عرض مشاركة واحدة
2013-12-19, 20:23
#3
الصورة الرمزية Tassilialgerie
Tassilialgerie
مؤسس شبكة طاسيلي
تاريخ التسجيل : Feb 2011
العمر : 25 - 30
الجنس : ذكر
المشاركات : 13,303
تقييم المستوى : 10
Tassilialgerie غير متواجد حالياً
Ss70013 تابع : التنشئة السياسية و الثقافة السياسية
فالثقافة السياسية للشباب تختلف عن نظيرتها لدى الشيوخ، والثقافة السياسيةللصفوة تختلف عن مثيلتها للجماهير، والثقافة السياسية للحضر تختلف عن تلكلسكان القرى والبدو.. وهكذا.
وإجمالاً يمكن القول بأن الثقافة السياسية اليمنية تندرج ضمن الثقافةالسياسية العربية في مجراها العام، وهي ثقافة سياسية ضيقة وتابعة فيمعظمها وليست مشاركة، بمعنى تدني درجة الوعي السياسي والمشاركة السياسيةوالقبول بفكرة المجتمع المدني والتعايش معها بوعي ناضج ومدرك لمؤسساتهاوأهميتها، ويمكن قياس ذلك من خلال موقف هذه الثقافة وإدراكها إزاء قضيتينرئيسيتين هما: قضية الانتماء والهوية، والمشاركة السياسية.
1.
بالنسبة لقضية الانتماء والهوية (مفهوم المجتمع المدني) في الثقافةالسياسية لأي مجتمع في واقع الأمر هي شعور الفرد بالانتماء إلى جماعة إلاأن هذا الشعور بحد ذاته لا يعد كافياً لتحقيق وحدة هذه الجماعة وتكاملها،وإنما يعتمد ذلك على الاجابة على أسئلة مثل ما هو تصورهم للهدف من وجودهم؟والأهم من ذلك هو كيف يتصورون تحقيق هذا الهدف؟ وعدم الإجابة الموضوعيةعلى هذه الأسئلة من خلال عملية التنشئة السياسية يؤدي إلى ما يعرف باسم "أزمة الهوية".
وفي هذا السياق نجد أن لمسألة الانتماء في الثقافة العربية ومنها اليمنيةمستويات عدة منها مستوى الأسرة الممتدة، ومستوى العشيرة والقبيلة، ومستوىالجماعة الدينية أو الطائفية، ومستوى الأمة والوطن، وهي مسألة طبيعية فيكل المجتمعات، إلا أنه عدم التناسق بين تلك الأطر والدوائر الاجتماعية أوالانتماءات دون الدولة مع الولاء للدولة ذاتها، وغياب الرؤية لترتيبها قديؤدي إلى إثارة القلاقل وعدم الاستقرار، بل ورفع السلاح في وجه الدولة،الأمر الذي يشكل ضربه موجعه لمفهوم وفلسفة "المجتمع المدني" وأهدافه،وبالتالي العودة إلى حياة الغاب أو حالة الفطرة الأولى التي يكون فيهاالبقاء للأقوى كما طرح المفكر الانجليزي توماس هوبز.
فمفهوم المجتمع المدني لا يمنع أن يعزز المواطن انتماءه إلى جماعتهالقبلية أو المذهبية بشرط ألا يكون انتماؤه للدولة محل خيار أو مفاضلةمطلقاً، فالمجتمع الأمريكي مثلاً مجتمع شديد التنوع الثقافي، لكنه فيالوقت نفسه يمثل إطاراً تتكامل فيه مختلف الثقافات وتلتقي على حد أدنى منالقيم السياسية والاجتماعية، بينما نجد أن نمط الثقافة السياسية اليمنيةفي معظمها يتقاطع مع فكرة الدولة ومؤسسة السلطة وتجردها، إذ أنه ما يزالهناك قطاع واسع من الجماهير وبعض القوى السياسية والاجتماعية تجند نفسهاللاصطفاف وراء أطر اجتماعية وايديولوجية ضيقة، انطلاقاً من تحسبات مصلحيهأنانية وقصيرة النظر لم تتحرر بعد من دائرة الأسر الانعزالي المفعمبالتسلط والاستبداد.
هذا ما يمكن أن نلمسه بوضوح في حركة التمرد المتكررةفي محافظة صعدةالدائرة منذ منتصف التسعينات من القرن المنصرم، سواء من حيث التبريراتالتي يسوقها أطراف حركة التمرد أو من حيث موقف المعارضة وتحديداً أحزاب مابات يعرف بـ"اللقاء المشترك".
فعلى مستوى أطراف أو قادة حركة التمرد نجد ان لغتهم السياسية ومبرراتهمالتي يسوقونها لتسويق أعمالهم الارهابية، لا تستند إلى أي منطق قانوني أودستوري أو منطقي، وانما تعكس نزعة تسلطية مفعمة بالحنين إلى العودة إلىماضي التسلط والهيمنة والتفرد بالسلطة وهي محاولة تعكس موقف قوى انهزاميةقد لفظها التاريخ، وتحاول عبثاً النفخ في رماده، بعدما تقطعت بها السبل فيالتواصل مع العصر ومعطياته الذي في مقدمتها الحرية والديمقراطية والتسامحوحق المواطنة المتساوية.
أما على مستوى موقف قوى المعارضة وتحديداً أطراف اللقاء المشترك، فنجد أنهعلى الرغم أن تلك الاحداث تشكل تهديد للوطن برمته، إلا أن موقف تلكالأحزاب اتسم في معظمة في المحاولة لتسويق شرعنتها، إنطلاقاً من رؤىوتحسبات ضيقة وأنانية وقصيرة النظر، لا ترتقي والمصلحة الوطنية العلياوانما تندرج ضمن المكايدات السياسية مع حزب المؤتمر الشعبي العام بوصفهالحزب الحاكم، وذلك اتساقاً مع القاعدة السياسية القائله بـ(عدو عدويصديقي) مع أن ما كان يجري في صعدة حتى الأمس القريب يستهدف الوطن برمته.
هذه المواقف المتمحوره حول الذات في الثقافة السياسية اليمنية تستقيأسبابها من عوامل عدة، لعل من أبرزها الأمية والجهل المتفشي لدى قطاعاتواسعة من الجماهير، والنزعة التسلطية لدى قادات ونخب أحزاب المعارضةالمتمترسين وراء ايديولوجيات متزمتة ومتعصبه لم تعد في معظمها تمت بصلةإلى روح العصر ومعطياته.

2.
أما بالنسبة لقضية المشاركة السياسية:
والتي نقصد بها الأنشطة السياسية التي يقوم بها الأفراد بهدف التأثير فيالعملية السياسية ومنها: التصويت في الانتخابات وحضور المؤتمرات والندوات،ومطالعة الصحف، والانخراط في الاحزاب السياسية والاتصال بالجهاتالرسمية..الخ فنجد أنها تتصف بالموسمية والشكلية، ولا تعكس في معظمالحالات وعي سياسي محدد، بقدر ما تعكس السعي إلى الحصول على خدمات أومنافع مادية آنية من المرشحين.
وهذا الموقف ينسحب حتى على مستوى تواجهات الاحزاب السياسية، التي لاتنظرللعملية الديمقراطية سوى كونها وسيلة مناسبة للانقضاض على السلطة لابوصفها فلسفة شاملة لمختلف جوانب الحياة وانما تعكس عقلية انقلابية تعسكرنفسها في موسم الانتخابات لامتداح الديمقراطية واستقطاب الجماهير حتىمرحلة الفرز، ومن ثم يتم العودة إلى حياة السكون والسبات، وهذا المشهد يعدفي واقع الأمر جزءً من نادي الديمقراطية العربية وهي نادي (الديمقراطيةبلاد ديمقراطيين).
3.
أدوات التنشئة السياسية وأساليبها:
وبالتحول من مضمون الثقافة السياسية إلى أدوات انتقالها عبر التنشئةالسياسية، يمكن القول بأن الفرد اليمني ينشط في وسط بيئة ثقافية استبداديةفي معظمها ويغلب عليها الجهل والأمية، وليس هناك دور ملموس للمدرسة أووسائل الاتصال الجماهيرية المكتوبة والمسموعة في عملية التثقيف السياسي،كما لا تمارس الأحزاب السياسية في معظمها دوراً ملموساً في هذا المجال،بالنظر إلى ضعف تغلغلها بين الجماهير، واذا كان لها من دور فهو يعكسمنظورات ايديولوجية متزمته وغير متسامحة بطبعها.
كما أن دور الأسرة باعتبارها الخلية أو النواة الأساسية لتشكيل قيم الفردومعتقداته تجاه السلطة، يمكن وصفه بالدور السلبي أو المعيق، نظراً للأسلوبالديكتاتوري والأمر المتبع في تربية الأبناء وإدارة شئون الأسرة.
ومن هنا نجد أن الأسرة التي تنشئ ابناءها على احترام آداب الحوار والتسامحمع الآخر، وتشجعهم على إبداء آرائهم ولا تميز بينهم في المعاملة لداعيالسن أو الجنس، تخرج عادة للمجتمع مواطنين اسوياء تشبعوا بروح الممارسةالديمقراطية واقتنعوا بأهميتها.
أما الأسرة التي يستبد ربها برأية دون مشاركة الزوجة والأبناء أو التيتميز في المعاملة بين الأبناء، فإنها تلفظ إلى المجتمع مواطنين سلبيين أوغير ديمقراطيين.
وهكذا نجد أن كل هذه الدوائر تتضافر معاً في تغذية الثقافة السياسيةالضيقة التي تنعكس سلباً في الوعي المجتمعي بأهمية المجتمع المدني ومؤسسةالسلطة والولاء الوطني.

الخاتمة: مماسبق نستنتج التأكيد على أهمية التنشئة السياسية، وذلك من خلال حملاتالتوعية السياسية وإعادة الاعتبار لدور المدرسة والحزب والنهوض بدورهالايجابي، وكذلك تفعيل دور وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري بما من شأنهالإسهام في خلق جيل واعي بمفردات القاموس السياسي ذات الصلة بظاهرة السلطةالسياسية وأهمية تعزيز دورها الفاعل في النهوض بالوطن بعيداً عن التعصباتالضيقة.
ولعل التوجهات الحالية لمعهد الميثاق بقيادته الجديدة تعد خطوة تحسب للمؤتمر الشعبي العام على الطريق الصحيح.

أشهد أن لا اله الا الله وأشهد ان محمد رسول الله