:: مراقبة ::
منتديات الادب و الثقافة
تاريخ التسجيل : Jul 2020
الدولة : الجزائر - باتنة
العمر : 15 - 20
الجنس : انثى
المشاركات : 946
تقييم المستوى : 5
أحقًّا ألم الحب حلو؟
صديقي، لطالما رأيت أن العذاب بسبب الحب شهي، أو هكذا أقنعني مجتمعي المريض ... كنت مؤمنة بذلك ومنتظرة لليوم الذي سأعيش فيه قصة حب حقيقية، ولو لم أكن أعيشها بكل جوارحي لكن... المهم أن أعيشها
كان يوما اعتياديا، أجلس خلف شاشتي وأنقر أزرار لوحة المفاتيح بلا مبالاة، أتفقد رسائلي وأرد على بعضها باهتمام بالغ، إلى أن ظهرت رسالته أمامي فجأة ....
كان يضع صورة لإحدى شخصياتي المفضلة من مسلسل تلفزيوني ... تنسيق ملفه راقني بشكل غير متوقع وأنا التي لم تكن تُعجب بشيء ... كان هذه المقابلة الأولى... تلتها أحاديث عابرة أحيانا، تكون فكاهية بالدرجة الأولى ... من ثم ولا شعوريا وجدتنا نتحدث أكثر مما نجلس مع أصدقائنا، أو ربما أكثر مما نتنفس حتى! استمرت علاقتنا بالتعمق، لم تكن تتراجع ... كانت سكينا تعبر لتقتل الألم الذي نشعر به، لأسباب شتى كان حديثنا ينسينا بعض ما نعيشه كمراهِقَين طائشين... لكننا للأسف تناسينا أن هذه السكينة ستنفذ إلى جلودنا يوما، تستمر بالعبور لتمزق نياط قلوبنا ربما ...
ضاعت أحاديثنا السخيفة والمضحكة، أصبحت رسائله تراجيدية بدرجة كبيرة، لم يكن يسأل عني أو عن حالي بل يأتي ليشكو همومه وينفث سموم حزنه في قلبي ويرحل تاركا بقعة قد تآكلت واسودّت بقلبي النظيف... أو على الأقل كما كان... لاحظت نشاطه في بعض المجموعات، ليس حرصا أو غيرة بل صدفة ... كان بقمة الطبيعية وكأن تلك المآسي تحِل على رأسه الأخرق بمجرد أن يراني! ليأتي يوما وبرسائل جريئة غير مبالية قائلا: "انتهى كل شيء هنا، كانت علاقة ممتعة حقا لكن يجب علينا التوقف، أعلم أنك ستكونين غاضبة وحزينة بل ومكتئبة لكن هذا لا شيء، هذا غير مهم!" اعتقدت أن عيني أصيبتا بالعمى حين قرأت رسالته، ابيضّ كل شيءٍ من حولي، لأرفع يديّ المرتجفتين ضاغطة على بطني النابضة بخفة ... شعرت بالخوف وكأن الأمان تلاشى مع آخر رسالة لذلك الغبي، بحكم أنه لم يكن يراني، ولم يكن يعلم بأني أشعر بالضياع ... قررت أن أجعله يشعر بقوتي التائهة، رفعت أناملي المرتعشة لأنقر على المفاتيح قارئة ما سأرسل: "غاضبة؟ ترى هل مزقت دفتر مذكراتي لأغضب؟ حزينة؟ ترى هل بيعت النسخة الأخيرة من كتابي المفضل لأحزن؟ لا ومكتئبة؟ هل سخروا من شكلي بالنظارة الطبية لأكتئب؟ بحقك!" ثوانٍ فصلت بين قراءته للرسالة بالكامل وشروعه بالرد، ربما هي ثواني محاولة تقبل الصدمة؟ ... أخيرا مرت تلك القرون، بل هي فقط بُرَهٌ لكن هكذا شعرت ... "تبا هل أنتِ بلا مشاعر؟ تخليت عنك وأنت تتلقين الخبر بهذا البرود؟ حقا غريبة" شعرت أنه خدع بقوتي المُدّعَاة. ابتهجت، حظرته، أغلقت الجهاز، تكورت على نفسي وشرعت دموعي بالانهمار، نغمة تصادم قطرات المطر بزجاج النافذة أخفت إيقاع بكائي الحار ... كان كبريائي يمنعني من الاعتراف له بضعفي من دونه ... لكن قلبي لا زال ... محترقا بنار حبه الرَّجِيم. كانت ساعاتٍ من البكاء ... ساعات وساعات من النحيب حتى جف نهر دموعي، لكني شعرت أني غسلت خافقي من درن ذلك الوجد المرير ... قمت وتوضأت، ركعت لخالقي ركعتين شعرت ولأول مرة بالراحة النفسية التي تخلقها الصلاةّ... سألت ربي الصفح، فما حدث لي لم يكن سوى عقوبة لأني وهبت قلبي لغير الله ... وفي معصيته، وإنما أسوء الذنوب ذنوب الخلوات "اللهم اغفر لي، وتقبلني، إني علمت أن ذلك الألم كان ثمنا لما زرعته، فانتزع من قلبي هذا الرجس بلا رجعة"
كانت أياما صعبة، حتى التقينا مجددا، بل لأول مرة نلتقي على أرض الواقع، نظر بعينيّ اللتان فاضتا بمائهما بمجرد رؤيته، تذكرا للأيام المرة المغلفة بالسكر، وتذكرا للذنب الذي اقترفته بحق نفسي ... إنه يقترب، إنها حافلة، لا يمكنني الابتعاد بشكل يثير الريبة، جمعت عليّ ثوبي الواسع وحاولت ترتيب خماري ليغطي صدري وظهري ... كنت منغمسة في تنظيم طرحتي إلى أن قاطعني صوته: "ليا؟" ... "لَا لَستُ هِي" ... "بَلى ... عَيونُك وَصَوتكِ، إنّكِ ......." "فِعلًا أَنا ليا، لكِن لَيسَ الّتِي عرَفت ... أَنا ليا الّتي أَيقَظهَا تَخَلِّيك ... الّتي أفَاقَهَا تَقاعُسك... الّتي حَرّكَ رَحِيلك تِلكَ المَلِكة فِي رُقعة شِطرَنجِها ... لذَلِك، أَشكُرك ... لَكِن اِبحثَ لَكَ عَن فَتاةٍ أُخرى"
سرني أن توقفت الحافلة في موقفي، تركته واجما وجوم الصخر الموشك على التحطم، كانت عيناه تقولان الكثير، لكن لم أكُ متفرغة لقراءتهما(1)
أيُّه النهر! إني أحذرك وأنت فِي طريقك للبحر، من أن تحب سمكة عابرة وتعلق بها قلبك، لأنها ستغادر يوما سارقة قلبك معها
(1): القصة من نسج خيالي، لا أساس لها من الصحة...
فَــراوِلَة؟ 🍓🤸🏻♀️
التعديل الأخير تم بواسطة عطر الجنة ; 2024-03-30 الساعة 01:02