهــــا العالِمُ
خربــت المسـاجــــدُ --- و قــلّ فـيـها السّـاجـدُ
حَـبـسُـها قـد أُســرِفَ --- نــاظــره فـأشـــرف
و أهـمـلــــت أسعارها --- و بـدّلـت شـعـارَهـــا
و الشّــرع فيها بـاطــلٌ --- و الـظـلـم فـيها هـاطلٌ
و الخــوفُ في سُـبـُلـها --- و القـحـطُ في سُنبـُلِــها
المصدرُ:
«تاريخُ الجزائر الثّقافيّ»، (1/414)لأبي القاسم سعد الله، طبع دار الغرب الإسلامي – بيروت، لبنان- 1998م
نقلها المُؤلفُ عن مخطوط بدار الكتاب الوطني بالجزائر و صلّى الله و سلم على نبيّنا محمد و على آله و صحبه و التابعينlue]