عرض مشاركة واحدة
2012-10-29, 18:12
#2
الصورة الرمزية Tassilialgerie
Tassilialgerie
مؤسس شبكة طاسيلي
تاريخ التسجيل : Feb 2011
العمر : 25 - 30
الجنس : ذكر
المشاركات : 13,303
تقييم المستوى : 10
Tassilialgerie غير متواجد حالياً
0205 الفصل الأول : السياسة العقابية الجديدة في ضوء قانون تنظيم السجون 05/04
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الفصل الأول : السياسة العقابية الجديدة في ضوء قانون تنظيم السجون 05/04
إن أسلوب تطبيق الجزاء الجنائي في المؤسسات العقابية يمثل نظاما قائما بذاته له فلسفة خاصة وشروط مقننة وأسس محددة وأهداف مرجوة، وهذا ما يؤكد أن نظام العقاب هو منظومة بحجم المنظومات الأخرى التي تحتاج بدورها إلى الكثير من العناية وتتطلب الإصلاح.
ولعل تاريخ الفكر الجنائي شهد الكثير من الإنجازات التي ساهم بها مفكرون وباحثون و مشرعون في مجال تطوير أساليب رد الفعل الإجتماعي اتجاه المحكوم عليهم، وطريقة إعادة تربيتهم وإعادة إدماجهم اجتماعيا، وكما نعلم أن الجزائر أعلنت دائما تمسكها بالحريات الفردية ومبدأ المساواة في العقوبات التي تخضع في تطبيقها والمحافظة عليها للسلطة القضائية، وهي ترى أن تنفيذ العقوبة يهدف أساسا إلى إصلاح المحكوم عليهم وإعادة إدماجهم الإجتماعي مستوحية ذلك من توصيات منظمة الأمم المتحدة الخاصة بالقواعد المطبقة في معاملة المساجين.
ومن هنا بات لزاما على الدولة رسم سياسة عقابية جديدة واضحة المعالم للتكفل الأمثل بالمحبوسين متبنية في ذلك مبدأ الإصلاح والإدماج الاجتماعي للمحبوسين على أسس علمية حديثة وفق ما تصبوا أن ترتقي إليه البشرية، لذلك فإن الأحكام الجديدة الواردة في قانون تنظيم السجون وإعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين 05/04 هي تجسيدا لسياسة الإصلاح، فما هي أهم القواعد والأنظمة المنتهجة وفقا للتعديلات الجديدة ؟
وما هي الآليات المسخرة لتنفيذها ؟
تلك هي الأسئلة التي سنجيب عليها من خلال المبحث الأول وكذلك المبحث الثاني كما يلي:

المبحث الأول: سياسة إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين
بالرجوع إلى نص المادة الأولى من قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين نجدها تنص على أنه:
" يهدف هذا القانون إلى تكريس مبادئ وقواعد لإرساء سياسة عقابية قائمة على فكرة الدفاع الإجتماعي التي تجعل من تطبيق العقوبة وسيلة لحماية المجتمع بواسطة إعادة التربية
والإدماج الإجتماعي للمحبوسين".
نستخلص أن المشرع وضع سياسة عقابية جديدة، لها أسس وتقوم على قواعد وفق أنظمة جديدة، نظرا لما لها من أهمية في إعادة الإدماج الاجتماعي الفعلي للمحبوسين، وفيما يلي سوف نتطرق إلى هذه القواعد وتبيان أهم أنظمة إعادة الإدماج، وتقييم ما مدى أهميتها.

المطلب الأول: قواعد إعادة التربية و الإدماج الاجتماعي
لقد اعتمد المشرع الجزائري اتجاها وسطيا في سن قانون العقوبات وكان ما بين الاتجاه الشخصي الذي يعتمد على مبدأ المسؤولية الأخلاقية وبين الاتجاه الموضوعي الذي يرتكز على المسؤولية الإجتماعية، وذلك فيما يتعلق بتقرير المسؤولية الجنائية وتحديد الجرائم
وتوقيع الجزاء وتبيان وظيفته والاهتمام بشخص الجاني.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

أما عن السياسة العقابية الحديثة فقد تمسك بوضوح وبصفة صريحة بمبادئ الدفاع الاجتماعي(1).
حيث اعتمد على أهم أساليبها وأحدثها ضمن قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين، بالأمر 72/02 الصادر في 10 فيفري 1972.
إذ جعل تنفيذ الأحكام الجزائية وسيلة للدفاع الإجتماعي،والعلاج العقابي وتشخيص المعاملة العقابية هي الأسس التي يرتكز عليها نظام تنفيذ العقوبات، لذلك يكون قد رسم لتنفيذ الجزاءات الجنائية هدفا أساسيا يتمثل في تحقيق إعادة التأهيل الإجتماعي للمحكوم عليه.
وبالتالي فإن إعادة التأهيل الإجتماعي للمحبوس كان هو هدف المشرع سابقا.
أما حاليا وبناء على التوجهات الجديدة لبرنامج إصلاح السجون الذي احتل حيزا كبيرا في برنامج إصلاح العدالة فقد عرف تطورا ملحوظا في الأسس الجديدة لإعادة التربية والإدماج الاجتماعي والتي تتجلى أساسا فيما يلي:

الفرع الأول: في مجال إعادة تكييف المنظومة التشريعية و التنظيمية:
لعل القاعدة الأولى التي تقوم عليها السياسة العقابية الجديدة هي تلك المتعلقة بصدور قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين في 06/02/2005 والذي كان مجرد مشروع قانون، فإنه أصبح ساري المفعول والذي نص على أهم الأسس وتتمثل في:
- توسيع صلاحيات إدارة السجون للتحكم اكثر في أمن المؤسسات وعصرنة تسييرها. (2)
- رد الإعتبار لوظيفة قاضي تطبيق العقوبات وتوسيع صلاحياته في البت في عدة مواضيع.
- دعم التدابير المنظمة لأنسنة شروط الحبس ومعاملة المحبوسين.
- ترقية آليات إعادة التربية وإعادة الإدماج وذلك عن طريق إدخال المرونة في الإجراءات الخاصة بالاستفادة من أنظمة إعادة التربية، وإحداث مصالح خارجية تابعة لإدارة السجون تتولى متابعة المفرج عنهم ومساعدتهم في إعادة الإدماج.
- تفتح المؤسسات العقابية على المجتمع المدني والجمعيات و هيئات البحث العلمي والجمعيات الخيرية (3).

(1) أ- طاشور عبد الحفيظ، دور قاضي تطبيق الأحكام القضائية الجزائية، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر، 2001، ص 87.
(2) عن المداخلة التي ألقاها السيد مختار فليون المدير العام لإدارة السجون و إعادة الإدماج، في إطار الندوة الوطنية حول إصلاح العدالة المنعقدة يومي 28 و29 مارس 2005 بقصر الأمم، نادي الصنوبر، الجزائر.
(3) حيث تم إبرام اتفاقية مع الجمعية الجزائرية لمحو الأمية "إقرأ" بتاريخ 19/02/2001.
و اتفاقية مع الكشافة الإسلامية بتاريخ 09/07/2003.
و بتاريخ 02/10/2003 تم إبرام اتفاقية مع جمعية " أمل " لمساعدة المساجين.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الفرع الــثـاني: تحسين وأنسنة ظروف الحبس:
وفي هذا المجال تمّ:
- فتح 8 مؤسسات عقابية جديدة لتخفيض الضغط على بعض المؤسسات بطاقة استعاب تقدر بـ 4400 مكان احتباس.
- رفع كلفة الوجبة الغذائية للمحبوس.
- تجهيز المؤسسات بأفرشة وأغطية غير قابلة للإشتعال لتفادي الحرائق داخل المؤسسات العقابية.
- دعم المؤسسات بسيارات إسعاف و حافلات مهيأة لنقل المحبوسين.
- اقتناء تجهيزات طبية ورفع الاعتمادات المخصصة لاقتناء الأدوية .
- تعزيز صلاحيات مدراء وضباط إدارة السجون من أجل اتخاذ التدابير الملائمة (1).
- تشجيع زيارات المنظمات غيرا لحكومية ووسائل الإعلام للإطلاع على أوضاع المؤسسات العقابية.
وفي هذا الإطار تم تنظيم سلسلة من 19 زيارة من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر على مستوى عدد معتبر من المؤسسات العقابية (2).
بالإضافة إلى ذلك فإن إدارة المؤسسات العقابية هي الأخرى عرفت اهتماما و تطورا ملحوظا لاسيما من خلال اعتماد تكنولوجيات الإتصال والإعلام في أعمالها وذلك بغرض تثمين تسيير الجمهور العقابي، وتحقيق النجاعة والفعالية في تسيير مصالحها الإدارية والمالية، بما يسهم في تجسيد مهامها الرئيسية المتمثلة في تحقيق هدف إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين ضمن إستراتيجية مكافحة الجريمة وتقليص حالات العود.
وفي إطار سياسة إعادة الإدماج تم تعبئة التعاون الدولي، بإبرام عدة إتفاقيات دولية مع هيئات مختلفة حيث تمت الإستفادة من خدمات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي ساهم في إنجاز مؤسسة نموذجية لإعادة إدماج المحكوم عليهم على مستوى مدينة بسكرة، التي تعد مكسبا لقطاع السجون في الجزائر، بالإضافة إلى الدعم الذي قدمته اللجنة الأوروبية في مجال تنظيم دورات تكوينية لفائدة موظفي السجون واقتناء تجهيزات تربوية لفائدة المحبوسين (3).
كما تم اعتماد نظام الزيارة المقربة للأحداث والنساء، وتخصيص ظروف احتباس أكثر ملائمة للنساء الحوامل والمرضعات من حيث التغذية، الرعاية الصحية، بالإضافة إلى إعادة تكييف الأحكام المتعلقة بمعاملة الأحداث المحبوسين.

(1) . بالرجوع إلى نص المادة 171 من قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، فقد خولت لمديري ضباط إدارة السجون صلاحيات ضباط الشرطة القضائية أثناء ممارستهم لمهامهم عند وقوع جرائم ترتكب داخل المؤسسة العقابية أو خارجها.
(2)- نشرة القضاة، العدد 61، الجزء الأول، نشرة قانونية تصدرها مديرية الدراسات القانونية و الوثائق، وزارة العدل، ص 37.
(3)- مقطع من الكلمة التي ألقاها السيد وزير العدل حافظ الأختام بمناسبة افتتاح الملتقى الدولي حول عصرنة قطاع السجون، الذي انعقد بالتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية يومي 19 و 20 جانفي 2004 بالجزائر.


أشهد أن لا اله الا الله وأشهد ان محمد رسول الله