وإن كثُرت آفاتُ اللّسان من غيبةٍ وإفْكٍ وبُهتان
فأشدّها إثْما [النّميـمة]
[فِتْـنةٌ] تعصِفُ بالعلاقات الحِسان
فالنّميمة أيّها الإخوة تجُرُّ بين شخصٍ وآخرَ كلاماً مُدمّرا يزْرعُ الشكَّ،
فيكْسِرُ الثِّقةَ، ويخلق الأحقادَ والنّفورَ، فيؤدّي لتسمّم رباطِ الودِّ بينهم،
لِيبلُغ السمُّ كلّ طرفٍ، فيتسبّبَ في موتِ مشاعرِهم الإنسانيّةِ تُجاه بعضهمِ !
وللنّميمةِ أوجُهٌ عِدّة، رغمَ قُبْحِ كلّ وُجوهِها
يألَفُها صاحِبُها، فيتلذَّذُ بمذاقِها ويستلِذُّ مجالِسَها..
بل ويتفنّنُ في ارتِداءِ أثوابِها
بين ثوبِ الواعِظِ التقيِّ، وثوبِ المظلومِ النقِيِّ، بأسلوبٍ دَهِيّ..
يؤثِّرُ على المشاعِرِ تأثيرَ أشعّةِ الشّمسِ على أعيُنٍ تُركّزُ عليها النَّظر..
فتغشاها عتمةٌ بفعلِ طيْفها العابِر..
أمّا من يُحْني نفْسَه للألْسُنِ النمّامةِ، والحروفِ الموحيةِ.. الموجِعةِ اللوّامة،
والافتراءاتِ الطّاعِنةِ الهدّامة..
فحتما سيغشى قذاها بصيرَتَه، ويُصبحُ رهْنَ وساوسِه، مُنساقاً خلفَ خُطى
[الفِتـــنةِ]
فـ النّميمة ذاتها [سلوكٌ يُحدِثُ الفِتنةَ بين النّاس]
وكم يسهُلُ أن يُصبِحَ الشّخصُ منّا فتّانا
!
لن أرفَعَ نفسي عن هذا المَوْضِعِ، ولَن أُنزِلَ غيري لهذا المُستنقَعِ
لكنّي سأُذكِّرُكم ونفْسي بالدّليلِ على تحريمِ هتين الآفتين القبيحتين..
قول الخالق المُتعال:
(وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) [القلم: 10 - 11].
وقوله سبحانه
: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتْلِ) البقرة: 191
وكذا قول رسول الله عليه الصّلاة والسّلام في حديثِه عن النّميمة
(لا يدخُل الجنّة نمّام
)
ومن أطيبِ الأقوالِ الواعِظةِ التي قرأت:
تنحَّ عن النَّميمةِ واجتنبها
فإنّ النَّـمَّ يُحبط كُلَّ أجــر
يثير أخو النَّميمة كُلَّ شرٍّ
ويكشف للخلائق كل سِرِّ
ويقتل نفسه وسواه ظُلْمًا
وليس النَّمُّ من أفعال حرِّ
فاجتنبوا النّمَّ اجتِناباً لـ الفتنةِ -سواء أوقِدت شُعلتُها لضرْبِ الدّين، أو لخلْقِ العداوةِ
والبغضاء بين الإخوة والأصدقاء.. خلْقاً لِلخلافات، زعزعةً للوِحدة وقطعاً لِلعلاقات-
ويكفي بصاحبِها ذمًّا بالحقارةِ والمهانة، أنْ يُحْرَم دخولَ الجَنَّة
!
اللهمّ اغفِر زلاّتنا وجهْلنا وضُعفَ أنفُسِنا
ولا تجلعنا من النّمّامينَ الفتّانينَ المُفسدين
مـــــــــــما راق لـــــــــــــــــــــي
دمتم في حفظ الله